ضبط خلية إرهابية في عدن يتزعمها فرنسي الجنسية

مقاتلات التحالف تباغت الحوثيين بضربات استهدفت تعزيزاتهم العسكرية في البيضاء

موقع التفجير الانتحاري الذي حدث قبل أسبوع بوسط عدن وراح ضحيته العشرات (أ.ب)
موقع التفجير الانتحاري الذي حدث قبل أسبوع بوسط عدن وراح ضحيته العشرات (أ.ب)
TT

ضبط خلية إرهابية في عدن يتزعمها فرنسي الجنسية

موقع التفجير الانتحاري الذي حدث قبل أسبوع بوسط عدن وراح ضحيته العشرات (أ.ب)
موقع التفجير الانتحاري الذي حدث قبل أسبوع بوسط عدن وراح ضحيته العشرات (أ.ب)

تمكنت وحدة أمنية من قوات الإسناد الخاصة بعدن، أمس السبت، من ضبط خلية إرهابية بمدينة المنصورة تضم ثمانية عناصر، بينهم أجنبي فرنسي الجنسية، وتم تسليمهم لقوات التحالف بعدن. وقال منير اليافعي قائد قوات الطوارئ بعدن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات الطوارئ داهمت فجر أمس السبت منزلا في بلوك 12 بحي المنصورة وألقت القبض على خلية إرهابية من ثمانية عناصر، يتزعمها أجنبي فرنسي الجنسية.
وتأتي عملية الدهم وضبط الخلية الإرهابية التي كانت تستعد لتنفيذ عمليات إرهابية بعد أقل من 24 ساعة من تفكيك قوات الأمن والمقاومة الجنوبية «أول من أمس» عبوات ناسفة في عدد من مساجد المنصورة، عقب صلاة الجمعة.
قائد الحزام الأمني بعدن، المقدم نبيل المشوشي، قال في تصريحات حصرية لـ«الشرق الأوسط» إن قوات الإسناد الخاصة هي من ضبطت الخلية الإرهابية بالمنصورة، وهي القوات الخاصة بالمداهمات وتعقب الجيوب الإرهابية وتتبع رأسًا قوات التحالف العربي.
وكانت قوات الجيش والأمن قد نفذت أول من أمس انتشارا أمنيا موسعا في محيط مساجد المدينة التي شهدت حالة من الذعر والتوتر، وذلك عقب اكتشاف العبوة الناسفة في عدد من مساجد مدينة المنصورة.
وتعيش المدينة الساحلية أوضاعا أمنية مستتبة، وسط إجراءات أمنية مشددة، نجحت من خلالها شرطة عدن وقوات الأمن والجيش والمقاومة الجنوبية ضبط خلايا إرهابية ومعامل لصناعة المتفجرات والسيارات المفخخة، وأحبطت عددا من العمليات الإرهابية وسط إشادات محلية ودولية، أبرزها إفادة مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد حول تطهير عدن والمدن الجنوبية المجاورة من الجماعات الإرهابية.
وكانت قيادات أمنية وعسكرية قد كشفت في مؤتمرات صحافية سابقة ضلوع الرئيس المخلوع في العمليات الإرهابية التي شهدتها عدن، حيث أثبتت التحقيقات والوقائع التي تم عرضها بأن أجهزة أمنية واستخباراتية يقودها ضباط موالون للمخلوع صالح هم من يقودون تلك الأعمال الإرهابية، وأن «القاعدة» هي صنيعة المخلوع صالح ذاته. كما ألقت الأجهزة الأمنية بمدينة كريتر بعدن، القبض على قيادي من «داعش»، وهو أب للانتحاري الذي سبق أن استهدف منزل مدير أمن عدن اللواء شلال علي شائع. وقالت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» إن إلقاء القبض على القيادي، ويدعى (هـ.م.ث)، جاء إثر عملية قامت بها الشرطة في عدن وأسفرت عن القبض على الشخص وهو يقود سيارته بشارع المدينة وتم اقتياده مع سيارته إلى مركز الشرطة.
