3 مراحل تكتيكية عاشتها الجماعات الإرهابية للاختباء وتنفيذ عملياتها الإرهابية

أكد خبراء في الشؤون الأمنية أن الجماعات الإرهابية بمختلف مسمياتها تعيش في الوقت الراهن مرحلة التحول الثالثة في عملياتها التكتيكية، خصوصًا في اتخاذ مقرها الرئيسي لتنفيذ أعمالها الإجرامية داخل المدن السعودية، بعد أن حققت الجهات الأمنية انتصارات ميدانية وعسكرية لوقف تحركات هذه الجماعات على الأرض.
وأضافوا أن التحول لهذه الجماعات يكون مرتبطا بما يحدث على أرض الواقع من عمليات ضبط ورصد من قبل الأجهزة الأمنية، فتعمد هذه الجماعات إلى تغيير طرقها ومواقعها والبعد عن المناطق التي تعتقد أنها ستكون مكشوفة، فتغير بذلك مقرها الرئيسي كما حدث في واقعة مكة المكرمة أمس.
ويبحث الإرهابيون، بحسب الخبراء، عن المناطق التي لا ترصدها العين في الوقت الراهن وتكون قريبة من المناطق المأهولة بالسكان ولا تبعد كثيرا عن المواقع المراد استهدافها، وهذا يتضح جليًا في اختيارهم استراحة في «وادي نعمان» الواقع على طريق الطائف الكر، ويبعد عن مكة المكرمة قرابة 35 كيلومترا (كلم)، في حين يعد حي «العابدية» أقرب الأحياء، إذ يبعد عن موقع الحادثة نحو 5 كيلومترات (كلم)، فيما تبعد العوالي المنطقة المأهولة بالسكان نحو 17 كيلومترا (كلم).
ويحتضن «وادي نعمان»، الذي نجحت الأجهزة الأمنية أمس في قتل 2 من الإرهابين فيه، فيما انتحر اثنان آخران بأحزمة ناسفة بعد مداهمة وكرهم، عددًا من الاستراحات ومزارع النخيل، ويعد ملاذا لسكان مكة المكرمة للتنزه والترفيه، كما أن المنطقة قريبة من كثير من الإدارات الحكومية، ومن المدينة الجامعية، ومركز قوات الطوارئ.
وقال الدكتور نواف بداح الفغم، عضو اللجنة الأمنية في مجلس الشورى السعودي لـ«الشرق الأوسط»، إن الجماعات الإرهابية تعيش المرحلة الثالثة من التغيرات التكتيكية في تنفيذ أعمالها الإجرامية، إذ كانت تتخذ في السابق الاستراحات التي تبعد عن المدن بمسافات بعيدة مقرا لها، وكشفت الأجهزة الأمنية في تلك المرحلة عن هذه المواقع بعد أكثر من عملية، ووضعت آليات محددة للاستراحات وآلية تأجيرها على عموم المواطنين والمقيمين، وأصبح هناك وعي وتدقيق في عملية تأجير هذه المواقع، فتحولت الجماعات إلى المرحلة الثانية.
وتعتمد المرحلة الثانية وفقا للدكتور الفغم، على الدخول بين المجتمعات المدنية في المدن الكبيرة، فانتقلت الجماعات التكفيرية والإرهابية، بأوكارها لداخل المدن وفي الأحياء، كما حدث في واقعة المقيم العربي الذي كان يدير مصنعًا للأحزمة الناسفة والمتفجرات داخل الحي، إضافة إلى كثير من الخلايا التي كانت تعيش في المدن بجوار المدنيين.
وأضاف الفغم، أن الداخلية نشرت حملات التوعية للمواطنين والمقيمين، من آثار تواجد الإرهابيين داخل المدن، فأصبح المدنيون يبلغون عنهم، ونتج عن ذلك كثير من الضبطيات والقبض على عدد من الخلايا، في عمليات استباقية لوقف أي عمل إرهابي.
ولفت إلى أن هذه التحركات دفعت الجماعات الإرهابية للتحول إلى المرحلة الثالثة، وهي المرحلة التي تعيشها الجماعات الإرهابية، بالتواجد خارج النطاق العمراني على مسافة قريبة، خصوصًا في القرى القريبة المجاورة، قد تبعد عشرات الكيلومترات، وهي المناطق التي قد تغفلها العين، وليس للمواطنين تواجد دائم فيها، كما حدث في عملية «وادي نعمان».
وأشار الدكتور الفغم، إلى أن الجماعات الإرهابية تختار المسافات القريبة من المدينة لتحقيق هدفين، يتمثل الأول في الابتعاد عن مناطق الخطر وأعين الأجهزة الأمنية والمواطنين، وهي ما يطلق عليها «المناطق التي يتجاوزها النظر»، والهدف الثاني قربهم من المواقع المستهدفة، وهو ما حدث في واقعة «عسير» عندما قبض على المركبات التي كانت مُعدّة بالكامل وجاهزة للتفجير.