حماس والحكومة الفلسطينية تتبادلان الاتهامات حول المسؤولية عن وفاة 3 أطفال حرقًا

ارتفاع عدد الضحايا إلى 29 نتيجة استخدام الشموع في ظل تفاقم أزمة الكهرباء

والدة الأطفال الثلاثة الذين ماتوا حرقًا خلال مراسم تشييع جثامينهم في غزة أمس (أ.ب)
والدة الأطفال الثلاثة الذين ماتوا حرقًا خلال مراسم تشييع جثامينهم في غزة أمس (أ.ب)
TT

حماس والحكومة الفلسطينية تتبادلان الاتهامات حول المسؤولية عن وفاة 3 أطفال حرقًا

والدة الأطفال الثلاثة الذين ماتوا حرقًا خلال مراسم تشييع جثامينهم في غزة أمس (أ.ب)
والدة الأطفال الثلاثة الذين ماتوا حرقًا خلال مراسم تشييع جثامينهم في غزة أمس (أ.ب)

طغت حادثة مصرع ثلاثة أطفال أشقاء حرقًا في منزل صغير بمخيم الشاطئ، غرب مدينة غزة، على المشهد في الساحة الفلسطينية، بعد أن لقوا حتفهم نتيجة استخدام عائلتهم الشموع بدل الكهرباء، الذي تفاقمت حدة انقطاعه في الأسابيع الأخيرة، لأسباب تتعلق بالكميات المتوفرة لدى شركة التوزيع، وأصبحت تصل بمعدل 4 ساعات فقط في اليوم الواحد.
ولقي الأطفال يسرى، ورهف، وناصر الهندي، الذين تتراوح أعمارهم ما بين شهرين وأربعة أعوام، مصرعهم في ساعة متأخرة من مساء الجمعة، إثر التهام النيران لغرفة النوم الوحيدة في البيت الذي كانوا ينامون فيه، بعد رحلة قصيرة على شاطئ البحر القريب من منزلهم، لتكون الرحلة الأخيرة للعائلة المكلومة التي فجعت بفقد أطفالها الثلاثة، وإصابة آخرين ووالدتهم، في حين كان والدهم العاطل عن العمل خارج المنزل. وقد أظهرت مقاطع فيديو وصور مؤلمة جدا بثها نشطاء وصحافيون، والدي الأطفال المتوفين وهم في حالة انهيار تام لا يقوون فيها على الحديث، وهم يتحسرون على ما ألم بهم من فاجعة كبيرة.
وبحسب إحصائيات المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، فمنذ عام 2010 لقي 26 فلسطينيًا، من بينهم 21 طفلًا، مصرعهم جراء استخدام بدائل الكهرباء كالشمع والغاز وغيرهما، ليرتفع بذلك عدد الضحايا إلى 29، بينهم 24 طفلا بعد حادثة الشاطئ المفجعة.
وشيع المئات من الفلسطينيين جثامين الأطفال الثلاثة وسط مشاركة من قيادة حركة حماس، يتقدمهم إسماعيل هنية، نائب رئيس المكتب السياسي الذي أعلن عن تبني العائلة، وتوفير منزل لها، وراتب مخصص لإعالتها واعتبار أطفالها «شهداء الحصار»، وتأمين حياة كريمة لهم، محملا السلطة الفلسطينية المسؤولية عن أزمة الكهرباء المتفاقمة على القطاع، من خلال فرض ضريبة «البلو» على وقود محطة الكهرباء الوحيدة، وهو ما يضاعف من أسعار شرائها، ويزيد من أعباء توفير تلك الأموال، في ظل الاحتياج الكبير للمحطة من كميات الوقود بشكل يومي.
واتهم هنية السلطة الفلسطينية برفض مشاريع تقدمت بها جهات مختلفة لتحسين وإنهاء أزمة الكهرباء بشكل كامل في قطاع غزة، كما أنها رفضت طلبا تركيا لبناء ميناء في غزة، بعد أن وصل المسؤولون الأتراك إلى نقاط متقدمة في هذه القضية مع السلطات الإسرائيلية.
واعتبر هنية ما جرى «جريمة» متكاملة الأركان في ظل العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، وأنه يتحمل مسؤوليتها كل من يحاصر قطاع غزة، مضيفا «أن الهدف من ذلك الضغط على حماس والفلسطينيين بغزة لرفع الراية البيضاء، والاستسلام، والانفضاض عن المقاومة».
وجاء حديث هنية بعد بيان لحركة حماس، هاجمت فيه الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس حكومة الوفاق الوطني رامي الحمد الله، وحملتهما المسؤولية في ظل حالة التمييز والتهميش التي يمارسانها ضد أهل غزة، وإصرارهما على فرض ضريبة «البلو»، على الرغم من أنها مستردة من الاحتلال، وكذلك رفض تقديم طلب رسمي للاحتلال لربط غزة بخط كهربائي إضافي، وفق نص البيان.
وقال سامي أبو زهري، الناطق باسم الحركة، «إن الحياة في غزة لم تعد ممكنة في ظل هذا الحصار والخنق والتواطؤ»، ناصحًا المجتمع الدولي وكل الأطراف المعنية بالتحرك لوقف هذا الوضع المتردي، لأنه لم يعد هناك مجال للصبر والاحتمال أكثر من ذلك.
ومن جانبه، رد أسامة القواسمي، الناطق باسم حركة فتح، بالقول إن حماس تتحمل المسؤولية عن الوضع الإنساني الصعب الذي يعاني منه سكان القطاع، متهما الحركة بمنع الحكومة من العمل في القطاع، وجباية أموال الكهرباء والضرائب لصالح عناصرها من دون الاكتراث لمعاناة المواطنين، واستغلالها لكمية كبيرة من الكهرباء لصالح قياداتها، دون دفع أي ثمن مقابل ذلك، وفق قوله.
كما رفض يوسف المحمود، المتحدث باسم حكومة الوفاق الوطني، التصريحات التي صدرت عن بعض المسؤولين في حركة «حماس»، التي حملها المسؤولية عما يجري، من خلال عرقلة عمل الحكومة، ومواصلة اختطاف قطاع غزة، وقال «إن ممارسات حركة حماس واعترافها بأنها تركت الحكومة، وإصرارها على عدم ترك الحكم، يثبت أنها تريد من حكومة الوفاق الوطني أن تعمل جابيا، وتصرف على حكمها وتتحمل أخطاءها وخطاياها، في حين تكتفي هي بتقديم الشعارات وتوجيه الاتهامات الباطلة».
وانبرى فلسطينيون على مواقع التواصل الاجتماعي للهجوم على حركتي فتح وحماس. وكتب كثيرون مطالبين بدعم مماثل قبل أن يلقوا مصير عائلة الهندي، فيما تساءل آخرون عن عدد الساعات التي تنقطع فيها الكهرباء عن بيوت المسؤولين في غزة. وفي هذا السياق دعا المواطن «مصطفى مطر» الجمعيات الخيرية إلى تبني مشروع خاص لتزويد العائلات الفقيرة بوسائل إنارة آمنة من ذات التكلفة البسيطة، التي يمكن أن تعينهم على تدبر أمورهم دون استخدام الشموع، أو غيرها من الأدوات التي يمكن أن تتسبب بالكوارث، خاصة في حال كانت العائلات نياما كما جرى مع عائلة الهندي. وتشير إحصائيات حقوقية إلى أن معدلات البطالة في غزة وصلت إلى نحو 70%، فيما وصلت معدلات الفقر إلى 80%، حيث يتوقع أن تتضاعف مع استمرار الحصار المشدد على القطاع، وتوقف عجلة الاقتصاد الفلسطيني.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».