المرأة القوية والمرأة الضعيفة في سينما «كان» هذا العام

هدوء مثير للتساؤل في شوارع المدينة الفرنسية خلال المهرجان

لقطة من فيلم «من أرض القمر»
لقطة من فيلم «من أرض القمر»
TT

المرأة القوية والمرأة الضعيفة في سينما «كان» هذا العام

لقطة من فيلم «من أرض القمر»
لقطة من فيلم «من أرض القمر»

لم تكن الساعة تجاوزت التاسعة ليلاً عندما ظهرت مدينة «كان»، قبل يومين، أكثر هدوءًا من المعتاد. ما بين حفلة شركة «فوكاس فيتشرز» التي تضمّنت ضيوفًا من السينمائيين والنقاد وعرض مشاهد من أفلام الشركة سواء تلك المعروضة في هذه الدورة أو التي ستعرضها في الأشهر اللاحقة، وبين حفلة «جمعية هوليوود للمراسلين الأجانب» التي أمّها كذلك ضيوف عدّة من أصناف المهن السينمائية المختلفة، انتقلت على كورت ديزور خال من التجمّعات الحاشدة. الرصيف العريض الذي عادة لا تستطيع السير فيه على شكل مستقيم لكثرة المارة والحشود، خال إلا من مارة قليلين.
المطاعم التي تنتشر على الساحل لا ازدحام فيها وتستطيع أن تدخل أيًا منها من دون حجز مسبق.
كذلك حال المطاعم التي داخل الفنادق الكبيرة. «سوري مسيو، كان عليك أن تحجز طاولة». كانت هذه هي العبارة الأكثر تكرارًا في تلك المرابع. الآن تدخل وتجلس فالمطاعم تعمل بنصف ما اعتادت عليه من حجم إقبال.
روندا رتشفورد وسكوت روكسبورو زميلان من «ذَ هوليوود ريبورتر» يقولان إنهما قاما بالسير من أقصى نقطة كانت تشهد عادة الزحام الحاشد (فندق مارتينيز) إلى سوق المهرجان في قصر المهرجانات، «ولم نضطر ولو لمرّة أن نحيد عن خط سيرنا لنتجنب تجمهرًا يتفرج على عرض تلفزيوني عام أو أمام مدخل فندق أو مطعم».
هذه المسافة كانت تتطلب ربع ساعة من المشي السريع (إذا استطعت). الآن تستطيع قطعها في ثماني دقائق إذا لم تتوقف لتحيي زميلاً أو سينمائيًا قادمًا من الجهة الأخرى، كما حدث يوم أول من أمس عندما وجدت أمامي كن لوتش وحده يتبعه مصوّر واحد.
بعض السبب هو الخوف من الإرهاب بلا ريب. لكن بعضه الآخر يكمن في دواعي هذا الخوف، فاستوديو «كانال بلوس» كان اعتاد نصب استوديو له ما بين فندقي «كارلتون» و«مارتينيز» يدعو إليه النجوم ويعرض مقاطع من أفلام ومقابلات حولها. لكن المحطة الفرنسية قررت، تبعًا لمخاطر ذلك المحتملة، عدم البث من هناك، وبالتالي لم يعد أمام الجمهور الفرنسي سبب للوقوف هناك ومتابعة الشاشة الكبيرة أو الجالسين أمام الكاميرا من ضيوف.
حول قصر المهرجانات هناك التجمع المتوقع أمام المدخل، حيث تمتد السجادة الحمراء لاستقبال ضيوف الأفلام المعروضة. لكن ليس بالتعداد نفسه أيضًا. هناك من رجال ونساء وقوى أمن ودرك يكاد يوازي عدد الجمهور الذي يريد تصوير نجوم «كان»، وهم يغادرون سياراتهم وحراسهم ويصعدون تلك الأدراج أمام عدسات المصوّرين المحترفين.

