مقتل وإصابة نحو مائة مجند في هجوم انتحاري تبناه «داعش» بالمكلا

إصابة مدير أمن حضرموت ومقتل ستة من مرافقيه في عملية إرهابية

عناصر أمنية يمنية تقف بجانب آلة تصوير مستندات يعتقد أنها تحمل متفجرات خارج معسكر الأمن العام بالمكلا في أعقاب الهجوم الانتحاري في عاصمة محافظة حضرموت أمس (أ.ف.ب)
عناصر أمنية يمنية تقف بجانب آلة تصوير مستندات يعتقد أنها تحمل متفجرات خارج معسكر الأمن العام بالمكلا في أعقاب الهجوم الانتحاري في عاصمة محافظة حضرموت أمس (أ.ف.ب)
TT

مقتل وإصابة نحو مائة مجند في هجوم انتحاري تبناه «داعش» بالمكلا

عناصر أمنية يمنية تقف بجانب آلة تصوير مستندات يعتقد أنها تحمل متفجرات خارج معسكر الأمن العام بالمكلا في أعقاب الهجوم الانتحاري في عاصمة محافظة حضرموت أمس (أ.ف.ب)
عناصر أمنية يمنية تقف بجانب آلة تصوير مستندات يعتقد أنها تحمل متفجرات خارج معسكر الأمن العام بالمكلا في أعقاب الهجوم الانتحاري في عاصمة محافظة حضرموت أمس (أ.ف.ب)

