رئيس المجلس الرئاسي الليبي: قطعنا شوطًا لحل الأزمة.. والاتفاق السياسي يستوعب الجميع

السراج قال لـ«الشرق الأوسط» إن استمرار حكومة الثني يعد عبثًا بمقدرات الشعب

رئيس المجلس الرئاسي الليبي: قطعنا شوطًا لحل الأزمة.. والاتفاق السياسي يستوعب الجميع
TT

رئيس المجلس الرئاسي الليبي: قطعنا شوطًا لحل الأزمة.. والاتفاق السياسي يستوعب الجميع

رئيس المجلس الرئاسي الليبي: قطعنا شوطًا لحل الأزمة.. والاتفاق السياسي يستوعب الجميع

طالب فايز السراج، رئيس المجلس الرئاسي الليبي ورئيس الوزراء، عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، وأعضاء المجلس بتحمل مسؤوليتهم التاريخية، وعقد جلسة لأداء حكومة الوفاق الوطني اليمين الدستورية لتتمكن من تفعيل دورها على الأرض، مؤكدًا أن المجلس الرئاسي يعمل على توسيع قاعدة المشاركة السياسية، والتصدي للجماعات الإرهابية، وشدد السراج الذي يزور القاهرة حاليًا على أن المجلس يعمل على استيعاب أعضاء الجماعات المسلحة، ما بين العمل في مؤسسات الشرطة والجيش والمؤسسات المدنية.
وقال السراج في حوار خاص مع «الشرق الأوسط» إن التاريخ سوف يُحمّل عقيلة صالح مسؤولية قضايا كثيرة في مرحلة تاريخية فارقة من حياة الشعب الليبي، مؤكدا خلو العاصمة طرابلس من أي وجود لعناصر تنظيم داعش الإرهابي. وانتقد السراج ما يسمى بحكومة عبد الله الثني، مشيرا إلى القرار الصادر من مجلس الأمن الذي يرفض التعامل مع أي كيان آخر غير المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق، ومؤكدا أن استمرار حكومة الثني يعد عبثا بمقدرات الشعب الليبي.
وفيما يلي أهم ما جاء في الحوار:
* تحدثت في جامعة الدول العربية عن ثلاثة ملفات تمثل أولوية بالنسبة لكم حاليا، وهي مكافحة الإرهاب، ومصير الأموال الليبية المجمدة، وملف الهجرة غير الشرعية، فكيف تعتزم حكومتك التعامل مع هذه الملفات؟
- بداية لا بد من حصول الحكومة على ثقة البرلمان، وأن تكون الحكومة فاعلة على الأرض، لأنه دون ذلك لا نستطيع مكافحة الإرهاب، وكذلك إنجاز أي تقدم على صعيد الملفات الأخرى، خاصة التنمية والإصلاح، والخروج من دائرة الخطر وصولا إلى بر الأمان.
* وما الأسباب التي تعطل منح البرلمان الثقة إلى حكومة الوفاق الوطني؟
- الحكومة تشكلت بالفعل ولديها الثقة، ولكن يلزمها أداء اليمين الدستورية أمام البرلمان، وسبق أن قدمنا للبرلمان تشكيل الحكومة الأولى ثم الثانية، ولكنه لم يرد علينا حتى الآن لا بالسلب ولا بالإيجاب، وقد وقعت أحداث في مجلس النواب، ولم يتمكن من عقد جلسة لمناقشة منح الثقة للحكومة، وما تم هو صياغة بيان وقع عليه 103 نواب بالموافقة، ثم حدثت عدة مواقف بعدها أدت إلى فقدان الثقة بين أعضاء مجلس النواب وأعضاء المجلس الرئاسي، وبالتالي نحن على اتصال بهم، خاصة النائبين الأول والثاني لرئاسة المجلس من أجل الخروج من هذه الأزمة، لأنه على الرغم من تشكيل الحكومة نحاول تفعيل الوزارات، وتمكينها من استلام مهامها، ومباشرة العمل لأن التعامل مع الأزمات يحتاج إلى وزارات تعمل، ولجان تتابع التنفيذ، وتفعيل الكثير من مؤسسات الدولة لمواجهة كل الأزمات سواء الاقتصادية والسياسية والأمنية.
* قد يعزو البعض عدم منح الثقة لحكومة الوفاق إلى مخاوف وشكوك لدى البعض مما يقولون إنه اختراق الغرب لهذه الحكومة في لحظة لا تتحمل منطق الإملاء، كما أن هناك من يعتبر أن ملف المصالحة مع النظام السابق يعد عائقا أيضا أمام عمل الحكومة؟
- منذ الخطاب الأول لنا، وفور دخولنا طرابلس طرحنا مجموعة محاور أساسية للرد على المتشككين، الذين راهنوا على صعوبة دخولنا لطرابلس، والجميع شاهد مدى الترحيب بالمجلس الرئاسي على اعتبار أنه يساهم في حل المشكلات الاقتصادية وتخفيف المعاناة، وعودة النازحين لبيوتهم ومكافحة الإرهاب، ووضع حلول للتجاوزات والاختراقات الأمنية التي تنتشر في بعض المناطق، كما نحاول العمل على لم شمل الليبيين وتوحيد المؤسسات، وبالتالي نحن مع المصالحة، ومصلحة كل أبناء الشعب الليبي لإنقاذ البلاد وضمان تجاوزها مخاطر المرحلة.
* من الذي يعطل، في تقديرك، أداء الحكومة القسم الدستوري أمام البرلمان؟
- حلف اليمين كما هو متعارف عليه يتم أمام المؤسسة التشريعية، وقد تعثر من قبل، وهذا أدى إلى تأخر مباشرة الوزراء لعملهم والقيام بمهامهم؟
* بصراحة هل الذي يعطل هذه الإجراءات هو رئيس البرلمان عقيلة صالح، كما يقول البعض؟
- أعتقد أن التاريخ سوف يحمل عقيلة صالح مسؤولية قضايا كثيرة، خاصة خلال هذه المرحلة التاريخية والفارقة من حياة الشعب الليبي وبحثه عن الاستقرار والحل السياسي، ويجب أن نتوقف عن هذه المناورات السياسية لأن كل هذا ليس في مصلحة ليبيا وشعبها، وما يحدث حاليا هو عبث سياسي ويضر بالشعب ويمثل وقودا لاستمرار الأزمة الليبية.
* ما رسالتك إلى رئيس البرلمان؟
- رسالتي له ولأعضاء مجلس النواب هي ضرورة أن يتحملوا المسؤولية، لأن هذه الحكومة هي حكومة لكل الليبيين. ونحن نعمل على توسيع قاعدة المشاركة السياسية، لأن التحديات كبيرة وتحتاج إلى كل الجهود، كما ندعو مجلس النواب لأن يمارس دوره الطبيعي، ونحن حريصون على تماسك مجلس النواب لأن لديه استحقاقات أخرى تحتاج لجهوده.
* هل للبرلمان الليبي شروط أو مطالب لتجاوز الخلافات؟ وهل لديك رؤية لإنهاء الخلاف؟
- طبيعة المرحلة تفرض على الجميع الابتعاد عن فرض الشروط، وأي شخص وطني ولديه فكر عقلاني يجب أن يتسم بالمرونة للخروج من الأزمة.
* هل هناك خلافات محددة هي التي تضعكم في معسكرين المجلس الرئاسي من جهة، والبرلمان في جهة أخرى؟
- كل مجموعة لديها رؤية مختلفة عن الآخر، وعلى سبيل المثال فبالنسبة لموضوع الاتفاق السياسي الذي وقع في الصخيرات فقد تحدثنا معهم حول حلول تنطلق من أرضية هذا الاتفاق السياسي، وأي شيء آخر خاص بالمجلس الرئاسي نحن على استعداد للتجاوب معه وطرح وزارة جديدة، وإلغاء وزارة، وليس لدينا حق في إعادة الاتفاق السياسي أو تغيير أي من بنوده.
* هل يمكن للمبعوث الأممي مارتن كوبلر إنجاز الاتفاق السياسي خلال الأسابيع المقبلة؟
- الأمم المتحدة راعية للاتفاق، وقد بذلت جهدا كبيرا عن طريق البعثة الأممية، وكثير من الدول تدعم الاتفاق منذ البداية، وكوبلر يبذل مساعي بين أطراف الحوار، شرقا وغربا وجنوبا، لإيجاد مخرج وحلول للأزمة، بالإضافة إلى أطراف أخرى محلية وبعض الدول في المجتمع الدولي، والجميع يحاول البحث عن آليات لتنفيذ الاتفاق.
* لكن الملاحظ هو أنه كلما بدا أن الوضع الليبي أصبح على وشك أن يسير خطوة للأمام نجده يتراجع على أثر ذلك خطوات إلى الخلف.. ما سبب ذلك؟
- لا نريد العودة إلى الخلف، وقد تجاوزنا الأمور الأصعب، واتخذنا الكثير من الخطوات الإيجابية، وتم توقيع الاتفاق السياسي، وتم اعتماده في مجلس النواب، وهذه النقطة مهمة جدا، ويجب أن يستوعبها الجميع، بمن في ذلك المعارضون.
* هل هناك وقت محدد تتوقع فيه أن نشهد أداء للحكومة اليمين أمام مجلس النواب، وهل تتوقع أن يتم ذلك في المنظور القريب؟
- أتوقع ذلك، ونحن نتواصل مع مجلس النواب، ونأمل أن تعقد جلسة في القريب العاجل لأداء اليمين بعد الحصول على الثقة من خلال بيان النواب المائة وثلاثة.
* رئيس مجلس النواب عقيلة صالح التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، وأنت التقيت الرئيس السيسي أيضا.. هل هناك إذن وساطة مصرية لتقريب وجهات النظر وتقليص مساحات الخلاف؟
- كان لقائي مع الرئيس عبد الفتاح السيسي إيجابيا جدا، وهو داعم بقوة للاتفاق السياسي ولحكومة الوفاق الوطني، وخطابنا لكل الدول العربية والصديقة هو أن يكون لهم دور إيجابي وتوفيقي بين الأطراف الليبية، ونحن نتفق أيضا على أن كل جهود المصالحة الوطنية يجب أن تكون من خلال المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق الوطني.
* تقصد المصالحة مع النظام القديم وبعض قياداته الموجودة في مصر وتونس، وبعض العواصم الأخرى؟
- أقصد المصالحة بين كل أبناء الشعب الليبي، والمصالحة الوطنية هي أحد المرتكزات الثلاثة التي يقوم عليها برنامج المجلس الرئاسي وهذه المرتكزات هي الأمن، والاقتصاد، والمصالحة والوطنية.
* وهل بدأت خطوات المصالحة الوطنية؟
- قمنا باتصالات مع أبناء ليبيا، ونحن نتواصل مع المشايخ والقبائل والشخصيات الفاعلة ومؤسسات المجتمع المدني.
* وماذا عن النظام القديم؟
- تم التواصل مع الموجودين خارج ليبيا وحتى من يوجد في مصر.
* تردد أن بعض قيادات الجيش التي كانت تعمل في الجيش الليبي من النظام السابق انضمت مؤخرا إلى الجيش الوطني الليبي للانخراط في مكافحة الإرهاب. ما مدى صحة ذلك؟
- بصفة عامة المؤسسة العسكرية تحاول بناء قوتها وتفعيل عملها على أسس صحيحة، ونحن لا نتحدث عن شخصنة المؤسسة العسكرية، وإنما عن دورها كمسؤولة عن تأمين البلاد ومكافحة الإرهاب، وحتى برنامج مكافحة الإرهاب الذي أعده المجلس الرئاسي سيكون مشروعا وطنيا وسينفذ بسواعد ليبية.
* ماذا عن علاقتكم مع الفريق خليفة حفتر، خاصة وأن لديه تحفظات على مشروع المبعوث الأممي كوبلر؟
- لن أجيب على الجزء الخاص بالفريق والمبعوث الأممي، لكن فيما يخص العلاقة مع الفريق حفتر فقد حدث بيننا لقاء صريح منذ ثلاثة أشهر تقريبا، وكانت جلسة مصارحة ناقشنا فيها الكثير من الموضوعات المهمة، وكان هناك توافق على أهمية بناء المؤسسة العسكرية بقوة وبسواعد ليبية وضرورة مكافحة الإرهاب، وعلى أن نتوافق على كل المجالات السياسية والعسكرية وكل برنامج المجلس الرئاسي.
* كيف تصف لنا الوضع في ليبيا الآن؟ وهل انتهت ما يسمى بحكومة عبد الله الثني أم أنه ما زال يمارس دوره كرئيس لحكومة موازية؟
- حكومة عبد الله الثني موجودة كأفراد في مدينة البيضة، وأتمنى أن يعيدوا النظر في مواقفهم وتغليب المصلحة الوطنية، لأن وجود الكيانات الموازية واستمرارها في العمل يربك المواطن، وأعتقد أن مجلس الأمن واضح في قراره بعدم التعامل مع هذا الوجود الموازي، وأن استمراره يدخل ضمن العبث بمقدرات الليبيين.
* دخلت إلى العاصمة الليبية طرابلس، رغم وجود مظاهر تشير إلى عدم السيطرة على المدينة، التي توجد بها تنظيمات تابعة لدول خارجية.. كيف ترون ذلك؟
- كما هو معروف نحن دخلنا طرابلس على متن زورق سدادة الليبي، وهو تابع للبحرية الليبية التي نعتبرها فخرا للجميع، وقد وصلنا إلى القاعدة البحرية في طرابلس دون إراقة أي نقطة دم، واستقبلتنا جماهير حاشدة وسط تفاؤل بعودة الحياة إلى طبيعتها. ومن جانبنا نحاول ترجمة هذا الترحيب لتنفيذ مكاسب حقيقية يشعر بها المواطن الليبي، أما بالنسبة للوضع الأمني في طرابلس فهو هادئ.. بالتأكيد هناك بعض المخاوف من وجود بعض التنظيمات الإرهابية هنا أو هناك، وقد تكون هناك خلايا نائمة، لكن بشكل عام الوضع الأمني أفضل من ذي قبل.
* يتردد أن عددا من التنظيمات المسلحة الموجودة في طرابلس ممولة من الخارج. فهل تؤكد صحة ذلك؟
- المجلس الرئاسي والحكومة مهتمان ببناء الوطن مع كل أبناء الشعب الليبي، والخطاب الذي تحدثنا به منذ البداية هو وجوب استيعاب الجميع في مؤسسات الجيش والشرطة، وفق ضوابط معينة ومعايير محددة جدا، ومن لا يرغب، في الاستمرار بالعمل العسكري يذهب للعمل المدني خاصة وأن الكثير منهم أبدى رغبته في ذلك، البعض قال إنه تعب من العمل العسكري ويرغب في حياة عادية، وهناك من يحاول استكمال تعليمه، وبدورنا سوف نتجاوب مع جميع الرغبات.
* هل تسلمت مقر الوزارات في طرابلس؟
- بالفعل تم تسلم عدد من مقررات الوزارات، فيما يجري تأمين باقي المقرات الأخرى تحت حماية وزارة الداخلية، وكل ما يتردد عن سطوة وسيطرة ميليشيات على الوزارات الحكومية عار تماما عن الصحة.
* بعض التقارير أشارت إلى انتقال عناصر من «داعش» مقبلة من سوريا والعراق إلى ليبيا. ما مدى صحة ذلك؟
- التطرف والإرهاب يتمددان في مناطق كثيرة، وتنظيم داعش موجود في ليبيا بسبب الفراغ الأمني، وعدم وجود مؤسسات الدولة الفاعلة، لكن في طرابلس لا يوجد تنظيم داعش.. قد تكون هناك خلايا نائمة، وكما نعرف فالتنظيم موجود في مدينة سرت ومصراتة، وبوابة أبوغرين، وقد شكلنا غرفة عمليات عسكرية خاصة بين مصراتة وسرت، مهمتها تنظيف هذه المدن والمواقع من تنظيم داعش.
* هل تم حسم قضية وجود سفارتين لليبيا في مصر؟ ألا ترى في ذلك تعطيلا وإرباكا للعمل الدبلوماسي؟
- لقد تم الحديث مع وزارة الخارجية المصرية، وقريبا سيتم وضع حد لهذا الإرباك الحاصل بالفعل، لأنه يجب أن تكون هناك سفارة واحدة وقائم بالأعمال مؤقت، حتى يتم تعيين سفير، وقد قمنا بإبلاغ الخارجية المصرية بهذا الخصوص، وهذا في مصلحة تطوير العلاقات المشتركة، وكذلك بالنسبة لليبيين الموجودين في مصر.
* ما الدعم المطلوب من الدول العربية لليبيا حاليا؟
- المطلوب أن تمر أي مبادرات عربية سياسية من خلال المجلس الرئاسي الليبي حتى نتمكن من بناء الدولة على أساس يخدم العملية السياسية في لليبيا، انطلاقًا من الاتفاق الذي دعمته الأسرة الدولية والعربية.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.