{تشريعي} حماس يصادق على إعدامات متجاوزًا «توقيع الرئيس»

13 حكمًا على أبواب التنفيذ في غزة رغم معارضة رسمية وتحذيرات دولية

{تشريعي} حماس يصادق على إعدامات متجاوزًا «توقيع الرئيس»
TT

{تشريعي} حماس يصادق على إعدامات متجاوزًا «توقيع الرئيس»

{تشريعي} حماس يصادق على إعدامات متجاوزًا «توقيع الرئيس»

صادق أعضاء المجلس التشريعي التابعون لحركة حماس في قطاع غزة، على أحكام الإعدام الباتة والصادرة في القطاع، في خطوة تهدف إلى تجاوز توقيع الرئيس الفلسطيني على هذه الأحكام وفق ما ينص عليه الدستور الفلسطيني. وقال بيان للمجلس التشريعي في قطاع غزة، الذي تعده الفصائل الفلسطينية الأخرى غير قانوني: «إنه تقرر اعتبار هذه الأحكام بعد استنفاذ طرق الطعن كافة مصادقًا عليها وواجبة النفاذ».
وتمهد هذه المصادقة الطريق إلى تنفيذ 13 حكما بالإعدام على الأقل، تحدث عنها النائب العام بغزة قبل أيام قليلة.
وجاء قرار أعضاء التشريعي التابعين لحماس، وسط جدل الكبير رافق وعود قادة حماس بتنفيذ الإعدامات، رغم عدم مصادقة عباس عليها، وإعلان الحكومة الفلسطينية أن الخطوة المنتظرة غير قانونية ومخالفة للدستور. وكان القيادي في حماس مشير المصري، وهو أمين سر كتلة حماس البرلمانية في المجلس التشريعي بغزة، أعلن قبل أيام، أنهم بصدد بلورة موقف قانوني يجد بديلا، في ظل ما قال إنه «غياب الرئيس محمود عباس، وإصراره على عدم التوقيع على تنفيذ الأحكام القضائية بقطاع غزة».
وتريد حماس تنفيذ مثل هذه الأحكام منذ فترة طويلة، لكنها كانت تصطدم بالدستور الفلسطيني الذي ينص على ضرورة توقيع الرئيس على أي حكم إعدام حتى يصبح نافذا.
ويمتنع عباس عن التوقيع على أي قرار بالإعدام منذ توليه فترته الرئاسية في 2005. ولجأت حماس إلى تأليب مخاتير العائلات ضد عباس، من أجل خلق حالة رأي عام في غزة تدفع لتنفيذ عمليات الإعدام.
واستقبل إسماعيل هنية نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، الأسبوع الماضي، العشرات من المخاتير والوجهاء في منزله بغزة، داعيا أمامهم الجهات التنفيذية إلى تطبيق أحكام الإعدام وفق الأصول المتبعة، من خلال استكمال الإجراءات القضائية والقانونية. وجاء استقبال هنية للمخاتير والوجهاء، بعد أيام معدودة من تصريحات للقيادي في حماس محمود الزهار، عبر فضائية الأقصى، قال فيها، إن الرئيس محمود عباس هو من يتحمل تعطيل أحكام الإعدام بغزة. داعيا مخاتير ووجهاء القطاع، للاجتماع مع المجلس التشريعي للمطالبة بتطبيق الأحكام لكي يتم تنفيذها فورا. وهذا ما تم فعليا، حيث تظاهر المخاتير وأفراد عوائل قتل أبناؤها، في باحة المجلس في غزة مطالبين بإعدام «قتلة أبنائهم».
ورفضت حركة فتح أمس، قرار تشريعي حماس. وقال القيادي في الحركة عزام الأحمد، رئيس هيئة الكتل والقوائم البرلمانية في المجلس التشريعي، إن الإجراء الصادر باسم المجلس التشريعي في غزة «اعتبار أحكام الإعدام الصادرة مصادق عليها وواجبة النفاذ»، يشكل مخالفة جسيمة للقانون والدستور، ومبدأ الفصل بين السلطات شكلاً ومضمونًا. وأوضح الأحمد في بيان صحافي: «إن المادة 109 من القانون الأساسي الفلسطيني، نصت على وجوب المصادقة على عقوبة الإعدام من قبل رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، وهو صاحب الصلاحية الوحيد في المصادقة على تنفيذ عقوبة الإعدام».
واعتبر الإجراء يشكل مخالفة لمبادئ حقوق الإنسان والضمانات والالتزامات التي فرضتها العهود والمواثيق الدولية. وأضاف أن المضي قدمًا في تنفيذ أحكام الإعدام، من دون إتباع الأصول القانونية المرعية، يشكل جريمة بحق الإنسان الفلسطيني يحاسب عليها القانون.
