هجوم انتحاري جديد لطالبان يستهدف مكتبا انتخابيا ويوقع قتيلين من الشرطة

كابل تتهم الاستخبارات الباكستانية بالتورط في التحضير للاعتداء على فندق «سيرينا»

هجوم انتحاري جديد لطالبان يستهدف مكتبا انتخابيا ويوقع قتيلين من الشرطة
TT

هجوم انتحاري جديد لطالبان يستهدف مكتبا انتخابيا ويوقع قتيلين من الشرطة

هجوم انتحاري جديد لطالبان يستهدف مكتبا انتخابيا ويوقع قتيلين من الشرطة

شن مسلحون تابعون لحركة طالبان أمس هجوما انتحاريا استهدف مكتبا للجنة الانتخابية في العاصمة كابل، مما أدى إلى مقتل شرطيين اثنين قبل أقل من أسبوعين على موعد الانتخابات الرئاسية. وتوعدت حركة طالبان بحملة من العنف لعرقلة العملية الانتخابية التي ستجري في 5 أبريل (نيسان) المقبل، ودعت مقاتليها إلى مهاجمة موظفي مراكز الاقتراع والناخبين وقوات الأمن قبل يوم الانتخابات. كما نفذت سلسلة هجمات دامية في الأشهر الماضية استهدفت خصوصا الأماكن التي يرتادها الأجانب.
ودارت مواجهات بين قوات الأمن الأفغانية قرب مكتب للجنة الانتخابية المستقلة في منطقة دارلمان غرب العاصمة الأفغانية لأكثر من أربع ساعات. وقال المتحدث باسم شرطة كابل حشمت استنكزاي «عند قرابة الساعة 11:35 بالتوقيت المحلي، فجر انتحاري نفسه عند مدخل مكتب للجنة المستقلة للانتخابات في دارلمان ودخل بعد ذلك عدد من المهاجمين المبنى». وقتل شرطيان في المواجهات وخمسة مهاجمين دخلوا المبنى، حسب ما أعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية صديق صديقي لتلفزيون «تولو» الإخباري. وقال شاهد العيان أحمد شريف الموظف في الحكومة، إنه سمع صوت انفجارين مدويين تبعهما إطلاق نار.
ووقع الهجوم بالقرب من منزل أشرف غني الذي يعد من أبرز المرشحين لخلافة الرئيس حميد كرزاي. وقال أحد أعضاء حملة غني، إن المرشح الخبير الاقتصادي السابق في البنك الدولي لم يكن في كابل وقت وقوع الانفجار، إذ كان يقوم بحملة انتخابية في ولاية باكيتا شرق البلاد. وذكر نور محمد نور المتحدث باسم اللجنة المستقلة للانتخابات، أن قوات الأمن أبلغت اللجنة أن مكتبهم قد يستهدف في الهجمات. وأضاف: «تحدثنا إلى موظفينا في ذلك المكتب، وجميعهم بخير وفي ملاجئهم».
وأعلنت حركة طالبان التي أطلقت تمردا ضد حكومة كرزاي وقوات التحالف الدولي الداعم لها منذ 2001، مسؤوليتها عن الهجوم في بيان على موقعها.
وجاء هجوم أمس بعد هجوم كبير آخر استهدف الخميس الماضي فندق «سيرينا» الفخم في كابل، وتسبب في مقتل تسعة مدنيين بينهم مراسل لوكالة الصحافة الفرنسية وزوجته واثنان من أولاده الثلاثة. وتبنت طالبان أيضا ذلك الهجوم. وأمس، اتهمت الحكومة الأفغانية أجهزة الاستخبارات الباكستانية بـ«التورط في التحضير» للهجوم على الفندق رغم نفي إسلام آباد. والهجوم على «فندق سيرينا» حمل فريقا من «منظمة الأمن والتعاون في أوروبا» كان يفترض أن يقدم مساعدة للحكومة الأفغانية للانتخابات، على مغادرة البلاد. ونفذ الهجوم على الفندق في اليوم الذي اقتحم فيه سبعة انتحاريين من طالبان مركز شرطة في مدينة جلال آباد ما أسفر عن مقتل 10 شرطيين. والثلاثاء الماضي، قتل انتحاري 16 شخصا في سوق مكتظة في ولاية فارياب (شمال). ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم.
وشابت الانتخابات الأفغانية السابقة أعمال عنف شنتها حركة طالبان. وفي حال شابت الانتخابات المقبلة حملة دموية فان ذلك سيثير شكوكا حول تأكيدات المانحين الدوليين بأن التدخل المكلف في أفغانستان نجح في خلق دولة فعالة. وتستعد قوات الحلف الأطلسي القتالية بقيادة الولايات المتحدة، للانسحاب من أفغانستان بعد 13 عاما من القتال ضد التمرد الذي اندلع بعد الإطاحة بنظام طالبان من الحكم في أعقاب هجمات 11 سبتمبر (أيلول). وتوترت العلاقات بين كرزاي وواشنطن بشكل كبير بسبب قرار الرئيس الأفغاني عدم التوقيع على اتفاق يتعلق بإبقاء قوة أميركية صغيرة في بلاده بعد 2015 للقيام بمهمات لمكافحة الإرهاب وتدريب القوات الأفغانية. وتضم قائمة المرشحين البارزين الآخرين إضافة إلى غني، كلا من عبد الله عبد الله الذي جاء في المرتبة الثانية في انتخابات الرئاسة 2009، ووزير الخارجية السابق زلماي رسول.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».