ألمانيا تتصدر دول «اليورو» و«السبعة الكبار» في النمو والاستثمار

«النقد» يوصي بدمج اللاجئين في سوق العمل لضمان استدامة الرخاء الاقتصادي

ارتفع الإنفاق الحكومي منذ بداية عام 2016 جنبًا إلى جنب مع تكوين رأس المال (رويترز)
ارتفع الإنفاق الحكومي منذ بداية عام 2016 جنبًا إلى جنب مع تكوين رأس المال (رويترز)
TT

ألمانيا تتصدر دول «اليورو» و«السبعة الكبار» في النمو والاستثمار

ارتفع الإنفاق الحكومي منذ بداية عام 2016 جنبًا إلى جنب مع تكوين رأس المال (رويترز)
ارتفع الإنفاق الحكومي منذ بداية عام 2016 جنبًا إلى جنب مع تكوين رأس المال (رويترز)

وُصفت ألمانيا بأنها من بين الاقتصادات الأكثر مسؤولية في التاريخ الحديث، فرغم الإصرار الأوروبي على التقشف منذ الأزمة المالية التي اندلعت في منطقة اليورو، والاتفاق على عدم رفع الإنفاق الاستثماري في الداخل، كان لبرلين دور فعال في ارتفاع الطلب الكلي في الداخل وفي منطقة اليورو كلها.
ورغم أن منطقة اليورو اتبعت سياسات أدت إلى انخفاض في معدل التضخم إلى أقل من المعدل المستهدف عند 2 في المائة، وكانت استجابة البنك المركزي الأوروبي هي خفض أسعار الفائدة قصيرة الأجل إلى مستويات سلبية وشراء الأصول المالية، فإن السياسة المالية الألمانية كانت محايدة خلال تلك الفترة، واستطاعت إلى حد ما تحقيق معدل التضخم المستهدف ولم يكن لديها خفض في أسعار الفائدة بنسبة تصل إلى السلبية.
كذلك رغم تباطؤ الاقتصاد العالمي، جذبت ألمانيا أكثر من 2300 مشروع جديد كاستثمار أجنبي مباشر (FDI) خلال العام 2015. وفقا لوكالة التنمية الاقتصادية الاتحادية التابعة لهيئة التجارة والاستثمار الألمانية (GTAI). بإضافة نحو 1900 مشروع في مستوطنات جديدة، بإجمالي استثمارات بلغت نحو 6.2 مليار يورو، بزيادة قدرها نحو 60 في المائة عن العام السابق. وكان هناك أكثر من 400 عملية اندماج واستحواذ خلال العام نفسه.
وكانت الصين أكبر مستثمر أجنبي في ألمانيا باستحواذها على نحو 260 مشروعا، متجاوزة الولايات المتحدة الأميركية التي كان من نصيبها 252 مشروعًا. وهذان البلدان تلتهما سويسرا بـ(203) مشاريع، والمملكة المتحدة بـ(127) مشروعا، وهولندا بـ(105) مشاريع. وكانت القطاعات الأكثر جذبًا للاستثمار الأجنبي في عام 2015 هي الخدمات المالية التي استحوذت على 18 في المائة من إجمالي المشروعات، تليها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والبرمجيات بنسبة 15 في المائة.
وفي أحدث إشارة إلى متانة أكبر اقتصاد في أوروبا، حققت ألمانيا ارتفاعًا بأكثر من الضعف في معدل النمو الاقتصادي في الربع الأول من عام 2016. بعد دفعة للاستهلاك المحلي التي قد تكون مستمدة السياسة النقدية التوسعية المتبعة من قبل البنك المركزي الأوروبي، متجاوزًا بقية الدول الأعضاء في منطقة اليورو ومجموعة الدول السبع الأكثر تصنيعا على مستوى العالم.
وذكر مكتب الإحصاءات الاتحادي الألماني - يوم الجمعة الماضي - أن الاقتصاد الألماني نما بنسبة 0.7 في المائة في الربع الأول من العام 2016، في أسرع معدل له منذ عامين. وعلى سبيل المقارنة، نما الاقتصاد الألماني 0.3 في المائة فقط في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام 2015.
ورغم أن الساسة الألمان، مثل وزير المالية فولفغانغ شويبله، قد انتقدوا بشدة استخدام البنك المركزي الأوروبي سياسات غير تقليدية لتعزيز النمو والتضخم في منطقة اليورو. لكن هذه السياسات كانت من أهم العوامل الداعمة للتسارع الاقتصادي في البلاد. وقال كارستن برازيسكي، كبير الاقتصاديين فيING DiBa الألمانية: «إن بيانات النمو المرتفع تعد علامة أخرى على القوة الاقتصادية لألمانيا، ويمكننا القول، على الأقل للوهلة الأولى، إن الاقتصاد تحدى اضطراب الأسواق المالية القائم منذ بداية العام، فضلا عن التباطؤ الصيني».
وأظهرت بيانات الأسر الألمانية - الصادرة يوم الجمعة الماضي - زيادة الإنفاق الحكومي منذ بداية عام 2016، جنبًا إلى جنب مع تكوين رأس المال. وارتفع عدد العمال بدخول نحو 180 ألف عامل جديد إلى سوق العمل، وهو أكبر معدل زيادة منذ الأزمة المالية العالمية، بزيادة نحو 1.3 في المائة عن معدل العمالة في الربع الأول من العام الماضي
وعلى أساس سنوي، كان النمو أعلى في الربع الأول بنحو 1.6 في المائة مقابل الثلاثة أشهر المقابلة من عام 2015، ارتفاعا من 1.3 في المائة للنمو السنوي في الربع الأخير من العام الماضي، وأفضل من 1.5 التي كانت متوقعة من قبل الخبراء الاقتصاديين.
وساعد المستهلكون في نمو الاقتصاد الألماني بنسبة 1.7 في المائة في العام الماضي، كما شجعت انخفاض أسعار الطاقة الأسر على توفير النقود لاستخدامها في أوجه إنفاق متعددة. ولكن ليست كل البيانات الاقتصادية وردية، فقد أظهرت بيانات - نشرت في وقت سابق من الأسبوع الماضي - انكماش الإنتاج الصناعي الألماني بنسبة أسوأ من المتوقع بلغت 1.3 في المائة في مارس (آذار) الماضي.
وقال صندوق النقد الدولي الأسبوع الماضي، إن ألمانيا بحاجة إلى رفع الإنفاق على البنية التحتية ودمج موجة من اللاجئين إلى سوق العمل لضمان الرخاء الاقتصادي على المدى الطويل. وأفاد تقرير - أمس السبت - أن الحكومة الألمانية تتوقع أن تنفق 93.6 مليار يورو (105 ملايين دولار) على اللاجئين بحلول عام 2020. وذكرت مجلة «دير شبيغل» - مستشهدة بمسودة وثيقة صدرت عن وزارة المالية - أن هذا المبلغ يتضمن تكاليف الإسكان واندماج المهاجرين وكذلك الجهود المبذولة لمكافحة أزمة اللاجئين عن طريق التعامل مع أسبابها الجذرية. وتأتي الوثيقة في إطار مفاوضات مستمرة بين الحكومة الاتحادية والولايات الألمانية الـ16 حول كيفية تقاسم تكاليف دعم اللاجئين.
وذكرت وكالة الإحصاءات الألمانية يوم الجمعة الماضي، أن إنفاق الحكومة المتزايد على المهاجرين كان من ضمن الأسباب الرئيسية في النمو الاقتصادي على مستوى الربع الأول من العام. ورغم ذلك، أجج تدفق المهاجرين الكثيف استياءً شعبويًا وأدى إلى انخفاض شعبية المستشارة أنغيلا ميركل.



