أسباب منع القات في عدن.. أمنية أم اجتماعية؟

القرار أثار حوارًا حول تأثيراته السلبية على الاقتصاد

إحدى أسواق عدن لبيع القات وبدت خالية من هذه النبتة بعد مداهمتها من قبل السلطات الأمنية (أ.ف.ب)
إحدى أسواق عدن لبيع القات وبدت خالية من هذه النبتة بعد مداهمتها من قبل السلطات الأمنية (أ.ف.ب)
TT

أسباب منع القات في عدن.. أمنية أم اجتماعية؟

إحدى أسواق عدن لبيع القات وبدت خالية من هذه النبتة بعد مداهمتها من قبل السلطات الأمنية (أ.ف.ب)
إحدى أسواق عدن لبيع القات وبدت خالية من هذه النبتة بعد مداهمتها من قبل السلطات الأمنية (أ.ف.ب)

أكد قائد لواء الحزام الأمني بعدن نبيل المشوشي أن قرار منع توريد القات إلى مدينة عدن خلال أيام الأسبوع اتخذ بالتوافق مع كل القيادات الأمنية، وفي مقدمتها قيادة السلطة المحلية والحكومة الشرعية، مشيرًا إلى أن الخطوة تأتي ضمن خطة لإعادة تأهيل المجتمع.
وأوضح المشوشي أن الإدارة الأمنية بعدن ستواصل تطبيق القرار خلال الأشهر المقبلة، مضيفًا أن الهدف الأكبر «لدينا هو اقتلاع القات من مدن الجنوب كافة»، لكنه لم يتطرق إلى انعكاسات ذلك على التجار والأسر التي تعيش من وراء زراعة وبيع القات في بعض المحافظات الجنوبية كالضالع.
الشاب العشريني علي عسكر مطهر قال: «أنا مع القرار إذا كانت عدن تنعم بالكهرباء وتتوفر لها كل الخدمات اليومية»، متسائلاً: «أين سيكون مصير الآلاف من الأسر في عدن التي يعتبر بيع القات مصدر دخلها اليومي؟ هل أوجدت الجهات التي أصدرت القرار بدائل للمتضررين من منع دخول القات إلى المدينة»؟
علي عسكر مطهر أوضح في حديث له مع «الشرق الأوسط» أن قرار منع دخول القات إلى عدن عدا يومي الخميس والجمعة من كل أسبوع، هو قرار ارتجالي وغير مدروس.
القيادي الأمني نبيل المشوشي أبان في ندوة نقاشية أقامها مركز عدن للبحوث والدراسات الاستراتيجية أول من أمس الخميس بمدينة عدن حول الموضوع أن القرار جاء بعد حالة التدهور التي تسبب بها القات للمجتمع، لكونه «بات عامل تدمير كبيرًا لقطاعات اجتماعية عدة». واستطرد مدافعًا بالقول: «وفي حال أن أضرار بيع القات طالت عشرات الأسر من الناحية الاجتماعية، فإن أضراره طالت عشرات الآلاف من الأسر من نواحٍ مادية وإنسانية ونفسية وصحية». وأضاف أن العالم أجمع يؤيد مكافحة القات باعتباره مادة مخدرة، معللاً بأن مئات الجرائم التي تم ضبطها أخيرًا أثبتت أن القات كان الدافع الأكبر لارتكابها. «نحن بحاجة إلى جيل وطني متسلح بالعلم والأخلاق والثقافة لا إلى شباب يقضي جل وقته في تعاطي القات، وحينما لا يجد المال الخاص للقات يلجأ إلى الجماعات المسلحة ويعتدي على بنات الناس والأسر بداعي الفضيلة، في حين أنه من أكبر المنحرفين».
ودعا القائد المشوشي المجتمع بقطاعاته كافة إلى دعم عملية محاربة القات، واصفًا المعركة بمعركة الجميع، ويجب أن ينتصر لها المجتمع كله، مستدركًا بالقول: «القات ومحاربته مسؤولية الجميع، وعلينا ونحن نحاربه أن نسعى لتأهيل المجتمع وإرشاده ودعم المزارعين ومساعدتهم في زراعة محاصيل أخرى».
