حسن بن عبد الله آل الشيخ.. ثلاثون عامًا من الرحيل

القصور في تدوين سيرة الأديب السعودي يبقى من سمات تقصيرنا بحقّه

دارة الملك عبد العزيز.. تأسست بمسعى من حسن بن عبد الله آل الشيخ وتحت رئاسته («الشرق الأوسط») - غلاف الأعمال الكاملة
دارة الملك عبد العزيز.. تأسست بمسعى من حسن بن عبد الله آل الشيخ وتحت رئاسته («الشرق الأوسط») - غلاف الأعمال الكاملة
TT

حسن بن عبد الله آل الشيخ.. ثلاثون عامًا من الرحيل

دارة الملك عبد العزيز.. تأسست بمسعى من حسن بن عبد الله آل الشيخ وتحت رئاسته («الشرق الأوسط») - غلاف الأعمال الكاملة
دارة الملك عبد العزيز.. تأسست بمسعى من حسن بن عبد الله آل الشيخ وتحت رئاسته («الشرق الأوسط») - غلاف الأعمال الكاملة

من بين أعلام الفكر والتربية الذين تعلّق القلم بالكتابة عن سيرتهم منذ أن ولج الحبر في عالم السير والتراجم قبل أكثر من عقدين، يرد اسمه في رأس القائمة، وكان الخاطر يترقّب المشاركة في ندوة موعودة عن سيرته في نادي الرياض الأدبي، فإذا هي تتأخر، وبقي القلم يستحثّ الوفاء، وقد مضى على رحيله ثلاثة عقود تستوجب البدء بسطور موجزة عن سيرته لتعريف القرّاء الشباب به.
فقد تخرّج عام 1953 في أول منشأة جامعية سعودية (كلية الشريعة في مكة المكرمة) وعمل في مجال الإشراف على القضاء ملازمًا لوالده، ثم اختير وهو في سنّ مبكرة وزيرا للمعارف (14 عامًا) وفي منتصف عهد الملك فيصل أضيفت إليه حقيبة وزارة الصحة (1966 - 1970) وصار في مطلع عهد الملك خالد وزيرا للتعليم العالي عند استحداثه وبقي فيه 12 عامًا، حيث فاجأته المنيّة وهو على رأس العمل عن خمسة وخمسين عامًا، دون أن يتمكّن من تدوين سيرته، التي كان يمكن أن يبدع في تصويرها بأسلوبه دون غيره.
وقبل الدخول في المعالم البارزة من سيرته، لا بدّ من القول إن كل من تحدثوا عنه، كتابة أو رواية أو مجالسة أو معاصرة أو تعاملاً، يُجمعون على صورة منطبعة في أذهانهم عنه يُشكِل الحياء والعطاء أبرز ملامحها، وأنه انفرد بـ«كاريزما استثنائية» بين المسؤولين من جيله، بكونه ليّن الجانب لا يردّ مطلبًا أو شفاعة، يصدق عليه قول الفرزدق في قصيدته الميميّة المعروفة، فإذا لم يستطع تحقيق طلب السائل فإنه لا يرجع منه إلا طيّب الخاطر بردّه المريح أو بالبديل المناسب، وقد تأثّر العاملون معه بإيجابيّته في التسهيل والمرونة لأنهم يدركون رغبته في ذلك، ولأن الأمر لو وصل إليه فلن يردّه، فكان مدرسة في فكره وأسلوبه وأدبه وخلقه وتعامله وتواضعه، وفي الوزارات التي تقلّدها لا يستعلي ولا يدّعي ولا يُحقّر، بل يُشجّع ويتقبّل ويستشير، وهو إذا ما أُطلق اسم «الشيخ حسن» في مجلس فإنه صار علمًا عليه ولا ينصرف الذهن إلا إليه.
لم تكن تلك السجايا المحببة في شخصيّته كل ما اشتهر به في العمر القصير الذي عاشه، بل شهد له المجتمع بالنجاح في التوسّع الأفقي العريض في نشر مؤسسات التعليم العام، وامتداده في كل الأنحاء المعزولة والمتناثرة والنائية في البوادي والواحات والجبال، وفي الصحراء، مواصلاً برنامج سلفه الأمير (الملك) فهد الذي استحدث وزارة المعارف (1953) وأمضى فيها نحو تسع سنوات قبل أن ينتقل إلى موقع سيادي أعلى، حيث خلفه في الوزارة لعام واحد الشقيق الأكبر للشيخ حسن (عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ) قبل أن تصير الوزارة إلى شخصية المقال.
تعليميًّا، تتوّجت السنوات التي تولّى فيها أعباء وزارة المعارف ثم وزارة التعليم العالي فيما بعد، بنجاحات نوعيّة كثيرة من حيث تلبية متطلباته البشرية والصحية والإدارية واللوجستية، بما في ذلك تجربة فكرة تغذية الطلاب عدة سنوات، وبالتوسع النوعي والكمي في برامج التعليم الفني، وبإيفاد البعثات إلى مختلف بلدان العالم التي أسفرت عن تخريج مئات الكفايات الوطنية الحالية، وبتعزيز العلاقات الثقافية مع دول العالم، وبإضافة ست جامعات مع جامعة الملك سعود التي أُسست في منتصف عهد الملك سعود (1957) وحظيت الجامعات السبع باستقلالية ومرونة إدارية متطورة تليق بمكانتها، وأصبحت صروحًا ثقافية وبحثية مزدهرة، وتأسست بمسعى منه وتحت رئاسته مؤسسات ثقافية مهمة في مقدمتها دارة الملك عبد العزيز (1972) التي أصبحت مركزًا مستقلاً لتوثيق التاريخ الوطني، والندوة العالمية للشباب الإسلامي (1972) والمجلة العربية (1975) التي آلت مرجعيّتها لوزارة الثقافة والإعلام حاليًّا.
