في الوقت الذي ما تزال فيه الساحة السياسية في إسرائيل منشغلة بتقرير مراقب الدولة العبرية يوسف شبيرا، الذي أدان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو؛ بسبب إخفاقاته في الحرب الأخيرة على قطاع غزة، تصاعد التوتر في اليومين الأخيرين جراء قصف القذائف الصاروخية الفلسطينية، والرد عليها بغارات شرسة، وهو ما دفع نتنياهو إلى الدعوة إلى اجتماع طارئ للمجلس الوزاري الأمني المصغر في حكومته، بحث آخر التطورات، وتقرر على إثره البقاء على أهبة الاستعداد لمواجهة خطر تدهور الأوضاع الأمنية.
ومع أن المراقبين يجمعون على أن الحكومة الإسرائيلية وقيادة حماس لا يسعيان إلى التصعيد في هذه المرحلة، لكنهم يخشون حدوث «خطأ يقودهما إلى تدهور حربي لا يرغبان فيه». وفي هذا الصدد قال الخبير العسكري ألون بن ديفيد: «إن الطرفين يديران لعبة حرب صبيانية»، مضيفا أن «حماس تتعمد إطلاق صواريخ غير صائبة نحو قوات الجيش الإسرائيلي العاملة في المنطقة الشرقية من القطاع (داخل تخوم السيادة الفلسطينية الواقعة تحت حكم حماس). والتجربة السابقة تدل على أنها قادرة على إصابة أهداف دقيقة، لكنها تتعمد الخطأ في التصويب لكي تبقي اشتعال الوضع على نار خفيفة. وبالمقابل فإن إسرائيل ترد بالطريقة نفسها. فهي تقصف أهدافًا بعيدة ومواقع فارغة. وبالمصادفة فقط تقع إصابات في صفوف الفلسطينيين».
واستغل أفيغدور لبرمان، وزير الخارجية السابق ورئيس حزب «إسرائيل بيتنا» المعارض، هذا الوضع ليهاجم حكومة نتنياهو «التي تستخف بعقول المواطنين وتضللهم. فهي لم تقرر الخروج إلى الحرب ولا تعطي الجيش أوامر واضحة للحرب؛ لأنها معنية بحكم حماس».
وكان مراقب الدولية الإسرائيلي شبيرا قد أعد مسودة تقرير لتلخيص الحرب الأخيرة ضد غزة (الجرف الصامد)، خرج فيها باستنتاج مفاده أن الجيش لم يكن جاهزًا بشكل حقيقي لمواجهة الأنفاق التي شقتها حماس، التي تمتد في عمق الحدود الإسرائيلية، موضحا أن «رئيس الحكومة ووزير دفاعه موشيه يعلون، ورئيس الأركان السابق للجيش بيني غانتس، أداروا الحرب في حينه بشكل منفرد، وأخفوا معلومات كثيرة عن الوزراء وعن المجلس الوزاري الأمني المصغر في الحكومة، وهذا تعبير عن خلل في تركيبة القيادة».
وما أن تسربت معلومات عن هذا التقرير إلى الصحافة حتى تدفقت ردود الفعل الغاضبة ضد الثالوث المذكور بقيادة نتنياهو؛ إذ قال الوزير السابق غدعون ساعر، وهو من حزب نتنياهو، إن الحرب على غزة في صيف 2014 كانت «حربًا فاشلة»، مضيفًا أن «المشكلة هي أن رئيس الحكومة لا يسمع ولا يصغي، ويهاجم كل من يلفت نظره إلى الخطأ». فيما قال ليبرمان: «إن نتنياهو يرفض اتخاذ القرار الوحيد الذي يخدم مصالح إسرائيل، وهو قرار اجتياح غزة وإسقاط حكم حماس».
ومن جهته، رد نتنياهو ويعلون على التقرير بوصفه بأنه «غير جدي وغير مهني»، وأوضحا أن المراقب يمارس «ملاحقة سياسية» ضدهما. وقد أذهل هذا الهجوم على المراقب الحلبة السياسية في إسرائيل؛ لأن شبيرا اختاره نتنياهو لمنصب المراقب بنفسه. ومنذ تعيينه أقدم على خطوات كثيرة لصالح نتنياهو وحكومته؛ مما جعل جدعون ساعر يقول بهذا الخصوص إن «هذا هو مصير كل من يخلص لنتنياهو، حيث إليه يدير ظهره».
والجدير بالذكر أن التصعيد الأخير بدأ عندما أعلنت إسرائيل عن اكتشاف نفق شقته حركة حماس داخل حدودها، وأتبعت ذلك بدخول القطاع بحثًا عن أنفاق أخرى. وعندما اقتربت من نفق آخر، حاول نشطاء حماس مهاجمتها بقصف قذائف مدفعية، فردت إسرائيل بغارات جوية. وبعد ذلك أعلنت أنها اكتشفت نفقًا ثانيًا ودمرته، فيما تواصل التفتيش عن أنفاق أخرى.
وأول من أمس أعلن جهاز الأمن العام الإسرائيلي (شاباك) أن أحد عناصر حماس، يدعى محمود عطاونة (29 عامًا)، اعتقل في مطلع أبريل (نيسان) الماضي بعد عبوره السياج الحدودي إلى داخل إسرائيل، وأنه كشف خلال التحقيق معه عن أسرار كثير من الأنفاق. وقال الجهاز إن عطاونة، عضو في كتائب عز الدين القسام الجناح المسلح لحركة حماس، منذ عشر سنوات، وسبق له أن تورط في كثير من العمليات ضد القوات الإسرائيلية، لكن معظم عمله كان في حفر الأنفاق. وقد قدم «معلومات ثمينة كثيرة» حول مسارات الأنفاق في شمال قطاع غزة، وعن أساليب عمل حماس في حفر الأنفاق، وعن استخدام حماس لمنازل خاصة ولمؤسسات عامة من أجل حفر الأنفاق. كما قدم معلومات عن المواد التي تستخدمها حماس في عمليات الحفر»، وهو ينتظر الحكم النهائي بالسجن.
الطيران الإسرائيلي يقصف أهدافًا في غزة لليوم الثالث على التوالي
اجتماع طارئ للحكومة في تل أبيب.. ومخاوف من تدهور أمني كبير
الطيران الإسرائيلي يقصف أهدافًا في غزة لليوم الثالث على التوالي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة