مفهوم القراءة.. هل تغير في عصرنا الإلكتروني؟

كتاب وناشرون يناقشون تحولاتها وتاثيراتها على القارئ وصناعة النشر

مفهوم القراءة.. هل تغير في عصرنا الإلكتروني؟
TT

مفهوم القراءة.. هل تغير في عصرنا الإلكتروني؟

مفهوم القراءة.. هل تغير في عصرنا الإلكتروني؟

تأثرت عملية القراءة بما تعرضت له الثقافة من تحول تكنولوجي حيث تغير هذا الكل المركب الذي يشمل العادات والمعتقدات ولم يعد يتصف بالانتقائية في عصر مواقع الشبكات الاجتماعية وارتباط الإنسان بهاتفه الموصول بشبكة الإنترنت. أحد الجوانب السلبية لممارسات القراءة في عصر الفضاء الافتراضي، كما يرى البعض أن القراءة أضحت سطحية وعابرة؛ فالإنسان أصبح يقرأ ما يقع بين يديه غثا أو سمينا، وتقلصت قدرته على الانتقاء، بل وفي كثير من الأحيان يجد الإنسان نفسه يقرأ ما ينتقيه الآخرون له. أما عن الجوانب الإيجابية فربما أهم ما يميز النصوص الإلكترونية هو التنوع والتفاعلية؛ فقد أصبح بإمكاننا التعليق على النصوص، ونسخها بكبسة زر، ومشاركتها مع الآخرين في اللحظة الآنية، بل وأمكن الآن التواصل مع مؤلف النص والنقاش معه. استطلعت «فضاءات» آراء عدد من المنوطين بصياغة السياسات الثقافية، والمتخصصين في الثقافة الرقمية وناشرين لكلا النوعين الإلكتروني والمطبوع، حول تغير مفهوم القراءة ارتباطا بالثورة التكنولوجية:
يقول المهندس فادي صبحي جريس، صاحب مكتبة الأنجلومصرية العريقة، التي تعمل في صناعة النشر منذ بدايات القرن العشرين واتجهت للنشر الإلكتروني منذ سنوات: «القراءة الإلكترونية مكنت القارئ من أن يحمل كتابه معه في أي مكان وأي وقت، بل أن يحمل مكتبته الإلكترونية الكاملة معه أثناء السفر أو بالمواصلات، وهي تتميز بأنها أسهل من القراءة الورقية خاصة فيما يتعلق بقراءة الموسوعات والقواميس؛ لأن القارئ يصل إلى المعلومة التي يريدها بمجرد كتابة أول حرف من الكلمة التي يريدها بخلاف الكتب الورقية التي يتطلب البحث فيها الذهاب إلى الفهرس ثم التعرف على محتوى الكتاب، ثم البحث في الباب والفصل وهكذا، ما يعني أن القراءة الإلكترونية محددة ودقيقة، ولا تتطلب وقتا طويلا» ويلفت من واقع خبرته أن للقراءة الإلكترونية جمهورها خاصة أنها جعلت الكتاب في متناول أي فرد. فمثلا القراء في الخليج العربي لم تعد لديهم حاجة للسفر إلى مصر للحصول على الكتب التي يريدونها بل يقتنونها إلكترونيا، بل يمكن شراء فترة زمنية للقراءة الإلكترونية لعدة أشهر مثلا إذا كان القارئ يقوم بالاطلاع لإجراء بحث ما ويحتاج لعدد من المراجع في توقيت محدد ولا يحتاج إلى شراء تلك المراجع».
