سلسلة من السيارات المفخخة تضرب المكلا وتقتل 11 جنديًا

التفجيرات الإرهابية تزامنت مع وصول رئيس الوزراء وعدد من أعضاء حكومته إلى المدينة

لافتات «القاعدة» كانت تشاهد في شوارع المدينة حتى منتصف الشهر الماضي (أ.ف.ب)
لافتات «القاعدة» كانت تشاهد في شوارع المدينة حتى منتصف الشهر الماضي (أ.ف.ب)
TT

سلسلة من السيارات المفخخة تضرب المكلا وتقتل 11 جنديًا

لافتات «القاعدة» كانت تشاهد في شوارع المدينة حتى منتصف الشهر الماضي (أ.ف.ب)
لافتات «القاعدة» كانت تشاهد في شوارع المدينة حتى منتصف الشهر الماضي (أ.ف.ب)

قتل أمس 11 جنديا وجرح عشرات جراء ثلاث عمليات إرهابية استهدفت مقر المنطقة العسكرية الثانية ومقري القوات البحرية (معسكر الدفاع الساحلي) ومعسكرا آخر للقوات العسكرية في مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت وكبرى مدن الجنوب، وتزامنت مع وصول وفد وزاري يمني برئاسة رئيس الوزراء.
وقالت مصادر محلية وعسكرية لـ«الشرق الأوسط» إن العمليات نفذت عقب يوم واحد فقط من استهداف قوات الجيش مخابئ عناصر تنظيم القاعدة، وهي العمليات التي انتهت بالقبض على عدد من العناصر المنتمية للتنظيم.
وقالت المصادر إن سيارات مفخخة استخدمت في التفجيرات واستهدفت المقار العسكرية، وذلك قبل ساعات من وصول رئيس الحكومة أحمد عبيد بن دغر وعدد من أعضاء حكومته لعاصمة المحافظة. وعقب العمليات الإرهابية بساعات أعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته عبر بيان نشر على موقعه على الإنترنت.
وكانت قوات الأمن قد تمكنت من القبض على بعض المشتبه بهم، ومن بين العناصر التي تم القبض عليها ضابط كبير في قوات الحرس الجمهوري التابع للرئيس المخلوع وينتمي إلى محافظة صنعاء، إضافة إلى عدد من العناصر، وضبط عتاد عسكري بحوزة هذه العناصر، أثناء مداهمة القوات العسكرية التي تم استهدافها في هجمات أمس.
وأضافت المصادر الأمنية أن انتحاريا يقود سيارة ملغومة فجر نفسه عند بوابة المعسكر الواقع في منطقة الخلف، قبل أن يلحقه انتحاري آخر بسيارة مماثلة سارع إلى تفجيرها، لافتة إلى أن تفجيرا ثالثا بسيارة ملغومة تزامن مع التفجيرين، واستهدف مقر قائد المنطقة العسكرية الثانية الواقعة في مدينة المكلا، دون أن يصاب أحد بأذى جراء هذا الهجوم.
وأشارت إلى أن اشتباكات دارت بين قوات الجيش الحكومية الموجودة في المعسكر وعناصر من «القاعدة»، منوهة بأن نقطة تفتيش نجحت في القبض على سيارة محملة بالسلاح واعتقلت صاحبها في نقطة الإشارة بديس المكلا.
وجاءت الهجمات بعد يوم واحد من نجاة قائد المنطقة العسكرية الأولى اللواء عبد الرحمن الحليلي، من تفجير انتحاري استهدف موكبه في حضرموت، وأدى إلى مقتل ثلاثة من مرافقيه، وإصابة آخرين.
رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عبيد بن دغر وصل إلى مدينة المكلا، في أول زيارة رسمية لوفد من الحكومة الشرعية بعد تحريرها من عناصر تنظيم القاعدة قبل أسبوعين. ورافق بن دغر في الزيارة وزير الصحة العامة والسكان الدكتور ناصر باعوم، ووزير النقل مراد الحالمي، ووزير الأوقاف والإرشاد الدكتور فؤاد بن الشيخ أبو بكر، بهدف الاطلاع على سير العمل في المدينة ومساندة المحافظ اللواء أحمد بن بريك والسلطات المحلية.
