السرد.. والهوية الوطنية والاجتماعية

مختبر السرديات الكويتي يطلق أول أنشطته عبر ندوة

سعاد العنزي وفهد الهندال
سعاد العنزي وفهد الهندال
TT

السرد.. والهوية الوطنية والاجتماعية

سعاد العنزي وفهد الهندال
سعاد العنزي وفهد الهندال

«اليوم نبدأ أول خطوة في تنفيذ حلم أن نكون عنصرا فعالا في الأدب وخاصة السرد، نساهم في إنتاجه وتجويده».
بهذه العبارة أعلنت الروائية هديل الحساوي مؤسس ومدير مختبر السرديات الكويتي انطلاقة أولى فعاليات المختبر بعد نحو 6 أشهر من تأسيسه (أعلن عن تأسيسه يوم 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2015)، حيث أطلق أولى فعالياته أخيرًا.
وأوضحت الحساوي أن الفكرة بدأت وسط مراقبة الحراك الثقافي في الكويت وتعدد الملتقيات الثقافية وأندية القراءة والورش التي تهتم بتعليم الكتابة بمختلف أنواعها، وأن البحث استمر عما يمكن تقديمه للعمل الثقافي والأدبي في الكويت من باب علمي وأكاديمي نقدي خصوصا في ظل الجهود المتفرقة والإضاءات المختلفة من نقاد كويتيين كرسوا جهودهم لدراسة الأدب الكويتي والعربي.
وأكدت الحساوي على أن ما سيقدم في المختبر من دراسات ستنشر لاحقا في سلسلة كتاب لتوثيق جهد أصحابها وتكون لبنة أولى نحو تحقيق الحلم وتحويله إلى واقع.
وكانت انطلاقة مختبر السرد بندوة قيمت تحت عنوان: «السرد والهوية الوطنية والاجتماعية»، حيث شارك فيها كل من الدكتور نادر كاظم من مملكة البحرين وأستاذ الدراسات الثقافية بقسم العلوم الاجتماعية بجامعة البحرين، والدكتورة سعاد العنزي من دولة الكويت وأستاذة النقد الحديث بجامعة الكويت، وبإدارة الناقد فهد الهندال الذي شدد على أن قضايا الهوية في السرد الروائي، ظهرت واشتدت صراعاتها مع الذات أو النظير المشترك أو الآخر في الوقت الراهن.
وحملت ورقة الدكتور نادر كاظم عنوان: «من الهوية الطاردة إلى الهويات القاتلة»، مركزا على روايتي الكاتب الكويتي سعود السنعوسي «ساق البامبو» و«فئران أمي حصة»، لكونهما تشكلان نموذجا لمأزق الهوية على المستوى الفردي والجماعي. فكانت هوية المجتمع الطاردة في «ساق البامبو» في مأزق هوزيه ودفعه للشعور بالتمزق بين هوية يريدها ويطمح لو يذوب فيها ويصبح جزءا من كلها، في حين هذا الكل يرفضه ويلفظه ويطرده ويعجز عن استيعابه. وعلى الطرف الآخر، فقد دفعت هويات المجتمع الممزقة في «فئران أمي حصة» شخصيات الرواية إلى مصائرها القلقة والمقلقة على المستوى الفردي، إلى الشعور بالتمزق بين مجتمع تتذكره جميلاً وموحدًا «أيام أول» و«زمان الطيبين»، وتعيشه الآن (يحدث الآن) قبيحًا وممزقًا ومنخرطًا في اقتتال طائفي دموي ومدمّر.
