تذبذب الدولار يشعل أسعار السيارات في مصر ويهدد سوقها العامة

بعضها زاد 50 % بين عشية وضحاها.. وحملات مقاطعة إلكترونية

تذبذب الدولار يشعل أسعار السيارات في مصر ويهدد سوقها العامة
TT

تذبذب الدولار يشعل أسعار السيارات في مصر ويهدد سوقها العامة

تذبذب الدولار يشعل أسعار السيارات في مصر ويهدد سوقها العامة

تشهد أسواق السيارات في مصر زيادة غير مسبوقة، وصلت إلى 50 في المائة في بعض الأنواع، خلال فترة زمنية وجيزة لا تتعدى بضعة أشهر قليلة، وذلك انعكاسا لعدد من العوامل، أبرزها أنها تأتي نتيجة لأزمة النقد الأجنبي التي يشهدها الاقتصاد المصري، وانخفاض سعر الجنيه أمام الدولار، مع وجود سوق عملة موازية ترتفع فيها قيمة الدولار وبالتالي التكاليف الفعلية للاستيراد.
وتفاقم الارتفاع في أسعار السيارات بعد قرار البنك المركزي المصري في مارس (آذار) من العام الحالي بتخفيض الجنيه أمام الدولار بمقدار 112 قرشًا، ليستقر حاليًا عند معدل 8.88 جنيه للدولار، في محاولة من البنك والدولة لتضيق الفجوة السعرية بين السعرين الرسمي والموازي، لكن تلك الخطوة لم تنجح حتى الآن في تقليل حجم الهوة بين السعرين، والتي استمرت في الزيادة، إلى أن وصلت أسعار الدولار إلى 10.50 جنيه تقريبا في السوق الموازية.
وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط»، قال خبير السيارات رأفت مسروجة، رئيس مجلس المعلومات المصري بسوق السيارات سابقًا، إن نسبة الزيادة في أسعار السيارات الجديدة المستوردة تقترب من 30 في المائة مقارنة بالأربع أشهر الماضية. وترجع إلى أكثر من عامل منها ارتفاع تكاليف الاستيراد نتيجة شح الدولار واضطرار المستورد إلى اللجوء إلى السوق الموازية والحصول عليه بسعر مرتفع، ومع زيادة تكلفة الدولار ترتفع أيضًا تكلفة دفع الجمارك وضرائب المبيعات على السيارات، ومع إضافة ربح الوكيل والموزع والمعارض يرتفع السعر النهائي على المستهلك في نهاية المطاف.
وأشار عدد من المواطنين ممن تواصلت معهم «الشرق الأوسط»، ممن كانوا على علاقة بصفقات شراء سيارات جديدة خلال الفترة الأخيرة، سواء تمت أو أجهضت نتيجة زيادة الأسعار، إلى أن زيادة الأسعار وصلت في بعض المناطق من مصر إلى 50 في المائة، وذلك في حالات «التسليم الفوري».
ولم تسلم من ارتفاع الأسعار كذلك السيارات التي يدخل في تصنيعها مكونات محلية، وأكد مسروجة أنها شهدت ارتفاعًا في أسعارها اقترب في بعض الأنواع من 25 في المائة، ورأى أن سعرها الحالي «غير عادل»، ويقدر بأكثر من قيمته الفعلية حتى وإن ظلت بعض مكوناتها مستوردة من الخارج. وأضاف أن بعض أشهر العلامات التجارية تنتج سياراتها في مصر، مثل «نيسان» و«بي إم دبليو» و«ميتسوبيشي»، ويدخل في أجزاء منها مكونات محلية الصنع.
ويظهر ارتفاع الأسعار بشكل واضح في السيارات الجديدة أكثر من السيارات المستعملة مع نقص المعروض منها، إذ إن شح الدولار في السوق يعيق المستوردين عن استيراد السيارات، بجانب إحجام البنوك عن تمويل عمليات الاستيراد بالدولار من الخارج. الأمر الذي جعل الوكلاء والمستوردين يلجأون إلى طرق أخرى للحصول على الدولار، كالسوق الموازية (السوداء)، مما يعني زيادة التكاليف وارتفاع في الأسعار بتحميل الفارق للمستهلك النهائي.
أما بالنسبة لأسعار السيارات المستعملة، قال مسروجة إنها ليس لها قاعدة عامة تحدد نسبة الزيادة في أسعار، وتختلف بحسب الماركة والحالة، لكنها بالتأكيد شهدت زيادة في أسعارها هي الأخرى.
وسجلت أسعار السيارات الفارهة زيادات اقتربت من مستوى 32 في المائة، وفقًا لشعبة السيارات بغرفة القاهرة التجارية. أما بالنسبة للسيارات المتوسطة أو الشعبية المنتشرة في مصر، فقد فاقت زيادات الأسعار لبعض أنواعها «عمليًا» نسبة 50 في المائة. منها على سبيل المثال السيارة ماركة هيونداي «فيرنا» التي وصل سعرها إلى 123 ألف جنيه مصري (13.85 ألف دولار بمعدل الصرف الرسمي) وقد تزيد باختلاف التاجر، بعد أن كانت منذ عدة شهور فوق مستوى 80 ألف جنيه (9 آلاف دولار) بقليل.