محاور نسائية

حفلة «فوكاس فيتشرز» كانت في وقتها للكشف عن وجه جديد للشركة. رئيسها الحالي بيتر كوجوفسكي قرر أن الوقت آن للعودة إلى الأصول. يقول لي: «انطلقت الشركة كشركة لتوزيع الأفلام المستقلة أساسًا. بدأنا من فوق عندما تبنينا فيلم رومان بولانسكي (عازف البيانو) سنة 2002 واستمرينا على نهج إنتاج وتوزيع ودعم الأفلام المستقلة ثم توقفت الشركة عن العمل».
خلال هذه الفترة من التوقف تباينت آراء مؤسسيها ما بين الاستمرار في هذا المنهج أو الانتقال صوب التيار السائد (أو ما يسمى بلغة الصناعة The Main Stream). هذه الفترة امتدت ما بين 2007 حتى مطلع العام الماضي عندما أعيد تأسيسها.
> ما الجديد هذه المرّة؟
- الجديد هو أن الرأي الغالب هو البقاء في نطاق الأفلام المستقلة وحضورنا إلى «كان» بأفلام أحدها «لفينغ» في المسابقة إعلان على ذلك.
> على ذلك، فإن سجل الشركة في العام الحالي نص كذلك على توزيع وإنتاج أفلام تجارية.
- لا نغفل هذا الجانب طبعًا. لكن ما سنبنيه على صعيد الأعمال النوعية هو الأقوى. لدينا قناعة أن الوقت مناسب جدًا لذلك.
أفلام «كان» المتسابقة يمكن اعتبارها جميعًا مستقلة، كونها غير تجارية الميول أو ليست منفّذة حسب تصنيفات جماهيرية شائعة (كالبوليسي والرعب والخيال العلمي إلخ..). سنجد طابعًا كوميديا، وهناك أفلام تحمل نذرًا من التشويق لكنها في مجملها دراميات والكثير منها يعكس أوضاعًا اجتماعية قائمة في الحاضر الأوروبي والعالمي.
هذا ما يعني أن المحور الأول الذي تقوم عليه هذه الأفلام هو محور الشخصيات الإنسانية أكثر مما هو محور متابعة قصصية تهتم بالسرد الحكائي التقليدي. وهذا طبيعي، إنما ما يلاحظ سريعًا في هذا الاتجاه وجود عدد كبير من الأفلام التي توفر للمشاهد أوضاعًا تتعامل والمرأة في النصيب الأول.
في الأساس، أفلام «كان» هذه السنة تحتوي على ثلاثة أفلام من إخراج ثلاث نساء. الآيرلندية أندريا أرنولد قدّمت فيلمها «عسل أميركي» يوم أول من أمس (السبت) والألمانية مارن أدي عرضت فيلمها «توني إردمان» قبل ثلاثة أيام والمخرجة الإسبانية نيكول غارسيا عرضت فيلمها يوم أول من أمس أيضًا وعنوانه «من أرض القمر».
لكن هذا لا يعني أن المواضيع النسائية وردت من أفلامهن. بل في الحقيقة وحدها أندريا أرنولد هي التي وضعت في الواجهة بطلة أنثى، يعرض الفيلم ما يحدث لها ويقع عليها من أحداث طوال الوقت.
الأفلام الروائية ذات الحكايات الأنثوية الأخرى آتية من مخرجين رجال.
البريطاني كن لوتش يعالج في «أنا دانيال بلايك» قضية مشتركة. العنوان هو لرجل لكن الأحداث تشمل التركيز أيضًا على وضع امرأة. كلاهما يعايشان وضعًا اقتصاديًا خانقًا في بريطانيا اليوم.
فيلم «الخادمة» للكوري بارك تشان - ووك يصوّر العلاقة العاطفية بين امرأتين (خادمة وسيدة) ويمررها عبر حلقات من السادية والمازوشية تبلغ شأنًا عنيفًا.
بدرو ألمادوفار (أو بدر المدوّر حسب من مازح بأن أصول هذا المخرج الإسباني عربية) يعود بعد غياب بفيلم «جولييتا» (سيعرض خلال الأيام القليلة المقبلة) حول أم وابنتها الشابة التي تترك البيت حال تبلغ الثامنة عشر من دون كلمة وداع. الأم ستبحث عنها وفي غمار ذلك ستكشف بعض جوانب العائلة ذاتها.
نجد كرستن ستيوارت (التي لعبت البطولة النسائية في فيلم وودي ألن الافتتاحي «كافيه سوسيتي») تلعب دور أميركية في باريس في فيلم أوليفييه أسايس على مفترق طرق الحياة. والبرازيلي كليبر مندونكا فيلو يضع، في فيلمه «أكواريوس» بطلته كلارا (سونيا براغا في عودة عالمية نادرة) على مفترق طريق آخر، بعد قرار هدم البناية التي تعيش فيها، فهي أرملة تبلغ الخامسة والستين من العمر ولم يبق في العمارة سواها.
ويواصل الأخوان جان - بيير ولوك داردين التعامل مع المرأة كما في أفلامهما السابقة مثل «يومان وليلة» (2014) و«صمت لورنا» (2008) و«روزيتا» (1999) وكلها عرضت في «كان» وذلك في فيلمهما الجديد «الفتاة المجهولة» حول طبيبة (أديل هينل) ترفض إنقاذ امرأة طرقت بابها ذات ليلة، وفي اليوم التالي تطالعها الصحف بأن المرأة التي لجأت إليها وُجدت قتيلة.
والمرأة التالية في عداد أفلام المهرجان هي تلك التي يقدمها المخرج الهولندي بول فرهوفن في فيلمه «هي» من بطولة إيزابيل أوبير. والأخيرة هي المرأة أم أربعة أولاد في فيلم الفلبيني بريلانتي مندوزا «الأم روزا».
هذه ثمانية أفلام من أصل 21 فيلمًا في المسابقة الرسمية ولو أن هذا لا يعني أن الأفلام الأخرى خالية من العنصر النسائي ولو ممتزجًا بالعنصر الرجالي. ما يعنيه هو أن المرأة في هذه الأفلام الثمانية موضوعة في البؤرة أمام المشاهد معظم أو طوال الوقت وعلى وجهيها القوي والضعيف.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».