ويرى رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، د. هيثم الحاج علي، أن نوعية القراءة وكمها تختلف كليا بين القراءة الإلكترونية والقراءة الورقية، لأن القارئ في الحالة الأولى يذهب مباشرة للمعلومة التي يريدها وأظن أن هذا أبلغ فارق بينهما». ويشير إلى جانب مضيء للقراءة الإلكترونية ألا وهو «وجود أجزاء من الكتب الإلكترونية على الإنترنت يدفع عددا كبيرا من عشاق القراءة إلى البحث عن الكتاب المطبوع واقتنائه فقد ساهم الكتاب الإلكتروني في الترويج للكتاب الورقي الذي لم يخفت سحره حتى الآن ولا تزال الحاجة إلى الملمس الورقي قائمة، خاصة أن القراءة عبر الوسيط الإلكتروني لا تشبع أو تساعد في قراءة رواية طويلة من مئات الصفحات». وعن الجانب السلبي يرى أن «القراءة الإلكترونية أثرت سلبا على التردد على المكتبات واللجوء إليها». ويلفت الحاج علي إلى أن «أحدث الأبحاث في هذا الصدد تشير إلى اختفاء الكتاب الورقي عام 2040. وربما علينا أن ننمي عادة القراءة الإلكترونية في العالم العربي ونتيح منافذ بيع إلكتروني حتى لا نفاجئ بموت الكتاب الورقي».
في بحثها المعنون «ممارسات القراءة في عصر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات» المنشور في حولية cybrarians journal المحكمة، تقول جميلة جابر، مديرة المكتبة المركزية، بالجامعة الإسلامية بلبنان، «إن القراءة الإلكترونية تتميز بأنها قراءة انتقائية من النص أكثر منها قراءة كلية له، وكما الحال في النصوص المطبوعة فهي تهدف إلى إيجاد المعلومات التي تصب مباشرة في إطار اهتمامات المستخدم البحثية دون الحاجة إلى اتباع مسار النص الأحادي الاتجاه من البداية حتى النهاية». وتضيف: «وعلى عكس اتجاه القراءة العرضية للمطبوع، فإن القراءة الإلكترونية هي قراءة عمودية للنص تمامًا كما لفافة البردي، حيث تظهر المعلومات في شكل نافذة، يتنقل فيها المتصفح من معلومة إلى أخرى عبر النقر على العلاقات المحددة مسبقًا (hyperlinks) أو على المستعرض في طرف الشاشة. وبينما ظل النص المطبوع محدودًا بأبعاد الصفحة التي تحمله وشكلها، تكسب النص الإلكتروني مرونة أكثر في الشكل وطريقة إظهاره. ولكن هذا التمايز بين النص المطبوع والنص الإلكتروني لم يتعد في أغلب حالته عملية تفاعل ما بين التقنيتين. فنحن في بعض الأحيان أمام كتاب مطبوع هجين متوافر إلكترونيًا» وتؤكد «لا أحد ينفي للكتابة الإلكترونية مدى انتشارها وسهولة توصيلها المعلومات إلى المستفيد النهائي بسرعة. إلا أن السؤال المعضلة يدور بشكل أساسي حول إمكانية قراءة النصوص الإلكترونية على الشاشة بسهولة إذ لا يزال عدد من مستخدمي الوسائل الحديثة للمعلومات يلجأون إلى طباعة النصوص على الورق لقراءتها لاحقًا».
