عقارات بورتوريكو.. حيث الحياة بين الغابة والمحيط

فرص لاقتناص المنازل نتيجة تنازلات الملاك

أحد المنازل بمدينة لوكويللو في بورتوريكو (نيويورك تايمز)
أحد المنازل بمدينة لوكويللو في بورتوريكو (نيويورك تايمز)
TT

عقارات بورتوريكو.. حيث الحياة بين الغابة والمحيط

أحد المنازل بمدينة لوكويللو في بورتوريكو (نيويورك تايمز)
أحد المنازل بمدينة لوكويللو في بورتوريكو (نيويورك تايمز)

يحمل هذا المنزل الذي يضم أربع غرف للنوم مع ثلاث حمامات في مدينة لوكويللو مشهدًا غير اعتيادي في بورتوريكو، إذ إنه مصمم على طراز بويبلو النهضوي، وهو من التصاميم المعمارية المنتشرة بالأساس في جنوب غربي الولايات المتحدة.
تقول روزا جوسينو بائعة المنزل، وهي من المحامين العاملين في مجال العقارات وتعشق الخيول والعمارة التاريخية: «أردت بناء منزل مميز وفريد».. متحدثة عن الفيلا التي يقع بين المحيط والغابة المطيرة، ومعروضة للبيع بسعر مليون و200 ألف دولار.
والفيلا، التي تحمل اسم «رانشو سوبرانو» أو المزرعة المهيمنة، تقع في نهاية طريق طويل تصطف على جانبيه الأشجار الجميلة. وتواجه المنزل على الناحية الأخرى غابة إل يونكي المطيرة، وفي الخلفية هناك المحيط الأطلسي. والأبواب الأمامية، التي تحمل زخارف غريبة بعض الشيء بما في ذلك نافذة متوسطة الحجم، تؤدي إلى البهو الداخلي، الذي يؤدي إلى غرفة المعيشة الرئيسية، التي يعلوها سقف على ارتفاع 15 قدمًا ومدفأة مستديرة على طراز الكيفا. وليس من المعتاد وجود مدفأة في الجزيرة الاستوائية، كما تقول السيدة جوسينو، ولكن إشعال النار أو تسخين الخبز في هذه المناطق هي من العادات المحلية.
والمطبخ المفتوح، الذي يضم منطقة تناول الطعام، يقع على الجانب الأيمن من غرفة المعيشة الرئيسية. وعلى الجانب الآخر من المنزل، على يسار غرفة المعيشة، هناك ثلاث غرف للنوم، بما في ذلك غرفة النوم الرئيسية التي تضم حمامًا داخليًا ملحقًا بها. كما يوجد في غرفة النوم الكبرى أيضًا جدران مستديرة فيها نوافذ تطل على المساحة الأمامية من المنزل، ومنها إلى المحيط. وإلى جانب ذلك، هناك غرفتا نوم أخريان تشتركان في حمام كبير. وغرفة النوم الرابعة يوجد فيها حمام داخلي ملحق ومجهز بمسار خاص لذوي الإعاقة، كما تقول مالكة المنزل.
وعلى الرغم من أن المنزل الذي تبلغ مساحته 3000 قدم مربع، المشيد في عام 2009، يبدو وكأنه مبني من الطوب اللبن، فإن مادة البناء الأساسية هي الخرسانة مع التشطيبات الخارجية ذات العمارة القديمة بعض الشيء. وتقول السيدة جوسينو عن ذلك: «إنه تصميم ريفي، وبسيط، ومتناغم مع الطبيعة المحيطة». ولقد طلبت مالكة المنزل شراء البلاط من ماركة تالافيرا وسالتيلو من المكسيك، وحاملات المصابيح الجدراية من تكساس. أما الإفريز الخشبي المنحوت والبوابات الحديدية في المنزل فهي من الأسواق المحلية. وهناك مراوح سقفية في جميع أنحاء المنزل، كما أن هناك وحدات لتكييف الهواء في ثلاث غرف للنوم فقط.
يسمح تصميم المنزل بالتماهي مع الطبيعة المحيطة من خلال استخدام الشرفات والباحات. ويؤدي المدخل من غرفة المعيشة إلى الغرفة شبه المغلقة المطلة على الباحة الخارجية في الهواء الطلق، التي تواجه الغابة المطيرة. وإلى خارج غرفة المعيشة هناك شرفة مغطاة توجد فيها أرجوحة. والديكورات والتشطيبات، بما في ذلك كثير من القطع الفنية اليدوية، غير مدرجة على سعر المنزل ويتم التفاوض بشأنها على حدة.
ويقع المنزل في مدينة لوكويللو التي يبلغ تعداد سكانها 20 ألف نسمة، على الساحل الشمالي الشرقي من الجزيرة ذات المناظر الطبيعية الخلابة، كما تقول أوريانا جوفلير، نائبة رئيس دار سوثبي الدولية فرع بورتوريكو، والتي تشرف على الصفقات العقارية الخاصة بالمنزل. والعقار، الذي يضم مرافق للفروسية تشتمل على ثلاثة إسطبلات للخيول وأربعة مراعٍ، يستقر على مساحة من الأرض تبلغ 4.1 فدان أعلى تل يبعد نحو ميلين عن المحيط. ومن الممكن ركوب الخيل بمحاذاة الشاطئ، كما تقول السيدة جوسينو، كما أن الغابة المطيرة لا تبعد كثيرا عن المنزل. في حين يبعد المطار نحو 25 دقيقة وتبعد مدينة سان خوان القديمة نحو 40 دقيقة.

نظرة عامة على السوق

يقول الوكلاء العقاريون في بورتوريكو إن الأزمة الاقتصادية في الجزيرة دفعت الناس إلى الابتعاد عنها، وخلقت مناخ الصفقات للمشترين المستعدين لتقديم تنازلات حول الموقع. وبالنسبة للعقارات الفاخرة القريبة من المحيط، رغم ذلك، يتعزز الطلب على الشراء من خلال الحوافز الضريبية المخصصة للأثرياء من المشترين الأجانب، والأسعار المستقرة، أو حتى المرتفعة قليلا.
يقول حيرام البينو، مؤسس شركة العقارات الفاخرة في بورتوريكو، وهي الشركة التي تتخذ من منتجع شاطئ دورادو الغربي في مدينة سان خوان مقرًا لها: «الحقيقة وراء مغادرة الكثيرين من المحترفين لجزيرتنا هي البحث عن فرص عمل أفضل في الولايات المتحدة، وبعض من السكان الأغنى قد تأثروا سلبيا بسبب الخسائر المستمرة في الاستثمارات المحلية في مجال السندات، مما يخلق بعض من الفرص الاستثنائية لشراء العقارات الفاخرة».
ولقد انخفضت الأسعار في جميع أنحاء الجزيرة بنسبة تصل إلى خمسين في المائة في سوق العقارات غير الفاخرة، فضلا عن العقارات الفاخرة التي لا تطل على الشاطئ، كما قال السيد البينو. وأضافت السيدة جوفلير أنه في واقع الأمر، فإن الوقت الحالي هو أنسب الأوقات لشراء العقارات في الجزيرة.
ولم تتأثر المنازل الفاخرة المطلة على الشاطئ من انخفاض أسعار العقارات في الجزيرة، كما يقول الوكلاء. ولكن العرض من العقارات عالية الجودة محدود للغاية، ولكن الطلب قوي للغاية بسبب الحوافز الضريبية التي وضعت في عام 2012. ولقد سُن قانون يحمل اسم القانون 22 بهدف جذب المزيد من المستثمرين والأشخاص من الأثرياء للانتقال إلى بورتوريكو، مع حوافز تتضمن الإعفاءات الضريبية، التي أسفرت عن انتقال ما يقرب من 600 شخص إلى الجزيرة منذ عام 2012، كما يقول خوسيه خواكين فيلاميل، الخبير الاقتصادي ورئيس شركة «استوديوس تيكنيكوس» للاستشارات الاقتصادية في سان خوان، مشيرا إلى الأرقام الحكومية الصادرة بهذا الشأن.
ويضيف السيد فيلاميل قائلا: «السوق العقارية الحالية في صدمة. ومن الواضح، أننا كنا نتوقعها. والشيء الوحيد الذي حافظ على بقاء سوق العقارات الفاخرة هو القانون 22».
وقال السيد البينو إن العقارات الفاخرة في المناطق التي يكثر عليها الطلب في كوندادو وشاطئ دورادو تصل أسعارها إلى ألف دولار للقدم المربع الواحد.
ولكن ليتيسيا برونيه غونزاليس، رئيسة مجموعة تريليون ريالتي العقارية، وهي من الشركات التابعة لدار كريستيز للمزاد، تقول إن أسعار المنازل الفاخرة المطلة على الشاطئ احتفظت باستقرارها، أو ارتفعت قليلا في بعض الحالات، منذ عام 2012. وتتراوح الأسعار للقدم المربع الواحد بين 400 إلى 600 دولار، ومع بعض الاستثناءات، تميل العقارات هناك إلى الإغلاق عند مستوى 15 في المائة أدنى من المطلوب.
وأضاف السيد برونيت غونزاليس أن اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة واقتراب ميعاد الانتخابات المحلية لمنصب حاكم الجزيرة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، لهما تأثيرهما الملحوظ على سوق العقارات في الجزيرة، حيث يساور المشترين المحتملين القلق بشأن النتائج المقبلة.

من يشتري في بورتوريكو؟

يأتي أغلب المشترين للمنازل والعقارات الفاخرة في الجزيرة من البر الرئيسي في الولايات المتحدة، كما يقول الوكلاء. ولكن السيدة جوفلير قالت إن الخطوط الجوية الأيبيرية والنرويجية قد بدأتا في توفير رحلات الطيران المباشرة إلى الجزيرة، مما يعكس الاهتمام المتزايد من جانب الأوروبيين. كما أن لشركتها مشترين من الإمارات العربية المتحدة، والصين، وكندا خلال الـ16 شهرا الماضية، كما وصلت إليها استفسارات من اليابان، وقالت: «يعود الفضل في كل ذلك إلى الحوافز الضريبية».

أساسيات الشراء

يمكن لمواطني الولايات المتحدة الشراء في الجزيرة من دون أي قيود، إذ إن بورتوريكو من دول الكومنولث التابعة للولايات المتحدة. وتتم المعاملات العقارية بواسطة كتاب العدل، وهم أيضًا المحامون المرخص لهم بمزاولة المهنة في الجزيرة، كما تقول ثيلما ريفيرا، وهي شريكة في مؤسسة غولدمان انتونيتي وكوردوفا القانونية في سان خوان. ويجري اختيار كاتب العدل من قبل المشتري، ويسدد البائع رسوم التوثيق الرسمية، ورسوم عقد الصفقات في بورتوريكو، وتتضمن رسوم الدمغات والتوثيق، تشهد انخفاضًا ملحوظًا.
وعلى سبيل المثال، بالنسبة للمنزل الذي يبلغ سعره مليون دولار فإن الرسوم الحكومية تبلغ 10.600 دولار، كما تقول السيدة ريفيرا. ويسدد المشتري مبلغ 6 آلاف دولار من المبلغ المذكور.
وتنصح السيدة ريفيرا المشترين بالحصول على شهادة الدين الضريبي العقارية قبل إتمام الصفقات. ومن دونها، كما تقول، يتحمل المشتري المسؤولية القانونية عن الضرائب العقارية غير المسددة للعام الحالي وآخر خمس سنوات في حالة عدم سداد تلك الضرائب.. كما ينصح السيد البينو المشترين كذلك بطلب البحث عن أصحاب الملكية والحصول على تقييم مهني للعقار.
وتعد اللغات الرسمية لبورتوريكو هي الإسبانية والإنجليزية، أما العملة فهي الدولار الأميركي. ويمكن الحصول على مزيد من المعلومات المفيدة عبر عدد من المواقع الإلكترونية، مثل موقع شركة السياحة في بورتوريكو (puertoricotourism.pr.gov)، وموقع حديقة كارابالي في الغابة المطيرة (carabalirainforestpark.com).
وعن الضرائب والرسوم، فالضريبة العقارية السنوية تبلغ 2135 دولارًا، وفقا للسيدة جوفلير. وتبلغ أجرة عامل المزرعة الموظف في العقار نحو 200 دولار في الأسبوع.

* خدمة «نيويورك تايمز»



جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
TT

جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه

غالباً ما ينظر النشطاء في مجال الإسكان بالولايات المتحدة الأميركية إلى بناء المباني السكنية الجديدة على أنه هو المشكلة، حيث يتم السماح للمطورين العقاريين ببناء مزيد من المساكن، لا سيما في الأحياء الفقيرة، مما يجعل المستأجرين والجيران في هذه المناطق يخشون من ارتفاع أسعار السوق وزيادة تكلفة الإيجارات عليهم، في حين يميل الاقتصاديون، من ناحية أخرى، إلى رؤية المباني الجديدة بوصفها الحل وليست المشكلة، حيث يقولون إن الطريقة الوحيدة لتخفيف النقص في عدد الشقق، الذي بدوره يؤدي إلى رفع الإيجارات، هي بناء مزيد من المساكن، فهم يؤكدون أن بناء ما يكفي من المساكن سيؤدي لانخفاض الإيجارات بشكل عام.
وتعدّ الإشكالية بين هذين الرأيين أساس حالة الجدل المثارة حول البناء الفردي والمعارك الأوسع حول كيفية تخفيف أزمة الإسكان في الولايات المتحدة. وحتى وقت قريب، لم تكن هناك أي بيانات تقريباً على نطاق الأحياء لحل هذه الأزمة، ويبدو أن كلا الرأيين صحيح في الوقت نفسه، فالمساكن الجديدة قد تساعد في خفض الإيجارات في مناطق المترو على سبيل المثال وذلك حتى في الوقت الذي قد يعني فيه ذلك زيادة الطلب على هذه المناطق مما يزيد من قيمة الإيجارات فيها.
وتقدم دراسات جديدة عدة أخيراً بعض الأدلة المشجعة، إن لم تكن كاملة، حيث نظر الباحثون في جامعة نيويورك و«معهد آب جون»، وجامعة مينيسوتا، إلى ما يحدث بشكل مباشر مع بناء المساكن الجديدة، واسعة النطاق، والتي تُباع بسعر السوق (دون قيود على قيمة الإيجار)، حيث تشير دراسات عدة بالفعل إلى أن المناطق التي تبني مزيداً من المساكن تكون أسعارها معقولة، وتتساءل هذه الدراسات الحديثة عما إذا كان هذا النمط يظل ثابتاً عند النظر إلى بناء المساكن الفردية وليس المجمعات السكنية الكبيرة.
وتشير النتائج، مجتمعة، إلى أن المساكن الجديدة يمكن أن تخفف من حدة ارتفاع الإيجارات في المباني الأخرى القريبة، لكن جاء رأي هذه النتائج مختلطاً حول ما إذا كان المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض يستفيدون بشكل مباشر من المباني الجديدة أيضاً.
وتمثل أنواع المباني التي تصفها هذه الدراسات، والتي تخضع لسعر السوق وتتكون من 50 وحدة سكنية أو أكثر، غالبية المباني الجديدة الآن، كما تستهدف الغالبية العظمى من الشقق الجديدة اليوم المستأجرين من ذوي الدخل المرتفع، حيث يبلغ متوسط الإيجار لوحدة جديدة الآن 1620 دولاراً أميركياً في الشهر، أي أعلى بنسبة 78 في المائة من متوسط الإيجار على مستوى البلاد، وذلك وفقاً لـ«مركز هارفارد المشترك للدراسات الإسكانية»، (كما أن الهوة بين هذه الأرقام آخذة في الاتساع)، وتميل هذه المباني أيضاً إلى أن تكون الأكثر ظهوراً في المعارك المتعلقة بالإسكان في مختلف الأحياء الأميركية.
