مزاعم بوجود «مندسين» في اقتحام «خضراء بغداد».. وقتلى رصاص الأمن 4 مدنيين

العبادي: لا يمكن العبث بالمال العام واقتحام مؤسسات الدولة.. والأكراد: لن نعود إلى الفوضى

متظاهرون يقفون فوق مركبات عسكرية وقت اقتحام المنطقة الخضراء في بغداد أمس (رويترز)
متظاهرون يقفون فوق مركبات عسكرية وقت اقتحام المنطقة الخضراء في بغداد أمس (رويترز)
TT

مزاعم بوجود «مندسين» في اقتحام «خضراء بغداد».. وقتلى رصاص الأمن 4 مدنيين

متظاهرون يقفون فوق مركبات عسكرية وقت اقتحام المنطقة الخضراء في بغداد أمس (رويترز)
متظاهرون يقفون فوق مركبات عسكرية وقت اقتحام المنطقة الخضراء في بغداد أمس (رويترز)

شيعت مدينة الصدر شرقي بغداد أمس السبت شخصين من المتظاهرين سقطا خلال أحداث اقتحام المنطقة الخضراء أول من أمس الجمعة، في حين أعلنت السلطات العراقية أمس (السبت) عن إغلاق جسري الجمهورية والسنك على نهر دجلة المؤديين إلى المنطقة
الخضراء، وإنهاء حالة حظر التجوال، وأوضحت مصادر أن القوات الأمنية عززت إجراءاتها حول المنطقة الخضراء والأبنية الحكومية.
وفي الأثناء، سعى التيار الصدري المهندس الأول لتظاهرتي الثلاثين من أبريل (نيسان) الماضي والعشرين من مايو (أيار) الحالي إلى النأي بنفسه عن تبني كل المتظاهرين، بعد حصول عمليات قتل وجرح وطعن بالسكاكين للكثير من منتسبي الأجهزة الأمنية طبقا لما أعلنته السلطات العراقية.
وردد المشيعون هتافات مناهضة للحكومة العراقية، مطالبين باحترام حق الناس بالتظاهر وتلبية مطالب المواطنين بدلا من مواجهتهم بإطلاق النار والغازات المسيلة للدموع.
وقالت مصادر طبية أمس، إن أربعة محتجين على الأقل قتلوا، وأصيب 90 آخرون عندما أخرجت قوات الأمن المتظاهرين من المنطقة شديدة التحصين في بغداد.
واستخدمت قوات الأمن العراقية الرصاص الحي والمطاطي ومدافع المياه والغاز المسيل للدموع لإخراج المحتجين من المنطقة التي تضم المباني الحكومية والبرلمان وسفارات. وتم حصر عدد الضحايا من أربعة مستشفيات نقلوا إليها، ومن مشرحة بغداد المركزية وهم من أصيبوا بالرصاص فقط وليس حالات الاختناق نتيجة للغاز المسيل للدموع، وفقا لـ«رويترز».
وفي وقت متأخر من يوم الجمعة، خرج رئيس الوزراء العراقي في شاشة التلفزيون الرسمي محذرا من «اقتحام مؤسسات الدولة»، وقال: إن ذلك «عبث بالمال العام لا يمكن القبول به، أو التهاون مع مرتكبيه.. القانون لا بد أن يأخذ مجراه على كل متجاوز وكل قطرة دم من مواطن أو جندي يؤدي واجبه عزيزة وغالية علينا». وتابع العبادي بالقول: «إن الخطوات والإنجازات المتحققة في ساحات المواجهة والتقدم المتحقق في المجال الاقتصادي يحظى بتقدير واحترام المواطنين والعالم للعراق والعراقيين الذي يشهد بسير الحكومة بالاتجاه الصحيح وأننا نبذل أقصى جهد لتجاوز التحديات الصعبة والقيام بإصلاحات ومعالجات شاملة يحاول هؤلاء عرقلتها».
من جهته، دافع حاکم الزامي رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي والقيادي البارز في التيار الصدري عن المظاهرات وطبيعتها السلمية، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «المظاهرات سلمية ولم يرفع المتظاهرون سوى العلم العراقي ولكن تمت مواجهتهم بإطلاق نار ورصاص حي وهو ما أدى إلى سقوط ضحايا».
وبين إلزامي أن «هناك كلاما كثيرا عن رمزية المنطقة الخضراء وهو ما جعلها تحاط بكل هذه الترسانة من الأسلحة والمعدات والقوات بالإضافة إلى الكتل الكونكريتية والأسلاك الشائكة وهو ما منحها مكانة زائفة لا تستحقها من وجهة نظر الشعب الغاضب الذي انتظر طويلا كل الممارسات الخاطئة للحكومات العراقية المتعاقبة دون تحقيق أبسط ما يصبو إليه».
