المالكي: واشنطن خفضت سقف توقعاتها لاتفاق السلام إلى «إطار غير ملزم»

وزير خارجية فلسطين يقول لـ {الشرق الأوسط} إن السلطة لن تطلب الانضمام للمنظمات الدولية إلا إذا فشل الجهد الأميركي

وزير خارجية فلسطين رياض المالكي
وزير خارجية فلسطين رياض المالكي
TT

المالكي: واشنطن خفضت سقف توقعاتها لاتفاق السلام إلى «إطار غير ملزم»

وزير خارجية فلسطين رياض المالكي
وزير خارجية فلسطين رياض المالكي

قال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي في حوار مع «الشرق الأوسط» إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس سوف يبلغ القادة العرب اليوم بتفاصيل زيارته لواشنطن ولقائه مع الرئيس الأميركي باراك أوباما. وأفاد بأن الرئيس أبو مازن لن يحصل على أية مبادرات مكتوبة من الجانب الأميركي بشأن اتفاق إطار، وأن كل ما يدور في هذا الخصوص ربما يكون فخا إسرائيليا وتحويل فكرة الإطار ومحتواه إلى مرجعية جديدة بديلة عن مرجعيات الشرعية الدولية لعملية السلام. وتحدث المالكي عن العلاقة مع مصر وقرارها باعتبار حماس جماعة محظورة وإرهابية، وقال: «نحترم القرار المصري وسيادة مصر وحفاظها على أمنها القومي، ونحاول العمل على إنهاء الانقسام مع حكومة حماس التي تسيطر على قطاع غزة». وفي ما يلي نص الحوار:

* لماذا تطلب إسرائيل فترة إضافية للتفاوض لإنجاز اتفاق مع الفلسطينيين تحت رعاية الولايات المتحدة؟
- للأسف إسرائيل تحاول إعطاء انطباع بأننا أصبحنا قاب قوسين أو أدنى من التوصل إلى اتفاق، وأننا بحاجة إلى فترة إضافية لاستكمال هذا الاتفاق.. أما إنه لا يوجد أي اتفاق، فذلك معناه أنه لا يوجد مبرر، من وجهة نظرنا، لتمديد المفاوضات أو للموافقة. نحن التزمنا مع الإدارة الأميركية فترة تسعة أشهر التي تنتهي في 29 أبريل (نيسان) المقبل، ونحن ملتزمون حتى ذلك الحين. ولكن بعد ذلك لكل حادث حديث. فعندما تنتهي فترة التسعة أشهر إذا كان هناك ما يبرر فترة إضافية، فسوف يجري مناقشة ذلك على مستوى القيادة الفلسطينية، ومن ثم استشارة الأشقاء العرب في الموضوع قبل اتخاذ قرار، لأن القرار الذي اتخذ من قبل بالذهاب إلى المفاوضات جاء بناء على توصية من الدول العربية التي طلبت من القيادة الفلسطينية المشاركة في هذه المفاوضات، وبالتالي فأي تعديل على هذه الصيغة التفاوضية بحاجة للتأكيد من الجانب العربي. وإضافة لذلك لم تطلب الإدارة الأميركية بشكل رسمي تمديد المفاوضات، وعندها سوف نجيب عن الطلب بالطريقة المناسبة والصحيحة. ونرى أيضا أن تمديد التفاوض إن لم يكن مرتبطا بوقف النشاط الاستيطاني، فهو سيكون عبارة عن غطاء للجانب الإسرائيلي لالتهام مزيد من الأراضي.
* هل أعد الجانب الفلسطيني بدائل في حال فشل الجهود الأميركية؟
- لن نشرع في اتخاذ أي إجراء إلا بعد يوم 29 أبريل المقبل، لأنه قد يكون هناك شيء قد يحدث خلال هذه الفترة لا نريد أن نعطي مبرر الفشل للإدارة الأميركية، وحتى لا نتحمل مسؤولية الفشل، ولكن بعد هذا التاريخ سوف ننطلق فورا إلى البدائل، ومن بينها طلب الانضمام إلى المنظمات الدولية والحصول على عضويتها. ونحن درسنا بالتفصيل ما احتياجات طلبات العضوية من قبل هذه المنظمات ومتى ستجتمع، وما مردود ذلك، ونحن جاهزون في اللحظة التي تعطينا فيها القيادة الفلسطينية القرار بالتحرك باتجاه هذه المنظمات.. سوف نتحرك.
* هل تنتظر القيادة الفلسطينية اتفاق إطار تحدثت عنه واشنطن لبعض أصدقائها في المنطقة؟
- نحن ننتظر اتفاق سلام حسب ما أشار إليه جون كيري وزير الخارجية الأميركي قبل بدء المفاوضات منذ تسعة أشهر، والآن خفضوا سقف توقعاتهم من اتفاقية سلام إلى اتفاق إطار، وكانوا يتحدثون أيضا عن اتفاق إطار ملزم، والآن يتحدثون عن الإطار نفسه، ولكن غير ملزم ويسمح للفرقاء بتقديم ملاحظاتهم. إذن، سؤالي هو: ما الفائدة من الانتظار شهرا إضافيا لتقديم اتفاق إطار لا يوقع عليه أحد ولا يلزم أحدا، وهل سيعني شيئا في المفهوم التفاوضي؟ وهل سيحل محل المرجعيات التفاوضية المعروفة دوليا؛ قرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية، أم ماذا؟ لهذا السبب إن لم يكن هناك شيء ملموس حقيقي ينقلنا نقلة نوعية لتقريبنا إلى اتفاق سلام، يصبح كل ما يجري التحدث حوله مجرد اتفاق إطار بأي شكل لا قيمة له.
* هل تعتقد أن إسرائيل تنصب فخ الاتفاق الإطار كي يكون بديلا للمرجعيات الشرعية لعملية السلام؟
- بالتأكيد إذا كان الوضع هو هذه المرجعية التي يتحدثون عنها، فسيكون سقفها أقل بكثير من سقف المرجعية الحالية التي بدأت على أساسها المفاوضات، وهل نحن أغبياء لهذه الدرجة كي نقبل بالمزيد من التنازلات؟ هذا غير وارد وغير ممكن ولن نقبل به. وقد سمعنا عن اتفاق إطار يجري التحضير له، ولكن لم نحصل على شيء مكتوب من الإدارة الأميركية حول طبيعة وشكل مثل هذا الاتفاق.
* ما الوعود التي حصل عليها الرئيس محمود عباس من الإدارة الأميركية خلال زيارته لواشنطن؟
- تأكيد على المواقف نفسها التي استمعنا إليها من الوزير جون كيري على مدار الأشهر السبعة الماضية. ويضاف إلى ذلك ضغوط على القيادة الفلسطينية وأهمية التعاون أو التفهم لبعض الاحتياجات الإسرائيلية على الأرض، لكن الرئيس محمود عباس عاد وكرر المواقف الفلسطينية والعربية الثابتة تجاه الحل الشامل والعادل والحق في إقامة الدولة وعاصمتها القدس الشرقية، وهذا هو ما أبلغه للرئيس أوباما خلال زيارته لواشنطن.
* ماذا سيطرح الرئيس عباس على القمة العربية؟
- الرئيس محمود عباس يلقي كلمة أمام القادة العرب يتناول فيها نتائج زيارته الأخيرة إلى واشنطن، كما سيعقد لقاءات جانبية مع وزراء الخارجية العرب لمناقشة هذا الجانب. وسوف يشير إلى الموقف الفلسطيني المعروف الذي سوف يعيد تأكيده من جديد.
* ماذا تتوقع من القمة العربية؟
- مشاريع القرارات التي جرى رفعها شملت قضايا سياسية وأمنية واجتماعية واقتصادية تصدرها الملف الفلسطيني بما يتوافق والمصلحة الفلسطينية العامة ويدعم الموقف الفلسطيني التفاوضي، وفى مواجهة الضغوط المتزايدة من قبل واشنطن للتعامل بشكل إيجابي، وبالتالي سوف نحصل من هذه القمة على دعم وتعزيز للموقف التفاوضي الفلسطيني، وهو ما سيساعدنا في الصمود أمام كل الضغوط المقبلة. وثانيا أعادت القمة التأكيد على القرارات السابقة بخصوص القضية الفلسطينية برمتها، وموضوع الاستيطان والقدس وما يحدث في الأقصى، والبعد الثالث والمهم أيضا الدعم المالي الذي تقدمه الدول العربية لفلسطين.. اتفق على هذا. وحث الدول على الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه الشعب والقضية الفلسطينية وليس فقط تنفيذ شبكة الأمان التي تعد فرعا من مجموعة التزامات سنوية تقدمها الدول، وأخرى تقدم لصندوقي الأقصى والقدس.
* ماذا عن العلاقات الفلسطينية - المصرية والموقف الفلسطيني من تصنيف جماعة «الإخوان» جماعة إرهابية؟
- أولا نحن نعد علاقتنا بالشقيقة الكبرى مصر علاقة مميزة، وكنا من أوائل الدول التي تعاملت بكل إيجابية مع الحدث المعجزة الذي جرى في مصر وانتهاء فترة حكم جماعة «الإخوان»، وتعاملنا معه دوليا بشرح ما حدث في مصر بشكل إيجابي لتسهيل مهمة مصر في هذا الإطار. أما فيما يتعلق بالموقف من حركة حماس و«الإخوان»، فإننا نعد قرار القيادة المصرية قرارا سياديا ولا نستطيع التدخل فيه. وقد اطلعنا على معطيات القرار المصري، وهو محق، ولكن لا نستطيع القيام بقطيعة مع حركة حماس لأنها فصيل فلسطيني، وحاليا مسيطر على قطاع غزة بالقوة، ونحن بحاجة إلى إنهاء هذا الانقسام الفلسطيني - الفلسطيني، وهو ما يستدعي منا التواصل مع حركة حماس ومحاولة التوصل إلى اتفاق لتنفيذ ما جرى الاتفاق عليه في القاهرة حول تشكيل حكومة انتقالية مستقلة تحضر لانتخابات رئاسية وتشريعية. إذن، نحن بحاجة للتعامل مع حماس في إطار الشأن الداخلي، لكن في الوقت نفسه نتفهم القرار المصري ونحترمه للحفاظ على المصالح القومية المصرية.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم