تونس تعلن خطة للنهوض بمؤسسة السجون والإصلاح

في ظل ارتفاع عدد الموقوفين وضعف البنيات التحتية

تونس تعلن خطة للنهوض بمؤسسة السجون والإصلاح
TT

تونس تعلن خطة للنهوض بمؤسسة السجون والإصلاح

تونس تعلن خطة للنهوض بمؤسسة السجون والإصلاح

أعلن عمر منصور، وزير العدل التونسي، إضافة أكثر من ثلاثة آلاف سرير إلى السجون التونسية ضمن مجموعة من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة التونسية للنهوض بمؤسسة السجون والإصلاح، وتحسين ظروف إقامة المودعين في السجون، فضلا عن ظروف عمل عمال السجون. وتمثلت تلك الإجراءات، بالأساس، في دعم البنية التحتية (السجون ومراكز الإصلاح)، والإسراع في إنجاز أهم مشاريعها، وبخاصة في ظل ارتفاع عدد الموقوفين في الأشهر الأخيرة في قضايا الإرهاب وتخريب الممتلكات بعد المظاهرات الأخيرة التي عرفتها بعض مناطق البلاد.
وقال منصور في مؤتمر صحافي عقده أمس في العاصمة التونسية: «إن الوزارة ستشرع في بناء أقسام جديدة بسجن مرناق (غربي العاصمة) بطاقة استيعابية تصل إلى 500 سرير، وبناء أربع غرف سجنية بسجن صفاقس (وسط شرقي) بطاقة استيعاب مضافة بـ200 سرير».
وفي السياق ذاته، قال وزير العدل التونسي: «إن الحكومة ستبني وحدة سجون جديدة بمنطقة (بلي) بولاية (محافظة) نابل (شمال شرقي)؛ تعويضا لسجن قرمبالية الذي جرى هدمه سنة 1999. وسيكون انطلاق الأشغال قبل نهاية السنة الحالية، وستكون طاقة استيعابه في حدود 1000 سجين. أما الكلفة الإجمالية لهذا المشروع فهي مقدرة بنحو 55 مليون دينار تونسي (نحو 22.5 مليون دولار)، وستستغرق عملية البناء نحو السنتين ليكون جاهزا سنة 2018».
ولما يوفره نظام السوار الإلكتروني من مزايا كثيرة، على حد تعبير الوزير، وبخاصة فيما يتعلق بالحد من ظاهرة الاكتظاظ بالسجون التونسية، إذا ما تم اعتماده بديلا للإيقاف التحفظي (قبل المحاكمة)، وكذلك بديلا لعقوبة السجن بإبقاء المحكوم ضده في حالة سراح، مع إخضاعه للمراقبة الإلكترونية، فقد أشار وزير العدل التونسي إلى أن اعتماد هذا النظام سيترجم بتنقيح تشريعي للقانون الجزائي التونسي، وقانون الإجراءات الجزائية والقانون المنظّم للسجون، موضحا أن عددا من اللجان على مستوى الوزارة عهد لها مراجعة شاملة للقانونين المذكورين، كما أنه سيشرع قريبا في مراجعة القانون المنظم للسجون.
وكشف وزير العدل في تصريحات سابقة حول الاكتظاظ في السجون التونسية، عن أن عدد المساجين بالوحدات السجينة في تونس بلغ أقصاه خلال ديسمبر (كانون الأول) من سنة 2015، حيث تجاوز حدود 26 ألف سجين، في حين أن طاقة الاستيعاب الحالية للسجون لا تتجاوز 16 ألفا، وقدرت نسبة الاكتظاظ في السجون بنحو 139 في المائة. كما أشار إلى أن عدد الإيداعات الجديدة بالسجون التونسية قد تجاوز 53300 نزيلا خلال 2015، وهو ما ساهم بشكل كبير في ارتفاع نسبة الاكتظاظ.
وأوضح الوزير أن نسبة الموقوفين بالسجون على ذمة القضاء تصل في بعض الأحيان إلى أكثر من 55 في المائة من العدد الإجمالي للمساجين، وأنهم يستنزفون نحو 80 في المائة من الموارد البشرية والمادية، التي كان من المفروض أن توجّه إلى برامج التأهيل وإلى التهيئة للإفراج عن السجناء وإعادة إدماجهم.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.