رئيسة البرازيل خارج السلطة.. ونائبها يتولى الحكم

أنهى تصويت تاريخي في مجلس الشيوخ البرازيلي، أمس، مهام الرئيسة ديلما روسيف، وبات نائبها ميشال تآمر رئيسا، في زلزال سياسي أنهى 13 عاما من حكم اليسار في أكبر دولة في أميركا اللاتينية.
وأعلن تآمر (75 عاما) أمس أنه سيبدأ تحديد وزراء حكومته التي ستركز على النهوض الاقتصادي. ووعد أن يتوجه بكلمة إلى الأمة من مقر الرئاسة، وإلى جانبه وزير المالية المقبل أنريكي ميرييس، بحسب موقع «يو أو أل».
وعنونت صحيفة «أو استادو دي ساو باولو» مقالها الرئيس «فرصة تآمر»، بينما اختارت صحيفة «كاريوكا أو ديا» التلاعب على اسم تآمر الكامل كما يرد في السجل المدني ميشال ميغيل إلياس تآمر لوليا، وعنونت «الآن لدينا لوليا»، في تذكير بلولا تصغير اسم سلف روسيف بين 2003 و2010.
وبذلك تطوي البرازيل، العملاق الناشئ في أميركا اللاتينية، صفحة 13 عاما من حكومات حزب العمال، افتتحها في 2003 الرئيس السابق لويس إينآسيو لولا دا سيلفا، الذي قاد الفورة الاجتماعية الاقتصادية في سنوات الألفين.
وصوت أعضاء مجلس الشيوخ بغالبية كبرى من 55 من أصل 81 لصالح بدء إجراء إقالة روسيف المتهمة بالتلاعب بأموال الدولة، وذلك في جلسة تاريخية بدأت صباح أول من أمس. وبذلك استبعدت روسيف (68 عاما) تلقائيا من السلطة خلال مهلة أقصاها 180 يوما في انتظار صدور الحكم النهائي لمجلس الشيوخ، الذي يفترض أن يصوت بغالبية الثلثين (54 صوتا من أصل 81)، التي تم تجاوزها أمس، من أجل إقالة نهائية.
ومن جهتها، دعت ديلما روسيف التي أقصيت عن رئاسة البرازيل بعد تصويت في مجلس الشيوخ الخميس شعب بلادها إلى «التعبئة ضد الانقلاب»، وذلك في أول كلمة لها بعد التصويت ببدء إجراءات إقالتها.
وقالت روسيف محتجة: «أدعو كل البرازيليين المعارضين للانقلاب، من أي حزب كانوا إلى البقاء في تعبئة وموحدين ومسالمين».
وصرحت روسيف أن «الخطر لا يحدق فقط بولايتي، بل أيضا باحترام أصوات الناخبين وسيادة الشعب البرازيلي والدستور»، مكررة القول إنها ضحية «انقلاب» و«مهزلة قضائية وسياسية».
وأنهى تصويت تاريخي في مجلس الشيوخ البرازيلي، أمس، مهام روسيف وبات نائبها ميشال تآمر رئيسا، بعد أن صوت أعضاء مجلس الشيوخ بغالبية كبرى من 55 من أصل 81 لصالح بدء إجراء إقالة روسيف المتهمة بالتلاعب بأموال الدولة، وذلك في جلسة تاريخية. وتتهم المعارضة اليمينية روسيف بارتكاب «جريمة مسؤولية» من خلال التلاعب عمدا بمالية الدولة لإخفاء حجم العجز في 2014.
لكن روسيف ترد على ذلك بالقول إن جميع أسلافها لجأوا إلى هذه «الأساليب» من دون أن يتعرض أحد لهم. وتؤكد أنها ضحية «انقلاب دستوري» أعده ميشال تآمر، الذي سرع وتيرة سقوطها من خلال دفع حزبه في أواخر مارس (آذار) الماضي على الانسحاب من الأكثرية.
واستبعدت روسيف الاستقالة، وقالت: «إنها عازمة على التصدي بكل الوسائل القانونية والنضالية» لمنع إقالتها. ومن جهتها، نددت السيناتورة غليسي هوفمان، الرئيسة السابقة لمكتب روسيف، بالعقاب «المبالغ به»، وقالت: «إن الأمر أشبه بمعاقبة مخالفة مرور بعقوبة الإعدام». فيما اعتبر السيناتور جوزيه سيرا (وسط اليمين)، الذي يمكن أن يعين وزيرا للخارجية أن «الإقالة علاج مر لكن لا بد منه».
أما إيسيو نيفيس، وهو أحد زعماء المعارضة والمرشح الذي لم يحالفه الحظ في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية عام 2014، فقال: «إن تصويت الثلثين إشارة إيجابية للحكومة الجديدة التي تتولى مهامها على أمل ألا تكون حكومة مؤقتة، لكن عليها إتمام الولاية الرئاسية».
وأجازت المحكمة العليا، أمس، فتح تحقيق بتهمة الفساد حول نيفيس، ويفترض أن تدلي روسيف بكلمة قبل مغادرتها القصر الرئاسي، حسبما أعلن حزب العمال لوكالة الصحافة الفرنسية، الذي حشد نوابا وناشطين أمام القصر الرئاسي تحت شعار «لن نقبل بحكومة غير شرعية». وبعد ذلك، ستتوجه ديلما روسيف إلى مقر إقامتها الرسمي في الفورادا؛ حيث ستقيم مع والدتها خلال فترة محاكمتها وستحتفظ براتبها وبحراسها الشخصيين.
ويفتقر تآمر إلى الشعبية؛ إذ أعرب غالبية من البرازيليين عن رغبتهم في رحيله، وفي إجراء انتخابات مبكرة لا ينص عليها الدستور. وسيرث تآمر الوضع المتفجر الذي تتركه ديلما روسيف؛ إذ تواجه البلاد أسوأ كساد منذ الثلاثينيات وفضيحة الفساد الكبيرة في مجموعة «بتروبراس» والتطورات القضائية غير المتوقعة التي تلطخ صورة حزبه على أعلى المستويات. ويمكن أن يعتمد في مرحلة أولى على دعم أوساط الأعمال التي تأمل في حصول صدمة ثقة، وعلى دعم الأحزاب اليمينية التي سعت إلى إقالة ورسيف. كما يعد تآمر لمجموعة من التدابير الليبرالية وغير الشعبية التي يمكن أن تدفع بالنقابات للنزول إلى الشارع، كتصحيح الميزانية وإصلاح نظام التقاعد الذي يعاني العجز وقانون العمل.