العلماء يغيرون تعريف {الثانية} الزمنية

ما فترة امتداد الثانية الزمنية؟ هذا هو السؤال الذي يطرحه العلماء على أنفسهم دوما، خصوصا عندما يجدون أن حساب الثانية لديهم قد أخذ بالاضطراب، وأنه مهما كانت دقة القياسات الحالية بالساعة الذرية عالية، فإنها تظل غير دقيقة. وتصل عدم الدقة في أكثر الساعات الذرية تطورا إلى جزء واحد من المليار في الثانية شهريا!
وقد توصل باحثون ألمان في دراسة نشرتها مجلة «أوبتيكا» العلمية المتخصصة بعلوم البصريات أخيرا، إلى أن مدة الثانية الزمنية تزداد دقة، إذ ما تم التخلي عن قياسها وفق للساعة الذرية كما يجري حاليا، والتحول إلى الساعة البصرية.
وتعتمد كل تقنيات العالم حاليا على دقة 500 ساعة ذرية توظف بوصفها مقياس الزمن على الأرض، تزود نظم الملاحة العالمية والبورصات حول العالم بالتوقيت الدقيق.
وإن كانت الساعات القديمة قد عملت على مبدأ حركة البندول المتدلي منها لقياس الزمن فإن الساعة الذرية لا تختلف عن ذلك كثيرا؛ إذ إنها تعتمد على حركة ذرة السيزيوم ذهابا ومجيئا لدى انتقالها بين مستويات طاقة عليا ودنيا. أما الساعة البصرية فإنها أكثر دقة؛ إذ تعتمد على حركة ذرة السترونيوم التي تتحرك أسرع كثيرا ضمن الطيف الضوئي، لكنها ظلت معرضة للخلل حتى الآن.
وقد طور الباحثون نسخة من ساعة بصرية تحتوي على ساعة ذرية، ونقلت الأنباء عن كريستيان غريبنغ الباحث في معهد الأنواء الجوية الألماني وأحد الباحثين المشرفين على الدراسة أن الدراسة أكدت أن «الساعات البصرية ستزيد دقة الزمن.. لقد حصلنا على أداء أفضل مقارنة بأفضل الساعات الذرية المتوفرة حاليا».
ويتذبذب الضوء بتردد أعلى بكثير من ترددات حركة ذرة السيزيوم ضمن نطاق موجات الميكرويف؛ لذا فإن حركة الذرة في الساعة البصرية تكون أعلى بمائة ألف مرة أعلى من حركة الساعة الذرية أي أدق بمائة ألف مرة.
وتمثل دقة الزمن أهم جانب من عمل الأجهزة المتطورة الحالية. وعلى سبيل المثال فإن نظم «جي بي إس» للملاحة الجغرافية في العالم تقدم بيانات عن الموقع الجغرافي بالأبعاد الثلاثة، إضافة إلى الزمن. ويحتوي كل قمر صناعي مخصص للنظم الملاحية على عدة ساعات ذرية تؤمن دقة الوقت؛ ما يغني مستخدمي تلك النظم عن الحاجة إلى شراء مثل تلك الساعات.
وتحتاج نظم الاتصالات اللاسلكية ومنها الاتصالات الجوالة إلى دقة التوقيت في نقل البيانات، كما تحتاج محطات البث إلى التزامن في تقديم برامجها، بينما تؤمن البورصات المالية تنظيم عمليات نقل الأموال وفق مواقيت زمنية دقيقة.
ووفقا للتعريف المعتمد في النظام الدولي للوحدات، فإن الثانية تعرف منذ العام 1967 بأنها الفترة التي تجري فيها عملية تذبذب الإشارة المنطلقة من ذرة السيزيوم – 133 أثناء قيامها بـ9.192.631.770 دورة أي نحو 9.1 مليار دورة. وتنطلق هذه الإشارات عند انتقال ذرة السيزيوم من مستوى أعلى إلى مستوى أدنى للطاقة. وكان تعريف الثانية قبل ذلك بأنها تشكل 1- 86400 من اليوم الشمسي «24 ساعة»، لكن عدم انتظام دوران الأرض يؤدي إلى تدني دقة هذا التعريف.