وأكد الأحمد أن كل ما يجري تحت مسمى اجتماعات المجلس التشريعي في غزة، مجرد جلسات صورية وغير قانونية، ولا يترتب عليها أي أثر قانوني لعدم توفر شروط اكتمال النصاب بانعقاد المجلس التشريعي بهيئته العامة
كما دعا مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، روبرت كولفيل السلطات في غزة إلى «الالتزام بتعهداتها لاحترام الحق في الحياة والحق في محاكمة عادلة، والمكفولة بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي تُعدّ دولة فلسطين طرفًا فيه، وعدم تنفيذ هذه الإعدامات».
وأعرب كولفيل، في بيان، عن قلقه حول احتمال تنفيذ إعدامات وشيكة في غزة، داعيا الرئيس محمود عباس لفرض حظر على تنفيذ أحكام الإعدام، بما يتماشى مع التوجه العالمي القوي نحو إنهاء استخدام عقوبة الإعدام
وقال: «إننا نشعر بقلق بالغ إزاء التصريحات الأخيرة التي أدلت بها السلطات في غزة، بما في ذلك النائب العام، حول نيتها تنفيذِ عددٍ من أحكام الإعدام، ونخشى أن يكون تنفيذ أولى تلك الإعدامات وشيكًا، وقد جاءت هذه التصريحات بعد مطالبة عدد من العائلات بتنفيذ عقوبة الإعدام على مرتكبي جرائم قتل بحق أقربائهم».
وشدد كولفيل: «يمكن تنفيذ أحكام الإعدام فقط في ظروف محدودة للغاية، ووفقًا لإجراءات محاكمة واستئناف تَتَبعُ معايير المحاكمة العادلة بدقّة». مضيفا: «ونحن لدينا شكوك جدية حول ما إذا كانت المحاكمات التي تتضمن عقوبة الإعدام في غزة، تلبّي تلك المعايير، كما أننا قلقون إزاء التقارير التي أفادت بأن هذه الإعدامات سَتُنفَّذ من دون الحصول على موافقة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والذي يعتبر إجراء مطلوبًا بموجب القانون الفلسطيني».
وحذر كولفيل مما أشارت إليه بعض التقارير الإعلامية، من حيث إمكانية تنفيذ هذه الأحكام على الملأ، إذ تعتبر هذه الممارسة محظورة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.
ومعارضة فتح والأمم المتحدة لتطبيق العقوبة في غزة، تضاف إلى سلسلة اعتراضات سابقة عبرت عنها حكومة التوافق الوطني وفصائل فلسطينية وناشطين ومؤسسات حقوقية.
ودعت «المنظمة العربية لحقوق الإنسان» في بريطانيا، أمس السلطات المسؤولة في قطاع غزة إلى وقف تنفيذ أحكام الإعدام والأخذ بعين الاعتبار الظروف الصعبة التي يعيشها سكان القطاع، والتداعيات الخطرة لمشروع قانون تقوم حكومة الاحتلال ببلورته لإعدام أسرى فلسطينيين.
ولا يعرف عدد دقيق للإعدامات التي تنوي حماس تنفيذها، لكن المصادر النيابية في غزة، أشارت إلى 13 حكما قضائيا بالإعدام، تم استيفاء جميع الإجراءات القانونية بشأنها بحاجة للتنفيذ، إضافة إلى قرارات أخرى منظورة.
ولجأت حماس سابقا إلى أسلوب الإعدامات بحق من يفترض أنهم «متعاونون» مع إسرائيل، وقتلت العشرات منهم على الملأ، ما أثار ضجة كبيرة قبل أن تتوقف عن ذلك.
وتخشى أوساط فلسطينية من استغلال حماس للقانون ضد معارضين لها أو متورطين في أحداث اقتتال داخلي منذ سنوات طويلة.
وكانت السلطة تستخدم هذه العقوبة قبل أن يحتج الاتحاد الأوروبي على ذلك، ويهدد بقطع المساعدات في بداية العام 2000، عندما أعدمت السلطة «متعاونين».
وتشير إحصائية للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، إلى أن «عدد أحكام الإعدام في مناطق السلطة الفلسطينية منذ عام 1994 بلغ (176) حكمًا، منها (146) حكمًا في قطاع غزة، و(30) حكمًا في الضفة الغربية. ومن بين الأحكام الصادرة في قطاع غزة، صدر (88) حكمًا منها منذ عام 2007، أي بعد سيطرة حركة حماس، كما نفذت السلطة الفلسطينية منذ تأسيسها، 32 حكمًا بالإعدام، منها 30 حكمًا نُفذت في قطاع غزة، واثنان نفذا في الضفة الغربية، ومن بين الأحكام المنفذة في قطاع غزة، نُفذ 19 حكمًا منذ عام 2007، من دون مصادقة الرئيس الفلسطيني خلافًا للقانون».



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».