واصل الاتحاد الأوروبي لكرة القدم اعتماد دوري المجموعات في المرحلة الأولى من تصفيات البطولة الأوروبية ونظام خروج المغلوب في المرحلة الثانية، التي تمثل الدور ربع النهائي.
ولمّا كان عدد الدول الأعضاء في «يويفا» عند انطلاق تصفيات البطولة الرابعة هو 33 دولة، فقد أتى عزوف آيسلندا عن المشاركة في التصفيات ليتيح توزيعًا مثاليًا لسائر منتخبات القارّة على مجموعات المرحلة الأولى، بواقع ثماني مجموعات تضمّ كل منها أربعة منتخبات يتأهّل منها بطل المجموعة إلى دور الثمانية.
ويذكر أنّ هذا كان الغياب الأخير لآيسلندا، حيث ستشارك في تصفيات البطولة اللاحقة في عام 1976، لكنّ التأهّل إلى النهائيّات سوف يستغرقها أربعة عقود كاملة!
في المقابل، واصل الاتحاد السوفياتي مسيرته المظفرة في البطولة الأوروبية، إذ تأهل إلى نهائيّاتها للمرّة الرابعة من أصل أربع بطولات. وعادت المجر إلى الوجد مع الاتحاد السوفياتي في النهائيّات بعدما كانت قد شاركت معه في نهائيّات البطولة الثانية في إسبانيا.
أمّا الفريقان اللذان أكملا الدور نصف النهائي فكانا الضيفان الجديدان على النهائيّات، بلجيكا وألمانيا الغربية، وذلك بعدما تمكّنا من إخراج حاملة اللقب إيطاليا وحاملة البرونزية إنجلترا من الدور ربع النهائي.
وسوف يستمرّ وجود ألمانيا الغربية (ثم ألمانيا) في النهائيّات من دون انقطاع حتى اليوم، بما في ذلك تأهّلها إلى نهائيّات البطولة المقبلة «يورو 2016» في فرنسا، كما سيسجّل الألمان عبر هذه المسيرة أرقامًا قياسيّة كثيرة.
وتجدر الإشارة إلى أنّه بناءً على طلب كل من اسكوتلندا وويلز وآيرلندا الشمالية، لم تعد نتائج البطولة البريطانية التي كانت تقام سنويًا آنذاك، معتمدة لتحديد المتأهّلين إلى نهائيّات البطولة الأوروبية لكرة القدم، كما كان الحال في تصفيات البطولة السابقة.
هذا واختار الاتحاد الأوروبي بلجيكا لاستضافة البطولة الرابعة بين 14 و18 يونيو (حزيران) 1972، فعمدت بدورها إلى اختيار أربعة ملاعب لتقام عليها المباريات الأربع للنهائيّات، وهو رقم قياسي تجاوز ما حقّقته إيطاليا عام 1968 باعتمادها ثلاثة ملاعب.
«المدفعجي» يضرب مجدّدًا
المباراة الافتتاحية التي أجريت يوم 14 يونيو في مدينة أنتويرب، شهدت خروج الفريق المضيف من المنافسة بعد خسارته أمام ألمانيا الغربية بنتيجة 1 - 2، فأعادت إلى الذاكرة أولى مباريات النهائيّات في عام 1960 التي خسرت فيها فرنسا على أرضها أمام يوغوسلافيا، وباتت حينذاك أول دولة مضيفة تخرج من المنافسة.
وبهذا الفوز خارج أرضهم، استكمل الألمان ما كانوا قد بدأوه في تصفيات البطولة، وذلك عندما فازوا بكافة المباريات الأربع التي خاضوها على أرض منافسيهم، بينما حققوا فوزًا وحيدًا (على ألبانيا) وثلاثة تعادلات في المباريات التي خاضوها على أرضهم وبين جمهورهم.
سجّل هدفي الألمان غيرد مولر في الدقيقتين 24 و71. واستكمل «المدفعجي» بدوره ما كان قد بدأه في التصفيات، حيث سجّل خلالها أكثر من نصف أهداف فريقه (7 من أصل 13 هدفًا).
هذا وكان الحكم الاسكوتلندي ويليام مولان قد أنذر في الدقيقة 17 ساعد الدفاع البلجيكي إرفين فاندندايلي. ولمّا كانت البطولة الأوروبية قد بدأت اعتماد البطاقات الملوّنة، بعد اعتمادها في كأس العالم 1970 أيضًا، فقد بات فاندندايلي أول لاعب ينال بطاقة صفراء في النهائيّات، وفق سجلات الـ«يويفا».
هذا واستفاد المدرّب الألماني هيلموت شون من تطوّر آخر شهدته البطولة للمرّة الأولى كذلك، وهو إمكانية تبديل اللاعبين، فعمد إلى استبدال لاعب خط الوسط أولي هونيس بزميله يورغن غرابوفسكي في الدقيقة 59. فبات هونيس أول لاعب يستبدل في النهائيّات بينما بات غرابوفسكي أول لاعب يشارك في مباراة من مقعد الاحتياطيين، بطبيعة الحال.
أمّا البديل الآخر في المباراة، فكان البلجيكي أوديلون بولونيس، الذي شارك في الدقيقة 70 مكان زميله موريس مارتينس. ورغم أنّ هدف مولر الثاني جاء بعد دقيقة من نزوله إلى الملعب، تمكّن بولونيس في الدقيقة 83 من تسجيل هدف ردّ الاعتبار لبلجيكا، وبات بالتالي أول لاعب بديل يسجّل في النهائيّات.
نهائي ثالث للسوفيات
في اليوم نفسه والتوقيت نفسه، خاض الاتحاد السوفياتي والمجر المباراة الأخرى في الدور نصف النهائي على ملعب إميل فيرسي في العاصمة بروكسل.