وردا على سؤال بشأن ما حصل من اعتداءات من قبل المتظاهرين سواء بحق أجهزة أمنية ودوائر حكومية وغيرها والتي بات يتهم فيها مندسون، قال إلزامي إن «التيار الصدري ليس مسؤولا عن كل المتظاهرين.
السلطات العراقية أكدت حصول عمليات سلب ونهب واعتداءات رافقت مظاهرات الجمعة وهو أمر يحصل للمرة الأولى منذ ما سمي أحداث الفرهود أو الذي دخل بالذاكرة العراقية باسم «الحواسم»، التي كانت رافقت دخول القوات الأميركية العاصمة العراقية بغداد في التاسع من أبريل عام 2003. وسببت وقتها فوضى كبيرة ترتبت عليها عمليات سرقة كبرى كانت الأكبر فيها سرقة المتحف العراقي بالإضافة إلى وزارات ودوائر ومصارف حكومية.
واتهم الزامي من سماهم «المندسين» الذين قال: إنهم كانوا متواجدين بين أعداد كبيرة من المتظاهرين، معلقا بالقول: إن ذلك لا يعفي الحكومة من المساءلة عن قصورها في كل شيء.
وأردف الزامي بالقول: «إن لجنة الأمن والدفاع تعمل على تنفيذ مقترح قديم وهو رفع الحواجز عن المنطقة الخضراء، وإخراج الكثير من دوائرها المهمة إلى خارجها، حيث تتولى كل دائرة توفير الحماية لنفسها وبالتالي نوفر جهدا كبيرا يمكن أن نوجهه لمحاربة الإرهاب الذي يفتك بالجميع».
إلى ذلك، أكد التحالف الكردستاني أنه لم يعد ممكنا له العودة إلى بغداد ثانية في ظل استمرار الفوضى. وقال عضو البرلمان العراقي عن الحزب الديمقراطي الكردستاني عرفات أكرم لـ«الشرق الأوسط» إن «التحالف الكردستاني كان يرغب في العودة إلى بغداد من أجل عقد جلسة شاملة للبرلمان من أجل بحث كل المشاكل العالقة ومحاولة إيجاد حلول لها».
وقال أكرم: فوجئنا بأن المتظاهرين الذين كانوا استهدفوا البرلمان في المظاهرة الماضية (الثلاثين من أبريل الماضي) استهدفوا هذه المرة رئاسة الوزراء، ولا نستبعد أن تستهدف المظاهرة المقبلة رئاسة الجمهورية»، مبينا أن هناك «قوى خفية تعمل على انهيار هذا البلد بكل الطرق والوسائل».
وحمل القيادي الكردي رئيس الوزراء حيدر العبادي «مسؤولية ما حصل من مشاكل وأزمات لأنه فشل في كل الأمور التي كان أوكلت إليه وكان ينبغي له معالجتها فهو فشل في تقديم الخدمات للمواطنين والمتظاهرين، كما فشل في ملف الإصلاحات التي أطلقه، كما أنه لم يتخذ أي قرار بِشأن إحالة أي فاسد إلى القضاء رغم إنه للمرة الأولى في تاريخ العراق يمنح مجلس النواب صلاحياته إلى رئيس الوزراء لكنه لم ينمكن للأسف الشديد من استغلال أي فرصة منحت له».
ودعا القيادي الكردي «التحالف الوطني الشيعي إلى تغيير العبادي على الفور والمجيء برئيس وزراء جديد من خارج حزب الدعوة» مبينا أن «الشيعة قبل غيرهم بدأوا يشعرون أنهم فشلوا في إدارة الحكم في العراق بهذه الطريقة التي يدار بها وإن عليهم مراجعة ذلك بقوة». واستبعد أكرم إمكانية «عودة الكرد إلى بغداد في ظل هذه الفوضى».
وفي سياق متصل، أعلنت خلية الإعلام الحربي في قيادة العمليات المشتركة أن مجاميع مسلحة اعتدت على مصارف وسرقت محال لبيع الذهب في بغداد بسبب تداعيات المظاهرات التي شهدتها بغداد.
وقال بيان للخلية أمس السبت إنه «نتيجة أحداث الشغب التي حصلت من قبل مندسين في المظاهرات حصلت بعض التداعيات السيئة وأهمها قيام مجموعة مسلحة بإطلاق النار على الجندي محمد علي حسين مرهون، وتم نقله إلى المستشفى وهو في حالة خطرة، وقيام مجموعة مسلحة في منطقة العلاوي باغتيال الشرطي حيدر محمد حسن، المنسوب إلى قاطع النجدة».
وتابع البيان أن «مجموعة مسلحة قامت بزرع عبوة ناسفة أمام دار أحد منتسبي وزارة الدفاع حسين علي عداي في منطقة الوشاش سببت تدمير جزء من الدار، بالإضافة إلى تعرض إحدى السيطرات في مدينة الصدر إلى رشقات بالرصاص»، وأشار إلى «قيام مجموعة مسلحة باقتحام بعض منازل المواطنين في الزعفرانية وسرقة أموالهم».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.