اغتيال قائد عسكري يمني برصاص مجهولين في عدن

مقاتلات التحالف العربي تشن غارات جوية على مواقع الميليشيات

اغتيال قائد عسكري يمني برصاص مجهولين في عدن
TT

اغتيال قائد عسكري يمني برصاص مجهولين في عدن

اغتيال قائد عسكري يمني برصاص مجهولين في عدن

اغتيل أمس السبت، في العاصمة الجنوبية المؤقتة عدن، ضابط برتبة عالية في الجيش اليمني، كما صرح مسؤول أمني. وقال المسؤول إن رجلين يستقلان دراجة نارية أطلقوا النار على العقيد بدر اليافعي، ما أدى إلى مقتله على الفور في حي خور مكسر في عدن، مضيفا أن المهاجمين لاذا بالفرار.
ويوم الجمعة، اغتيل مدير السجن المركزي في عدن وأحد أقربائه برصاص شخصين كانا يستقلان دراجة نارية في حي المنصورة. وتعرض كثير من كوادر الجيش وقوات الأمن في الأشهر الأخيرة للاغتيال في الجنوب، خصوصا في عدن.
وتواصل الميليشيات الانقلابية خرقها للهدنة في أكثر من جبهة، حيث قصفت بسلاح المدفعية منطقة الممر البحري الاستراتيجي «باب المندب» لإرباك الملاحة الدولية. كما طالت الخروقات محافظة لحج، ومديرتي الزاهر وذي ناعم بمحافظة البيضاء (جنوب شرقي صنعاء)، وبيحان وعسيلان بمحافظة شبوة.
وأمس، شنت مقاتلات التحالف العربي غارات جوية على مواقع يسيطر عليها الحوثيون والقوات العسكرية الموالية للرئيس اليمني السابق علي صالح بمحافظة ذمار، (100 كلم جنوب صنعاء). وقال سكان محليون لوكالة الأنباء الألمانية إن غارات جوية شنتها مقاتلات التحالف استهدفت منصة إطلاق الصواريخ وعربات نقل جنود للحوثيين وقوات صالح في منطقة آنس بذمار. وبحسب المصادر، فقد سمعت انفجارات عنيفة وشوهدت أعمدة الدخان تتصاعد بكثافة، دون أن تتضح الخسائر التي خلفها القصف. في غضون ذلك، تشهد أجواء العاصمة صنعاء، تحليق كثيف لمقاتلات التحالف منذ مساء أول من أمس الجمعة، بعد هدوء حذر شهدته العاصمة خلال الأسبوعين الماضيين. وتأتي هذه الغارات في ظل اتهامات متبادلة بين أطراف الصراع في البلاد
بخرق اتفاق وقف إطلاق النار المعلن من الأمم المتحدة، الذي سبق مفاوضات السلام في الكويت في العاشر من الشهر الماضي.
ولليوم الرابع على التوالي، رصدت لجان التهدئة استمرار خرق الميليشيات للهدنة في المناطق الحدودية، بين الشمال والجنوب، التي طالت محافظات لحج وأبين وشبوة والبيضاء الشمالية.
وقال العقيد مثنى محمد مليط، مدير أمن طور الباحة الساحلية بمحافظة لحج، في تصريحات حصرية لـ«الشرق الأوسط»، إن ميليشيات الحوثيين وقوات المخلوع صالح مستمرة على التوالي في خرقها للهدنة، وتحشد قواتها بهدف فرض واقع جديد على الأرض يعزز موقفها في مفاوضات الكويت الحالية.
وأشار العقيد مليط إلى أن الميليشيات دفعت بتعزيزات كبيرة باتجاه باب المندب للسيطرة على أهم ممر بحري لإرباك الموقف الدولي، كون باب المندب منطقة استراتيجية، مضيفا أن المقاومة الجنوبية بالصبيحة والجيش الوطني تصدوا لمحاولات تقدم الميليشيات في هذه المناطق، لكن ما زالت تعزيزاتها تتواصل في محاولة لتحقيق نجاحات عسكرية معنوية. وفي محافظة البيضاء (جنوب شرقي صنعاء)، واصلت الميليشيات خرقها للهدنة، من خلال قصفها المناطق الآهلة بالسكان في آل حميقان وذي ناعم، مستخدمة مختلف أنواع الأسلحة، لليوم الرابع على التوالي. وقال طحطوح الحميقاني، الناطق باسم المقاومة بالزاهر، لـ«الشرق الأوسط» إن قصف الميليشيات للمناطق السكنية تسبب في أضرار وسقوط جرحى من المدنيين. وقال الحميقاني إن عمليات القصف العشوائي بسلاح المدفعية والكاتيوشا والأسلحة الثقيلة تقوم بها الميليشيات من مواقعها غرب مدينة البيضاء، وسط عمليات قنص وملاحقات.
وأضاف الحميقاني أن الميليشيات قصفت عشوائيا، منذ الأربعاء، بالأسلحة الثقيلة مناطق مديرتي الزاهر وذي ناعم. واستمر وصول تعزيزات للميليشيات في محاولة لاختراق هذه الجبهات.
وفي مناطق مكيراس الحدودية، الواقعة ما بين محافظة البيضاء ومديرية لودر بأبين، تواصل ميليشيات الحوثيين خرقها للهدنة، تزامنًا مع انعقاد محادثات الكويت، وذلك بإرسال تعزيزات عسكرية إلى محافظة البيضاء وذمار.
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أكد الناشط الإعلامي حيدرة واقس خرق الميليشيات الهدنة في مناطق مكيراس الحدودية، بين محافظتي البيضاء وأبين، مضيفا أنها تقوم بتعزيز مواقعها العسكرية ليلاً، مستخدمين سيارات مموهة، لافتًا إلى استمرار المواجهات بينها وبين المقاومة الجنوبية المرابطة في منتصف عقبة ثرة.
وأوضح واقس أن مدينة مكيراس الحدودية تشهد نزوحا شبه كامل منها، أما المناطق الأخرى فتشهد حصارا مع فرض قيود على حركة الناس في تلك المناطق، مناشدًا المنظمات الإنسانية إرسال المعونات الغذائية والأدوية للأهالي المحاصرين.
وقال واقس لـ«الشرق الأوسط»، إن الحوثيين يحاولون في المناطق الحدودية المحاذية للجنوب إحراز أي تقدم من أجل كسب نقاط على طاولة المفاوضات قبل نهاية مايو (أيار) الحالي.
وعلى صعيد تطورات المواجهات بمديريات بيحان، بمحافظة شبوة، قالت مصادر محلية مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن العمليات القتالية في مناطق بيحان تتواصل بضراوة بعد تعثر التهدئة، وسط قصف عشوائي عنيف للميليشيات بالأسلحة الثقيلة، حيث تفرض الميليشيات حصارا خانقا على المدن والسكان المدنيين، وتمنع دخول المواد الإغاثية والطبية، وسط ارتفاع عدد الضحايا جراء انتشار حمى الضنك وانعدام المغذيات والأدوية والمستلزمات الطبية. وحذر سكان محليون من تلف المحاصيل الزراعية في بيحان جراء الانتشار الكبير للجراد دون أي عمليات تدبر لذلك الخطر المحدق.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.