أما وزير الدولة اليمني هاني بن بريك فعقب على الموضوع قائلاً إن الإجراء الذي اتخذته القوات الأمنية في عدن بخصوص منع إدخال القات إلى المدينة هو عبارة عن نقل أسواق القات من داخل مدينة عدن إلى خارجها على أعتاب المداخل الرئيسية للمحافظة. ولفت في منشور له على صفحته في «فيسبوك» نشر أمس الجمعة إلى أنه سيتم السماح فقط بدخول الاستخدام الشخصي من القات، وذلك من يوم السبت حتى الأربعاء لدواعٍ أمنية محضة لا علاقة لها بالجانب الصحي ولا الاقتصادي ولا الفتوى الشرعية، على حد قوله.
الوزير هاني بن بريك قال إن أكثر من 95 في المائة من واردات القات إلى عدن تأتي بسيارات مقبلة من مناطق تقع تحت سيطرة الانقلابيين الذين تم ضبطهم بكل أنواع ومواد التفخيخ والتفجير التي تحاول الميليشيات إدخالها إلى عدن لزعزعة الأمن والاستقرار.
وأوضح بن بريك أن قوات حفظ أمن عدن لجأت لهذا الإجراء لتأمين المحافظة من كل الخروقات الأمنية وقطع مسبباتها، وليس لقوات التحالف في عدن، على حد قوله، أي علاقة باتخاذ تلك الإجراءات مطلقًا.
وقال الوزير بن بريك: «هذا الإجراء لقي قبولاً جماهيريًا واسعًا، بل مطالبة بتنفيذ عقوبات على المتجاوزين، ووصلت المطالبة بشمول كل أيام الأسبوع»، مضيفًا: «من أراد القات له شخصيًا فما عليه إلا أن يخرج لبوابات عدن ويدخل باستخدامه الخاص».
ولفت وزير الدولة إلى أنه تم التواصل مع رئاسة الجمهورية التي أبدت تأييدها للخطوة التي أسهمت في تأمين عدن، كما حظيت بترحيب واسع في دول مجلس التعاون، على حد تعبيره.
وأشار علي عسكر مطهر إلى أن مدينة عدن تواجه كثيرًا من المشكلات والملفات العالقة، أبرزها ملفات الكهرباء والمياه والجرحى وأسر الشهداء ودمج المقاومة بالجيش والأمن ومرتبات الموظفين والأمن والفساد وغياب الخدمات. وأردف: «كان يجب على متخذي قرار منع دخول القات إلى المدينة قبل ذلك توفير الكهرباء لسكان المدينة الساحلية التي تعيش درجة حرارة تصل إلى 40 درجة مئوية ورطوبة عالية».
وأكد مطهر أن مطلب المواطنين في عدن هو الكهرباء قبل أي شيء آخر ولو حتى على حساب الأمن، لافتًا إلى أن القرار لم يكن مدروسًا وتم إصداره من دون التشاور مع قيادة العاصمة عدن ممثلة بالمحافظ ومدير الأمن.
وذهب في معرض حديثه مع «الشرق الأوسط» إلى القول: «الحقيقة أن منع دخول القات إلى عدن كان قرارًا ارتجاليًا ولم توجد آلية مزمنة لتنفيذه ولا حتى بدائل مقنعة للمتضررين منه رغم التجاوب الشعبي غير المسبوق الذي حظي به قرار المنع ذلك».
وحظي القرار الذي يجري سريانه للأسبوع الثاني على التوالي بتجاوب شعبي كبير في عدن، والقرار نفسه كان يطبق على المدينة إبان حكم الجنوب سابقًا قبل الوحدة.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.