وكشفت عن أن المدعو (هـ.م.ث) يعد أحد قيادات «داعش» بمدينة عدن، وعمل خلال الفترة الماضية على إعداد الشباب الانتحاري، بينهم أولاده الذين قام بتأهيلهم وتعليمهم الفكر المتطرف، خصوصا بعد عودة الشخص من العاصمة اليمنية صنعاء. وأضافت أن القيادي أب لخمسة أولاد، ولدان وثلاث بنات، يقطنون حي القاضي، وسط المدينة القديمة بمدينة كريتر جنوب عدن، مشيرة إلى أنه سبق لابنه الأول يوسف أن فجر نفسه بعملية انتحارية بحراسة منزل مدير أمن عدن اللواء شلال علي شائع قبل أشهر، وهي العملية التي أدت إلى وقوع قتلى وجرحى.
ولفتت إلى أنه عقب تنفيذ نجله الأكبر يوسف 17 عاما العملية الانتحارية، التي تبناها تنظيم داعش من خلال تسجيل مرئي للعملية، كان القيادي يصف ابنه بالشهيد، وينعته بالمجاهد، مما أثار توجس كثيرين.
وأوضحت المصادر أن نجله الآخر، ويدعى يحيى، يعد ضمن عناصر التنظيم الإرهابي التي تقاتل ضد القوات الحكومية في محافظة لحج، مؤكدة أن الشقيقين يحيى ويوسف عمرهما لا يتعدى الـ18 سنة، وما زالا في المرحلة التعليمية الثانوية. وقال سكان محليون في مدينة عدن لـ«الشرق الأوسط»، إن سيارتين تابعتين لشرطة عدن، ألقتا القبض على الشخص الذي قدم إلى المدينة من العاصمة صنعاء قبل أربعة أعوام، واستقر في منزل والده في حارة القاضي هو وأسرته، لكنه لم يكن يزاول أي عمل، مما أثار ريبة أهل الحي، بسبب امتلاكه سيارات فخمة.وكشف هؤلاء أن يوسف الابن الأكبر الذي فجر نفسه في عملية انتحارية استهدفت حراسة مدير الشرطة، عندما كان طالبًا بالمرحلة الثانوية، كان يملك محل تسجيلات صغيرا يقع بجوار مسجد العيدروس التاريخي، وأن تلك التسجيلات استقطبت كثيرا من الشباب الذين ترددوا على المكان الذي كان يعرض أناشيد دينية مصورة. وأوضحوا أن أب الشاب دارت حوله الشكوك، نتيجة امتلاكه سيارات ضخمة، على الرغم من علم الأهالي بأنه لا يزاول أي نشاط تجاري أو مهنة أخرى، لافتين إلى أن الشخص كان لديه محل لبيع العسل في العاصمة صنعاء.
وأردفوا أن القيادي تزوج امرأة عدنية، لكنها سرعان ما انفصلت عنه لأسباب لم تعرفها، وأن أبناءه الخمسة هم من الزوجة الأولى التي حضرت معه من العاصمة صنعاء، وهي تعتنق الفكر الإرهابي نفسه. وأفادوا أن الأب ونجليه يوسف ويحيى غالبًا ما يرتادون مسجد أبي بكر الصديق بالحي نفسه الذي يسكنون فيه، الأمر الذي منحهم سمعة طيبة بين الناس.
وعلى الصعيد الميداني، شنت مقاتلات التحالف العربي لأول مرة منذ إعلان سريان الهدنة عددا من الغارات الجوية على مواقع وآليات الميليشيات الحوثية في مديرية مكيراس بمحافظة البيضاء، وسط البلاد. مصادر محلية في المحافظة، أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن قصف الطيران استهدف مواقع للميليشيات في رأس عقبة ثرة، كما استهدفت المدفعية في منطقة وادي البرهمي شرق خزينة عريب بمديرية مكيراس بمحافظة البيضاء شمال شرقي محافظة أبين. وأضافت أن المقاتلات قصفت تعزيزات عسكرية للميليشيات الحوثية وقوات الرئيس المخلوع، التي حاولت خلال الأيام الماضية التقدم إلى مواقع تابعة للجيش والمقاومة، موضحة أن تدخل الطيران جاء عقب استمرار الميليشيات الحوثية خرقها للهدنة وقصفها لقرى ومناطق مديرية لودر المأهولة بالسكان في محافظة أبين جنوب اليمن. وأشارت إلى أن طيران التحالف ما زال يحلق في سماء محافظتي البيضاء وأبين.
وتأتي الغارات الجوية للتحالف بعد توقف زهاء أسابيع، وفقا للهدنة التي أعلنتها مفاوضات الكويت، وهو ما استغلته ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح لتعزيز جبهاتها وحشد مقاتليها إلى المناطق الحدودية السابقة بين الشمال والجنوب. وفي محافظة لحج تشهد جبهات المضاربة وكرش وراس العارة والوازعية وباب المندب معارك مستمرة منذ شهر وسط عمليات كر وفر بين ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح من جهة، والمقاومة الجنوبية والجيش الوطني من جهة أخرى.
وأوضح لـ«الشرق الأوسط» رمزي الشعيبي، المتحدث الرسمي باسم المقاومة الجنوبية بلحج، أن الميليشيات الانقلابية تواصل استغلال الهدنة وتوقف تحليق طيران التحالف لحشد تعزيزاتها العسكرية إلى المناطق الحدودية بين محافظتي لحج وتعز.
وأكد أن قوات المقاومة الجنوبية والجيش الوطني تفرض كامل سيطرتها على مناطق لحج الحدودية مع تعز وسط معارك مستمرة وعمليات تصدٍ للميليشيات التي تحاول إيجاد موطئ قدم لها على حدود المحافظة التي تضم أكبر قاعدة جوية وتتخذها قوات التحالف العربي مقرا لقيادتها وطيرانها إلى جانب ممر الملاحة الدولية باب المندب، على حد قوله.
وأبان الشعيبي أن الميليشيات لا تلتزم بأي مفاوضات، واختراقاتها المتواصلة للهدنة خير دليل، مشيرًا إلى أن ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح تستغل طول أمد مفاوضات الكويت لتحقيق أي تقدم لها في المناطق الحدودية السابقة بين الشمال والجنوب.
وفي محافظة شبوة النفطية إلى الشرق من عدن تستمر المواجهات بين ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح من جهة، والمقاومة الجنوبية والجيش الوطني من جهة أخرى، بعد الانتصارات الأخيرة للمقاومة التي توجت بتحرير مواقع المجبجب والساق. وتتركز المعارك في جبهات بيحان وعسيلان وتحديدًا في منطقة حريب، وهي سلسلة جبلية حدودية تربط بين محافظة شبوة ومحافظتي مأرب والبيضاء الشماليتين، حيث تتواصل المواجهات بشكل متقطع في ظل الحصار الخانق الذي تفرضه الميليشيات على بيحان.
ونظم العشرات من الجنوبيين المقيمين في بريطانيا، أمس السبت، مظاهرة حاشدة تنديدا بجرائم جماعة الحوثيين وقوات المخلوع صالح، وأقيمت المظاهرة بمدينة شيفلد أمام المجلس المحلي للمدينة، ورفع المشاركون لافتات تندد بجرائم الميليشيات.
وقال نصر العيسائي أحد المشاركين في المظاهرة لـ«الشرق الأوسط» إن الهدف من الفعالية إرسال المحتشدين للحكومة البريطانية والمجتمع الدولي رسالة واضحة عبروا خلالها عن إدانتهم للأعمال الإرهابية، التي ترتكبها عناصر التطرف والإرهاب في عدن وجميع المدن الجنوبية.
وأوضح أن المتظاهرين أكدوا في وقفتهم تلك أن العناصر الإرهابية سواء ما يسمى تنظيم القاعدة أو ميليشيات الحوثيين وجهان لعملة واحدة، وكلهم من صناعة الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح ومنظومته الإجرامية، على حد تعبيره.
وأبان أنهم طالبوا بضرورة تقديم مجرمي الحرب في اليمن إلى المحاكم الدولية لينالوا جزاءهم العادل بحق ما ارتكبوه من جرائم القتل والتدمير في الجنوب بشكل خاص، واليمن بشكل عام، وفي مقدمتهم زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والمخلوع علي عبد الله صالح، وكل مجرمي الحرب في صفوفهم.



العليمي يؤكد من عدن الالتزام بمسار الإصلاحات الاقتصادية

رئيس مجلس الحكم اليمني رشاد العليمي عاد إلى عدن لمتابعة تقدم الإصلاحات الحكومية (سبأ)
رئيس مجلس الحكم اليمني رشاد العليمي عاد إلى عدن لمتابعة تقدم الإصلاحات الحكومية (سبأ)
TT

العليمي يؤكد من عدن الالتزام بمسار الإصلاحات الاقتصادية

رئيس مجلس الحكم اليمني رشاد العليمي عاد إلى عدن لمتابعة تقدم الإصلاحات الحكومية (سبأ)
رئيس مجلس الحكم اليمني رشاد العليمي عاد إلى عدن لمتابعة تقدم الإصلاحات الحكومية (سبأ)

أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي التزام الحكومة بمسار الإصلاحات الاقتصادية والمالية، مشدداً على معالجة الاختلالات وتعزيز الإيرادات، مع إشادته باستمرار الدعم السعودي والإماراتي لجهود التعافي الاقتصادي.

تصريحات العليمي جاءت بالتزامن مع عودته إلى العاصمة اليمنية المؤقتة عدن بعد جولة خارجية شملت لقاءات دبلوماسية واجتماعات مع ممثلي الدول الداعمة لليمن، في سياق الجهود الهادفة إلى استجلاب المزيد من الدعم السياسي والاقتصادي والأمني.

وذكر الإعلام الرسمي أن رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، عاد إلى عدن، برفقة عضو المجلس عبد الله العليمي، ورئيس الوزراء سالم بن بريك، ومحافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب.

ونقلت وكالة «سبأ» الحكومية عن العليمي أنه أشاد بالتقدم «الملموس» في مسار الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي تنفذها الحكومة، بما في ذلك الإجراءات الهادفة إلى ضبط المالية العامة واستدامة الاستقرار النقدي، مؤكداً أن الجهود الحالية تركّز على معالجة الاختلالات في تحصيل الإيرادات وضمان وصول الدولة إلى مواردها السيادية، بما يعزز قدرتها على الوفاء بالتزاماتها الأساسية.

الحكومة اليمنية تواجه ضغوطاً اقتصادية هائلة بسبب شح الموارد (سبأ)

وأضاف أن مجلس القيادة الرئاسي والحكومة والبنك المركزي يعملون «كفريق واحد وبانسجام مؤسسي» للدفع بالمشروع الوطني الهادف لاستعادة مؤسسات الدولة وإنهاء معاناة اليمنيين، محمّلاً الجماعة الحوثية المدعومة من إيران مسؤولية الأزمة الإنسانية والانهيار الاقتصادي الذي تعيشه البلاد.

وأكد العليمي ثقته بقدرة الحكومة والمؤسسات الاقتصادية على تحويل التحديات الحالية إلى «فرصة لتعزيز الاعتماد على الذات»، بما في ذلك ضمان استمرار صرف رواتب الموظفين وتحسين مستوى الخدمات الأساسية للسكان في مناطق سيطرة الحكومة.

وجدد رئيس مجلس القيادة اليمني تقديره للدعم «الأخوي» السعودي والإماراتي لبرنامج الإصلاحات وخطة التعافي الاقتصادي، مشيراً إلى أن التدخلات الإنمائية والإنسانية للدولتين تمثل ركيزة أساسية في حماية الاقتصاد اليمني ودعم مؤسسات الدولة.

تعزيز الاستقرار المالي

تأتي عودة العليمي إلى عدن بعد نقاشات مكثفة حول إجراءات تعزيز الاستقرار المالي، وفي ظل تحديات أبرزها تراجع الإيرادات العامة، وتعقيدات تأمين رواتب الموظفين، والانقسام المالي الذي فرضه الحوثيون عبر السيطرة على معظم الموارد في مناطق نفوذهم، فضلاً عن تعطيلهم عائدات النفط بعد الهجمات على مواني التصدير.

وتعمل الحكومة اليمنية منذ أشهر على تنفيذ مصفوفة إصلاحات اقتصادية تتضمن تحديث آليات التحصيل الضريبي والجمركي، وإعادة هيكلة بعض المؤسسات المالية، إضافة إلى تعزيز الرقابة على المنح والمساعدات الدولية.

وقعت السعودية مع الحكومة اليمنية مذكرة تفاهم لتنفيذ مشاريع للطاقة الكهربائية (واس)

يأتي هذا التحرك في وقت تواجه فيه الحكومة اليمنية ضغوطاً متزايدة لضمان بيئة مالية شفافة وإجراءات صارمة لمكافحة الفساد، شرطاً أساسياً لزيادة الدعم الدولي.

