الجزائر: جدل حاد بسبب مسعى الحكومة لإلغاء صفقة بيع أكبر مجمع إعلامي

صحافيو «الخبر» نظموا مظاهرة احتجاجًا على خنق حرية التعبير

الجزائر: جدل حاد بسبب مسعى الحكومة لإلغاء صفقة بيع أكبر مجمع إعلامي
TT

الجزائر: جدل حاد بسبب مسعى الحكومة لإلغاء صفقة بيع أكبر مجمع إعلامي

الجزائر: جدل حاد بسبب مسعى الحكومة لإلغاء صفقة بيع أكبر مجمع إعلامي

يحتدم بالجزائر حاليا صراع حاد بين الإعلام المستقل عن الحكومة، والسلطات بسبب دعوى قضائية رفعتها وزارة الاتصال لإلغاء صفقة بيع أكبر مجمع إعلامي لأكبر رجل أعمال في البلاد. ونظم عشرات الصحافيين والحقوقيين وقياديون في أحزاب سياسية أمس مظاهرة أمام المحكمة الإدارية بالعاصمة، احتجاجا على لجوء الحكومة إلى القضاء في قضية وصفت بأنها «محاولة لقتل حرية التعبير».
وقاد المظاهرة صحافيو جريدة وفضائية «الخبر» اللتين انتقلت ملكيتهما إلى يسعد ربراب، الذي يوصف بـ«قبطان الصناعة الجزائرية». وشوهد من بين المتظاهرين حضور وزيرة الثقافة سابقا ووزير الإعلام سابقا عبد العزيز رحابي، ومرشحة انتخابات الرئاسة سابقا، زعيمة «حزب العمال» (يسار) لويزة حنون، ورئيس «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» (علماني) محسن بلعباس ورئيس حزب «جيل جديد» (ليبرالي) سفيان جيلالي، ورئيس «حركة مجتمع السلم» (إسلامي) عبد الرزاق مقري. كما شارك في المظاهرة رئيس «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان» المحامي نور الدين بن يسعد، والعشرات من الصحافيين من وسائل الإعلام الخاصة.
ورفع المحتجون شعارات معادية للحكومة، طالبتها بـ«التوقف عن استهداف الإعلام الحر المستقل عن السلطة»، وضرب رجال الأمن طوقا على مكان المظاهرة، من دون أن يتدخلوا لمنعها. وكان لافتا أن السلطات لم تعترض عليها رغم أن المسيرات والمظاهرات في شوارع العاصمة ممنوعة بقرار حكومي منذ 14 يونيو (حزيران) 2001، تاريخ سقوط قتلى وجرح العشرات في مسيرة ضخمة، نظمها نشطاء الهوية الأمازيغية.
وفي الوقت الذي كانت فيه المظاهرة جارية، اجتمعت هيئة قضاة المحكمة الإدارية في صيغتها «الاستعجالية»، للفصل في الشكوى التي رفعها وزير الإعلام حميد قرين لإلغاء صفقة البيع التي تمت الشهر الماضي. وبعد نحو ربع ساعة من تبادل العرائض بين محاميي الطرفين المتخاصمين، قرر القاضي تأجيل الفصل في النزاع إلى 25 من الشهر الحالي.
ويأخذ وزير الإعلام، وهو صحافي وروائي معروف، على ملاك «الخبر» ورجل الأعمال الثري، أنهم «خرقوا قانون الإعلام»، وبخاصة ما تعلق بالمادة 25 منه، التي تمنع على شخص واحد امتلاك أكثر من صحيفة. ومعروف أن ربراب يملك «ليبرتيه»، وهي من أشهر الصحف الفرنكفونية بالجزائر، وعليه لا يجوز له قانونا حيازة صحيفة أخرى. غير أن رجل الإعلام، الذي تفوق ثروته 5 مليارات دولار، يقول بأن الشركة مالكة «ليبرتيه»، وهو واحد من مالكي أسهم فيها، ليست هي نفس الشركة التي اشترت «الخبر»، برغم من أنها فرع في مجموعة الصناعات الغذائية (سيفتال)، التي يرأسها ربراب.
ويرى دفاع «الخبر» أن قانون الإعلام لا يسمح للوزير بمتابعتها قضائيا، على أساس أن نفس القانون جاء بآلية اسمها «سلطة ضبط الصحافة المكتوبة»، تتكفل بأي نزاع يخص الصحف. غير أنه منذ صدور القانون مطلع 2012، لم يتم تنصيب «سلطة الضبط» بأعضائها السبعة. ويقول الوزير قرين إنه يحق له أن يحلَ محل هذه الآلية وأن يؤدي مهامها ريثما ترى النور. أما الصحافيون المحتجون فيقولون بأن الحكومة «تتعمد تعطيل إنشاء سلطة الضبط، حتى تبقي سيطرتها على المشهد الإعلامي».
وتوجد إشكالية أخرى مطروحة في هذا النزاع المثير، تتمثل في أن الحكومة تتهم رجل الأعمال بـ«السعي لاحتكار الإعلام». بينما يتساءل الصحافيون والقانونيون إن كان امتلاك شخص واحد صحيفتين، في سوق يوجد به أكثر من 150 صحيفة، يعد احتكارا.
وصرَح الوزير أمس، لصحيفة محلية، بأنه لا يبحث عن غلق «الخبر» وأنه لم يمارس ضغوطا على أصحاب الإعلانات الخواص لوقف التعامل مع الصحيفة والقناة، كما يتهمه بذلك صحافيو المجمع. وقال أن «همي الوحيد ألا يتم خرق القانون، وصفقة بيع الخبر تشوبها خروقات كثيرة لهذا رفعت دعوى للقضاء، وما سيحكم به القضاة سأقبل به».



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».