في الآونة الأخيرة ظهرت عدة مشروعات شبابية تدعم القراءة الإلكترونية، من بينها منصة «كتبنا» للنشر الإلكتروني التي تدعم نشر إبداعات الشباب، ويقول المهندس محمد جمال، مؤسس «كتبنا»: «القراءة الإلكترونية لن تلغي القراءة الورقية، رغم الإقبال المتزايد عليها» ويشير إلى أنه منذ تأسيس منصة «كتبنا» منذ عام واحد فقط قامت بنشر 253 كتابا، ولديهم 9 آلاف مستخدم، وتم قراءة تلك الكتب أكثر من 14 ألف مرة. ويلفت جمال إلى أن القراءة الإلكترونية غيرت بالطبع من ممارسات القراءة لدى المستخدمين، فهو يبحث عن المحتوى الخفيف شكلا ومضمونا، فهو يحمل معه الكتاب عبر جهاز يتيح له التنقل بسهولة، كما يقرأ كتابات خفيفة مثل القصص القصيرة وكتب الكوميكس المصورة، وبالطبع لا يقرأ كتبا ضخمة أو وروايات أو كتبا فكرية عميقة. ويؤكد أن القراءة الإلكترونية لم تشكل ظاهرة كبرى بعد خاصة أن معدل نمو صناعة النشر الإلكتروني بطيء جدا يبلغ نحو 2 في المائة سنويا من معدل نمو صناعة النشر الورقي التي تقدر في العالم العربي بنحو 4 مليارات دولار، بينما حجم الاستثمار في النشر الإلكتروني لا يتجاوز 80 مليونا في العالم العربي.
ويؤكد رئيس اتحاد الناشرين العرب، محمد رشاد، لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا توجد قاعدة بيانات عن صناعة النشر الإلكتروني في العالم العربي وبالتالي لا يمكننا الرصد الدقيق لظاهرة القراءة الإلكترونية وتأثيرها، هي بالطبع ممارسة مرتبطة بواقع العصر والتغيرات التكنولوجية، لكنها لا تغني عن القراءة الورقية، فالقارئ في أي مكان في العالم لا يزال مرتبطا بالملمس الورقي للكتاب حتى في أوروبا وأميركا، وقد حدث تراجع في معدل النشر الإلكتروني منذ عام 2015 وظهر الإقبال الكبير على الكتاب المطبوع، فلا يمكن لشخص أن يستمتع بقراءة رواية من 300 صفحة على جهاز إلكتروني». ويشدد رشاد على أن «الأصل في النشر هو نشر المحتوى، ومهما مر الكتاب بمراحل كثيرة بدأت بالنقش على الجدران ثم ورق البردي لدى الفراعنة، وألواح الطين لدى الآشوريين، ثم جوتنبرغ وآلته، ثم الأجهزة اللوحية، ستظل القراءة الورقية لها مكانتها وطقوسها».
أما الأديب والروائي إبراهيم عبد المجيد، صاحب رواية «في كل أسبوع يوم جمعة» التي تناولت تأثير الحياة الافتراضية على الحياة الواقعية لشخوصها، فيقول: «بالتأكيد القراءة الإلكترونية لها تأثير على القراءة الورقية لكن لا نستطيع الحكم عليها بأنها قراءة غير جادة»، وعن ممارسة القراءة لديه، قال: «أستفيد من القراءة الإلكترونية مثلي مثل جيلي فقط في قراءة المقالات الصحافية أو الأخبار، لكنني أبدا لا أقوم بقراءة كتاب هام أو رواية عبر الأجهزة اللوحية».
ويشير الكاتب محمد سيد ريان، صاحب كتاب «القراءة والثقافة الرقمية» إلى أن القضية عالمية وليست عربية أو محلية، فقد أثار استطلاع للرأي تم إجراؤه منذ فترة قريبة في بريطانيا على عدد كبير من الأطفال التي تتراوح أعمارهم بين ثمانية أعوام و17 عاما، وأجرته المؤسسة البريطانية الخيرية (ناشونال ليتراسي ترست) نتائج غاية في الخطورة حيث أظهرت أن الشباب البريطاني ينصرف عن قراءة أعمال كتاب مثل ديكنز وشكسبير وكيتس؛ لانشغاله بمواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت مثل «فيسبوك» و«تويتر».



