وثائق تكشف تلاعب تجار من جماعة الإخوان بمراسلين أجانب في مصر

المحكمة أجلت نظر القضية وصحافي «الجزيرة» الأسترالي بين متهمي «خلية ماريوت»

صورة من ملف التحقيقات في «خلية ماريوت»، وجرى حذف  بعض الكلمات بناء على طلب المصدر («الشرق الأوسط»)
صورة من ملف التحقيقات في «خلية ماريوت»، وجرى حذف بعض الكلمات بناء على طلب المصدر («الشرق الأوسط»)
TT

وثائق تكشف تلاعب تجار من جماعة الإخوان بمراسلين أجانب في مصر

صورة من ملف التحقيقات في «خلية ماريوت»، وجرى حذف  بعض الكلمات بناء على طلب المصدر («الشرق الأوسط»)
صورة من ملف التحقيقات في «خلية ماريوت»، وجرى حذف بعض الكلمات بناء على طلب المصدر («الشرق الأوسط»)

قرر القضاء المصري أمس تأجيل القضية المتهم فيها 20 بينهم أربعة مراسلين أجانب، والمعروفة باسم «خلية الماريوت» إلى نهاية الشهر الحالي، بينما كشفت وثائق تخص القضية التي تحظى باهتمام دولي، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخ منها، تلاعب أعضاء في جماعة الإخوان، ومن بينهم تجار، بالمراسلين الأجانب الأربعة في القضية، ومن بينهم الأسترالي بيتر غريست الذي قالت أوراق القضية إنه يعمل بقناة «الجزيرة» القطرية.
وقررت محكمة جنايات القاهرة، الدائرة الخامسة، المنعقدة في معهد أمناء الشرطة أمس برئاسة المستشار محمد ناجي شحاتة، تأجيل المحاكمة إلى جلسة يوم 31 الشهر الحالي، مع استمرار حبس المتهمين. ويواجه المتهمون دعاوى من بينها ارتكاب جرائم تحريض في البلاد. وذكرت تحقيقات النيابة أن المتهمين اتخذوا من فندق الماريوت الفاخر بالقاهرة مركزا إعلاميا استخدموه في تجميع المواد الإعلامية والتلاعب فيها، لإنتاج مشاهد غير حقيقية والإيحاء بأن ما يحدث بالبلاد حرب أهلية تنذر بسقوط النظام في مصر.
وتضمنت القضية أمرا بإحالة ثمانية متهمين محبوسين بصفة احتياطية إلى المحاكمة، وضبط وإحضار 12 متهما هاربا، وتقديمهم محبوسين للمحاكمة، بينما كشفت الوثائق أن «خلية الماريوت» اعتمدت في بث الأخبار والتقرير عن الأوضاع في مصر، على «خلية» أخرى كانت تديرها جماعة الإخوان في ضاحية الدبلوماسيين في منطقة المقطم (جنوب القاهرة)، وينخرط فيها متخصصون «إخوان» في قص وإعادة تركيب مقاطع الفيديو، وتضم أيضا تجارا من «الجماعة»، بينهم مدير لشركة ألمنيوم من ضاحية الهرم بمحافظة الجيزة (هارب)، ومدير مبيعات بشركة ورق من ضاحية مدينة نصر بشرق القاهرة (هارب)، إضافة لصاحب شركة إنتاج سينمائي من ضاحية السيدة زينب بجنوب القاهرة (هارب).
وتتكون الأدلة في القضية من 157 صورة فوتوغرافية وكاميرات تصوير وجهاز كومبيوتر محمول وهواتف جوالة تخص المتهمين وكروت ذاكرة وأجهزة تخزين إلكترونية. وتضمنت الوثائق أقوال ضباط الأمن الوطني المصري (أمن الدولة) بشأن ملابسات القضية، ومن بينها أن مدير المبيعات بشركة الورق، المشار إليه، كان يعمل تحت غطاء «رئيس مؤسسة» تعمل في مجال التصوير والمونتاج، إلا أنه تبين أنها «مؤسسة صورية» لا وجود لها على أرض الواقع.
وبدا من أوراق القضية أن المراسلين الأجانب اعتمدوا إلى حد كبير على ما قدمته لهم الخلية الإخوانية في المقطم من صور ومقاطع فيديو. وقالت الأوراق إن كثيرا من هذه المقاطع التي جرى بثها على «الجزيرة» لم تكن حقيقية، بينما أكدت تقارير فنية أعدتها لجنة من اتحاد الإذاعة والتلفزيون وخبراء الأدلة الجنائية بمصر، أن المواد الإعلامية المضبوطة تحتوي على مقاطع فيديو جرى تغييرها وتعديلها باستخدام برنامج وأجهزة مونتاج عالية التقنية، وأنها «مشاهد كاذبة تضر بالأمن القومي».
ووفقا لمستندات حصلت «الشرق الأوسط» على نسخ منها، من أوراق القضية، فإن المتهمين الأجانب، هم: بيتر غريست، المتهم رقم 17 ومحبوس، ويبلغ من العمر 57 سنة، وهو أسترالي الجنسية، ويعمل بقناة «الجزيرة». ودومينيك لورانس، وهو المتهم رقم 18 وهارب، ويبلغ من العمر 40 سنة، وهو إنجليزي الجنسية ويعمل بقناة «الجزيرة»، وسوزان ميلاني، المتهمة رقم 19 وهاربة، (لا يوجد بيان عن عملها) وتبلغ من العمر 47 سنة وإنجليزية الجنسية، وجونا إيدينيت، المتهمة رقم 20 وهاربة وهي هولندية الجنسية (لا يوجد بيان عن عملها).
ووجهت النيابة للمتهمين المصريين الـ16 تهما بارتكاب جرائم الانضمام لجماعة إرهابية، هي «جماعة الإخوان»، بينما وجهت للمتهمين الأجانب الأربعة تهما بـ«الاشتراك مع المتهمين المصريين بطريق الاتفاق والمساعدة في إمداد أعضاء تلك الجماعة بالأموال، والأجهزة، والمعدات، والمعلومات، مع علمهم بأغراض تلك الجماعة الإرهابية، وإذاعة بيانات وأخبار وشائعات كاذبة».
وجاء في التحقيقات أن سبب اختيار المتهمين لفندق «الماريوت» كمقر لنشاطهم «ربما كان لاعتقادهم بأنهم سيكونون بمنأى عن أجهزة الأمن». وتضمنت التحقيقات أيضا قول أحد ضباط الأمن أن أي قناة ترغب في رصد ومتابعة الأحداث إعلاميا في مصر، لا بد أن تحصل بصورة مسبقة على التصاريح الأمنية من الجهات المختصة بذلك، «وهو أمر لم يتبعه المتهمون، ولم يقوموا باستخراج أية تصاريح، سواء لأنفسهم أو الجهة الإعلامية التي يعملون لصالحها».
وأسندت النيابة للمتهمين المصريين ارتكاب جرائم الانضمام إلى جماعة إرهابية مؤسسة على خلاف أحكام القانون، بينما أسندت للمتهمين الأجانب تهم الاشتراك مع المتهمين المصريين بطريق الاتفاق والمساعدة في إمداد أعضاء جماعة الإخوان بالأموال والأجهزة والمعدات والمعلومات، مع علمهم بأغراض تلك الجماعة.
لكن محامين عن المتهمين ينفون هذه التهم، ويطالبون بالإفراج عنهم على ذمة التحقيقات، قائلين إن المتهمين «يتعرضون لمعاملة سيئة». ونقل أحد الحقوقيين عن المتهم محمد فهمي، الذي يعمل صحافيا بقناة «الجزيرة»، قوله إنه «من المستحيل أن يرتكب جريمة خيانة البلاد». ويقول محامون عن فهمي أيضا إنه فقد القدرة على تحريك ذراعه اليمنى، بسبب إصابة ترجع لوقت سابق للقبض عليه.
وكانت جلسة أمس هي ثالث جلسات نظر القضية التي تحظى باهتمام محلي ودولي، خاصة بعد أن قامت عدة جهات بتوجيه خطابات للرئيس المؤقت في البلاد، المستشار عدلي منصور، بالتدخل، وهو ما رد عليه، وفقا لمصادر الرئاسة، بالتأكيد على نزاهة القضاء المصري. وكان ذوو المتهم فهمي بعثوا برسالة إلى الرئيس منصور لإخلاء سبيله على ذمة التحقيقات بسبب ظروفه الصحية، ورد خطاب من الرئاسة بالدعوة للثقة في النظام القضائي وفي محاكمة عادلة للمتهمين، وضمان حقهم الكامل وفقا للقانون.
بينما قالت مصادر قانونية أخرى إن ذوي المتهم الأسترالي، غريست، سبق وبعثوا أيضا برسالة للرئيس منصور حول توقيفه ومحاكمته، وأن منصور قال إنه سيعمل ما يلزم وفقا للقانون، وإجراءات التقاضي المعمول بها في البلاد.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.