والعلامة الفارقة التي لا يكتمل الحديث عنه من دونها، هي ملكته الأدبية والفكرية والعلمية، فهو واسع الاطلاع، صاحب قلم أنيق الكلمة والحرف، رفيع العبارة مع الإيجاز، يملك ناصية البيان إذا خطب أو تحدّث أو كتب أو راسل، مع خط جميل راق، وأدب جمّ، وقد دأب - مع نهم القراءة ومتابعة الحركة الثقافية - على مواصلة خاصّته ومحبّـيه بمئات الرسائل الإخوانية التي كشفوا عنها بعد وفاته، وعلى تسجيل أحاديث إذاعيّة في السيرة النبوية وغيرها، وكتابة مقالات أسبوعية بخواطر إصلاحيّة مستنيرة، ونقد اجتماعي بنّاء، بعبارات موجزة، وبعناوين متنوّعة «كفاحنا، خواطر جريئة، خطوة على الطريق الطويل»، وقد أسهم في دعم حركة النشر والتأليف العلمي والثقافي عبر كل المؤسسات التي رأسها، وصدرت له ستة مؤلّفات منها؛ كرامة الفرد في الإسلام، ومعاملة الإسلام للمرأة، والتنظيم القضائي في السعودية، ودورنا في الكفاح، وخواطر جريئة، وخواطر على الطريق الطويل، طُبع بعضها بعد وفاته، وهي جميعًا تبرز أسلوبه وفكره، وصوره الإبداعية في الكتابة التي تحاكي روائع النثر العربي، كما شخّصته د. ندى صالح أباالخيل في الدراسة التي نالت بها درجة الماجستير عام 2004 عن تحليل تراثه الأدبي المنثور، وأصدرت «المجلة العربية» عام 2014 مجموعة أعماله في مجلد واحد، بتقديم ابنه د. عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ، ومما صاحب الحديث بعد وفاته المفاجئة، أن عثر جاره في مقعد مجلس الوزراء (وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل) في اليوم التالي على ورقة بخط يده تركها أمامه، وفيها دعاء وداعي مؤثّر مأثور.
وقد انهمرت برحيله عشرات المراثي النثرية والشعرية، من جمهرة من كبار الأدباء والشعراء والمثقفين، كان من بينها قصيدة للشاعر المبرّز محمد حسن فقي، يقول في مطلعها:
أأرثيك، أم أرثي النُهى والمشاعرا؟ وأبكيك، أم أبكي الرؤى والخواطرا؟
أراك بقلبي ماثلاً كل لحظة فتهتف في عيني؛ أما زلت ذاكرا؟
ورغم الإجماع على تميّز مناقبه، وعلى حجم رصيده من الإنجازات الوطنية وبخاصة في مجال الثقافة والتربية والأدب والتوجيه الاجتماعي، وباستثناء ما ألّفه حمد بن عبد الله القاضي (1998) بعنوان: الإنسان الذي لم يرحل، وندوة عقدت للحديث عن سيرته في منتدى علي أبي العلا في مكة المكرمة (1998) - فإن القصور في تدوين سيرته من جميع جوانبها وبما يرقى إلى قامته، يبقى من سمات تقصيرنا بحقّه.



غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر
TT

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

تشهد منطقة الباحة، جنوب السعودية، انطلاقة الملتقى الأول للأدب الساخر، الذي يبدأ في الفترة من 22-24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وينظمه نادي الباحة الأدبي.

وأوضح رئيس النادي، الشاعر حسن الزهراني، أن محاور الملتقى تتناول «الأدب الساخر: المفهوم، والدلالات، والمصادر»، و«الاتجاهات الموضوعية للأدب الساخر، والخصائص الفنية للأدب الساخر في المملكة»، وكذلك «مستويات التأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظيراتها العربية»، و«حضور الأدب الساخر في الصحافة المحلية قديماً وحديثاً»، و«أثر القوالب التقنية الحديثة ومواقع التواصل في نشوء أشكال جديدة من الأدب الساخر محلياً»، و«سيميائية الصورة الصامتة في الكاريكاتير الساخر محلياً».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وشارك في صياغة محاور الملتقى لجنة استشارية تضم: الدكتور عبد الله الحيدري، والدكتور ماهر الرحيلي، والقاص محمد الراشدي، ورسام الكاريكاتير أيمن يعن الله الغامدي.

وكشف الزهراني أن النادي تلقى ما يزيد على 40 موضوعاً للمشاركة في الملتقى، وأقرت اللجنة 27 بحثاً تشمل؛ ورقة للدكتورة دلال بندر، بعنوان «حمزة شحاتة... الأديب الجاد ساخراً»، والدكتور محمد الخضير، بعنوان «الخصائص الفنية في الأدب الساخر عند حسن السبع في ديوانه ركلات ترجيح - دراسة بلاغية نقدية»، والدكتور صالح الحربي، بعنوان «المجنون ناقداً... النقد الأدبي في عصفورية القصيبي»، والدكتور عادل خميس الزهراني، بعنوان «الصياد في كمينه: صورة الحكيم في النكت الشعبية بمواقع التواصل الاجتماعي»، والدكتور حسن مشهور، بعنوان «الكتابة الساخرة وامتداداتها الأدبية... انتقال الأثر من عمومية الثقافة لخصوصيتها السعودية»، والدكتورة بسمة القثامي، بعنوان «السخرية في السيرة الذاتية السعودية»، والدكتورة كوثر القاضي، بعنوان «الشعر الحلمنتيشي: النشأة الحجازية وتطور المفهوم عند ابن البلد: أحمد قنديل»، والدكتور يوسف العارف، بعنوان «الأدب الساخر في المقالة الصحفية السعودية... الكاتبة ريهام زامكة أنموذجاً»، والدكتور سعد الرفاعي، بعنوان «المقالة الساخرة في الصحافة السعودية... الحربي الرطيان والسحيمي نموذجاً»، والدكتور عمر المحمود، بعنوان «الأدب الساخر: بين التباس المصطلح وخصوصية التوظيف»، والدكتور ماجد الزهراني، بعنوان «المبدع ساخراً من النقاد... المسكوت عنه في السرد السعودي»، والمسرحي محمد ربيع الغامدي، بعنوان «تقييد أوابد السخرية كتاب: حدثتني سعدى عن رفعة مثالاً»، والدكتورة سميرة الزهراني، بعنوان «الأدب الساخر بين النقد والكتابة الإبداعية... محمد الراشدي أنموذجاً». والدكتور سلطان الخرعان، بعنوان «ملخص خطاب السخرية عند غازي القصيبي: رؤية سردية»، والدكتور محمد علي الزهراني، بعنوان «انفتاح الدلالة السيميائية للصورة الساخرة... الرسم الكاريكاتوري المصاحب لكوفيد-19 نموذجاً»، والكاتب نايف كريري، بعنوان «حضور الأدب الساخر في كتابات علي العمير الصحافية»، والدكتور عبد الله إبراهيم الزهراني، بعنوان «توظيف المثل في مقالات مشعل السديري الساخرة»، والكاتب مشعل الحارثي، بعنوان «الوجه الساخر لغازي القصيبي»، والكاتبة أمل المنتشري، بعنوان «موضوعات المقالة الساخرة وتقنياتها عند غازي القصيبي»، والدكتور معجب الزهراني، بعنوان «الجنون حجاباً وخطاباً: قراءة في رواية العصفورية لغازي القصيبي»، والدكتور محمد سالم الغامدي، بعنوان «مستويات الأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظرياتها العربية»، والدكتورة هند المطيري، بعنوان «السخرية في إخوانيات الأدباء والوزراء السعوديين: نماذج مختارة»، والدكتور صالح معيض الغامدي، بعنوان «السخرية وسيلة للنقد الاجتماعي في مقامات محمد علي قرامي»، والدكتور فهد الشريف بعنوان «أحمد العرفج... ساخر زمانه»، والدكتور عبد الله الحيدري، بعنوان «حسين سرحان (1332-1413هـ) ساخراً»، ويقدم الرسام أيمن الغامدي ورقة بعنوان «فن الكاريكاتير»، والدكتور يحيى عبد الهادي العبد اللطيف، بعنوان «مفهوم السخرية وتمثلها في الأجناس الأدبية».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وخصص نادي الباحة الأدبي جلسة شهادات للمبدعين في هذا المجال، وهما الكاتبان محمد الراشدي، وعلي الرباعي، وأعدّ فيلماً مرئياً عن رسوم الكاريكاتير الساخرة.

ولفت إلى تدشين النادي 4 كتب تمت طباعتها بشكل خاص للملتقى، وهي: «معجم الأدباء السعوديين»، للدكتورين عبد الله الحيدري وماهر الرحيلي، وكتاب «سامحونا... مقالات سعد الثوعي الساخرة»، للشاعرة خديجة السيد، وكتاب «السخرية في أدب علي العمير» للدكتور مرعي الوادعي، و«السخرية في روايات غازي القصيبي» للباحثة أسماء محمد صالح.