طائرات مصرية وفرنسية ويونانية وأميركية تشارك في العمليات.. وبريطانيا ترسل سفنًا

الناتو يعرض المساعدة > عراقيان بين الركاب وتشادي يدرس في الكلية العسكرية الفرنسية

وزير الطيران المصري شريف فتحي في مؤتمر صحافي أمس في القاهرة (أ.ف.ب)
وزير الطيران المصري شريف فتحي في مؤتمر صحافي أمس في القاهرة (أ.ف.ب)
TT

طائرات مصرية وفرنسية ويونانية وأميركية تشارك في العمليات.. وبريطانيا ترسل سفنًا

وزير الطيران المصري شريف فتحي في مؤتمر صحافي أمس في القاهرة (أ.ف.ب)
وزير الطيران المصري شريف فتحي في مؤتمر صحافي أمس في القاهرة (أ.ف.ب)

فيما رجحت ردود الفعل الدولية إزاء حادث الطائرة المصرية المنكوبة فوق مياه البحر المتوسط أمس، تعرضها لعمل إرهابي، بدأت جهود دولية مكثفة للبحث عن حطام الطائرة التي سقطت قبالة سواحل اليونان، وذلك بمشاركة طائرات مصرية وفرنسية ويونانية وأميركية.
وقال المتحدث باسم البحرية الفرنسية: «إن طائرات مصرية وفرنسية ويونانية.. وأخرى وكذلك فرقاطة يونانية تشارك في عمليات البحث، كما سيتم توفير إمكانيات أخرى وفقا للاحتياجات التي ستعبر عنها السلطات المصرية التي تنسق عمليات البحث».
وأوضح أنه في هذا النوع من العمليات تكون هناك مرحلة بحث أولى عن ركاب على سطح الطائرة يليها مرحلة لاحقة للبحث عن حطام تحت الماء والصناديق السوداء، التي ربما ستحتاج إلى استقدام معدات متخصصة، مثل الغواصات، مشددا على ضرورة تدبير المعدات اللازمة سريعا؛ حتى يتم تحديد منطقة البحث بقدر الإمكان.
وكان على متن الطائرة 30 مصريا و15 فرنسيا وعراقيان وبريطاني وبلجيكي وبرتغالي وجزائري وتشادي وسعودي وكويتي وسوداني وكندي.
وبينما أعلن التلفزيون اليوناني العام أنه «عثر على حطام على بعد 230 ميلا بحريا من جزيرة كريت»، نفى وزير الطيران المصري شريف فتحي ذلك الأمر، مؤكدا أن جهود البحث لا تزال متواصلة.
ومن جهته، لم يستبعد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند كذلك فرضية العمل الإرهابي، وقال في كلمة متلفزة: «المعلومات التي جمعناها تؤكد لنا أن هذه الطائرة تحطمت وفقدت»، مضيفا: «علينا التأكد من معرفة كل ملابسات ما حصل.. لا يمكن استبعاد أو ترجيح أي فرضية». وتابع: «حين نعرف الحقيقة، علينا استخلاص كل العبر سواء أكان الأمر حادثا أو فرضية أخرى تخطر على بال كل شخص، وهي فرضية عمل إرهابي».
وذكر قصر الإليزيه في بيان صحافي أن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي تعهدا بالعمل بشكل وثيق من أجل معرفة ظروف اختفاء الطائرة.
وتحدث رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس للإذاعة المحلية قائلا: «إن الحكومة الفرنسية تتواصل بشكل وثيق مع الجيش المصري والسلطات المدنية»، وقال رئيس الوزراء الفرنسي: «إن فرنسا مستعدة للمشاركة في عمليات البحث»، مضيفا أنه «لا يمكن استبعاد أي احتمالات حول سبب الاختفاء».
وصرح وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت بأن وزارته والسفارة الفرنسية في القاهرة حشدت جهودهما لجمع جميع المعلومات المتعلقة بالطائرة المفقودة إيرباص 320.
وأعلن المدعي العام للجمهورية الفرنسية فرنسوا مولانس أن القضاء الفرنسي فتح تحقيقا حول حادث تحطم الطائرة المصرية فوق البحر المتوسط أثناء رحلتها من باريس إلى القاهرة. وقال مولانس، في البيان الذي صدر أمس، إنه لا يمكن استبعاد أو ترجيح أي فرضية في هذه المرحلة. وأكد مولانس أن نيابة باريس فتحت تحقيقا، وأوكلته للدرك الوطني.
