«الدعوة السلفية» في مصر تواجه أجندة «داعش» على الشبكة العنكبوتية

تسعى «الدعوة السلفية» في مصر إلى تكثيف جهودها إعلاميًا ودعويًا في الفضاء الإلكتروني لمواجهة أجندة تنظيم داعش على الشبكة العنكبوتية. ولفتت الدعوة في تصريحات لها إلى أن هذه الأجندة (أي أجندة «داعش») مدروسة بعناية لنشر الفكر المتطرف والحث على ممارسة العنف والأعمال العدائية ضد الدول، خصوصًا الغربية، مؤكدة أن التنظيم يسوق الشباب عبر مواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» و«تويتر» كـ«القطيع» دون أن يفكر فيما يقوم به، لا سيما في ظل غياب الثقافة الجيدة لدى كثير من المجتمعات.
وفندت الدعوة السلفية مكاسب «داعش» من الإنترنت، التي تمثلت في تنسيق هجمات وعمليات ممارسي العنف، وتقديم الدروس في صنع القنابل اليدوية وإطلاق النار، وتسهيل عمليات غسل الأموال غير المشروعة لاستخدامها في تمويل أعمال العنف والتخريب، والتسلل إلى الجمعيات الخيرية لجمع الأموال بصورة خفية، وتمجيد المتطرفين المنفذين للعمليات الانتحارية بعرض سيرتهم في قائمة «المقابر الإلكترونية».
ويرى مراقبون أن «كثيرًا من الدول تحذر بشكل قوي الآن من المخاطر التي فرضتها مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما نشرت كثير من جماعات العنف والإرهاب أفكارها المغلوطة على هذه المواقع».
وأكدت الدعوة السلفية على موقعها الرسمي «أنا سلفي»، أن «داعش» جذب الآلاف من الشباب الأوروبي إلى صفوفه عبر الدعاية والإعلام عن طريق وسائل الاتصال على الإنترنت «فيسبوك» و«تويتر» و«ماي سبيس»، لافتة إلى أن «كثيرا من الشباب المستخدِم للإنترنت أشبه بالمعزول عن المجتمع يعيش في عالم افتراضي، فيكون قابلاً لأن تجري له عملية «غسل مخ» فيتخلى بالتدريج عن مسؤولياته الاجتماعية، وينسى مع الوقت نفسه، فيصير أشبه بواحد يساق في قطيع يوجهه غيره، خصوصًا في ظل غياب الثقافة الجيدة لكثير من المجتمعات، ونقص الخبرة بالحياة، إلى جانب تناقص دور الأسرة، وغياب الدور التربوي للمؤسسات التعليمية وضعف دور المؤسسات الدينية، مما يؤثر على قدرة الشباب على التمييز بين الخطأ والصواب.
وأضافت الدعوة السلفية أن «الإنترنت وسيلة لها جاذبيتها، ويقوم على الترغيب لا الترهيب، ويخاطب العقول والقلوب والأبصار، ويساعد على التوجيه لمواقف وآراء وفق أجندات مدروسة، ويزيد من خطورة الإنترنت أنه واسع الانتشار يخترق حدود الدول ليشيع فيها الاضطراب والفوضى، ويوفر للمهاجمين به المستخدمين له قدرًا كبيرًا من السلامة، وعدم التعرض للخطر أو كشف هويتهم، وأضراره غير مباشرة، تظهر نتائجه بالتدريج وعلى المدى البعيد، وهو مؤثر على نطاق واسع ولفترات طويلة».
وقال الداعية السلفي علاء بكر، إن «الإنترنت يتيح لمن يسعون لنشر الفكر المتطرف أو الحث على ممارسة العنف والأعمال العدائية ضد دولة أو مجتمع ما، خدمات متنوعة، من أهمها غرف الدردشة والمحادثة والكتابات الإلكترونية التي عن طريقها يتم تجنيد الأفراد، وتنسيق هجمات وعمليات ممارسي العنف، بل وتقديم الدروس في صنع القنابل اليدوية وإطلاق النار»، مضيفا أن «مواقع الإنترنت تمكن (داعش) من جمع الأموال من خلال التبرعات وتزوير الوثائق، وتسهِّل صفقات السلاح وتبادل الأسلحة، وإجراء عمليات غسل الأموال غير المشروعة لإعادة استخدامها في تمويل أعمال العنف والتخريب، وكسب مؤيدين ومتعاطفين جدد لـ(داعش)، والتسلل إلى الجمعيات الخيرية ومواقع التجارة الإلكترونية لجمع الأموال بصورة خفية غير معلنة، وتمجيد المتطرفين المنفذين للعمليات الانتحارية بعرض سيرتهم وما قاموا به على مواقع مخصصة لذلك، مما يزيد من قيمة هذه العمليات في نظر الشباب كتحفيز لهم وتخصيص مواقع متزايدة لذلك وهو ما يعرف باسم (المقابر الإلكترونية)».
«الدعوة السلفية» قالت إن مواجهة «توحش (داعش)» على الإنترنت تكون باستغلال فرص التطور التكنولوجي في مجال محاربة التطرف والإرهاب عبر الإنترنت، والتوصل إلى الأمن المعلوماتي على جميع أنواع المعلومات ومصادرها لحمايتها من السرقة أو التشويه أو الاستخدام غير المرخص.
المراقبون أكدوا أنه «على الرغم من قيام بعض الدول بحجب آلاف من المواقع والصفحات التابعة للجماعات الإرهابية و(داعش) لخطورتهم، فإن عناصر هذه الجماعات المتطرفة طرحوا بدلاً منها مواقع جديدة بالفكر نفسه أو أشد تشددًا، واتبعوا أساليب أخرى لتفادي حجب الدول لهذه الصفحات والمواقع التابعة للتنظيمات الإرهابية أو مراقبتها».
من جهته، أكد بكر أن الدول الأوروبية تواجه كثيرًا من المشكلات عند مواجهة المتطرفين العائدين إلى أوروبا بعد تجربة انضمامهم لـ«داعش» الإرهابي، لافتًا إلى أن هؤلاء قرروا العودة لأسباب كثيرة، فمنهم من فشل في الوصول للإرهابيين بعد أن توجه بالفعل إليهم في الأراضي التي يسيطرون عليها في سوريا والعراق وليبيا، ومنهم من عاد لعدم تأقلمه مع حياة الدواعش الصعبة، أو نتيجة تغير في فكره بعد أن طالع الأمر على حقيقته.. وهؤلاء عرضة عند عودتهم لأحوال شتى، فمنهم من عاد واستقر في بلده ولم يتنبه أحد لأمره، ومنهم من عُرف أمره فصار تحت الاستجواب والمراقبة، ومنهم من أُلقي القبض عليه لما علم بنشاطه ودوره السابق مع المتطرفين في «داعش».
وعن أسباب ظاهرة ظهور المتطرفين في أوروبا، أرجعت ذلك الدعوة السلفية إلى التمييز والاستبعاد والتهميش الذي يعاني منه الكثير من المسلمين هناك، إذ يعيش الكثير من شباب المسلمين ومنهم أجيال ثانية وثالثة من أسر عربية مسلمة هاجرت إلى أوروبا من عقود ولم تستطع الاندماج مع المجتمعات الغربية، في شبه عزلة يقطنون في أحياء يغلب عليها الفقر والبطالة وانتشار الجريمة، فضلاً عن الاضطهاد المتزايد من اليمين المتطرف في أوروبا.
وحول أشكال المتطرفين في أوروبا، أكدت الدعوة السلفية أنه يعيش في أوروبا عدة أشكال من المسلمين يتغلغل فيها الشباب من الأوروبيين المتطرفين؛ الأول من أصول عربية، وهم الأكثرية، ويعيش أبناء هذه الفئة في صراع بين البقاء على الثقافة والعادات والتقاليد التي تربوا عليها داخل أسرهم والتمسك بالدين الذي ينتمون إليه من جهة، والاندماج والذوبان في المجتمع الأوروبي الذي منحهم جنسيته من جهة ثانية.. وهؤلاء وإن اعتبروا أنفسهم أوروبيين، فإنهم يشعرون أن مِن الأوروبيين مَن ينظر إليهم بعنصرية، وأنهم أبناء أقلية من أصول مهاجرة، والثاني المهاجرون ممن هاجروا إلى أوروبا تحت ظروف مختلفة وحصلوا على الإقامة فيها أو نالوا جنسيتها بعد رحلة من البحث عن عمل أو للدراسة أو كلاجئين سياسيين هاربين من أنظمة مستبدة، والثالث المتحولون إلى الإسلام من الأوروبيين، ومنهم من جذبه فكر الإسلاميين السياسيين، ومنهم مَن اقتنع بالإسلام بعد دراسة مستفيضة، ومنهم من تحول للإسلام استجابة لدعوة فردية أو عن طريق أقارب ومعارف له من المسلمين أو من زواج مختلط من مسلمين.