ونقل الإعلام الرسمي عن مصدر مسؤول في مكتب الرئاسة أن العليمي سيعقد خلال الأيام المقبلة سلسلة اجتماعات مع الحكومة ومحافظ البنك المركزي والجهات الاقتصادية المختصة، إضافة إلى لقاءات مع شركاء دوليين لبحث أولويات الإصلاح ومكافحة الفساد، وتطبيع الأوضاع في المحافظات المحررة، وتعزيز الشراكات الإقليمية والدولية لمواجهة التهديدات الأمنية العابرة للحدود.

وأوضح المصدر أن المرحلة المقبلة ستركز على «تعزيز الثقة مع مجتمع المانحين، والبناء على النجاحات المحققة في الإدارة المالية»، بهدف دعم الاقتصاد الوطني وخفض المخاطر التي تهدد الاستقرار في اليمن والمنطقة.


القوات الدولية في غزة... تحفظات فلسطينية تلوّح بتعقيدات أمام الوسطاء

فلسطينيون يجلسون إلى جوار خيمة وسط الأنقاض بمدينة غزة يوم الاثنين (رويترز)
فلسطينيون يجلسون إلى جوار خيمة وسط الأنقاض بمدينة غزة يوم الاثنين (رويترز)
TT

القوات الدولية في غزة... تحفظات فلسطينية تلوّح بتعقيدات أمام الوسطاء

فلسطينيون يجلسون إلى جوار خيمة وسط الأنقاض بمدينة غزة يوم الاثنين (رويترز)
فلسطينيون يجلسون إلى جوار خيمة وسط الأنقاض بمدينة غزة يوم الاثنين (رويترز)

تواجه القوات الدولية المنتظر نشرها في قطاع غزة تحفظات من عدة فصائل فلسطينية، بينها حركة «حماس»، بشأن نزع السلاح، رغم كونه شرطاً أساسياً في اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقعت عليه الحركة.

تلك التحفظات التي تأتي وسط خطوات لتنفيذ نشر تلك القوات، ووسط أحاديث عن ترتيبات مصرية - أميركية لاختيار العريش مركزاً للعمليات، تشي بأن هناك تعقيدات ستواجه الوسطاء فيما يتعلق بتلك القوات، خاصة صلاحياتها، مما يهدد اتفاق وقف إطلاق النار، وفق تقديرات خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط».

وعن موقف مصر إزاء تلك التحفظات، قال مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط» إنها «تتحرك بشكل مكثف»، وإنها «في قلب التطورات العسكرية والأمنية ولن تبتعد عن المشهد، ولديها تنسيق مستمر مع الولايات المتحدة».

وأضاف أن مشاورات اختيار العريش مركزاً مؤقتاً لإدارة غزة أو عمليات القوات الدولية تجري منذ فترة، «وتؤكد الوجود المصري في جميع الملفات ذات الصلة حرصاً على أمنها أو دعماً للقضية الفلسطينية، لكن من المبكر الحديث عن الحسم في هذا الصدد في ظل العقبات التي تواجه الاتفاق».

فلسطينيون يسيرون تحت المطر بالقرب من مبانٍ مدمرة بشرق مدينة غزة يوم الأحد (إ.ب.أ)

وبحسب نص مشروع القرار الأميركي الذي عُرض على مجلس الأمن، الاثنين، تُشكَّل «قوة استقرار دولية مؤقتة» تعمل مع إسرائيل ومصر والشرطة الفلسطينية المُدربة حديثاً للمساعدة في تأمين المناطق الحدودية ونزع السلاح من قطاع غزة.

تحفظات فلسطينية وإسرائيلية

ورغم أن مشروع القرار، وعلى عكس المسودات السابقة، يُشير إلى إمكان قيام دولة فلسطينية مستقبلية، أصدرت فصائل وقوى فلسطينية، الأحد، مذكرة حذّرت فيها من خطورة مشروع القرار الأميركي الخاص بإنشاء قوة دولية في قطاع غزة، وقالت إنه «يشكّل محاولة لفرض وصاية دولية على القطاع».

وقالت فصائل وقوى فلسطينية، في بيان نشرته حركة «حماس»، إن الصيغة المقترحة لمشروع القرار الأميركي تمهد لهيمنة خارجية على القرار الوطني الفلسطيني، مشددة على «رفض أي بند في المقترح الأميركي يتعلق بنزع سلاح غزة أو المساس بحق الشعب الفلسطيني في المقاومة».