وفي واشنطن، قالت البحرية الأميركية، أمس: «إن طائرة أميركية من طراز أوريون بي - 3 طويلة المدى تساعد في أعمال البحث عن طائرة مصر للطيران التي فقدت أثناء رحلة من باريس إلى القاهرة فوق البحر المتوسط».
وقال متحدث باسم المجلس الوطني الأميركي لسلامة النقل: «إن المجلس سيساعد مصر إذا لزم الأمر في تحقيقاتها في اختفاء الطائرة».
وبموجب قواعد الأمم المتحدة يسمح لبلد ما بالمساعدة في تحقيق في حادث طائرة إذا كانت محركاتها مصنوعة في ذلك البلد. والطائرة التابعة لـ«مصر للطيران» هي من الطراز إيرباص إيه - 320 مزودة بمحركات من «إنترناشونال أيرو إنجينز»، وهي «كونسورتيوم» تقوده «برات أند ويتني» الأميركية التابعة لـ«يونايتد تكنولوجيز».
وقال المتحدث باسم مجلس سلامة النقل لـ«رويترز»: «إن المجلس على اتصال مع (برات أند ويتني) بشأن الأمر»، مضيفا: «نحن على استعداد لتقديم المساعدة».
من جانبه، قال وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون: «إن الحكومة قررت إرسال سفينة الإسناد (لايم باي) وطائرة من طراز هركوليز من قاعدة أكروتيري في قبرص إلى منطقة البحث في البحر المتوسط»، وكان بين ركاب الطائرة بريطاني واحد.
وأعرب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبيرغ عن جاهزية الناتو لمساعدة السلطات المصرية في بحثها عن الطائرة المصرية التي فقدت فوق البحر المتوسط.
وقال ستولتنبيرغ قبل افتتاح أعمال اجتماع وزراء خارجية الحلف في بروكسل إنه على علم بوجد جهود بحث وإنقاذ مصرية جارية، وأن فرنسا ومصر اتفقتا على التعاون والعمل معا للتحقيق فيما حدث، مضيفا: «إذا طلب من (الناتو) المساعدة فبالطبع نحن على استعداد للمساعدة».
ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن رئيس جهاز الأمن الاتحادي الروسي ألكسندر بورتنيكوف قوله أمس: «إن تحطم طائرة مصر للطيران في طريقها من باريس إلى القاهرة سببه عمل إرهابي على الأرجح».
وكان بورتنيكوف يتحدث في مينسك في روسيا البيضاء ودعا الشركاء الأوروبيين للعمل معا لتحديد المسؤولين عن إسقاط الطائرة. ولم يذكر الأدلة المتوفرة لديه التي تفيد باحتمال وجود عمل إرهابي. ودعا مدير جهاز الأمن الروسي جميع الجهات المختصة إلى اتخاذ الإجراءات الكفيلة بكشف المتورطين في «هذا العمل البشع».
في السياق ذاته، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية أحمد جمال: «إن عراقيين اثنين كانا على متن الطائرة المصرية المفقودة، وأن الجانب العراقي يتابع مصيرهما مع وزارة الطيران المدني المصرية».
وقال المتحدث: «إن الخارجية العراقية تتابع، من خلال سفارتها بالقاهرة، مصير العراقيين الاثنين الذين كانا ضمن ركاب الطائرة المصرية المتجهة من باريس إلى القاهرة»، موضحا أن العراقيين هما «نجلاء الصالحي» و«حسين خالد محمود».
وأضاف المتحدث أن الاتصالات لا تزال مستمرة مع وزارة الطيران المدني المصرية، وأن ممثلا عن السفارة العراقية يحضر في غرفة العمليات الخاصة بالحادثة لمعرفة مصيرهما.
ومن جهته، قال محمد الأمين، الناطق باسم السفارة التشادية في باريس، إن المواطن التشادي الذي كان على متن الطائرة المصرية كان في طريق عودته إلى تشاد لحضور مأتم والدته. وأضاف الناطق أن المسافر التشادي كان طالبا في الكلية العسكرية الفرنسية في سان سير.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.