الميليشيات تدفع بتعزيزات كبيرة نحو البيضاء ومكيراس الاستراتيجية

بعد فشلها في اختراق جبهات المناطق الحدودية في لحج وشبوة

الميليشيات تدفع بتعزيزات كبيرة نحو البيضاء ومكيراس الاستراتيجية
TT

الميليشيات تدفع بتعزيزات كبيرة نحو البيضاء ومكيراس الاستراتيجية

الميليشيات تدفع بتعزيزات كبيرة نحو البيضاء ومكيراس الاستراتيجية

شهدت ذي ناعم والزاهر بمحافظة البيضاء مواجهات عنيفة أمس عقب هجوم للميليشيات الانقلابية في محاولة منها تحقيق أي تقدم عسكري لها بعد تعثرها من تحقيق أي انتصارات في جبهات مديريات بيحان وعسيلان بمحافظة شبوة وكذلك كرش وباب المندب والمضاربة بمحافظة لحج. إذ فشلت قواتها من تحقيق أي تقدم لها في جبهات المناطق الحدودية، ودفعت الميليشيات الانقلابية بتعزيزات عسكرية كبيرة لتحقيق انتصارات في جبهات البيضاء ومدينة مكيراس الاستراتيجية بمحافظة أبين.
الناطق باسم المقاومة الشعبية بالبيضاء طحطوح الحميقاني قال إن مديرتي ذي ناعم والزاهر شهدتا أمس الثلاثاء معارك ضارية استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، حيث عمدت الميليشيات إلى قصف عشوائي عنيف على المناطق السكنية بعد فشلها في إحراز أي تقدم لها. وأوضحت مصادر محلية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن اشتباكات عنيفة اندلعت في بلدة ذي ناعم بالبيضاء جنوب شرقي صنعاء، حيث تركزت المواجهات في جبهة شعب ناصر، في الوقت الذي تواصل فيه ميليشيات الحوثيين وقوات المخلوع صالح، الدفع بتعزيزات كبيرة ناحية بلدة مكيراس الاستراتيجية بين شمال اليمن وجنوبه. وشهدت المديرية معارك شرسة إثر محاولة الميليشيات التقدم ناحية مدينة لودر، حيث ما زالت تسيطر على المنطقة الحدودية منذ حرب مارس (آذار) 2015 التي شنها ميليشيات الحوثيين وقوات المخلوع صالح على الجنوب.
وقال مراقبون لـ«الشرق الأوسط» إن الميليشيات الانقلابية تفرض منذ أسابيع حصارًا خانقًا وسط قصف عشوائي بالأسلحة الثقيلة تشنه بين الحين والآخر على المناطق المأهولة بالسكان في محاولة منها لبث الرعب وإرغام المواطنين على القبول بها في مناطقهم، حيث يرفض الجنوبيون تطبيع الأوضاع مع الميليشيات وهي أحد الأسباب التي ساعدت في تحرير المدن الجنوبية محافظة تلو الأخرى.
وتعد مديرية مكيراس من المناطق الحدودية السابقة بين الشمال والجنوب، وتشهد مواجهات عنيفة ومتقطعة بين المقاومة الجنوبية والجيش الوطني من جهة وميليشيات الحوثيين وقوات صالح من جهة ثانية، وهي واحدة من البلدات ذات الموقع الاستراتيجي.
مكيراس بلدة ريفية، توصف بأنها جنوبية - شمالية، ذلك أنها تقع على طول سلسة جبار الكور، التي تمتد من يافع إلى شبوة، وتعد من أهم البلدات الزراعية في أبين، ولعبت في الماضي دوًرا في الصراعات المسلحة بين شطري البلاد، وما زالت تلعب هذا الدور حالًيا، كما أنها كانت محور اهتمام البريطانيين إبان احتلالهم لعدن.
بلدة مكيراس ترتفع عن سطح البحر 2170 مترا ويبلغ عدد سكانها ما يقارب 45 ألف نسمة على امتداد مساحة 1153 كيلومتًرا، وكانت إبان دولة الجنوب السابقة تتبع محافظة أبين ليتم ضمها إداريا بعد وحدة عام 1990 إلى محافظة البيضاء التي تبعد عنها 20 كيلومتًرا، وفيها أنشأ البريطانيون مطًارا جوًيا لنقل المواد الغذائية إلى مكيراس عاصمة المدينة، ومنها يتم نقل الخضراوات والفواكه التي كانت وما زالت تنتجها مكيراس، إلى عدن عاصمة اليمن الجنوبي سابقا.
وقبل الوحدة الاندماجية التي تمت بين الجنوب والشمال بأعوام، عبد الصينيون عقبة ثرة الشاهقة التي تربط عاصمة السلطنة العوذلية لودر مع مكيراس التي تعد جزًءا من سلطنة العواذل في أبين شمال شرقي عدن.
وعلى صعيد المواجهات بمديريات بيحان بمحافظة شبوة تشهد جبهات القتال هدوءًا حذرًا وسط حصار خانق تفرضه الميليشيات على المدن، وهو ما تسبب في تدهور الأوضاع المعيشية والصحية هناك، حيث ترفض الميليشيات دخول أي مواد تموينية أو طبية للمدينة منذ بدء انطلاق مفاوضات الكويت في الـ18 أبريل (نيسان) الماضي.
كما تشهد جبهات كرش والمضاربة والصبيحة وباب المندب مواجهات متقطعة وقصفًا عشوائيًا عنيفًا للميليشيات بعد فشلها في إحراز أي تقدم لها رغم استمرار تواصل التعزيزات الكبيرة بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والمتطورة وسط مناوشات هنا وهناك خفيفة ومتقطعة بحسب ما أفاد به مقاومون لـ«الشرق الأوسط».
من جهة ثانية، عثرت قوة أمنية من الجيش الوطني على كميات من الأسلحة بعد مداهمتها لأحد المنازل الواقعة بمنطقة العند بمديرية تبن محافظة لحج. مصادر أمنية أوضحت لـ«الشرق الأوسط» بأن قوة أمنية مدعومة بقوة من الجيش الوطني داهمت فجر أمس الثلاثاء منزلا يقع منطقة العند بلحج، بعد أن تلقى معلومات مؤكدة عن وجود أسلحة مخبأه في أحد الأحواش في المنطقة، حيث تم العثور على كمية كبيرة من الأسلحة الثقيلة منها سلاح أر بي جي وصواريخ لو وقنابل وغيرها، وتمت مصادرتها مباشرة ونقلها إلى العاصمة عدن.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».