معارك بلدية محتدمة بين عون وبري في الجنوب.. والتفاهم المسيحي مع «حزب الله» يهتز في كفرحونة

دائرة قضاء جزين تشهد انتخابات نيابية اليوم.. و«عوني» سابق في المواجهة

معارك بلدية محتدمة بين عون وبري في الجنوب.. والتفاهم المسيحي مع «حزب الله» يهتز في كفرحونة
TT

معارك بلدية محتدمة بين عون وبري في الجنوب.. والتفاهم المسيحي مع «حزب الله» يهتز في كفرحونة

معارك بلدية محتدمة بين عون وبري في الجنوب.. والتفاهم المسيحي مع «حزب الله» يهتز في كفرحونة

تنسحب التناقضات الكبرى التي شهدتها الجولتان السابقتان من الانتخابات البلدية اللبنانية في محافظات البقاع وبيروت وجبل لبنان اليوم، على محافظة لبنان الجنوبي، حيث يخوض الحلفاء في «قوى 8 آذار» مواجهات تتخذ في بعض المناطق طابعا حادا، لتبقى الأنظار منصبة بشكل خاص على بلدة جزين التي تشهد انتخابات بلدية واختيارية بجانب الانتخابات البرلمانية الفرعية لدائرة قضاء جزين في وقت واحد، وذلك في أعقاب نتيجة شغور أحد المقاعد النيابية للدائرة التي تضم مقعدين للمسيحيين الموارنة، ومقعدًا للروم الكاثوليك، بعد وفاة النائب السابق ميشال الحلو المحسوب على «التيار الوطني الحر»، الذي يتزعمه النائب ميشال عون.
وكما في العام 2009. يتواجه تيار عون مع رئيس المجلس النيابي نبيه برّي في جزين كما في بلدة مغدوشة ومناطق أخرى، لتتثبت مقولة إن العلاقة التي تجمع الزعيمين هي علاقة «حليف الحليف» بإشارة إلى الحلف الذي يجمع الطرفين - على تباعدهما المزمن - بما يسمى «حزب الله».
ويخوض الانتخابات النيابية الفرعية في جزين كل من أمل أبو زيد مرشح التيار العوني المدعوم من حزبي «القوات اللبنانية» و«الكتائب»، وإبراهيم عازار المدعوم من بعض العائلات ورئيس المجلس النيابي، إضافة إلى العميد المتقاعد صلاح جبران المدعوم من بعض العائلات أيضًا، والناشط العوني السابق المفصول من التيار باتريك رزق الله الذي تدعمه المعارضة العونية بشكل غير معلن.
وترجح مصادر مطلعة أن تكون النتائج محسومة لصالح أبو زيد «خاصة إذا ما التزم (حزب الله) التصويت له ولم يدعم مرشح برّي»، لافتة لـ«الشرق الأوسط» إلى أن جبران ورزق الله «لا يشكلان أي خطر يُذكر على أبو زيد، إلا أن ترشيح رزق الله سيُشكل إحراجا للنائب عون»، خصوصا أن الناشط السابق يؤكد أنّه قد جرى فصله من التيار في 28 أغسطس (آب) الماضي من دون تبليغ ولا محاكمة داخليّة. ويخوض الشاب الجنوبي معركته تحت شعار أنّه «ممنوع بعد اليوم أن يُستثنى المناضلون لاستبدالهم برجال المال وأزلام الاحتلال»، على حد تعبيره.
من ناحية أخرى، تنفي مصادر في «المعارضة العونية» لـ«الشرق الأوسط» أن يكونوا يدعمون ترشيح رزق الله رسميا، لافتة إلى أن «يتم بذل جهود لرفع عدد الأصوات التي قد ينالها قدر المستطاع تحضيرًا للانتخابات النيابية المرتقبة في العام 2017 التي قد نخوضها في إطار لوائح مستقلة في مختلف الأقضية». هذا، وينتخب في جزين وقضائها نحو 58 ألف ناخب، موزعون كالتالي: 35 ألف ماروني، و12 ألف شيعي، و10 آلاف كاثوليكي، و1000 من الأقليّات، بينهم أكثر من 600 من السنة، و250 من الدروز، والباقون من الأرثوذكس والسريان والإنجيليين. وتنسحب الاصطفافات في الاستحقاق النيابي الفرعي في جزين على الاستحقاق البلدي، حيث يتواجه تيار عون مع لائحة يدعمها عازار المدعوم بدوره من برّي.
ولا تقتصر مواجهة عون - برّي على جزين، بل تتخذ طابعا حادا في بلدة مغدوشة، حيث فشلت كل مساعي تحقيق التوافق بين الطرفين، ما أدّى إلى الإعلان عن لائحتين، الأولى مدعومة من النائب في كتلة برّي ميشال موسى، تحمل اسم «لائحة القدرة والفعل معًا» برئاسة نجل رئيس البلدية الحالي رئيف يونان، والثانية مدعومة من تحالف «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» باسم «لائحة مغدوشة بتجمعنا» برئاسة غازي أيوب، الذي سبق أن تولى رئاسة البلدية ثلاث سنوات بين عامي 2004 و2010.
مصادر تيار عون تقول إن ما أفشل التوافق إصرار النائب موسى على فرض اسم أحدهم لنيابة الرئيس، بعدما تم التفاهم على معظم أسماء المرشحين، وأضافت: «هذا ما دفعنا نحن والقوات لتشكيل لائحة جديدة لنقف من خلالها إلى جانب أهالي مغدوشة». أما مصادر «حركة أمل» فتشدد على الطابع «الإنمائي» للمعركة البلدية في كل البلدات الجنوبية، جازمة بأن تشكيل اللوائح «لم يحصل أبدا من منطلق تصفية حسابات سياسية أو غيره، بل اعتمادا على مساع بذلناها للوقوف عند رأي العائلات ولتأمين مصلحة أهالي بلدات الجنوب».
أما المفارقة ففي خوض «التيار الوطني الحر» و«حركة أمل» جنبا إلى جنب المعركة البلدية في بلدة كفر حونة، بمواجهة ما يسمى «حزب الله» «الذي قرّر دعم لائحة يدعمها المقاتل في القوات اللبنانية السابق، عصام حدّاد» على حد تعبير مصادر عونية. أما في بلدتي جرجوع والكفور - المختلطتين شيعيًا ومسيحيًا أيضًا - فيخوض «التيار العوني» والحزب المعركة جنبًا إلى جنب في وجه «حركة أمل».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.