محكمة إسرائيلية تدين مناصرة في محاولتي قتل.. والسلطة تتهم إسرائيل بالانتقام

أدانت المحكمة المركزية الإسرائيلية، أمس، الطفل أحمد مناصرة (14 عامًا)، الذي شغل الرأي العام الفلسطيني والإسرائيلي، خلال الشهور الماضية، بمحاولته تنفيذ عمليتي قتل برفقة ابن عمه الذي قضى برصاص الجيش الإسرائيلي في 12 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وقال محامي الطفل، طارق برغوث: «محكمة الاحتلال المركزية أدانت الطفل مناصرة في جلسة حسم الإدانة بمحاولتي قتل، بعد اعتقاله وإصابته في مستوطنة (بيزغات زئيف) العام الماضي بزعم محاولة الطعن».
وأضاف برغوث أن «المحكمة رفضت طلبنا بإلغاء لائحة الاتهام ضده كونه قاصرا، وكان برفقة ابن عمه الشهيد حسن مناصرة (15 عامًا)، ولم يكن ينوي القتل، وإنما التخويف ردًا على انتهاكات الاحتلال في المسجد الأقصى المبارك».
وأكد برغوث نيته التوجه إلى المحكمة العليا الإسرائيلية للاستئناف على قرار إدانة المحكمة المركزية، مشيرًا إلى عقد جلسة للمداولة بالحكم في 11 يونيو (حزيران) المقبل بـ«المركزية»، على أن يكون النطق بالحكم بعد شهر من تلك الجلسة. ومع إدانة مناصرة المثيرة للجدل، يواصل الطفل الصغير شغل الشارعين الإسرائيلي والفلسطيني بعدما تسبب سابقا في تأجيج الانتفاضة مرتين، على نحو واضح، وكان محور حديث القادة الفلسطينيين والمسؤولين الإسرائيليين، بل وسببا للتلاسن الكلامي بينهم. واستنكرت هيئة شؤون الأسرى والمحررين القرار، مؤكدة في بيان لها أن جهاز القضاء الإسرائيلي هو «جزء من منظومة القتل والبطش الإسرائيلية التي تمارس بحق كل الفلسطينيين، وعلى رأسهم الأطفال القاصرون الذين شنت تجاههم السلطات الإسرائيلية منذ أكتوبر الماضي أبشع السياسات والممارسات الإرهابية من اعتقال وتعذيب وإصدار إحكام تعسفية بالاعتقال والحبس المنزلي وفرض غرامات مالية باهظة جدا». وأصدرت حركة فتح بيانا قالت فيه إن إدانة الطفل ما هو إلا انعكاس لحالة الانتقام الإسرائيلي من الأطفال الفلسطينيين.
وقال منير الجاغوب، رئيس اللجنة الإعلامية في مفوضية التعبئة والتنظيم لحركة فتح، إن إدانة القاصر مناصرة «انعكاس لحالة الانتقام التي يوليها الاحتلال الإسرائيلي ضد أطفالنا داخل أروقة القضاء الذي يمارس كل أنواع التنكيل بحقوق الطفل الفلسطيني، وموقف واضح من الأساليب الجديدة التي تقتص فيها حكومة الاحتلال من كل الأطفال الذين شاركوا في الهبة الشعبية، ومحاولة يائسة لإقناع العالم بتجريم أطفالنا أمام المجتمع الدولي». وأضاف الجاغوب أن «الإجراءات القضائية التي تلت مشاهد التحقيق المُعنفة ضد الطفل أحمد مناصرة، تأتي في سياق يشير، وبشكل كبير، لتمادي إسرائيل في همجيتها وسادية محققيها، ولم يعد غريبًا أن تكون اليوم الإدانة بحق الطفل مناصرة في إطار قضاء احتلالي قائم على العنصرية التي اشتدت في الآونة الأخيرة ضد الفلسطينيين».
وناشد الجاغوب المؤسسات الحقوقية والدولية ومنظمات حقوق الطفل، تبني قضية الأسير المقدسي أحمد مناصرة، بصفتها نموذجا حيا على تمادي إسرائيل في خرق كل المواثيق الدولية والمعاهدات التي كفلت حقوق الطفل، مطالبا إياها بتحمل مسؤولياتها تجاه هذه الأحكام العنصرية. وكان مناصرة المثير للجدل أصيب برصاص الجيش ومستوطنين في أكتوبر الماضي في القدس، وظهر في صور فيديو وهو ملقى في الشارع ومدرج بدمائه ويتلقى الركل والشتائم النابية من المستوطنين، مما أثار غضبا فلسطينيا كبيرا ترجم في اليوم التالي بتنفيذ عدة عمليات انتقامية، قبل أن يستخدم الرئيس الفلسطيني محمود عباس في إحدى خطبه صورة مناصرة، متهما إسرائيل بإعدامه، فيرد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بنشر فيديو آخر للطفل وهو يعالج بالمستشفى متهما عباس بالتحريض ونشر «الأكاذيب». وبعد أشهر قليلة فقط، عاد مناصرة إلى دائرة الضوء مجددا، بعد تسريب مقطع فيديو يظهره تحت التحقيق في إسرائيل، وأثار غضبا وجدلا كبيرين، وقاد أيضا إلى موجة تصعيد وعمليات انتقامية في اليوم التالي. وظهر مناصرة في الفيديو الذي يمتد لنحو 10 دقائق، وهو يرتدي ملابس السجن، وقد جلس في غرفة فيها ثلاثة محققين يتناوبون استجوابه بقسوة، وهو يبكي ويطلب تحويله إلى الطبيب، مؤكدا أنه لا يتذكر شيئا مما يسألونه عنه.
ولم يعترف مناصرة بحسب فيديو التحقيق، بأنه طعن إسرائيليين، وقال للمحققين معه وهو يبكي إنه لا يتذكر شيئا. وأضاف بعد ممارسة الضغوط عليه وتكذيبه وتخويفه والصراخ في وجهه بشدة، وقد بدا في حالة انهيار عصبي: «اللي بتحكوه صحيح.. انتو ضربتوني عراسي.. كل إلى بتحكوه صح.. هذا أنا وهذا الفيديو صح.. بس كيف وليش ومين ما بعرف مش متذكر». وتابع: «ابعتوني على الدكتور».