«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية
TT

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

في كتابها «رحِم العالم... أمومة عابرة للحدود» تزيح الكاتبة والناقدة المصرية الدكتورة شيرين أبو النجا المُسلمات المُرتبطة بخطاب الأمومة والمتن الثقافي الراسخ حول منظومتها، لتقوم بطرح أسئلة تُفند بها ذلك الخطاب بداية من سؤالها: «هل تحتاج الأمومة إلى كتاب؟»، الذي تُبادر به القارئ عبر مقدمة تسعى فيها لتجريد كلمة «أمومة» من حمولاتها «المِثالية» المرتبطة بالغريزة والدور الاجتماعي والثقافي المُلتصق بهذا المفهوم، ورصد تفاعل الأدبين العربي والعالمي بتجلياتهما الواسعة مع الأمومة كفِعل وممارسة، وسؤال قبل كل شيء.

صدر الكتاب أخيراً عن دار «تنمية» للنشر بالقاهرة، وفيه تُفرد أبو النجا أمام القارئ خريطة رحلتها البحثية لتحري مفهوم الأمومة العابرة للحدود، كما تشاركه اعترافها بأنها كانت في حاجة إلى «جرأة» لإخراج هذا الكتاب للنور، الذي قادها «لاقتحام جبل من المقدسات، وليس أقدس من الأمومة في مجتمعاتنا ولو شكلاً فقط»، كما تقول، وتستقر أبو النجا على منهجية قراءة نصوص «مُتجاورة» تتقاطع مع الأمومة، لكاتبات ينتمين إلى أزمنة وجغرافيات مُتراوحة، ومُتباعدة حتى في شكل الكتابة وسياقها الداخلي، لاستقراء مفهوم الأمومة وخطابها كممارسة عابرة للحدود، ومحاولة فهم تأثير حزمة السياسات باختلافها كالاستعمارية، والقبلية، والعولمة، والنيوليبرالية، وغيرها.

فِعل التئام

يفتح اختيار شيرين أبو النجا للنصوص الأدبية التي تستعين بها في كتابها، في سياق القراءة المُتجاورة، مسرحاً موازياً يتسع للتحاوُر بين شخصيات النصوص التي اختارتها وتنتمي لأرضيات تاريخية ونفسية مُتشعبة، كما ترصد ردود أفعال بطلاتها وكاتباتها حِيال خبرات الأمومة المُتشابهة رغم تباعد الحدود بينها، لتخرج في كتابها بنص بحثي إبداعي موازِ يُعمّق خبرة النصوص التي حاورت فيها سؤال الأمومة.

يضع الكتاب عبر 242 صفحة، النصوص المُختارة في مواجهة المتن الثقافي الراسخ والنمطي لمنظومة الأمومة، تقول الكاتبة: «الأمومة مُتعددة، لكنها أحادية كمؤسسة تفرضها السلطة بمساعدة خطاب مجتمعي»، وتتوقف أبو النجا عند كتاب «كيف تلتئم: عن الأمومة وأشباحها»، صدر عام 2017 للشاعرة والكاتبة المصرية إيمان مرسال بوصفه «الحجر الذي حرّك الأفكار الساكنة المستكينة لفكرة ثابتة عن الأمومة»، على حد تعبير أبو النجا.

تتحاور الكاتبة مع منطق «الأشباح» وتتأمل كيف تتحوّل الأمومة إلى شبح يُهدد الذات سواء على المستوى النفسي أو مستوى الكتابة، تقول: «في حياة أي امرأة هناك كثير من الأشباح، قد لا تتعرف عليها، وقد تُقرر أن تتجاهلها، وقد تتعايش معها. لكن الكتابة لا تملك رفاهية غض الطرف عن هذه الأشباح»، ومن رحِم تلك الرؤية كانت الكتابة فعل مواجهة مع تلك «الشبحية»، ومحاولة تفسير الصراع الكامن بين الذات والآخر، باعتبار الكتابة فعلاً يحتاج إلى ذات حاضرة، فيما الأمومة تسلب تلك الذات فتصير أقرب لذات منشطرة تبحث عن «التئام» ما، ويُجاور الكتاب بين كتاب إيمان مرسال، وبين كتاب التركية إليف شافاق «حليب أسود: الكتابة والأمومة والحريم»، إذ ترصد أبو النجا كيف قامت الكاتبتان بتنحّية كل من الشِعر والسرد الروائي جانباً، في محاولة للتعبير عن ضغط سؤال الأمومة وفهم جوهرها بعيداً عن السياق الراسخ لها في المتن الثقافي العام كدور وغريزة.