وقالت مصادر عسكرية وأخرى طبية لـ«الشرق الأوسط» إن من بين ضحايا التفجير عددا من الجنود من محافظات جنوبية عدة بينها الضالع وأبين وحضرموت. ولفتت المصادر إلى أن هجوما بسيارتين مفخختين كان قد استهدف تجمعا لقوة من الجيش وصلت من عدن قبل أيام وجاءت للمشاركة في تأمين مدينة المكلا إلى جانب القوات المحلية من أبناء حضرموت، وقوات من التحالف العربي.
وتعد زيارة رئيس الوزراء والوفد الحكومي المرافق له الأولى إلى مدينة المكلا، وجاءت بعد أسابيع من تحريرها من الجماعات الإرهابية، ومما تسمى «أنصار الشريعة»، جناح تنظيم القاعدة في اليمن، وكان الهدف منها الاطلاع على سير العمل في المدينة ومساندة المحافظ والسلطات المحلية.
وكان في استقبال رئيس الحكومة والوزراء المرافقين له محافظ حضرموت اللواء أحمد سعيد بن بريك، وقائد المنطقة العسكرية الثانية اللواء فرج سالمين البحسني، ومدير عام الأمن والشرطة بساحل حضرموت مبارك العوبثاني، وقائد قوات التحالف العربي بالمكلا مسلم الراشد، وعدد من المسؤولين المحليين.
وخلال الزيارة أكد أحمد عبيد بن دغر حرص الحكومة على الاطلاع على كل مستجدات الأوضاع الميدانية في المكلا، والوقوف على طبيعة الحياة من أرض الميدان، مشيرًا إلى أن الحكومة تولي اهتماما كبيرا لمتابعة التطورات العسكرية والأمنية التي تشهدها المحافظة، وطالب، بحسب وكالة «سبأ» الحكومية، بمضاعفة الجهود لفرض الأمن والاستقرار في كل المناطق المحررة.
إلى ذلك، وبعد ساعات من العمليات الإرهابية التي استهدفت المكلا، عقد رئيس الوزراء الدكتور أحمد عبيد بن دغر اجتماعًا مع قيادات السلطة المحلية والمنطقة العسكرية الثانية وقائد قوات التحالف العربي ومدير الأمن وعدد من الشخصيات الاجتماعية بمدينة المكلا بمحافظة حضرموت.
رئيس الوزراء أشار إلى أن «تحرير محافظة حضرموت من عناصر (القاعدة) حول خوف السكان إلى أمن وأمان، وحرر المحافظة من سلطة غاشمة، حكمت بقسوة وعنف خلال أكثر من عام، وفرضت نظامًا جزائيًا لم تعرف حضرموت له شبيها».
وأكد رئيس الوزراء حرص الحكومة على إعادة تطبيع الحياة في المحافظة بشكل كامل، مشيرًا إلى أن هذه الزيارة تأتي بتوجيهات من الرئيس منصور هادي للاطلاع على الاحتياجات وتلمس أحوال المواطنين، ومعرفة تفاصيل العمل والتطورات الراهنة في الجوانب الأمنية والعسكرية، مشيدًا بالجهود الكبيرة التي تبذلها قيادات المحافظة والسلطة المحلية وقيادة المنطقة العسكرية الثانية من خلال فرض الأمن والاستقرار في كل أرجاء المدينة.
بن دغر عبر عن شكره أيضا للجيش الوطني، وقيادات التحالف العربي، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.
وكان رئيس الوزراء قد قام بزيارة تفقدية إلى ميناء الضبة وعدد من المرافق الحيوية بالمدينة، موجهًا الوزراء والجهات المعنية بتوفير الخدمات الأساسية التي يحتاجها أهالي حضرموت، وعلى رأسها خدمة الكهرباء.
من جهته، رحب محافظ حضرموت برئيس الوزراء والوفد الحكومي، مثمنا الزيارة التي وصفها بأنها أكبر دافع حقيقي لمواصلة العمل الوطني، مستعرضًا الانتصارات الأخيرة التي حققها الجيش الوطني وقوات النخبة الحضرمية وأبناء حضرموت.
وكان تنظيم القاعدة قد سيطر على المكلا العام الماضي وأعلن فيها دولته وسيطر على الميناء والمطار وكل مدن الساحل، قبل أن تستعيدها قوات عسكرية جنوبية بدعم وإسناد قوات التحالف العربي أواخر أبريل (نيسان) الماضي، وتعلن حضرموت مدينة محررة من الإرهابيين.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.