قتل نحو 35 مجندا وأصيب بجروح عشرات آخرون عندما فجر انتحاري نفسه في مقر للشرطة اليمنية عند أطراف مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت كبرى مدن الجنوب. أمس الأحد، بحسب ما أفادت مصادر طبية، في هجوم تبناه تنظيم داعش.
إلى ذلك، أصيب مدير أمن حضرموت العميد مبارك العوبثاني وقتل ستة من مرافقيه، في تفجير عبوة ناسفة بعيد الهجوم على مقر الشرطة.
وقالت مصادر محلية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» بأن عملية إرهابية بحزام ناسف استهدفت شبابا متقدمين للتجنيد وتبناها تنظيم داعش أمام بوابة معسكر النجدة بالمكلا أوقع مائة ما بين قتيل وجريح من المجندين المستجدين وما زالت الحصيلة في تزايد.
وأكدت المصادر أن عدد الحالات في تزايد، مشيرة أن المصابين تتراوح حالاتهم بين الخفيفة والمتوسطة والحرجة وأن المدينة تشهد حالة طوارئ وتبرع بالدم للجرحى على حد قولها.
وجاء في بيان نشره تنظيم داعش الإرهابي بحسابات مؤيدة له على مواقع التواصل، أن أحد عناصره «أبو البراء الأنصاري»، قام «بتفجير حزامه الناسف وسط تجمع لعناصر الأمن داخل مبنى النجدة في منطقة فوة بمدينة المكلا». وبعد وقت قصير من هذا التفجير، انفجرت عبوة ناسفة مزروعة قرب مكتب مدير أمن حضرموت العميد مبارك العوبثاني، ما أدى إلى إصابته ومقتل ستة من مرافقيه، بحسب ما أفاد مصدر أمني.
وأشار المصدر إلى أن العوبثاني كان موجودا في مقر الشرطة بالفوة لحظة وقوع التفجير الانتحاري، وغادره بعد ذلك متوجها إلى مكتبه، حيث انفجرت العبوة الناسفة لدى وصوله.
ولم تعلن أي جهة في الحال مسؤوليتها عن تفجير العبوة.
والهجوم الانتحاري هو الثاني هذا الأسبوع يستهدف قوات الأمن في المكلا، ويعلن مسؤوليته عنه تنظيم داعش الذي لم يسبق له تبني هجمات في حضرموت، حيث يتمتع تنظيم القاعدة منذ أعوام بنفوذ واسع، كان من أهم مظاهره سيطرته على مدينة المكلا لزهاء عام.
وتبنى التنظيم الإرهابي الخميس هجوما على معسكر للجيش في منطقة خلف عند الأطراف الشرقية للمكلا، أودى بـ15 جنديا على الأقل.
وفي حين قال «داعش» في حينه بأن التفجير كان عبارة عن هجوم بسيارة مفخخة يقودها انتحاري، أشارت مصادر عسكرية يمنية إلى أنه نفذ بثلاث سيارات يقودها انتحاريون، متهما تنظيم القاعدة بالمسؤولية عنه.
وطرد تنظيم القاعدة من المكلا ومناطق محيطة بها في 24 أبريل (نيسان) الماضي، إثر عملية واسعة لقوات التحالف العربي بقيادة الرياض، والذي يدعم منذ مارس (آذار) 2015 القوات اليمنية في مواجهة المتمردين. وأفادت التنظيمات الإرهابية من النزاع بين قوات الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي، والحوثيين وحلفائهم من الموالين للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، لتعزيز نفوذها في مناطق جنوب اليمن.
وسبق لتنظيم القاعدة وتنظيم داعش أن تبنيا عددا من الهجمات خلال الأشهر الماضية، خصوصا في مدينة عدن.
وتوعد اللواء أحمد بن بريك محافظ حضرموت العناصر الإرهابية بالمصير الذين يستحقونه على أيدي الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، قائلا: «إن قيادة السلطة المحلية بالمحافظة ومعها كل أبناء حضرموت تتابع وبقلق شديد ما تشهده المحافظة من عمليات إرهابية بشعة تستهدف الأبرياء من أبناء المحافظة كرد فعل انتقامية من قبل تنظيم القاعدة المنهزم تحت ضربات الجيش الوطني مسنودة بقوات التحالف العربي ظنًا من هذا التنظيم بأنه سيوقف حركة الانتصارات التي تسجلها قواتنا ضده».
محافظ حضرموت أوضح في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه «أن مثل هذه الأعمال المشينة لا يمكن لها أن تكون حائلا دون تحقيق كافة أهدافنا في اجتثاث هذا التنظيم الإرهابي من حضرموت ومن كل شبر في الوطن».
وجاء في البيان أننا «في قيادة السلطة المحلية في الوقت الذي ندين ونستنكر وبشدة حادثة التفجير التي استهدفت أبناءنا في معسكر النجدة بالمكلا تلك العملية الجبانة التي لن تزيدنا إلا إصرارًا على المضي قدمًا نحو محاربة التنظيمات الإرهابية المختلفة»، داعيًا المواطنين إلى الإبلاغ عن أي تحركات مشبوهة للعناصر الإرهابية لمساعدة الأجهزة الأمنية في كشف أوكار هذه العصابة.
وأردف «نتوجه إليكم وكلنا ثقة من أن الجميع سيكون على قدر كبير من المسؤولية في كشف وفضح هذه العناصر الإرهابية ونخص ذكرًا خطباء وأئمة المساجد بإرشاد وتوعية الشباب وإننا نتعهد بمواصلة السير على خطى شهدائنا الأبرار الذين يروون بدمائهم الطاهرة تربة حضرموت وإننا على استعداد تام لتقديم الشهداء تلو الشهداء حتى يتحقق النصر الشامل ضد هذا التنظيم».
اللواء بن بريك محافظ حضرموت أكد أن النضال ضد «القاعدة» والتنظيمات الإرهابية الأخرى لن يتوقف عند حدود وستستمر مداهمة أوكارهم وأماكن تواجدهم مهما كلف ذلك من تضحيات.
وعلق المحامي الجنوبي يحيى غالب الشعيبي حول استمرار العمليات الإرهابية في استهداف المدن والقيادات الجنوبية بالقول بأن منظومة صنعاء الإرهابية ما زالت تحاول تسجيل حضور سياسي وإن كان بأساليب إرهابية دموية لتحسين وضعها التفاوضي الضعيف والمنهار في مفاوضات الكويت.
وأكد المحامي الشعيبي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن جريمة المكلا الإرهابية التي حصدت أرواح عشرات الشباب المجندين تحمل بصمات منظومة صنعاء الإرهابية وإن تم تغليفها وإخراجها باسم تنظيمات إرهابية مثل «داعش» وغيرها فإن هذا التغليف المفضوح الهدف منه إيصال رسالة أن المكلا والمناطق المحررة تسيطر عليها تنظيمات إرهابية خارج نطاق سيطرة الحكومة الشرعية وقوات التحالف العربي.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.