كارين وولكر تهجر عروض الأزياء لتركز على الإكسسوارات

في مجموعتها الأخيرة من النظارات الشمسية تعترف بأن الصورة فرضت نفسها على أشكالها الدرامية

أشكالها المسطحة تشير إلى اسم مصممتها من بعيد ومن حملتها الترويجية الأخيرة
أشكالها المسطحة تشير إلى اسم مصممتها من بعيد ومن حملتها الترويجية الأخيرة
TT

كارين وولكر تهجر عروض الأزياء لتركز على الإكسسوارات

أشكالها المسطحة تشير إلى اسم مصممتها من بعيد ومن حملتها الترويجية الأخيرة
أشكالها المسطحة تشير إلى اسم مصممتها من بعيد ومن حملتها الترويجية الأخيرة

في الوقت الذي خذلت فيه برامج الموضة المكثفة كثيرًا من المصممين، إما بوضعهم في مأزق ناتج عن تزايد عدد التشكيلات، وإما بسبب تكاليف عروض الأزياء العالية وغيرها، وجد بعضهم في الإكسسوارات متنفسًا مهمًا للإبداع وتحقيق الربح على حد سواء. المصممة النيوزيلندية كارين وولكر واحدة من هؤلاء. فقد أعلنت أخيرًا أنها ستتوقف عن المشاركة في عروض نيويورك، مفضلة التفرغ للإبداع على «نار هادئة» بدل مجاراة برامج الموضة العالمية التي تقطع الأنفاس وحبال الأفكار. وهذا يعني أنها لن تتوقف عن تصميم الأزياء بل فقط المشاركة في عروضها الموسمية. تشرح في لقاء جانبي بمناسبة إطلاقها مجموعتها الأخيرة من النظارات الشمسية في لندن، أن صورة الموضة وديناميكيتها تغيرت كثيرًا عما كانت عليه منذ 10 سنوات تقريبًا، فهي الآن مثل وحش لا يشبع أبدًا، «وللأسف لا أعتقد أن الأمر سيتوقف عند هذا الحد، فهذه فقط البداية». مثل البلجيكي راف سيمونز الذي استقال من دار «ديور» في العام الماضي «بسبب الضغوط وعدم توفر الوقت الكافي لاختبار الأفكار قبل تنفيذها» حسب تصريحه، فضلاً عن شكواه من عدم توفر الوقت للاستمتاع بحياته الخاصة، رأت كارين وولكر أن تطرح تشكيلاتها بشكل عضوي بعيدًا عن جنون برامج الموضة القاسية. ولم تخف خلال اللقاء أنها تولي جانب الإكسسوارات اهتمامًا كبيرًا وتوظف له كل طاقتها الإبداعية، كما أنها تستمتع بها إلى أقصى حد. ثم إن النظارات الشمسية تحديدًا أصبحت تدر على شركتها أرباحًا لا يستهان بها، ففي عام 2014، سجلت مبيعات تقدر بنحو 35 مليون دولار. والفضل يعود أولاً، إلى أشكالها المسطحة والدرامية التي تجعلها لافتة، وثانيًا إلى نجمات السينما والموسيقى اللاتي عانقنها وكأنهن يتسلحن بها حسب الحاجة. فهي تخفي ما أفسده السهر وقلة النوم من جهة، وتُلفت الأنظار عندما تكون بألوان متوهجة من جهة ثانية.
طرحت كارين وولكر أول مجموعة نظارات شمسية في عام 2005، ومنذ ذلك الحين وهي تشهد نموًا متزايدًا رغم المنافسة الشرسة بين المصممين وبيوت الأزياء العالمية على اقتطاع حصتهم الخاصة. ما جعل تصاميمها تتميز عن غيرها أنها تخلو من أي «لوغو» باستثناء موتيف صغير على شكل سهم يجلس في الجانب. تدافع المصممة عن أشكال نظارتها قائلة إنها قد تكون فنية ومثيرة للأنظار، لكنها في الأساس كلاسيكية. أما بالنسبة للدراما التي تظهر في بعض الأشكال، فتُحتمها وسائل التواصل الاجتماعي مثل إنستغرام، لأنها تحتاج إلى ألوان متوهجة ونقشات صارخة وأشكال قوية حتى تأتي الصورة رائعة. وربما هذا واحد من الأسباب التي جعلت الرمح الرفيع على الجانب يكتسب سماكة أكبر في مجموعتها الأخيرة، ويظهر بجرأة في حملتها الترويجية.
تجدر الإشارة إلى أن السهم ظهر كموتيف في تشكيلة أزياء قدمتها المصممة بلندن في عام 2002، دفع نجاحها إلى أن تستبشر به خيرًا لتقرر أن تجعله ماركتها المسجلة، وكأنها تتبارك بسحره وإيحاءاته. توضح كارين وولكر أنها شعرت حينها بأن السهام التقطت روح الدار، وما تقوم عليه من تفاؤل وشجاعة، لهذا عندما طرحت نظارات شمسية وكانت فكرة اللوغو غير مطروحة بالنسبة لها على الإطلاق، لم تر بأسًا من وضع موتيف صغير وفني على شكل سهم على الجانب يرمز لها، و«بالفعل كانت لغته بليغة وصلت لشغاف القلب».
وتعلق بأنها لم تشعر بأن دارها أصبحت ماركة قائمة بحد ذاتها، إلا عندما اكتشفت أنها لم تعد بحاجة إلى وضع اسمها على منتجاتها لكي يتعرف عليها الناس. فهم الآن قادرون على ذلك بمجرد أن يلمحوا الرمح الصغير، أو الأشكال المسطحة، فيما يتعلق بالنظارات.



