تركيا تعفي القبارصة اليونانيين من تأشيرة الدخول إلى أراضيها في إطار اتفاق الهجرة

قال مسؤول تركي أمس، إن القبارصة اليونانيين لن يحتاجوا إلى طلب تأشيرة سفر لتركيا، وذلك بموجب اتفاق بين أنقرة والاتحاد الأوروبي، مؤكّدا أن ذلك لا يعني اعتراف تركيا بقبرص. ونشرت الجريدة الرسمية قرارا بموافقة الحكومة التركية على إعفاء مواطني الاتحاد الأوروبي من تأشيرة الدخول، بمجرد أن يخفف الاتحاد من قيود التأشيرة بالنسبة للأتراك.
وتطالب بروكسل بهذه الخطوة ضمن 72 معيارا في سبيل تحرير تركيا من تأشيرة السفر. ومن المتوقع أن تقترح المفوضية الأوروبية اليوم المضي قدما في الاتفاق، سعيا لضمان تعاون تركيا المستمر في اتفاق أوسع بشأن وقف الهجرة غير الشرعية. وتمثل مسألة اعتراف تركيا بقبرص، العضو في الاتحاد الأوروبي، أحد العراقيل الكبرى في علاقات أنقرة بالاتحاد. وقبرص مقسمة منذ أربعة عقود بين الشمال الذي يسيطر عليه القبارصة الأتراك، وتعترف به أنقرة، والجنوب الذي يسيطر عليه القبارصة اليونانيون، وتحظى حكومته باعتراف دولي.
وأكد المسؤول التركي أن الاتفاق سينطبق أيضا على القبارصة اليونانيين. وقال إن «هذا لا يعني الاعتراف بقبرص. وإذا ألغى الاتحاد الأوروبي تأشيرة السفر للمواطنين الأتراك، فإننا سنلغي أيضا تأشيرة السفر لبقية دول الاتحاد الأوروبي». وتابع: «يمكن الآن للقبارصة اليونانيين أن يسافروا لتركيا بالفعل، لكننا نصدر تأشيرات لهم في وثيقة منفصلة. ولن يعودوا بحاجة إلى تأشيرة بموجب الإجراء الجديد».
في سياق متّصل، يتوقع أن يوافق الاتحاد الأوروبي اليوم على دخول مواطني تركيا إلى فضاء «شنغن» دون الحاجة إلى تأشيرة، تطبيقا لأحد مطالب أنقرة الرئيسية للاستمرار في تنفيذ اتفاق الهجرة المعروف إعلاميا بـ«لاجئ مقابل لاجئ».
وذكرت مصادر لوكالة الصحافة الفرنسية أمس، أن المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد الذي يضم 28 بلدا، سيطلب من تركيا تطبيق مزيد من الإجراءات لكي يستفيد مواطنوها من دخول منطقة التنقل الحر (شنغن) دون تأشيرات بحلول يونيو (حزيران) .
وأكّدت أنقرة تنفيذ هذا الطلب في إطار الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي باستقبال اللاجئين الذين تتم إعادتهم من اليونان، مقابل قبول أوروبا لاجئين سوريين من المخيمات في تركيا، في اتفاق تم التوصل إليه في مارس (آذار) الماضي. ويتعين الحصول على موافقة الدول الأعضاء في الاتحاد والبرلمان الأوروبي على المطلب التركي بعد موافقة المفوضية عليه، وهو أمر غير مضمون، نظرا لمخاوف كثير من الدول بشأن سجل تركيا في حقوق الإنسان.
وذكر مصدر أوروبي أن «المفوضية ستطرح خطة إضافة تركيا إلى قائمة الدول المعفية من التأشيرات»، مضيفا أن «64 فقط من 72 معيارا ينطبق»، ولذلك فإن الموافقة على الخطة لا تزال مشروطة بالموافقة على باقي المعايير.