* الوكلاء ينتظرون عاما سيئا:
وقال حسن سليمان، رئيس شعبة السيارات بغرفة القاهرة التجارية، إن «وكلاء السيارات والتجار سيدخلون العام الجديد بعجز 60 في المائة من إجمالي المعروض من السيارات بالسوق المصرية»، ناصحًا المواطنين الراغبين في شراء سيارات حديثة، «بتأخير قرارهم لمدة عام حتى تتحسن أحوال السوق».
وأكد سليمان في تصريحات إعلامية محلية إن حجم استيراد مصر من السيارات سينخفض من 3.3 مليارات دولار سنويا، إلى 1.5 مليار دولار سنويا، وهو ما قد يدعم الاحتياطي النقدي من الدولار، لكن في مقابل ذلك سيؤدي إلى تقييد قطاع السيارات في مصر. وحذر من نشوء محتمل لـ«سوق سوداء»، قد تظهر في مصر على خلفية ارتفاع أسعار السيارات، وذلك بعد رصد الشعبة مؤخرًا لسوق موازية لتلك الرسمية في بيع وشراء السيارات، حيث يقوم بعض العملاء بشراء سيارة حديثة، ليقوم بإعادة بيعها بزيادة عن السعر الرسمي تقدر بنحو 20 ألف جنيه (2.25 ألف دولار) على الأقل، بزعم أن السيارات الجديدة نادرة في السوق. وأضاف أن أسعار السيارات المستعملة هي الأخرى ارتفعت بنسبة 15 في المائة، بحسب العلامة التجارية للسيارة وحالتها.
وبجانب ارتفاع الدولار، يتأثر سعر السيارات في مصر بالجمارك الحكومية المرتفعة وضريبة المبيعات المفروضة عليها، خاصة على الفئات ذات السعة اللترية فوق 1600 وحتى 2000 سي سي، والتي تصل رسومها من جمارك وضريبة إلى إجمالي 165 في المائة من قيمة السيارة. وتصل إلى 180 في المائة من سعر السيارة للفئات أعلى من 2000 سي سي، وهي معدلات مرتفعة تفرضها بعض الدول التي تعاني من شح في موارد الطاقة.

**حملات مقاطعة:
واعتراضًا على ارتفاع أسعار السيارات في مصر، ظهرت عدة حملات على مواقع التواصل الاجتماعي أشهرها «فيسبوك»، لمقاطعة شراء السيارات الجديدة حتى تنخفض أسعارها.
إحدى هذه الحملات على موقع «فيسبوك» المنتشرة بوسم (هاشتاج) «كفاية» لمقاطعة شراء السيارات الجديدة بداية من 12 يونيو (حزيران) القادم. وكذلك تدشين صفحة «خليها تصدي» على نفس الموقع الاجتماعي، وهي الحملة التي تحاول رفع وعي المستهلك وتكوين جبهة شعبية للتصدي للارتفاع أسعار السيارات من خلال تأجيل قرارات الشراء لحين انخفاض الأسعار الحالية، خصوصًا أنهم يرون أن الأسعار لا تتناسب مع الخامات ومواصفات السيارات.