فلسطينيون يلوذون بالخيام في مواصي خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)

وأضافت أن أي نقاش في ملف السلاح «يجب أن يظل شأناً داخلياً مرتبطاً بمسار سياسي يضمن إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة»، لافتة إلى أنها «ترفض أي وصاية أو وجود عسكري أجنبي أو إقامة قواعد دولية داخل قطاع غزة».

هذا التحفظ استبق تصويت مجلس الأمن، الاثنين، على مشروع قرار قدمته الولايات المتحدة بدعم دولي وإسلامي وعربي لتبني خريطة الطريق الأميركية التي طرحها الرئيس دونالد ترمب بشأن غزة الشهر الماضي، بالتوازي مع مشروع قرار روسي مضاد يدعو الأمم المتحدة إلى تقديم اقتراحات بشأن إنشاء «قوة الاستقرار الدولية»، ويحذف الإشارة إلى «مجلس السلام» بقيادة ترمب.

وعن الجانب الإسرائيلي، تحدثت «هيئة البث»، الأحد، عن أن إسرائيل «تمارس ضغوطاً في اللحظات الأخيرة لتغيير صيغة الاقتراح الأميركي»، خوفاً من بنود منها تضمين التمهيد لمسار يقود إلى «تقرير المصير الفلسطيني»، وفقاً لما أوردته صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الجمعة.

فلسطينية تحمل حطباً لإشعال النار للطهو في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وفي ظل هذه التحفظات، وتصويت مجلس الأمن، يعتقد أستاذ العلوم السياسية المتخصص في الشأنين الفلسطيني والإسرائيلي الدكتور طارق فهمي، أن «الأمر يزداد تعقيداً أمام الوسطاء».

وأضاف قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «حتى لو صدر القرار الأممي بنشر القوات، فإن ذلك لن يحل الإشكالية في ظل تحفظ فلسطيني على نزع السلاح وعدم تشكيل لجنة إدارة غزة للآن، واحتمال مراوغة في تنفيذ الاستحقاقات من جانب إسرائيل قد تقودها للدعوة لانتخابات مبكرة لتجاوز أي التزام لا يوافق رغبتها».

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني عبد المهدي مطاوع أن الفصائل لم يعد لديها خيار «وعليها أن تتحمل المسؤولية وألا تعقد جهود الوسطاء لإنجاح الاتفاق».

وفي رأيه، فإن حركة «حماس» وإسرائيل «لا تريدان بدء المرحلة الثانية فعلياً لأن الحركة ترفض نزع السلاح، ودولة الاحتلال تريد استمرار سيطرتها وبقاءها على تقسيم غزة».

تكثيف الجهود

يأتي ذلك وسط أحاديث عن عقد مصر والولايات المتحدة اجتماعاً مشتركاً، الاثنين، لمناقشة اختيار موقع في مدينة العريش بشمال سيناء لإدارة القوات الدولية التي ستنشر في قطاع غزة وفقاً لخطة وقف الحرب، وفقاً لتقارير صحافية.

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، كشفت صحيفتا «هآرتس» الإسرائيلية و«الغارديان» البريطانية عن وثيقة أعدها رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، تتضمن تصوراً لإدارة قطاع غزة في مرحلة ما بعد الحرب، يقوم على إنشاء سلطة انتقالية ذات طابع دولي تمنح الفلسطينيين دوراً محدوداً في إدارة الشؤون اليومية، ويكون مقرها العريش المصرية.

وعن ذلك، قال مصدر مصري مطّلع لـ«الشرق الأوسط» وقتها إن «الأمر متروك للتفاوض» في ظل التدمير بالقطاع، لافتاً إلى أن «مصر مع أي موقف يُمكّن الفلسطينيين من حكم بلادهم دون تعدٍ عليهم أو تجاهل أو تجاوز لهم».

مساعدات مصرية في طريقها إلى قطاع غزة (الهلال الأحمر المصري)

والعريش مدينة مصرية استراتيجية متاخمة للحدود مع غزة، وبالقرب منها يقع معبر رفح. وبعد اندلاع حرب غزة في السابع من أكتوبر، استخدمت في استقبال المواد الإنسانية والإغاثية من كل أنحاء العالم لتيسير إدخالها القطاع.

