تونس: المرزوقي يدعو إلى مؤتمر للإنقاذ الوطني

تكون أهم نتائجه الاتفاق حول استراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب والبطالة

المنصف المرزوقي
المنصف المرزوقي
TT

تونس: المرزوقي يدعو إلى مؤتمر للإنقاذ الوطني

المنصف المرزوقي
المنصف المرزوقي

دعا المنصف المرزوقي، الرئيس التونسي السابق ومؤسس حزب «حراك تونس الإرادة» خلال اجتماع شعبي عقده أمس في مدينة صفاقس (وسط شرقي) إلى عقد مؤتمر وطني لإنقاذ البلاد، تكون أهم نتائجه الاتفاق حول استراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب، ووضع خطة عاجلة لمقاومة البطالة، وبخاصة في صفوف الشباب، وإرساء منوال تنمية متضامن، مع مصالحة وطنية على قاعدة العدالة الانتقالية، وبالتالي المحاسبة، ثم المصالحة.
وكان المرزوقي قد قدم مبادرة لعقد مؤتمر وطني لإنقاذ تونس من الأزمة المتواصلة على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والأمني، وعرضها على الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، وعلى الحبيب الصيد رئيس الحكومة.
وعقد المنصف المرزوقي خلال الليلة قبل الماضية جلسة حوار ونقاش مع مثقفي الجبهة، لقيت إقبالا كبيرا لدى سكان مدينة صفاقس، وشهد الاجتماع الشعبي للمرشح المستقل للانتخابات الرئاسية السابقة (2014) إقبالا جماهيريا كبيرا.
وبشأن هذا الاجتماع الشعبي الأول، الذي عقد بعد حصول حزب «حراك تونس الإرادة» على الترخيص القانوني، قال عماد الدايمي، القيادي في هذا الحزب لـ«الشرق الأوسط»: إن «اللقاء سيمثل امتحانا فعليا لمعرفة مدى انخراط التونسيين في مسار الثورة، والابتعاد عن الانتكاسة التي مهدت لرجوع رموز النظام السابق بصفة تدريجية»، مشيرا إلى وجود تصورات مختلفة لدى «حراك تونس الإرادة» حول البطالة ومكافحة الإرهاب ومكافحة الفساد، وهي تختم لاستحقاقات الثورة التونسية ولا تحيد عن أهدافها، على حد قوله.
وبخصوص الدعوات المتكررة لعقد مؤتمرات وطنية لإنقاذ تونس، أكد الدايمي، أن هذا الواقع يؤكد وجود أزمة حقيقية في البلاد، وأن القائمين على السلطة لم يوفوا بوعودهم الانتخابية، حيث واصلوا سياسية الهرب إلى الأمام، على حد تعبيره، دون أن ينال المواطن العادي أبسط الحقوق التي ترفع من مستوى عيشه، وتبعده عن شبح الفقر.
وتلتقي دعوة حزب «حراك تونس الإرادة»، بزعامة المرزوقي مع دعوات مماثلة إلى عقد المؤتمر نفسه، يتزعمها حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي بزعامة سمير الطيب، الذي نجح في إقناع الجبهة الشعبية بقيادة حمة الهمامي بضرورة الانضمام إلى الدعوات المتعلقة بعقد مؤتمر وطني للإنقاذ.
ويرى متتبعون للشأن السياسي، أن توحيد جهود الأحزاب التونسية في الدعوة إلى عقد مؤتمر وطني للإنقاذ يعد أمرا شبه مستحيل، وبخاصة في ظل الخلافات العميقة التي خلفتها فترة حكم الترويكا بزعامة النهضة حزبي «المؤتمر» (حزب المرزوقي) و«التكتل» بزعامة مصطفى بن جعفر، وتحميل تحالف الجبهة وحزب المسار وحركة نداء تونس المسؤولية في خروج تحالف الترويكا سنة 2014 من السلطة.
وتتلخص المبادرة، التي دعا إليها حزب المسار، في بلورة خريطة طريق تتوافق جميع الأطياف السياسية حول أهم بنودها، وتمكن من توحيد الجهود، على أن تناقش في مجلس نواب الشعب (البرلمان)، ويصادق على محتواها، كما تتمثل مراحلها الأساسية في تحديد الملفات ذات الأولوية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والسعي الجدي لتنفيذها.
وتلتقي مبادرة حزب المسار مع المبادرة التي تقدمت بها الجبهة من أجل مكافحة الفساد وبلورة استراتيجية وطنية لمكافحته وتصورها حول التمييز الإيجابي؛ ولذلك ارتأى الحزبان الذهاب إلى الاستحقاقات المقبلة برؤية موحدة.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».