استياء ألماني من اتفاقية طيران مع واجهة العمليات السرية الإيرانية في سوريا وأوروبا

مطالبة بحظر شركة «ماهان» في ألمانيا بعد اتهامها برحلات جوية لصالح الأسد

استياء ألماني من اتفاقية طيران مع واجهة العمليات السرية الإيرانية في سوريا وأوروبا
TT

استياء ألماني من اتفاقية طيران مع واجهة العمليات السرية الإيرانية في سوريا وأوروبا

استياء ألماني من اتفاقية طيران مع واجهة العمليات السرية الإيرانية في سوريا وأوروبا

في اليوم الذي افتتح فيه السفير الإيراني علي مجيدي رسميًا اتفاق الرحلات الجوية بين طيران «ماهان» الإيرانية ومطار ميونيخ، اتهمت صحيفة «بيلد» الواسعة الانتشار الخطوط الإيرانية بنقل إرهابيين وجنود إيرانيين ومؤن وذخائر لصالح نظام الأسد في سوريا.
وكان السفير الإيراني مجيدي، يرافقه ميشائيل كيركاوه، من مطار ميونيخ، والقنصل الإيراني في ميونيخ خليل خليلي، ونائب رئيس شركة ماهان إبراهيمي حسيني، وقعوا أمس الخميس اتفاقية ربط مطار ميونيخ بمطار طهران الدولي بثلاث رحلات يومية. ويفترض أن تكون «طيران ماهان» أكبر شركة طيران خاصة في إيران، غير أن شكوكا كثيرة تدور منذ سنوات حول كونها واجهة للحكومة الإيرانية وعملياتها السرية.
وتحدث صحيفة «بيلد» عن حالة استياء في الأوساط السياسية في ألمانيا بسبب السماح لطيران ماهان باستخدام المطارات الألمانية الكبيرة مثل مطاري دسلدورف وميونيخ. ويعود الاستياء السياسي من هذه الشركة، وفق تقديرات «بيلد»، إلى دورها في تعويض نظام الأسد عن الحظر المفروض على طيرانه إلى الولايات المتحدة وأوروبا، وإلى الشائعات حول رحلات سرية تنفذها طائرات ماهان إلى العاصمة السورية دمشق.
وانتقد شتيفان ماير، خبير الشؤون الداخلية في الاتحاد الاجتماعي المسيحي الحاكم في ولاية بافاريا، سياسة ولايته تجاه شركة الطيران الإيرانية المشبوهة، بالقول إن استمرار منح «ماهان» تصريح الطيران بين إيران والاتحاد الأوروبي لم يعد مقبولاً. وطالب ماير المفوضية الأوروبية بإلغاء التصريح الممنوح للشركة الإيرانية في ضوء الشكوك الدائرة حول نشاطها.
وذكرت الصحيفة الألمانية أن تتبع رحلات ماهان، عبر أفلام فيديو التقطها نشطاء سوريون معارضون، يكشف قيام الشركة برحلات سرية بين إيران ولبنان وسوريا لنقل جنود لدعم نظام دمشق. وأضافت أن «ماهان» تموه رحلات بعض طائراتها إلى بغداد، ودون أرقام رحلات، لكن هذه الطائرات تحط بما تنقله في دمشق.
ومعروف أن السلطات الأميركية حظرت طيران ماهان إلى أراضيها وخلال أجوائها - إلا أن الاتحاد الأوروبي لم يحذ حذوها، وما زالت الخطوط الجوية الإيرانية، بأسطول يرتفع إلى 65 طائرة «باص فضائي»، تسير رحلاتها إلى 8 مدن أوروبية بينها أكثر من مدينة ألمانية. ووفق معلومات الصحيفة نفسها، تستخدم واجهة الحكومة الإيراني للطيران في رحلاتها لألمانيا طائرة سابقة للمستشارة أنجيلا ميركل من طراز «إيرباص أي - 310».
وكان إيمانويل أوتولينغي، من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية، ذكر لمجلة «بزنيس إنسايدر» منتصف أكتوبر (تشرين الأول) 2014. أن طائرات ماهان تخرج عن الخطوط المرسومة لها وتنفذ مهمات استخبارية وسرية لصالح الحكومة الإيرانية. وقال أوتولينغي إن «ماهان» تسير رحلات لصالح الأسد تعويضًا له عن حظر الطيران المفروض على من قبل الولايات المتحدة وأوروبا. وأشار أوتولينغي إلى مطاري ميونيخ ودسلدورف الألمانيين، ومطار ميلانو الإيطالي، كأمثلة على العمليات السرية التي تمارسها شركة طيران ماهان.
وهي رحلات طيران لا أرقام لها ولا أهداف محددة لها، وتطير بعض الأحيان من طهران في الطريق إلى بغداد لكنها تنحرف فجأة عن مسارها وتحط في دمشق. وهناك رحلات، وفق أوتولينغي، بالغة السرية أيضًا إلى المدن التي يسيطر الأسد عليها، ومنها اللاذقية. وتحدث عن طائرة من هذا النوع، تابعها بنفسه، اختفت عن الرادارات، وقطعت اتصالاتها لفترة، لتظهر من جديد على الرادار فوق اللاذقية.
في الفترة الأخيرة، وفيما تدك طائرات الأسد المدن السورية، عززت شركة «ماهان» أسطولها بسبع طائرات من طراز «ايرباص 34 - 60» اشترتها من ألمانيا. ونقلت مجلة «فلوغ ريفيو»، التي نشرت الخبر، أن «ماهان» رفعت عدد أسطول طائراتها إلى 65 طائرة.
وهذه ليست المرة الأولى التي تبدي الولايات المتحدة انزعاجها من عدم استجابة أوروبا لقراراتها الخاصة بمقاطعة إيران. إذ كشفت مجلة «دير شبيغل» الألمانية في أبريل (نيسان) 2011 عن «إحباط» في الولايات المتحدة بسبب موافقة الحكومة الألمانية على قيام البنك الاتحادي الألماني بالتوسط في صفقة نفطية إيرانية - هندية، مع البنك الأوروبي - الإيراني التجاري، نظير إطلاق سراح صحافيين ألمانيين كانا معتقلين في إيران بتهمة التجسس. وتصنف الولايات المتحدة هذا البنك الإيراني كواجهة حكومية إيرانية لتبييض العملة وإدارة العمليات السرية.
ومعروف أن البنك الأوروبي - الإيراني التجاري يتخذ من هامبورغ مقرًا له، وسبق أن دارت الشبهات حول الصفقات اللاشرعية وعمليات غسل الأموال التي يؤديها للحكومة الإيرانية. إلا أن ألمانيا رفضت حظر أعمال البنك المفروض وأبقته، رغم الامتعاض الأميركي، تحت الرقابة الدائمة فقط.
وحسب معطيات «دير شبيغل» فإن مبلغ الصفقة النفطية غير معروف، لكن إيران طرحت عدة بدائل أمام الحكومة الألمانية مقابل إطلاق سراح الصحافيين المعتقلين. ووافقت حكومة المستشارة أنجيلا ميركل على المقترح الخاص بتسهيل نقل أموال الصفقة النفطية بواسطة البنك الاتحادي بعد أن وجدته أفضل الخيارات.
جدير بالذكر أن المملكة العربية السعودية حظرت طيران ماهان من أجوائها قبل فترة بسبب خرق طائرات الشركة الإيرانية للتعليمات الأمنية المعمول بها في البلد. وشمل الحظر 150 رحلة جوية يفترض أنها كانت تحمل الحجيج إلى مكة المكرمة.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.