الجينز الياباني... طرق تصنيعه تقليدية وأنواله هشة لكن تكلفته غالية

في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
TT

الجينز الياباني... طرق تصنيعه تقليدية وأنواله هشة لكن تكلفته غالية

في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)

تحظى سراويل الجينز اليابانية المصبوغة يدوياً بلون نيلي طبيعي، والمنسوجة على أنوال قديمة، باهتمام عدد متزايد من عشاق الموضة، الذين لا يترددون في الاستثمار في قطع راقية بغض النظر عن سعرها ما دامت مصنوعةً باليد. وعلى هذا الأساس يتعامل كثير من صُنَّاع الموضة العالمية مع ورشات يابانية متخصصة في هذا المجال؛ فهم لا يزالون يحافظون على كثير من التقاليد اليدوية في صبغ قطنه وتصنيعه من الألف إلى الياء.

يوضع القطن في وعاء يحتوي على سائل أزرق داكن لا يلوّنها وحدها بل أيضاً أيدي العاملين (أ.ف.ب)

داخل مصنع «موموتارو جينز» الصغير في جنوب غربي اليابان، يغمس يوشيهارو أوكاموتو خيوط قطن في وعاء يحتوي على سائل أزرق داكن يلوّن يديه وأظافره في كل مرّة يكرر فيها العملية. يتم استيراد هذا القطن من زيمبابوي، لكنّ الصبغة النيلية الطبيعية المستخدَمة مُستخرجةٌ في اليابان، ويؤكد أوكاموتو أنّ لونها غني أكثر من الصبغات الاصطناعية. وكانت هذه الطريقة التي يشير إلى أنها «مكلفة» و«تستغرق وقتاً طويلاً»، شائعةً لصبغ الكيمونو في حقبة إيدو، من القرن السابع عشر إلى القرن التاسع عشر.

العمل في هذه المصانع صارم فيما يتعلق بمختلف جوانب التصنيع من صبغة إلى خياطة (أ.ف.ب)

وتشكِّل «موموتارو جينز» التي أسستها عام 2006 «جابان بلو»، إحدى عشرات الشركات المنتِجة لسراويل الجينز، ويقع مقرها في كوجيما، وهي منطقة ساحلية تشتهر بجودة سلعها الحرفية، بعيداً عن سراويل الجينز الأميركية المُنتَجة على نطاق صناعي واسع. ويقول رئيس «جابان بلو»، ماساتاكا سوزوكي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نحن صارمون جداً فيما يتعلق بمختلف جوانب التصنيع». ويشمل ذلك «جودة الخياطة والصبغة»، ما يجعل الاعتماد على مهارات التصنيع التقليدية للحرفيين المحليين، مسألة ضرورية.

