أطراف يمنية تنتقد الضغوط الغربية على وفد الشرعية

تحذر من تقديم تنازلات للانقلابيين فيما يتعلق بـ«الثوابت»

أطراف يمنية تنتقد الضغوط الغربية على وفد الشرعية
TT

أطراف يمنية تنتقد الضغوط الغربية على وفد الشرعية

أطراف يمنية تنتقد الضغوط الغربية على وفد الشرعية

بعد مرور شهر على بدء مشاورات السلام اليمنية – اليمنية في دولة الكويت برعاية الأمم المتحدة، ومع فشل المشاورات، حتى اللحظة، في تجاوز الأسس الرئيسية للتفاوض والمتعلقة بجدول الأعمال والإطار العام، وعدم تثبيت أي من التفاهمات التي تم التوصل إليها، تزايدت الأصوات اليمنية المنادية لوفد الحكومة اليمنية الشرعية بالانسحاب ومغادرة الكويت، وبخاصة بعد أن بدأت تتكشف بعض المعلومات بخصوص وجود ضغوط تمارسها بعض الأطراف الدولية على وفد الحكومية، حيث تعبر الأوساط اليمنية المؤيدة للشرعية من أن تؤدي هذه الضغوط إلى تقديم «تنازلات» فيما يتعلق بـ«الثوابت».
وقال محمد مقبل الحميري، عضو مجلس النواب اليمني (البرلمان)، والمتحدث باسم المقاومة الشعبية في محافظة تعز: «إن أي حوار مع هؤلاء الانقلابيين السلاليين (الحوثيين)، رغم أنه مضيعة للوقت، فإنه يعطيهم متسعا من الوقت، وهم أناس لا شرعية لهم»، وأن مشاورات الكويت أتاحت الفرصة لهم في أن «يلتقوا بالسفراء ومسؤولين كبار، بعد أن كانوا معزولين، وبالتالي أتيحت لهم الفرصة لأن يشعروا بقيمتهم وهم لا قيمة لهم دستورية أو قانونية، وليست لهم شرعية، بدلا أن يأتوا صاغرين، جاءوا متغطرسين لأنهم شعروا بأنهم مدللون، وبخاصة من بعض الدول الراعية، التي تدعي أنها تحترم السيادات، لكنها باتت تدللهم وتمارس الضغط على الوفد الحكومي، وعلى دول الإقليم».
وأكد الحميري، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، ضرورة أن «يوضع حد لهذه المهزلة (المشاورات)؛ لأنه مصير شعب، ولو تنازل وفد الشرعية قيد أنملة، سوف تكون هناك مترتبات خطيرة، رغم أنهم تنازلوا كثيرا في الأمور المسموح بها، لكن لا يمكن التنازل عن الثوابت والقرار (2216)»، مشددا على ضرورة «تطبيقه تطبيقا لا يحتمل اللبس أو (اللف أو الدوران)، من خلال تسليم الميليشيات للأسلحة الثقيلة والمتوسطة، والانسحاب من مؤسسات الدولة وتطبيق مخرجات الحوار الوطني الشامل».
وأشار الحميري إلى أن «الانقلابيين يحاولون حشر أنوفهم في الشرعية ليكسبوا واحدا في المائة منها، وفيما هم يبسطون أيديهم على بعض الأرض، سيتمكنون من سحب بقية الـ99 في المائة»، وأضاف: «لذلك نحذر وفد الحكومة ونقول لهم إن عليهم التنبه للمرونة التي تبدونها رضوخا لضغط العالم، فإن تمكنوا منكم فسوف تخسرون كل شيء، فلا مرونة على حساب وطن ومستقبل، وأي تنازل في هذه المشاورات سوف يكون خيانة للوطن والدماء وللشرعية وللمواطنة المتساوية وسوف يكون انتصارا للسلالية والظلم وللمشروع الفارسي على المشروع العربي».
وردا على سؤال حول الدور الذي تلعبه بعض اللوبيات في الغرب لدعم المتمردين الانقلابيين، قال النائب الحميري لـ«الشرق الأوسط»: إن «اللوبي الإيراني في بعض الدول الغربية يقوم بذلك بشكل كبير»، إضافة إلى أن بعض الأطراف لم تجد أرخص من هذه الفئات (الانقلابيين)، عمالة وانبطاحا، ورغم أن شعارها (الموت لإسرائيل.. الموت لأميركا)، فلم يسمع أحد باسم جماعة شيعية واحدة صنفت إرهابية، رغم الحروب التي يخوضونها ويقتلون عشرات الآلاف من البشر». وشدد الحميري على أن وفد الشرعية يتعرض لضغوط غربية، وأضاف مخاطبا هذه الدول التي لم يسمها: «أنتم ترفعون شعار الديمقراطية، فكونوا بقدر هذا الشعار وانظروا إلى الانقلابيين كيف يفعلون في اليمن، قتلوا عشرات الآلاف، وشردوا مئات الآلاف من اليمنيين وأحرقوا مدنا، فلا يليق بتاريخكم وبحضارتكم التي قامت على العدل والمساواة واحترام الإنسان، أن يفقد من خلال ممارسة بعض السياسيين الغربيين تجاه اليمن؛ فهو لا يتناسب مع شعاراتهم». وخلال الأيام القليلة الماضية، وبعد أن تكشفت مراوغات وفد الانقلابيين في المشاورات، دعت مقاومتا صنعاء وتعز وفد الحكومة اليمنية إلى الانسحاب ومغادرة الكويت، وبخاصة في ظل عدم وجود أي تقدم يذكر على صعيد القضايا التي يفترض أن تتم مناقشتها طوال شهر كامل، وفي ظل استمرار خروقات الميليشيات الحوثية في مختلف جبهات القتال لهدنة وقف إطلاق النار.
وبحسب مصادر محلية يمنية لـ«الشرق الأوسط»، فإن ميليشيات الانقلابيين توسعت على الأرض في كثير من المناطق، بعد زحفها، خلال الهدنة التي بدأ سريانها في الـ10 من أبريل (نيسان) الماضي. وأكدت تلك المصادر أن التوسع لم يكن كبيرا، وأن أبرز ما قام به الانقلابيون، خلال فترة الشهر، هو نقل تعزيزات عسكرية كبيرة للغاية إلى تعز وأجزاء من محافظة شبوة، إلى جانب تعزيزات في المناطق التي تقع تحت سيطرة الانقلابيين في مديرية نهم بمحافظة صنعاء؛ وذلك استغلالا لهدنة وقف إطلاق النار وتوقف طيران التحالف. إذ عمد الانقلابيون، أكثر من مرة، إلى عرقلة المشاورات بحجة استمرار تحليق طيران التحالف، وبعد توقف الطيران بشكل كامل، تزايدت عمليات نقل الأسلحة والتعزيزات العسكرية بين المحافظات بشكل ملف، كما تقول تلك المصادر.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.