ليؤكد كاظم بعدها في تحول الهوية في العملين بأن الانتقال من رواية «ساق البامبو» إلى رواية «فئران أمي حصة»، يمثل تحوّلاً في طبيعة الهوية من هوية طاردة لا تقبل المختلف ربما بسبب وحدتها وتماسكها إلى هويات قاتلة. إنه تحوّل يتجلى كما لو كان تأريخًا لمسيرة «الكل» وهو ينهار ويتفتت إلى أجزائه الصغيرة والمتصادمة، لمسيرة تلك «الذات» وهي تنقلب على نفسها، وتعيد ترسيم حدودها، وتقضي، بذلك، على وجودها، وهو المعنى الذي كان يتردد على لسان الجدة حصة: «يخرج من بطنك دود ياكلك». ثم يطرح كاظم مفهوم (وحش الهوية)، مؤكدا على أن المجتمع «هنا» يعيش في كل مرة هزّات إرادية لزلزال يقع «هناك». ليطرح السؤال التالي هل الهوية الجامعة هي الحل؟ ليقدم التصور في تذويب المسافة التي تشكلها الهويات الصغرى في المجتمع، لتكون هوية واحدة جامعة.
بعد ذلك قدّمت الدكتورة سعاد العنزي ورقتها النقدية بعنوان «المتن والهامش في تمثيلات الهوية في الكويت»، منطلقة من منظور النظر للهوية الكويتية: هل ننظر لها بناء على تقسيمات هوية الكويت ما قبل النفط وما بعد النفط وهو بالتأكيد تقسيم يفسر مكونات المجتمع الكويتي ما بعد الطفرة الاقتصادية الهائلة والاستقلال، وقد تحدث الكثير من الأدباء بالكويت عن هذه الاختلافات الجذرية التي حلت على المجتمع الكويتي، كما أن الحدث السياسي الهام هو الغزو العراقي الذي يشكل حجر الأساس في فهم الهوية السياسية الكويتية الجديدة وتحولاتها ما بعد الغزو، التي بدأت بشكل واضح تنعكس بالسرد الكويتي في الخمس سنوات الماضية تحديدا، لتضيف أن الحديث عن قضايا الهوية يتطلب أدوات معرفية تؤسس لوجود هذا الكيان الإنساني الذي يريد أن يحظى باعتراف ويؤسس لثقافة جديدة.
ثم استعرضت العنزي في تطبيق نقدي عملي على تعدد الهويات الأكثر ورودا في السرد الكويتي، هوية المجتمع الكويتي متمثلة في رواية: «فئران أمي حصة»، و«قطط انستجرام»، وهوية المهمشين من مثل البدون في روايات ناصر الظفيري، وهوية السود في رواية «لأني أسود» لسعداء الدعاس، وهوية المرأة في روايات ليلى العثمان، لتفصّل القول في كل نوع من الهويات في الروايات المختارة للورقة.
واستنتجت العنزي في ختام ورقتها أن الهوية الوطنية والاجتماعية تم تمثيلها في السرد الكويتي بشكل جيد، وقد غطت الروايات مواضيع وأبعاد متعددة تعكس صورة المجتمع الكويتي متنا وهامشا، وقد نحتاج إلى المزيد من قراءة أعمال تتطرق لتفاصيل أكثر لبعض الحالات، والدخول في مناطق فكرية ومعرفية وإنسانية مسكوت عنها ومغيبة عن دائرة الاهتمام.
بعد ذلك فتح المجال للمداخلات، التي شارك فيها عدد من الحضور: الدكتور أيمن بكر، الدكتور علي العنزي، الأديب طالب الرفاعي، الأديبة الدكتورة ليلى محمد صالح، الكاتب حسين المطوع، الفنانان عبد العزيز الحداد وناصر كرماني، وغيرهم.



«جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية» تُعلن قائمتها الطويلة

«جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية» تُعلن قائمتها الطويلة
TT

«جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية» تُعلن قائمتها الطويلة

«جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية» تُعلن قائمتها الطويلة

أعلنت «جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية»، في الكويت، اليوم (الأحد)، عن القائمة الطويلة لدورتها السابعة (2024 - 2025)، حيث تقدَّم للجائزة في هذه الدورة 133 مجموعة قصصية، من 18 دولة عربية وأجنبية. وتُعتبر الجائزة الأرفع في حقل القصة القصيرة العربيّة.

وقال «الملتقى» إن جائزة هذا العام تأتي ضمن فعاليات اختيار الكويت عاصمة للثقافة العربية، والإعلام العربي لعام 2025، وفي تعاون مشترك بين «المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب»، و«جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية»، في دورتها السابعة (2024 - 2025).

وتأهَّل للقائمة الطويلة 10 قاصّين عرب، وهم: أحمد الخميسي (مصر) عن مجموعة «حفيف صندل» الصادرة عن «كيان للنشر»، وإيناس العباسي (تونس) عن مجموعة «ليلة صيد الخنازير» الصادرة عن «دار ممدوح عدوان للنشر»، وخالد الشبيب (سوريا) عن مجموعة «صوت الصمت» الصادرة عن «موزاييك للدراسات والنشر»، وزياد خدّاش الجراح (فسطين) عن مجموعة «تدلّ علينا» الصادرة عن «منشورات المتوسط»، وسامر أنور الشمالي (سوريا) عن مجموعة «شائعات عابرة للمدن» الصادرة عن «دار كتبنا»، وعبد الرحمن عفيف (الدنمارك) عن مجموعة «روزنامة الأغبرة أيام الأمل» الصادرة عن «منشورات رامينا»، ومحمد الراشدي (السعودية) عن مجموعة «الإشارة الرابعة» الصادرة عن «e - Kutub Ltd»، ومحمد خلفوف (المغرب) عن مجموعة «إقامة في القلق» الصادرة عن «دار إتقان للنشر»، ونجمة إدريس (الكويت) عن مجموعة «كنفاه» الصادرة عن «دار صوفيا للنشر والتوزيع»، وهوشنك أوسي (بلجيكا) عن مجموعة «رصاصة بألف عين» الصادرة عن «بتانة الثقافية».

وكانت إدارة الجائزة قد أعلنت عن لجنة التحكيم المؤلّفة من الدكتور أمير تاج السر (رئيساً)، وعضوية كل من الدكتور محمد اليحيائي، الدكتورة نورة القحطاني، الدكتور شريف الجيّار، الدكتور فهد الهندال.

النصّ والإبداع

وقال «الملتقى» إن لجنة التحكيم عملت خلال هذه الدورة وفق معايير خاصّة بها لتحكيم المجاميع القصصيّة، تمثّلت في التركيز على العناصر الفنية التي تشمل جدة بناء النصّ، من خلال طريقة السرد التي يتّخذها الكاتب، ومناسبتها لفنّ القصّ. وتمتّع النصّ بالإبداع، والقوّة الملهمة الحاضرة فيه، وابتكار صيغ لغوية وتراكيب جديدة، وقدرة الرؤية الفنيّة للنصّ على طرح القيم الإنسانيّة، وكذلك حضور تقنيّات القصّ الحديث، كالمفارقة، وكسر أفق التوقّع، وتوظيف الحكاية، والانزياح عن المألوف، ومحاكاة النصوص للواقع. كما تشمل تمتّع الفضاء النصّي بالخصوصيّة، من خلال محليّته وانفتاحه على قضايا إنسانية النزعة.

وقالت إن قرارها باختيار المجموعات العشر جاء على أثر اجتماعات ونقاشات مستفيضة ومداولات متعددة امتدت طوال الأشهر الماضية بين أعضاء اللجنة، للوصول إلى أهم المجاميع القصصيّة التي تستحق بجدارة أن تكون حاضرة في القائمة الطويلة للجائزة، المكوّنة من 10 مجاميع، بحيث تقدّم مشهداً إبداعياً قصصياً عربياً دالّاً على أهمية فن القصة القصيرة العربية، ومعالجته لأهم القضايا التي تهم المواطن العربي، ضمن فضاء إبداعي أدبي عالمي.

وستُعلن «القائمة القصيرة» لجائزة «الملتقى» المكوّنة من 5 مجاميع قصصيّة بتاريخ 15 يناير (كانون الثاني) 2025، كما ستجتمع لجنة التحكيم في دولة الكويت، تحت مظلة «المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب»، في منتصف شهر فبراير (شباط) 2025، لاختيار وإعلان الفائز. وسيُقيم المجلس الوطني احتفالية الجائزة ضمن فعاليات اختيار الكويت عاصمة للثقافة والإعلام العربي لعام 2025. وستُقام ندوة قصصية بنشاط ثقافي يمتد ليومين مصاحبين لاحتفالية الجائزة. وذلك بمشاركة كوكبة من كتّاب القصّة القصيرة العربيّة، ونقّادها، وعدد من الناشرين، والمترجمين العالميين.