ويتعين على تركيا تطبيق قائمة من 72 معيارا، من بينها إصدار جوازات سفر بيومترية، واحترام حقوق الإنسان، تم تحديدها عندما ناقشت بروكسل وأنقرة في البداية السماح للأتراك بدخول دول الاتحاد لمدة 90 يوما دون تأشيرات.
وضغطت تركيا على الاتحاد الأوروبي لاحترام وعوده بشأن هذه الخطة، التي تعتبرها أنقرة أكبر مكسب لها من خطتها بشأن الهجرة. لكن ألمانيا وفرنسا اقترحتا «آلية للتراجع» يمكن بموجبها وقف العمل بالسفر من دون تأشيرات، في حال بقيت أعداد كبيرة من الأتراك في الاتحاد الأوروبي بشكل غير قانوني أو تسلمت دول الاتحاد أعدادا كبيرة من طلبات اللجوء من الأتراك.
وكان الاتحاد الأوروبي توصّل إلى اتفاق مع تركيا لإعادة جميع المهاجرين «غير القانونيين» الذين يصلون إلى اليونان بعد 20 مارس، وترفض طلباتهم للجوء، في محاولة لوقف التدفق الهائل الذي يلقي عبئا كبيرا على أوروبا. في المقابل، فإن الاتحاد الأوروبي سيعيد توطين لاجئ سوري من المخيمات في تركيا، مقابل كل سوري تستقبله تركيا من الجزر اليونانية بهدف ردع الناس عن العبور إلى اليونان.
وأثار الاتفاق كثيرا من المخاوف القانونية والأخلاقية، واتّهم معارضوه الاتحاد الأوروبي بالتضحية بقيمه والتغاضي عن قمع تركيا المتزايد لحرية التعبير. وأكدت المصادر أن الاتحاد الأوروبي سيسمح كذلك اليوم للدول بتمديد الضوابط الحدودية داخل منطقة «شنغن»، نتيجة لأزمة المهاجرين والهجمات الإرهابية التي شهدتها عواصم أوروبية مؤخرا. وطلبت ألمانيا وفرنسا والنمسا والدنمارك والسويد تمديد تلك الضوابط، وقالت إن الوضع على الحدود لا يزال «مضطربا للغاية».
ومنذ 2015، أعادت كثير من دول «شنغن» الـ26 فرض الضوابط الحدودية، بسبب أزمة المهاجرين لتعلق فعليا مبدأ الحدود الحرة. وتقضي قوانين الاتحاد بأن الدول يمكنها إعادة فرض الضوابط الحدودية لمدة تصل إلى عامين، بفترات تصل إلى ستة أشهر في كل مرة في الأوضاع الاستثنائية.
كما يتوقع أن يكشف الاتحاد الأوروبي اليوم عن مراجعة شاملة لقوانين اللجوء لتقاسم مسؤولية المهاجرين واللاجئين الذين يصلون إلى أوروبا، بشكل أكثر إنصافا. وتعتبر قوانين «دبلن» القائمة حاليا قديمة، وغير منصفة لدول مثل اليونان، التي دخلها العام الماضي معظم اللاجئين السوريين والعراقيين والأفغان وغيرهم من المهاجرين، ووصل عددهم إلى مليون و250 ألف لاجئ ومهاجر.
وبموجب هذه القوانين، يتعين على المهاجرين التقدم بطلبات لجوء في البلد الذي يصلون إليه أولا، ويجب إعادتهم إليه في حال محاولتهم الانتقال إلى بلد آخر في الاتحاد. ويتوقع أن تقترح المفوضية آلية خاصة تسمح بنقل المهاجرين واللاجئين إلى دول أخرى في حال الإعلان عن حالة أزمة، مثلما حدث في اليونان.
وذكرت صحيفة «فايننشال تايمز» أن الدول التي لا تستقبل حصتها من اللاجئين ستدفع غرامة بمقدار 250 ألف يورو مقابل كل شخص ترفض استقباله. إلا أنه يتوقع أن يرفض الاتحاد الأوروبي إجراء مراجعة كاملة لقوانين «دبلن».