تقاطعات الورطة

ترصد أبو النجا موقع النصوص التي اختارتها ثقافياً، بما يعكسه من خصائص تاريخية وسياسية ومُجتمعية، المؤثرة بالضرورة على وضع الأمومة في هذا الإطار، فطرحت مقاربةً بين نص المُستعمِر والمُستعمَر، مثلما طرحت بمجاورة نصين لسيمون دو بوفوار المنتمية لفرنسا الاستعمارية، وآخر لفاطمة الرنتيسي المنتمية للمغرب المُستعمرة، اللتين تشير الكاتبة إلى أن كلتيهما ما كان من الممكن أن تحتلا الموقع الذي نعرفه اليوم عنهما دون أن تعبرا الحدود المفروضة عليهما فكرياً ونفسياً ومجتمعياً.

كما تضع كتاب «عن المرأة المولودة» للأمريكية إدريان ريتش، صدر عام 1976، في إطار السياق الاجتماعي والقانوني والسياسي الذي حرّض آنذاك على انتقاد الرؤى الثابتة حول تقسيم الأدوار بين الجنسين وبين ما يجب أن تكون عليه الأم النموذجية، ما أنعش حركة تحرير النساء التي خرجت من عباءة الأحزاب اليسارية والحركات الطلابية آنذاك، وتشير إلى أن هذا الكتاب أطلق على الأمومة اسم «مؤسسة» بما يجابه أطراف المؤسسة الذكورية التي ترسم بدقة أدوار النساء في العائلة وصورهن، وصاغت ريتش هذا الكتاب بشكل جعله يصلح للقراءة والتأمل في بيئات مُغايرة زمنياً وجغرافياً، ويخلق الكتاب تقاطعات بين رؤية ريتش مع تجربة شعرية لافتة بعنوان «وبيننا حديقة» للشاعرتين المصريتين سارة عابدين ومروة أبو ضيف، الذي حسب تعبير شيرين أبو النجا، يمثل «حجراً ضخماً تم إلقاؤه في مياه راكدة تعمل على تعتيم أي مشاعر مختلفة عن السائد في بحر المُقدسات»، والذات التي تجد نفسها في ورطة الأمومة، والتضاؤل في مواجهة فعل الأمومة ودورها. تجمع شيرين أبو النجا بين النص الأميركي والديوان المصري اللذين يفصل بينهما نحو 40 عاماً، لتخرج بنص موازِ يُعادل مشاعر الأم (الكاتبة) وانسحاقها أمام صراع بين القدرة والعجز، والهوية وانسحاقها، لتقول إنه مهما تعددت الأسئلة واشتد الصراع واختلفت تجلياته الخطابية انسحبت الكاتبات الثلاث إلى حقيقة «تآكل الذات»، وابتلاع الأمومة للمساحة النفسية، أو بتعبير الشاعرة سارة عابدين في الديوان بقولها: «حروف اسمي تتساقط كل يوم/ لأزحف أنا إلى هامش يتضاءل/ جوار متن الأمومة الشرس».

في الكتاب تبرز نماذج «الأم» المُتعددة ضمن ثيمات متفرقة، فتضعنا الناقدة أمام نموذج «الأم الأبوية» التي تظهر في شكلها الصادم في أعمال المصرية نوال السعداوي والكاريبية جامايكا كينكد التي تطرح الكاتبة قراءة تجاورية لعمليهما، وتتوقف عند «الأم الهاربة» بقراءة تربط بين رواية «استغماية» للمصرية كاميليا حسين، وسيرة غيرية عن الناقدة الأمريكية سوزان سونتاغ، وهناك «الأم المُقاومة» في فصل كرسته لقراءة تفاعل النص الأدبي الفلسطيني مع صورة الأم، طارحة تساؤلات حول مدى التعامل معها كرمز للأرض والمقاومة، فيما تُشارك شيرين أبو النجا مع القارئ تزامن انتهائها من هذا الكتاب مع «طوفان الأقصى» وضرب إسرائيل لغزة، في لحظة مفصلية تفرض سؤالها التاريخي: ماذا عن الأم الفلسطينية؟ أمهات الحروب؟ الأمهات المنسيات؟