بيد أن كل ما هو منسوج يدويا ومصنوع بهذا الكم من الحرفية له تكلفته، إذ يبلغ سعر النموذج الرئيسي من الجينز الذي تنتجه «موموتارو» نحو 193 دولاراً. أما النموذج الأغلى والمنسوج يدوياً على آلة خشبية محوّلة من آلة نسج كيمونو فاخرة، فيتخطى سعره 1250 دولاراً.

يعمل أحد الحرفيين على تنفيذ بنطلون جينز باليد بصبر رغم ما يستغرقه من وقت (أ.ف.ب)

ومع ذلك، ازداد الاهتمام بما تنتجه «جابان بلو» على أساس أنها إحدى ماركات الجينز الراقية على غرار «إيفيسو»، و«شوغر كين». وتمثل الصادرات حالياً 40 في المائة من مبيعات التجزئة، كما افتتحت الشركة أخيراً متجرها السادس في كيوتو، ويستهدف السياح الأثرياء بشكل خاص. يشار إلى أن صناعة الجينز ازدهرت في كوجيما بدءاً من ستينات القرن العشرين لما تتمتع به المنطقة من باع طويل في زراعة القطن وصناعة المنسوجات. وخلال حقبة إيدو، أنتجت المدينة حبالاً منسوجة للساموراي لربط مقابض السيوف. ثم تحوّلت بعد ذلك إلى صناعة «تابي»، وهي جوارب يابانية تعزل إصبع القدم الكبير عن الأصابع الأخرى، وانتقلت فيما بعد إلى إنتاج الأزياء المدرسية.

تعدّ سراويل الجينز الياباني من بين أغلى الماركات كونها مصنوعة ومصبوغة باليد (أ.ف.ب)

ويقول مايكل بندلبيري، وهو خيّاط يدير مشغل «ذي دينيم دكتور» لتصليح الملابس في بريطانيا، إنّ سوق سراويل الجينز اليابانية «نمت خلال السنوات الـ10 إلى الـ15 الماضية». ومع أنّ محبي الجينز في الدول الغربية يبدون اهتماماً كبيراً بهذه السراويل، «لا يمكن للكثيرين تحمل تكاليفها»، بحسب بندلبيري. ويتابع قائلاً: «إن ماركات الجينز ذات الإنتاج الضخم مثل (ليفايس) و(ديزل) و(رانغلر) لا تزال الأكثر شعبية، لكن في رأيي تبقى الجودة الأفضل يابانية». ويرى في ضعف الين وازدهار السياحة فرصةً إضافيةً لانتعاش سوق هذه السراويل.

رغم هشاشتها والضجيج الذي ينبعث منها فإن الأنوال القديمة لا تزال هي المستعملة احتراماً للتقاليد (أ.ف.ب)

يعزز استخدام آلات النسيج القديمة رغم هشاشتها والضجيج الذي ينبعث منها، وبالتالي لا تملك سوى رُبع قدرة أنوال المصانع الحديثة، من سمعة «موموتارو جينز» التي تعود تسميتها إلى اسم بطل شعبي محلي. وغالباً ما تتعطَّل هذه الأنوال المصنوعة في الثمانينات، في حين أنّ الأشخاص الوحيدين الذين يعرفون كيفية تصليحها تزيد أعمارهم على 70 عاماً، بحسب شيغيرو أوشيدا، وهو حائك حرفي في موموتارو.

يقول أوشيدا (78 عاماً)، وهو يمشي بين الآلات لرصد أي صوت يشير إلى خلل ما: «لم يبقَ منها سوى قليل في اليابان» لأنها لم تعد تُصنَّع. وعلى الرغم من تعقيد هذه الآلات، فإنه يؤكد أنّ نسيجها يستحق العناء، فـ«ملمس القماش ناعم جداً... وبمجرّد تحويله إلى سروال جينز، يدوم طويلاً».