وتقول الزميلة في «مركز فورمان» بجامعة نيويورك، والتي درست تأثير المباني الجديدة في نيويورك، شياودي لي: «المستأجرون لا يحبون فكرة بناء المباني الشاهقة الجديدة، وذلك لأنهم يجدون هناك ارتفاعاً أيضاً في قيمة الإيجارات لديهم».
وقد يفترض الجيران أن المباني الجديدة تتسبب في ارتفاع الإيجارات، وهذا أمر مبرر إذا كانت المباني الجديدة تجذب كثيراً من السكان الأكثر ثراءً، والذين بدورهم يجذبون وسائل الراحة الراقية التي تجعل الحي مرغوباً فيه بشكل أكبر.
وتضيف لي: «السؤال الرئيسي هنا هو: ما التأثير الحقيقي لبناء هذه المباني؟». وقد وجدت لي أن المباني الجديدة في نيويورك تجذب مزيداً من المطاعم والمقاهي في المناطق المجاورة، لكنها خلصت إلى أن أي تأثير قد يؤدي لرفع الإيجارات في المناطق المجاورة لهذه المرافق، سيتم وقفه بسبب زيادة المعروض من المباني، وهو الأمر الذي يؤدي لخفض الإيجارات، كما وجدت أنه مقابل كل زيادة بنسبة 10 في المائة في المعروض من المساكن، فإن إيجارات العقارات التي تقع على مسافة 500 قدم تنخفض بنسبة واحد في المائة، وذلك مقارنة بالمناطق الأخرى التي يرتفع فيها الطلب.
ولكن يبدو أن هذه الفوائد ستذهب للمستأجرين في المباني الراقية والمتوسطة القريبة، حيث يفترض أن مالكي العقارات يرون منافسة جديدة في الجوار مما يدفعهم لتعديل قيمة إيجارات مساكنهم بما يتناسب مع هذه المنافسة، لكن «لي» وجدت أن المباني الجديدة ليس لها أي تأثير على إيجار العقارات التي تقع على بُعد أكثر من 500 قدم، وأنها لا تؤثر أيضاً على إيجارات الوحدات منخفضة التكلفة القريبة، وذلك لأنه ربما لا يرى ملاك هذه الوحدات الأبراج الفاخرة الجديدة على أنها منافسة لهم بشكل مباشر.
وفي دراسة منفصلة، وجد براين أسكويث وإيفان ماست من «معهد آب جون»، وديفين ريد في «بنك فيلادلفيا الفيدرالي»، مجموعة مماثلة من النتائج في 11 مدينة رئيسية، بما في ذلك أتلانتا وأوستن وشيكاغو ودنفر، وشملت الدراسة المباني الجديدة التي تضم 50 وحدة على الأقل والتي تم بناؤها في أحياء يقطنها ذوو الدخل المنخفض في وسط المدينة، ويقدر هؤلاء الباحثون أن هذه المباني الجديدة تؤدي لخفض الإيجارات بنسبة بين 5 و7 في المائة في المناطق المجاورة بشكل مباشر، وذلك مقارنة بقيمة الإيجارات المتوقعة في حال لم يكن قد تم بناء هذه المباني الجديدة.
ولكن لا تعني الدراسة أن الإيجارات تنخفض بالفعل، إلا إنها تشير، بدلاً من ذلك، إلى أن المباني الجديدة تبطئ وتيرة زيادة الإيجارات في أنواع الأحياء التي يصفها المطورون العقاريون بأنها مرتفعة بالفعل، حيث إنه بحلول الوقت الذي يصل فيه هؤلاء المطورون إلى حي ما، خصوصاً مع وجود خطط لمشاريع كبيرة الحجم، فإنه من المرجح أن ترتفع الإيجارات بشكل سريع.
وعن تفسيره النتائج التي توصل إليها في اجتماع عام بشأن الرؤية السابقة، يقول ماست: «الأثرياء يتطلعون بالفعل إلى الانتقال إلى حي ما، ولذلك فإنه يمكننا بناء ذلك المبنى الذي يمنحهم شكل الوحدة التي يريدون أن يعيشوا فيها، وفي حال لم نفعل ذلك، فإنهم سيقومون بشراء وحدة في مكان قريب ثم سيقومون بتجديدها».
وقد يكون هذا الرأي غير مريح بالنسبة للمقيمين في الأحياء منذ فترة طويلة، خصوصاً أولئك الذين يشعرون بالقلق من التغيرات التي تحدث في أحيائهم والتي تتجاوز فكرة قيمة الإيجارات فقط، لكنه يمثل رداً على نقطة واحدة على الأقل فيما يخص الجدل المثار حول بناء المباني السكنية الجديدة.
ويقول الأستاذ في جامعة نيويورك، إنغريد غولد إيلين: «هذه النتائج تشير ببساطة إلى أن بناء مزيد من المساكن في أحد الأحياء لن يؤدي إلى تفاقم أعباء الإيجار المرتفعة، ولكنه قد يساعد في التخفيف من حدتها».
ويأتي أحد التحذيرات في الأبحاث التي أجراها أنتوني داميانو وكريس فرينير، اللذان يدرسان للحصول على الدكتوراه في جامعة مينيسوتا، حيث قاما بدراسة المباني الجديدة واسعة النطاق التي بنيت في مينابولس، وقد وجدوا أن بناء المساكن الجديدة قد ساعد في تخفيف حدة ارتفاع قيمة الإيجارات للوحدات الراقية القريبة، لكنهم خلصوا إلى أنه في الثلث الأسفل من السوق يكون للمباني الجديدة تأثير معاكس، حيث ترتفع قيمة الإيجار بشكل سريع.
ومن الممكن في بعض السياقات أن يتسبب بناء الشقق الجديدة، التي تباع وفقاً لسعر السوق، في قيام ملاك العقارات في المناطق القريبة بكبح جماح قيمة إيجار شققهم، لكنه قد يتسبب أيضاً في رؤية مجموعة أخرى من الملاك أن قيمة إيجاراتهم تعد قليلة مقارنة بالأسعار الجديدة، ومن المحتمل أن يشعر المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض بالغضب من المساكن الجديدة في البداية، وذلك حتى لو كانوا سيستفيدون منها على المدى الطويل، وذلك لأنه مع تقدم عُمر هذه المباني الجديدة، فإن أسعارها تصبح في المتناول.
وبشكل عام، فإن هناك أدلة في هذه الدراسات كافة على أن العرض والطلب يعملان على النحو الذي يتوقعه الاقتصاديون، وذلك حتى على نطاق الحي الواحد، ولكن هناك أيضاً أدلة على تحقيق مخاوف المستأجرين الأكثر فقراً.
ويقول داميانو: «هؤلاء هم الأشخاص الذين مروا بعدد كبير من التجديدات الحضرية، وإنشاء الطرق السريعة، والاستثمار العام في الإسكان، وإخفاقات التخطيط الأوسع والمؤسسات الحكومية على مرّ الأجيال، وأعتقد أن الخوف من مجرد جملة (مبنى جديد) هو خوف حقيقي ومبرر، والأمر متروك للمخططين وصانعي السياسات للنظر إلى تلك المخاوف بشكل جيد».

* خدمة «نيويورك تايمز»