عضو في «المركزي الأوروبي»: المصرف سيراقب من كثب خطر عدم بلوغ هدف التضخم

أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
TT

عضو في «المركزي الأوروبي»: المصرف سيراقب من كثب خطر عدم بلوغ هدف التضخم

أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

قال رئيس البنك المركزي الفرنسي، فرنسوا فيليروي دي غالهاو يوم الجمعة، إن «المركزي الأوروبي» لم يتأخر في خفض أسعار الفائدة، لكنه يحتاج إلى مراقبة خطر عدم تحقيق هدفه للتضخم من كثب، وهو ما قد يؤدي إلى تثبيط النمو بشكل غير ضروري.

وخفّض البنك المركزي الأوروبي معدلات الفائدة ثلاث مرات هذا العام بالفعل، ويتوقع المستثمرون مزيداً من التيسير النقدي في كل اجتماع حتى يونيو (حزيران) المقبل، وهو ما قد يؤدي إلى خفض سعر الفائدة على الودائع، الذي يبلغ حالياً 3.25 في المائة، إلى 2 في المائة على الأقل وربما أقل، وفق «رويترز».

ومع ذلك، تدعم البيانات الاقتصادية الضعيفة، كما يتضح من تقرير مسح الأعمال المخيّب للآمال الذي نُشر يوم الجمعة، الرأي القائل إن البنك المركزي الأوروبي قد يحتاج إلى تسريع إجراءات التيسير النقدي، وقد يضطر إلى اتخاذ تدابير إضافية لدعم الاقتصاد.

وقال دي غالهاو في فرنكفورت: «نحن لسنا متأخرين في المسار اليوم. الاقتصاد الأوروبي يسير نحو هبوط ناعم».

واعترف بوجود مخاطر على التوقعات المستقبلية، مشيراً إلى أنه يجب على صانعي السياسات التأكد من أن أسعار الفائدة لا تبقى مرتفعة لمدة طويلة، مما قد يضرّ بالنمو الاقتصادي.

وأضاف قائلاً: «سوف نراقب بعناية توازن المخاطر، بما في ذلك احتمال عدم بلوغ هدف التضخم لدينا، وكذلك تأثير ذلك في الحفاظ على النشاط الاقتصادي بمستويات منخفضة بشكل غير ضروري».

وكانت التوقعات تشير إلى خفض للفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في 12 ديسمبر (كانون الأول) بوصفه أمراً شبه مؤكد، لكن بعد نشر أرقام مؤشر مديري المشتريات الجديدة يوم الجمعة، أصبح هناك احتمال بنسبة 50 في المائة لخيار خفض أكبر يبلغ 50 نقطة أساس، نتيجة لتزايد المخاوف من ركود اقتصادي.

ومع ذلك، يشير صانعو السياسات إلى أن المسوحات الاقتصادية قد تكون قد قدّمت صورة أكثر تشاؤماً عن وضع الاقتصاد مقارنة بالبيانات الفعلية التي كانت أكثر تفاؤلاً.

ورغم التباطؤ في التضخم الذي وصل إلى أدنى مستوى له بنسبة 1.7 في المائة هذا الخريف، فإنه يُتوقع أن يتجاوز 2 في المائة هذا الشهر، مما يجعل من الصعب اتخاذ قرار بخفض أكبر في الفائدة.

ومع ذلك، شدّد دي غالهاو على أن التضخم في طريقه للعودة إلى الهدف المتمثل في 2 في المائة، وأنه من المتوقع أن يتحقّق بشكل مستدام قبل الموعد الذي حدّده البنك المركزي الأوروبي في نهاية 2025.

وقال: «نحن واثقون للغاية بأننا سنصل إلى هدفنا البالغ 2 في المائة بشكل مستدام». وأضاف: «من المرجح أن نحقّق هذا الهدف في وقت أقرب من المتوقع في 2025، مقارنة بتوقعاتنا في سبتمبر (أيلول) الماضي».