ألمانيا تحذر ترمب من تداعيات الرسوم الجمركية على الاقتصاد

سفينة تابعة لشركة شحن صينية في محطة حاويات بميناء هامبورغ الألماني (رويترز)
سفينة تابعة لشركة شحن صينية في محطة حاويات بميناء هامبورغ الألماني (رويترز)
TT

ألمانيا تحذر ترمب من تداعيات الرسوم الجمركية على الاقتصاد

سفينة تابعة لشركة شحن صينية في محطة حاويات بميناء هامبورغ الألماني (رويترز)
سفينة تابعة لشركة شحن صينية في محطة حاويات بميناء هامبورغ الألماني (رويترز)

أعرب وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك، ومرشح حزب «الخضر» لمنصب المستشار، عن اعتقاده بأن ألمانيا والاتحاد الأوروبي على استعداد جيد للتعامل مع رئاسة دونالد ترمب الجديدة، لكنه حذر ترمب من أن الرسوم الجمركية سلاح ذو حدين، وسيضر الاقتصاد الكلي.

وقال هابيك، نائب المستشار الألماني، وفق «وكالة الأنباء الألمانية»: «أقول إنه يتعين علي وأريد أن أواصل العمل بشكل وثيق مع الولايات المتحدة. لكن إذا تصرفت الإدارة الأميركية الجديدة بطريقة قاسية، فسنرد بشكل جماعي وبثقة بوصفنا اتحاداً أوروبياً».

يذكر أن الاتحاد الأوروبي مسؤول عن السياسة التجارية للدول الأعضاء به والبالغ عددها 27 دولة.

وهدد الرئيس الأميركي المنتخب ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 60 في المائة على جميع البضائع الصينية وما يتراوح بين 10 في المائة و20 في المائة على الواردات من دول أخرى، ومن بينها الاتحاد الأوروبي، والتي ستشمل السيارات الألمانية الصنع، وهي صناعة رئيسية.

وقال هابيك إنه سيتم التوضيح للولايات المتحدة، من خلال الحوار البناء مع الاتحاد الأوروبي، أن العلاقات التجارية الجيدة تعود بالنفع على الجانبين، إلا أن ألمانيا والاتحاد الأوروبي بحاجة إلى إظهار قوتهما.

وأضاف هابيك: «ردي على ترمب ليس بالخضوع، ولكن بالثقة بقوتنا. ألمانيا قوية وأوروبا قوية».

كانت دراسة أجرتها شركة «بي دبليو سي» لمراجعة الحسابات، قد أظهرت أن اختيار دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة، يُشكل تحدياً لصناعة الشحن الألمانية.

وكشفت الدراسة عن أن 78 في المائة من ممثلي الصناعة يتوقعون تداعيات سلبية من رئاسة ترمب، بينما يتوقع 4 في المائة فقط نتائج إيجابية. واشتمل الاستطلاع على ردود من 124 من صنّاع القرارات في قطاع الشحن.

وتمحورت المخاوف حول احتمالية زيادة الحواجز التجارية، وتراجع حجم النقل تحت قيادة ترمب.

كما ألقت الدراسة الضوء على الأزمة الجارية في البحر الأحمر، حيث تهاجم جماعة الحوثي اليمنية المدعومة من إيران السفن التجارية بطائرات مسيّرة وصواريخ.

وبدأت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وتقول الجماعة إنها تستهدف السفن الإسرائيلية، والمرتبطة بإسرائيل، أو تلك المتوجهة إليها، وذلك نصرة للشعب الفلسطيني في غزة.

وتجنبت عدة شركات شحن قد شملها الاستطلاع، البحر الأحمر خلال فترة الاستطلاع الذي أجري من مايو (أيار) إلى يونيو (حزيران)، فيما لا تزال ثلاث شركات من أصل 72 شركة تبحر عبر المسار بشكل نموذجي، تعمل في المنطقة.

ووفقاً للدراسة، فإن 81 في المائة من الشركات لديها اعتقاد بأن الأسعار سوف تواجه ضغوطاً هبوطية في حال كانت مسارات النقل في البحر الأحمر تعمل بشكل سلس.