وللمرّة الثالثة في أربع بطولات، استطاع منتخب الاتحاد السوفياتي التأهّل إلى المباراة النهائيّة للبطولة بعد فوزه على المجر بهدف سجّله أناتولي كونكوف في الدقيقة 53، وهو رقم سوف يبقى قياسيا طيلة 20 عامًا.
وكادت المجر أن تعادل النتيجة قبل خمس دقائق من نهاية المباراة، وذلك عندما حصلت على ركلة جزاء سدّدها شاندور زامبو، غير أنّ الحارس السوفياتي يفجيني روداكوف تمكّن من صدّها والحفاظ على تقدّم فريقه.
ويذكر أنّ هذه كانت ركلة الجزاء الثانية التي تحتسب ضدّ الاتحاد السوفياتي في النهائيّات، وفي الدور نصف النهائي تحديدًا، والثانية أيضًا التي لا تثمر عن هدف. فالركلة الأولى كانت احتسبت لتشيكوسلوفاكيا في البطولة الأولى عام 1960 وأهدرها يوزيف فويتا في مواجهة ليف ياشين.
ونجح منتخب بلجيكا حيث فشل جاره الفرنسي قبل 12 عامًا، فهزم منتخب المجر في المباراة على المركز الثالث بنتيجة 2 - 1 وبات الفريق المضيف الوحيد في تاريخ البطولة الأوروبية الذي ينجح في إحراز الميدالية البرونزيّة.
وقد حسم البلجيك نتيجة المباراة، التي استضافتها مدينة لياج، في غضون خمس دقائق من الشوط الأول عبر هدفين سجّل أولهما راوول لامبرت في الدقيقة 24 والثاني بول فان هيمست في الدقيقة 28، بينما جاء هدف ردّ الاعتبار للمجر من ركلة جزاء سدّدها لايوس كو بنجاح في الشوط الثاني.
وهذه كانت ركلة الجزاء الرابعة التي تحتسب في النهائيّات ككل، والثانية التي تحتسب لصالح المجر، وفي مباراة «البرونزية» بالتحديد، وتثمر عن هدف كذلك، في مقابل ركلتي الجزاء اللتين تم احتسابهما ضدّ الاتحاد السوفياتي ولم تثمرا. وكانت الركلة الهنغاريّة الأولى جاءت في مباراة المركز الثالث لبطولة عام 1964 وأسهمت في تحقيقها الفوز على الدنمارك بثلاثية نظيفة.
وإضافة لمساهمته في إحراز منتخب بلده الميدالية البرونزية، استطاع فان هيمست أن يعادل في هذه المباراة رقميين قياسيين لبلجيكا، وهما عدد المباريات الدولية (68 مباراة آنذاك) وعدد الأهداف الدوليّة (30 هدفًا، بالتساوي مع برنار فورهوف). ورغم أنّ لاعبين عدّة سيخوضون مع منتخب بلجيكا لاحقًا مباريات أكثر من فان هيمست، لكنّ الرقم القياسي للأهداف الدولية سيبقى في حوزته حتى اليوم.
تجدر الإشارة إلى أنّ مشاركة المجر في البطولة الرابعة ستكون الأخيرة لها حتى نهائيّات يورو 2016، التي تأهّل الهنغاريون لخوضها بفوزهم على النرويج في مباراتي الملحق، وذلك بعد غيابهم عن 10 بطولات متتالية طيلة 44 عامًا، وهو رقم قياسي.
نهائي من جانب واحد
على ملعب هيسل، وفي مباراة من طرف واحد لم يستطع خلالها السوفيات مجاراة كوكبة من أفضل اللاعبين في أوروبا على الإطلاق، شهدت المباراة النهائيّة للبطولة الرابعة تسجيل الألمان أكبر فارق في النتيجة، حتى نهائي العام 2012. إذ اكتسحوا منتخب الاتحاد السوفياتي بثلاثيّة نظيفة.
وقد سجّل غيرد مولر هدفين، للمباراة الثانية على التوالي، فتصدّر بذلك لائحة الهدّافين برصيد أربعة أهداف، وهو أعلى رصيد من الأهداف يسجّله لاعب في بطولة واحدة، وسوف يستمرّ كذلك طيلة 12 عامًا.
ولم يكن تألّق مولر في مواجهة السوفيات مستغربا، ففي مباراة استعداديّة للنهائيّات أقيمت قبل النهائي بـ23 يومًا، فاز الألمان على السوفيات بأربعة أهداف لهدف، وسجّل مولر نفسه كل الأهداف الألمانية الأربعة!
والمستوى الرفيع للمنتخب الألماني ككل أدّى في الواقع إلى وجود سبعة من لاعبيه في التشكيلة المثالية للبطولة، التي ضمّت 11 لاعبًا.. إضافة إلى احتلال فرانتس بيكنباور وغيرد مولر وغونتر نيتزر الصدارة الثلاثية للائحة أفضل لاعب في أوروبا لعام 1972، هذا وسوف تسهم هذه المجموعة في فوز فريقها بكأس العالم بعد سنتين، لتصبح ألمانيا الغربية بذلك أول دولة تضمّ لقب كأس العالم إلى لقب البطولة الأوروبية.
تاريخ كأس أوروبا (4): الألمان يستهلون حقبتهم «الذهبية» بلقب البطولة الرابعة
المدفعجي مولر يواصل التألق وسط كوكبة من نجوم منتخب الماكينات
غونتر نيتزر وبكنباور نجما ألمانيا على منصة التتويج عام 1972
تاريخ كأس أوروبا (4): الألمان يستهلون حقبتهم «الذهبية» بلقب البطولة الرابعة
غونتر نيتزر وبكنباور نجما ألمانيا على منصة التتويج عام 1972
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة






