تحرير مدينتي حديثة والبغدادي.. والقوات تواصل التقدم غرب الأنبار

توقف رحلات مطار المثنى صوب عين الأسد تمهيدًا لتأمين الطريق البري

نساء إيزيديات في مدينة نوران قرب الموصل لدى مشاركتهن في القتال في صفوف الأمن ضد تنظيم داعش الإرهابي (رويترز)
نساء إيزيديات في مدينة نوران قرب الموصل لدى مشاركتهن في القتال في صفوف الأمن ضد تنظيم داعش الإرهابي (رويترز)
TT

تحرير مدينتي حديثة والبغدادي.. والقوات تواصل التقدم غرب الأنبار

نساء إيزيديات في مدينة نوران قرب الموصل لدى مشاركتهن في القتال في صفوف الأمن ضد تنظيم داعش الإرهابي (رويترز)
نساء إيزيديات في مدينة نوران قرب الموصل لدى مشاركتهن في القتال في صفوف الأمن ضد تنظيم داعش الإرهابي (رويترز)

تمكنت قوات الأمن العراقية من فك الحصار عن مدينتي حديثة والبغدادي، بعد عامين من تضييق الخناق الذي فرضه تنظيم داعش الإرهابي، وتضمن التحرير الطريق الرابط بين بغداد وحديثة، مما يجعل الطريق البري مؤمنا بالكامل، انطلاقًا من العاصمة، وصولا إلى مدن الفلوجة والرمادي من ناحية المدينتين المحررتين.
وتواصل القوات تقدمها لتحرير المدن الغربية لمحافظة الأنبار من التنظيم الإرهابي، وقالت عضو مجلس محافظة الأنبار نهلة الراوي لـ«الشرق الأوسط» إنه «انتصار كبير على تنظيم داعش الإرهابي.. أهالي حديثة والبغدادي والمناطق الأخرى صبروا على الجوع والعطش، وفقدوا الكثير من الأحبة، وقاتلوا وصمدوا وتحملوا كل الظروف لأكثر من عامين، وهذا إنجاز كبير نفتخر به، حيث سيساهم الطريق في إيصال المواد الغذائية والأدوية والوقود إلى المحاصرين». وأضافت الراوي: «الانتصار سيكون دافعا لتحرير باقي المدن والمناطق الغربية في المحافظة، وأيضًا له أهمية كبيرة بالنسبة للمناطق الصامدة كحديثة والبغدادي التي كانت محاصرة بسبب سيطرة (داعش) على هذا الطريق».
يعود المقدم ناظم الجغيفي للتأكيد على توقف جميع الرحلات الجوية للمسافرين من مطار المثنى في بغداد إلى مدينة حديثة بعد تأمين الطريق البري الرابط بين ناحية البغدادي وصولا إلى المدينة (غرب الأنبار).
وقال الجغيفي إن الرحلات الجوية لنقل المسافرين المدنيين من مطار المثنى في بغداد إلى قاعدة عين الأسد غرب الأنبار توقفت بالكامل على خلفية تأمين الطريق البري الذي يربط بين العاصمة ومدينة حديثة غرب الأنبار، بعد رفع مئات العبوات الناسفة والمواد المتفجرة من الطريق الرابط بين ناحية البغدادي وقضاء حديثة بعد تطهيره من سيطرة «داعش».
وأضاف أن «الطريق أصبح مؤمنا بشكل تام للعجلات المدنية والعسكرية، وبهذا الإنجاز الكبير تم فك الحصار المفروض على قضاء حديثة منذ أكثر من عامين»، مبينا أن «القوات الأمنية والقوات المساندة لها نشرت السيطرات الأمنية الثابتة والمتحركة على طول الطريق البري».
وبعد تحرير مناطق الرمادي وغرب الرمادي وهيت وكبيسة؛ بدأت عناصر من جهاز مكافحة الإرهاب وفرقة المشاة السابعة و«قيادة عمليات الجزيرة» والشرطة ومقاتلي عشائر الأنبار، وبإسناد كبير من القوة الجوية وطيران الجيش، بحسم المعارك وتحقيق الانتصارات بتحرير قرى البسطامية، والسهلية، والكسار، والخالدية، والساعدة، ومسخن، والبو عساف، فيما تم «تطهير طريق هيت - البغدادي الممتد لأكثر من 33 كيلومترا، وإنهاء الحصار الذي فرضته عصابات (داعش) الإرهابية، حيث أصبح الطريق سالكا من هيت إلى حديثة، وإلى البغدادي وصولا للرمادي ثم العاصمة بغداد»، بحسب الجغيفي.
وبالعودة إلى المعارك الميدانية قرب الفلوجة، تمكنت القوات المشتركة، المدعومة من أبناء العشائر، أمس، من تحرير وتطهير مسافات كبيرة من الطريق الرابط بين عامرية الفلوجة وتقاطع السلام بأطراف مدينة الفلوجة من سيطرة تنظيم داعش، وتقدمت القوات العراقية نحو مناطق جنوب الفلوجة، حيث دارت اشتباكات عنيفة قرب منطقة البودعيج والفحيلات جنوب المدينة، وحاول التنظيم عرقلة تقدم القوات الأمنية عبر إرسال السيارات المفخخة، لكن القوات المشتركة وطيران التحالف الدولي تصديا لتلك المحاولات.
وقال مدير ناحية عامرية الفلوجة، شاكر محمود لـ«الشرق الأوسط» إن القوات الأمنية تقدمت منذ الساعة السابعة من صباح يوم الأربعاء نحو مناطق الفحيلات والبعاصي باتجاه مركز السلام، وتمكنت من تحريرها بالكامل، مضيفا أن هذه هي «الصفحة الأولى من المعارك التي تكبد بها التنظيم الإرهابي خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات، ولكن لا تزال هناك مقاومة عنيفة من قبل مسلحي التنظيم الإرهابي».
وأضاف محمود أن هناك كثيرا من حقول الألغام في هذه المنطقة بسبب تمركز عناصر «داعش» في هذه المناطق منذ ما يقارب سنتين ونصف السنة، ويتابع: «الصفحة الثانية ستكون الدخول إلى مدينة الفلوجة وتحريرها من سيطرة (داعش)».
يشار إلى أن تنظيم داعش الإرهابي مني بخسائر كبيرة في شمال وغرب العراق خصوصا بعد استعادة السيطرة على مدينتي الرمادي وهيت في الأنبار، وتكريت وبيجي في صلاح الدين، حيث تحاصر القوات الأمنية وقوات العشائر مسلحي التنظيم في مدينتي الفلوجة والموصل.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.