مصر تنفي ترتيبات لاجتماع مصالحة بين حفتر والسراج

الجيش الليبي حاصر معقل المتطرفين في درنة وقوات من غرب ليبيا تتجه لسرت

مصر تنفي ترتيبات لاجتماع مصالحة بين حفتر والسراج
TT

مصر تنفي ترتيبات لاجتماع مصالحة بين حفتر والسراج

مصر تنفي ترتيبات لاجتماع مصالحة بين حفتر والسراج

بينما نفت مصادر مصرية لـ«الشرق الأوسط» احتمال عقد لقاء مصالحة وشيك في القاهرة بين رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني المقترحة من بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا فائز السراج، والقائد العام للجيش الليبي الفريق خليفة حفتر، تستعد قوات موالية لحكومة السراج لشن عمليات عسكرية ضد «داعش» في سرت، بالتزامن مع قوات من الجيش الذي يقوده حفتر.
وقالت مصادر مصرية مطلعة إن الشائعات المتداولة عن عقد اجتماع في العاصمة المصرية بين السراج وحفتر، غير صحيحة، لكنها رفضت الإدلاء بالمزيد من التفاصيل. ورعت مصر نهاية شهر يناير (كانون الثاني) الماضي اجتماعا هو الأول من نوعه بين حفتر والسراج، عقد في حضور مسؤول مصري بارز بمقر حفتر العسكري في مدينة المرج بشرق ليبيا.
لكن الخلافات حول وضع حفتر العسكري ما زالت تهيمن على العلاقات مع رئيس الحكومة الليبية الجديدة، خاصة مع محاولات بعض الأطراف المتطرفة في طرابلس الضغط على السراج لإخراج حفتر من المشهد السياسي والعسكري في البلاد.
والتقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل يومين مع السراج وثلاثة من أعضاء المجلس الرئاسي لحكومته، في إشارة رسمية إلى تأييد مصر للحكومة الجديدة، لكنه طالب في المقابل بإعادة تسليح الجيش الليبي الذي يقوده حفتر.
وكان رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا مارتن كوبلر، قد غادر القاهرة عقب محادثات أجراها مع علي القطراني عضو المجلس الرئاسي لحكومة السراج. وأعلن كوبلر عبر موقع تويتر أنه أجرى ما وصفه بمحادثات مطولة وصريحة مع القطراني الذي لا يزال يقاطع اجتماعات مجلس السراج الموجود في العاصمة طرابلس.
في المقابل، قالت وكالة الأنباء الليبية الرسمية إن القطراني حذر المبعوث الأممي من المساس بالجيش الليبي وقيادته الممثلة في الفريق حفتر. ونقلت عن القطراني قوله، خلال اجتماعه أمس في القاهرة مع كوبلر والذي عقد بناء على طلبه، إن الشعب الليبي لن يقبل بالمساس بالمؤسسة العسكرية التي تحارب الإرهاب في البلاد.
وأضاف: «الشعب هو من يمنح الشرعية في ليبيا وليست الأمم المتحدة أو الدول الغربية، ومجلس النواب الليبي هو الجسم الشرعي الوحيد في البلاد الذي انتخب من الشعب ويمثل مطالبهم، وهو ممثل أيضا للسلطة التنفيذية في حال غياب منصب رئيس الدولة».
كما اعتبر أن رئيس مجلس النواب المستشار صالح عقيلة هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، وليس المجلس الرئاسي الذي أكد أنه لا يزال محلا للخلافات وفاقدا للشريعة. وطالب القطراني بتعديل الاتفاق السياسي الذي تم إبرامه نهاية العام الماضي في منتجع الصخيرات بالمغرب بين الفرقاء الليبيين، لافتا إلى أن مجلس النواب في طبرق هو من وضع الاتفاق السياسي. وشدد القطراني المقرب من الفريق حفتر على أن رفض تعديل الاتفاق والإصرار على تلك المواقف، من شأنه أن يشعل البلاد، على حد قوله.
إلى ذلك، أعلن الجيش الليبي بدء «عملية البركان العسكرية» لتحرير مدينة درنة التي تبعد 1300 كيلومتر عن العاصمة طرابلس، وتعتبر المعقل الرئيسي للجماعات الإرهابية والمتطرفة في شرق البلاد.
ونفى مسؤول عسكري دخول قوات الجيش للمدينة، مشيرا إلى أنها تكتفي حاليا بفرض حصار على مواقع للمتطرفين داخل المدينة، فيما أغارت طائرات حربية على أماكن تمركز المتطرفين. من جهة أخرى، وبينما يستعد الجيش الليبي بقيادة حفتر لشن هجوم على مدينة سرت، أعلن متحدث باسم قوات في غرب ليبيا أنها تستعد للزحف على المدينة التي سيطر عليها تنظيم داعش العام الماضي، لتمضي بذلك في خطط للتصدي للتنظيم المتشدد بعد أن سيطرت عناصره على أراضٍ في الأسبوع الماضي.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.