قائد «الحشد الشعبي» في طهران يعتذر للإيرانيين من هتافات الصدريين

حفل تكريمي للميليشيات العراقية وفيلق «قدس» في جامعة طهران

هاشم الحيدري قائد ميليشيا الحشد الشعبي خلال ملتقى «إنجازات الحشد الشعبي» في جامعة طهران
هاشم الحيدري قائد ميليشيا الحشد الشعبي خلال ملتقى «إنجازات الحشد الشعبي» في جامعة طهران
TT

قائد «الحشد الشعبي» في طهران يعتذر للإيرانيين من هتافات الصدريين

هاشم الحيدري قائد ميليشيا الحشد الشعبي خلال ملتقى «إنجازات الحشد الشعبي» في جامعة طهران
هاشم الحيدري قائد ميليشيا الحشد الشعبي خلال ملتقى «إنجازات الحشد الشعبي» في جامعة طهران

بعد يومين من هتافات آلاف العراقيين في المنطقة الخضراء تندد بالتدخل الإيراني وقائد فيلق «قدس» قاسم سليماني كشفت طهران عن ورقة ميليشيا «الحشد الشعبي» العراقي ونواب من كتلة «بدر» للدفاع عن مواقفها في العراق ووصف قائد الحشد في طهران من رددوا هتافات ضد إيران بأنهم «أخطر من العدو الذي يحاربه الحشد الشعبي».
وافتتح ملتقى «إنجازات الحشد الشعبي» في جامعة طهران، أول من أمس، قائد الحشد هاشم الحيدري بالدفاع عن قاسم سليماني وسياسة إيران في العراق، وذكر الحيدري أن فتاوى مراجع عراقية ودعم النظام الإيراني من بين أسباب حفظ بغداد من السقوط بيد «داعش». ووصف الحيدري من رددوا هتافات ضد إيران بأنهم «أخطر من العدو الذي يحاربه الحشد الشعبي».
وكانت مواقع إيرانية تابعة للحرس الثوري، الثلاثاء، نشرت خبر وصول الصدر إلى طهران قبل أن تقوم بسحب الخبر بعد ساعات. بدورها وكالة أنباء «إيرنا» الرسمية نسبت الخبر إلى وسائل إعلام عربية، ونقلت عن مصدر مطلع أن الصدر «لم يسافر إلى إيران ولم يخطط للسفر إليها»، بينما لم يؤكد أو ينفي التيار الصدر حتى الآن تلك الأنباء.
في غضون ذلك، دافع رئيس كتلة «بدر» في البرلمان العراقي، محمد ناجي محمد عن السياسة الإيرانية في العراق ودعمها «الواسع» للحشد الشعبي بقيادة قاسم سليماني وقوات فيلق «بدر» التابع للحرس الثوري الإيراني.
واعتبر ناجي محمد أصحاب الهتافات «مجموعة صغيرة» لا تعترف بفضل إيران على العراق، مؤكدا أنها «تمثل نفسها»، وأضاف ناجي محمد مخاطبا الإيرانيين أن «الشعب العراقي يحترم ولي الفقيه كثيرا ويقدر دعمه».
وعد البرلماني العراقي، الحشد الشعبي «قوة سياسية تقف بوجه السعودية وقطر وتركيا وائتلاف الدولي بقيادة أميركا». من جانبه، اعتبر قائد الحشد الشعبي عدم توجه العراقيين في الانضمام إلى الحشد الشعبي «خوفهم على الأرواح والأموال».
ووجه الحيدري لوما غير مباشر إلى مقتدى الصدر عندما اعتبر فتوى السيستاني سبب إنقاذ العراق وليس الشعارات الوطنية والشخصيات السياسية، ولا أي من العلماء الشيعة. وحول الهتافات التي رددها العراقيون ضد التدخل الإيراني شكك الحيدري بمن يقفون وراء تلك الهتافات واعتبرها «هتافات أميركية» تسر «السعودية»، مضيفا أن من ردد تلك الهتافات «أخطر بمراتب كثيرة من الأعداء الذين نواجههم».
وانتقد الحيدري ضمينا التيار الصدري؛ بسبب إطلاق تلك الهتافات، قائلا: «إن والد مقتدى الصدر كان يعد الدفاع عن الإسلام بالعمل وليس عبر الهتافات». وبينما يعد كثيرون في إيران أن الحشد الشعبي يتجه على مسار تأسيس الحرس الثوري كقوة موازية في العراق أكد الحيدري أن إيران «لم ترضح لضغوط دول، مثل أميركا والسعودية وتركيا وقطر» لوقف دعمها للحشد الشعبي.
وفيما وصفت مواقع إيرانية من أطلقوا هتافات ضد إيران بـ«بقايا حزب البعث» في العراق، بدوره كرر الحيدري تلك المواقف، وقال: «إن بعض المنابر الآن بيد المرتبطين بالبعثيين وأن مسؤولين يشك في صلتهم بالبعث، ويعتقد أن شكلوا غرفة عمليات لمواجهة الحشد الشعبي».
وأعرب الحيدري انزعاجه من إطلاق دول عربية تسمية «الميليشيات» على «الحشد الشعبي»، وطالب الحيدري الإيرانيين بدعم ميليشيا «الحشد الشعبي»، مضيفا بأنه إضافة إلى ولي الفقيه والمرجعيات الشيعية وحزب الله يشكلون محورا في المنطقة «يتصدى للأهداف الأميركية».
واعترف الحيدري بوجود ميليشيات عراقية في سوريا إلى جانب مقاتلين من «باكستان وأفغانستان وإيران ولبنان»، مؤكدا أنها تحارب هناك في آيديولوجية تتجاوز مفاهيم الوطن والأحزاب والمجموعات.
هذا وكان مستشار خامنئي في الشؤون الدولية علي أكبر ولايتي، أول مسؤول إيراني، رد غاضبا على إطلاق هتافات معادية لإيران في المنطقة الخضراء، وقال ولايتي، الأحد الماضي: «إن الشعب العراقي يتصدى لأي شغب يهدد أمنه وسلطة القانون»، وأنه «يتصدى لأي مجموعة تقوم بأعمال غير قانونية».
وأكد ولايتي أن العراقيين «يردون على من يريد زعزعة الاستقرار بأعمال غير قانونية». ولايتي من دون أن يذكر اسما، اتهم دولا في المنطقة في السعي وراء «تغيير المعادلات» في بغداد في «ظرف حساس». وكانت وسائل إعلام إيرانية اتهمت نظيراتها العربية بدعم الصدر إعلاميا للضغط على المجلس الأعلى الشيعي ورئيس الوزراء حيدر العبادي.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.