وقال فهمي: «ما يثار بشأن إنشاء مركز في العريش يؤكد أن القاهرة حريصة على المشاركة في كل الترتيبات الأمنية والعمل على ضمان نجاح اتفاق غزة، خاصة أن أي فشل للجهود الدولية يعني استمرار تقسيم غزة، وهذا أمر مرفوض تماماً من جانب القاهرة»، متوقعاً زيادة الجهود المصرية لإنهاء تلك التعقيدات قبل أن تتفاقم.

ويعتقد مطاوع أن القاهرة «ستستمر في أدوارها لدعم اتفاق غزة، وستكون حريصة على سد أي ذرائع يمكن أن تهدد صمود الاتفاق. لكن بالأساس يجب على طرفي الحرب الالتزام أولاً بما سبق الاتفاق عليه».


اجتماع وزاري مصري - تشادي يناقش دفع التعاون ومكافحة الإرهاب بالساحل

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ونظيره التشادي عبد الله صابر فضل خلال مؤتمر صحافي بالقاهرة الأحد (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ونظيره التشادي عبد الله صابر فضل خلال مؤتمر صحافي بالقاهرة الأحد (الخارجية المصرية)
TT

اجتماع وزاري مصري - تشادي يناقش دفع التعاون ومكافحة الإرهاب بالساحل

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ونظيره التشادي عبد الله صابر فضل خلال مؤتمر صحافي بالقاهرة الأحد (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ونظيره التشادي عبد الله صابر فضل خلال مؤتمر صحافي بالقاهرة الأحد (الخارجية المصرية)

ناقش اجتماع وزاري مصري - تشادي سبل دفع التعاون بين البلدين، ومكافحة الإرهاب بالساحل الأفريقي، والتوافق على تدشين وتنفيذ عدد من المشروعات التنموية بينها «الربط الإقليمي الثلاثي مع ليبيا».

وشهدت القاهرة، مساء الأحد، اجتماعات مكثفة عقدتها «اللجنة المصرية - التشادية المشتركة»، التي ترأسها وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، ونظيره التشادي عبد الله صابر فضل، بمشاركة عدد من المسؤولين والوزراء من البلدين، وفق بيان لوزارة الخارجية المصرية.

وأكد عبد العاطي في إفادة رسمية، عقب اجتماع الأحد، حرص بلاده الدائم على دعم الجهود التشادية، باعتبارها «شريكاً محورياً لمصر في تعزيز الأمن والاستقرار في منطقة الساحل وحوض بحيرة تشاد، ومكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، وإحلال التنمية محل الصراع».

اجتماع مصري - تشادي يناقش دفع التعاون ومواجهة الإرهاب بالساحل الأفريقي (الخارجية المصرية)

كما شدد وزير الخارجية في إفادته على «أهمية استغلال الفرص المتاحة لتعزيز وتوثيق التعاون بين البلدين في مجالات الطاقة والاستثمار والبنية التحتية والنقل والزراعة والتعليم والاتصالات والبترول والثروة المعدنية والإسكان، فضلاً عن فرص تعزيز التبادل التجاري من خلال زيادة الواردات المصرية من اللحوم التشادية، وزيادة الصادرات الدوائية المصرية إلى تشاد».

وخلال الاجتماعات، وقع الجانبان المصري والتشادي على عدد من مذكرات التفاهم حول المشاورات السياسية بين الطرفين، والتعاون بين المعهدين الدبلوماسيين، والتعاون بين وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة ووزارة المياه والطاقة التشادية، والتعاون بين الهيئة العامة للاستثمار والوكالة التشادية للاستثمار.

«شراكة استراتيجية»

وترى مديرة «البرنامج الأفريقي» في مركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بمصر، أماني الطويل، أن قرارات «اللجنة المشتركة» بين مصر وتشاد «تأخرت كثيراً»، وأن هذه خطوة «تحمل أهمية استراتيجية» على مستويات مختلفة.

وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «تعميق الشراكة الاستراتيجية بين مصر وتشاد يساعد الأخيرة في مواجهة خطر الإرهاب على أراضيها، ويدعم جهود مكافحة الإرهاب بالساحل الأفريقي، كما سينعكس أيضاً على العلاقات المصرية الليبية».

وتعتقد الدكتورة أماني الطويل أن تعزيز التعاون المصري - التشادي «يأتي في لحظة دقيقة من الحرب السودانية التي تؤثر على تشاد بأشكال مختلفة، ويمكنها أن تلعب دوراً مهماً في وقف إطلاق النار والمراحل التالية، باعتبارها دولة جوار».

وأكدت أن الشراكة بين مصر وتشاد تدفع باقتصاد البلدين، وتنعكس على جودة الحياة بهما، «خاصة أن تشاد بحاجة إلى دفع اقتصادها والاستفادة من ثرواتها الطبيعية»، مشيرة إلى أن «الطريق البري الذي يربط مصر وتشاد عبر ليبيا سيكون له تأثير بالغ الأهمية على حركة التجارة في أفريقيا، ويدعم خطط التنمية الأفريقية، كما أنه سيمكّن تشاد من تصدير منتجاتها الزراعية وثروتها الحيوانية، وسيفتح أسواقاً للمنتجات المصرية».

جانب من الاجتماع المصري - التشادي (الخارجية المصرية)

ويهدف مشروع الطريق البري الذي يربط بين مصر وليبيا وتشاد إلى تعزيز حركة التبادل التجاري والتكامل الاقتصادي بين الدول الثلاث، وينقسم إلى ثلاثة قطاعات، ينطلق القطاع الأول من داخل مصر بطول 400 كيلومتر، والقطاع الثاني سيكون داخل الأراضي الليبية بطول 390 كيلومتراً، فيما سيكون القطاع الثالث داخل الحدود التشادية بطول 930 كيلومتراً، وفق وزارة النقل المصرية.

وأكد نائب رئيس الوزراء المصري ووزير النقل والصناعة كامل الوزير، في إفادة رسمية فبراير (شباط) الماضي، بدء تنفيذ المشروع في مرحلة القطاع الأول داخل الأراضي المصرية، من شرق العوينات، إلى جانب توقيع مذكرة تفاهم بين شركة «المقاولون العرب» المصرية والحكومتين الليبية والتشادية، للبدء في أعمال الدراسات المساحية والبيئية والتصميم المبدئي للطريق داخل ليبيا وتشاد.

وكانت شركة «المقاولون العرب» قد وقعت، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، اتفاقاً مع الحكومة التشادية لوضع دراسات تنفيذ طريق الربط البري مع الدول الثلاث. وسبق ذلك اتفاق مماثل مع الحكومة الليبية في أغسطس (آب) العام الماضي.

التنسيق الأمني

وفي رأي عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية» السفير رخا أحمد حسن، فإن العلاقة بين مصر وتشاد «استراتيجية وممتدة».

وقال لـ«الشرق الأوسط»، «إن دعم استراتيجية العلاقة بين البلدين عبر أوجه الشراكة المختلفة يعزز التنسيق السياسي والأمني، خاصة ما يتعلق بالتعاون في مواجهة الإرهاب والجماعات المسلحة المنتشرة في شمال ووسط أفريقيا عبر التنسيق الأمني وتبادل المعلومات».

ومن بين الملفات ذات الاهتمام المشترك بين البلدين، حسب حسن، ما يتعلق بالأمن في ليبيا، كون تشاد من دول الجوار الليبي وتعد بوابة لعبور المهاجرين غير الشرعيين، وهو ما يحتم تعاوناً وتنسيقاً مع مصر.

وأكد أن «ثمة خصوصية للدور الذي يمكن أن تلعبه تشاد في الأزمة السودانية، باعتبارها دولة جوار، إذ إنه يوجد تداخل سكاني بين تشاد والقبائل والعشائر في دارفور، وهو ما يعني وجود ممر لدخول الأسلحة إلى السودان، مما يتطلب تنسيقاً أمنياً مع مصر لدعم تحركات وقف إطلاق النار في السودان».

ولفت إلى أن «اتفاقات الشراكة مع مصر، وتنفيذ الطريق البري الذي يربط بين البلدين عبر ليبيا، سيعزز فرص التنمية في تشاد، ويفتح آفاقاً لتصدير سلعها؛ فهي دولة مغلقة ليس لديها موانٍ، ويجب أن تمر بضائعها عبر دولة ثالثة، حيث يُعتبر السودان بوابة رئيسية للسلع التشادية، لكن الحرب أثرت على ذلك».