المجلس الأعلى للحسابات المغربي يحذر من تفاقم الدين العام

حذر تقرير أصدره المجلس الأعلى للحسابات المغربي (أعلى هيئة لمراقبة صرف المال العام)، أمس، من استمرار تصاعد الدين العمومي، وحث الحكومة على بذل مزيد من الجهود بقصد التحكم في ارتفاعه. مثمنا في المقابل الاستمرار في تحسن شروط تمويل الخزينة.
وكشف إدريس جطو، رئيس المجلس، خلال تقديمه نتائج التقرير في جلسة عامة مشتركة بين البرلمان بغرفتيه عقدت أمس، أن الدين العمومي عرف ارتفاعا ملحوظا، حيث انتقل من 743 مليار درهم (74.3 مليار دولار) سنة 2014 إلى 807 مليارات درهم (80.7 مليار دولار) سنة 2015، أي بقيمة تجاوزت 64 مليار درهم، وهو ما يمثل 81.3 في المائة من الناتج الداخلي العام.
وقال جطو إن المجلس سجل عدة اختلالات على مستوى أداءات الخزينة ومؤشرات المالية العمومية، منها تراكم متأخرات الأداء، التي شملت متأخرات الضريبة على القيمة المضافة المستحقة لفائدة المؤسسات والمقاولات العمومية دون القطاع الخاص. ولاحظ أنها انتقلت من 8.7 مليار درهم سنة 2010. إلى 25.18 مليار درهم عند نهاية 2015، أي ما يناهز 41 في المائة من مداخيل ميزانية الدولة من الضريبة على القيمة المضافة.
وتعتبر هذه المبالغ، بحسب جطو، ديونا على الدولة إزاء أكبر المؤسسات التابعة للقطاع العام، والتي تلعب دورا مهما في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد. ويتعلق الأمر أساسا بالمجمع الشريف للفوسفات، والشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب، والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، والمكتب الوطني للسكك الحديدية، وشركة الخطوط الجوية الملكية المغربية.
وحذر جطو من أن عدم معالجة هذه الديون من شأنه أن يحد من قدرة المؤسسات المعنية على الوفاء بالتزاماتها المالية، كما أنها تشكل أحد المخاطر التي قد تهدد المالية العمومية.
واستعرض جطو في تقريره بعض التدابير الإيجابية التي اتخذت أخيرًا في اتجاه الحد من تراكم دين هذه الضريبة لمصلحة المؤسسات والمقاولات العمومية، منها تمكين كل من المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، والمكتب الوطني للسكك الحديدية، من قروض بنكية بقصد التخفيف من وطأة الديون التي تعاني منها المؤسستان إزاء المتعاقدين معهما.
واعتبارا لما قد يترتب عن هذه الوضعية من آثار وخيمة، دعا المجلس إلى معالجة هذه الديون في آجال معقولة بهدف استقرار الوضعية المالية للمؤسسات العمومية المعنية. موضحا أنه «إذا كان هامش التدخل في هذا المجال قد يبدو ضيقا، نظرا للتأثير المباشر والمزدوج على نسبة عجز الميزانية وحجم ديون الخزينة، فإن وفاء الدولة بالتزاماتها من شأنه ضخ المزيد من السيولة في النسيج الإنتاجي الوطني، وتمكين الكثير من المقاولات الصغرى والمتوسطة من مستحقاتها، مما سيساعدها على مواجهة إكراهات التمويل التي تعتبر إحدى أهم العراقيل التي تواجهها».
وثمن التقرير مجهود الحكومة في إطار تنفيذ ميزانية سنة 2015 بتخصيص مبالغ مهمة لدعم استراتيجيات المغرب القطاعية، وفي مجالات متعددة كالفلاحة والصناعة والسياحة والبناء والتعمير والتوظيف. إلا أن التقرير نبه إلى «الظروف الصعبة التي تمر بها الكثير من القطاعات والمقاولات الصغرى والمتوسطة، حيث تراجع إقبالها على التمويل البنكي، وتدهورت قدراتها على الاستثمار وخلق فرص الشغل بنسب غير معهودة»، الأمر الذي يستدعي، حسب التقرير، ملاءمة الاستراتيجيات بمشاركة الفاعلين الاجتماعيين والاقتصاديين بهدف ضمان مردودية أكبر للمجهود المالي للدولة، واستعادة المقاولة المغربية لديناميتها، لما لذلك من آثار إيجابية على رفع وتيرة النمو، وإحداث فرص الشغل، وتوفير ظروف العيش الكريم لشرائح واسعة من المواطنين.