توقعات بانخفاض إيجارات المساكن في السعودية نهاية العام

بعد أن تضخمت أكثر من 100 %.. وفي ظل وجود مليون وحدة سكنية شاغرة

توقعات بانخفاض الأسعار بنسبة كبيرة مع نهاية العام الحالي (تصوير: خالد الخميس)
توقعات بانخفاض الأسعار بنسبة كبيرة مع نهاية العام الحالي (تصوير: خالد الخميس)
TT

توقعات بانخفاض إيجارات المساكن في السعودية نهاية العام

توقعات بانخفاض الأسعار بنسبة كبيرة مع نهاية العام الحالي (تصوير: خالد الخميس)
توقعات بانخفاض الأسعار بنسبة كبيرة مع نهاية العام الحالي (تصوير: خالد الخميس)

توقع عقاريون سعوديون أن تتجه إيجارات الوحدات السكنية في البلاد إلى الانخفاض بنسبة كبيرة مع نهاية العام الحالي، خصوصًا قطاع الشقق، وذلك تزامنًا مع بدء تطبيق نظام «إيجار» الذي أعلنت وزارة الإسكان مطلع هذا الأسبوع عن إطلاقه بشكل نهائي بعد نحو ستة أشهر، متوقعين أن يسهم ذلك في كبح جماح ارتفاع أسعار المساكن في البلاد.
وأوضح عبد الله الأحمري، رئيس لجنة التثمين العقاري في غرفة جدة، أن تسديد الإيجار وفق النظام الجديد لا يثبت إلا عن طريق نظام (سداد). وتابع: «نظام إيجار سيشجع على تقليل قيمة الإيجارات، وكبح غلاء الأسعار في السوق، لأن هناك فئة من المواطنين ليس لديهم المقدرة المالية لمجاراة الأسعار التي وصلت لها الإيجارات في الوقت الحاضر، فالأسعار أصبحت مبالغًا فيها».
وأكد الأحمري لـ«الشرق الأوسط» أن كثيرًا من المستأجرين يعانون من العجز في السداد، مما دفع بعض الملاك للاتجاه نحو المحاكم، وتوجد إحصائية تفصح عن وجود مليون وحدة سكانية شاغرة في البلاد لأن ملاكها يطلبون قيمة عالية لتأجيرها، مفيدًا أن أسعار الإيجارات ارتفعت بنحو 100 إلى 150 في المائة، وقال إن «هذا ليس له مبرر، فالزيادة المعمول بها عالميًا هي 5 إلى 15 في المائة، وعلى فترات، وليس كل سنة، وذلك عندما يقوم المالك بصيانة وتطوير الوحدة السكانية لتكون الزيادة مبررة ومقبولة من قبل المستأجر».
ويرى تركي الدهمش، وهو خبير اقتصادي مهتم بالعقار، أن أهم المحاور الرئيسية لنظام «إيجار» هي تنظيم سوق الإيجار، وإلزام المكاتب العقارية بتفعيل النظام، وضمان حقوق أطراف العملية الإيجارية، من المؤجر والمستأجر والوسيط، إلى جانب تفعيل العقد الإلكتروني الذي يكفل حقوق الجميع، حيث سيكون بمثابة «سند تنفيذي» في حال أخلّ أحد الأطراف ببنود العقد.
ولفت إلى أن النظام الجديد يتضمن «ربط بيانات المستأجر في نظام (سمة)، وربط عقود الإيجار بنظام (سداد)، بحيث يكون للمستأجر حرية السداد (شهري أو ربعي أو سنوي)، وإمكانية ربط فواتير الكهرباء والمياه باسم المستأجر لحين انتهاء مدة الإيجار»، مشيرًا إلى أن النظام سيطبق بعد ستة أشهر، بعد رفع نتائجه إلى مجلس الوزراء.
وكان نظام «إيجار» أطلق بشكل تجريبي قبل نحو عامين، وأُخضع للدراسة تمهيدا لتطبيقه النهائي وإلزام المكاتب العقارية على مستوى المملكة بتفعيله، ويضمن النظام حقوق أطراف العملية الإيجارية من المؤجر والمستأجر والوسيط، من خلال توظيف آلية إلكترونية تمتاز بوضوحها وسهولتها، مع تفعيل العقد الإلكتروني الذي يكفل حقوق الجميع، مع الإشارة لكون العقد الإلكتروني سيكون بمثابة سند تنفيذي في حال أخلّ أحد الأطراف ببنوده، وبالتالي اتخاذ الإجراء القانوني اللازم وفقًا لما ستقرره اللائحة.
وبحسب الموقع الإلكتروني لوزارة الإسكان، فإن «إيجار هي شبكة إلكترونية متطورة تقدم حلولاً تكاملية لقطاع الإسكان الإيجاري، وتضع أطراف العملية التأجيرية كافة في مكان افتراضي واحد، وتوفر سهولة للبحث عن وحدة عقارية، وسهولة عرض وحدة عقارية كطرف أصلي أو كوسيط، ما ينتج قاعدة بيانات عقارية متطورة وقادرة على إعطاء القيمة المضافة دائما لجميع الأطراف المعنية».
كذلك تنظم هذه الشبكة العلاقة بين كل أطراف العملية التأجيرية، وتحفظ حقوق كل من المستأجر والمؤجر والوسيط العقاري، عن طريق المستوى التقني العالي للشبكة، وطريقة حفظ وتخزين المعلومات، ثم إعادة عرضها بشكل مبسط وقيم.
وقد تكون عملية البحث عن منزل للإيجار عملية مضنية ومتعبة ومستهلكة للوقت، فالمستأجر يجب أن يزور عدة مواقع، ويتفقد عدة مزايا، ويتفاوض على الأسعار، إلى أن ينتهي به الأمر إلى تقديم بعض التنازلات في عملية الاختيار. لكن مع شبكة إيجار، فإن العملية التأجيرية ترتفع إلى مستوى مختلف تمامًا، بفضل كثير من الفوائد التي تميز شبكة إيجار.
ويتضمن نظام «إيجار» عددا من الميزات، ومن المزايا النظامية: «تحديد المسؤوليات من خلال إعداد وصياغة لائحة تحدد حقوق وواجبات كل من المستأجر والمؤجر، ضمان حقوق كل الأطراف من خلال توفير عقد موحد يرجع إليه الجميع، سرعة وسهولة إنهاء العقد من خلال التحقق من هويات أطراف عملية التأجير بكل دقة، تأهيل الوسطاء العقاريين المرخصين وحصولهم على كامل صلاحيات الوسيط العقاري المعتمد».
أما المزايا التنظيمية فتشتمل على: «توفير خيارات متعددة لتحصيل ودفع الإيجارات، وبناء قاعدة بيانات ائتمانية لقطاع الإسكان الإيجاري»، في حين تقوم المزايا العملية على سهولة الوصول والاطلاع على الوحدات العقارية المعروضة للإيجار، وتنويع طرق عرض الوحدات العقارية المعدة للإيجار، وتسهيل التواصل بين أطراف العملية التأجيرية.
وهذا النظام يوفر للمستأجر سجلا ائتمانيا (نظام سمة)، مع ربط عقود الإيجار بنظام (سداد)، بحيث يتمكن المستأجر من السداد عن طريقه، كما يتيح خيارات متنوعة في السداد تشمل السداد الشهري والربع سنوي والسنوي، وإبرام العقد يتيح ربط فواتير الكهرباء باسم المستأجر لحين انتهاء مدة الإيجار، في حين يتم إبرام العقود عن طريق المكاتب العقارية المعتمدة والسارية، ويجري العمل حاليا على تحديد آلية لتنظيم المكاتب العقارية والوسطاء.



جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
TT

جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه

غالباً ما ينظر النشطاء في مجال الإسكان بالولايات المتحدة الأميركية إلى بناء المباني السكنية الجديدة على أنه هو المشكلة، حيث يتم السماح للمطورين العقاريين ببناء مزيد من المساكن، لا سيما في الأحياء الفقيرة، مما يجعل المستأجرين والجيران في هذه المناطق يخشون من ارتفاع أسعار السوق وزيادة تكلفة الإيجارات عليهم، في حين يميل الاقتصاديون، من ناحية أخرى، إلى رؤية المباني الجديدة بوصفها الحل وليست المشكلة، حيث يقولون إن الطريقة الوحيدة لتخفيف النقص في عدد الشقق، الذي بدوره يؤدي إلى رفع الإيجارات، هي بناء مزيد من المساكن، فهم يؤكدون أن بناء ما يكفي من المساكن سيؤدي لانخفاض الإيجارات بشكل عام.
وتعدّ الإشكالية بين هذين الرأيين أساس حالة الجدل المثارة حول البناء الفردي والمعارك الأوسع حول كيفية تخفيف أزمة الإسكان في الولايات المتحدة. وحتى وقت قريب، لم تكن هناك أي بيانات تقريباً على نطاق الأحياء لحل هذه الأزمة، ويبدو أن كلا الرأيين صحيح في الوقت نفسه، فالمساكن الجديدة قد تساعد في خفض الإيجارات في مناطق المترو على سبيل المثال وذلك حتى في الوقت الذي قد يعني فيه ذلك زيادة الطلب على هذه المناطق مما يزيد من قيمة الإيجارات فيها.
وتقدم دراسات جديدة عدة أخيراً بعض الأدلة المشجعة، إن لم تكن كاملة، حيث نظر الباحثون في جامعة نيويورك و«معهد آب جون»، وجامعة مينيسوتا، إلى ما يحدث بشكل مباشر مع بناء المساكن الجديدة، واسعة النطاق، والتي تُباع بسعر السوق (دون قيود على قيمة الإيجار)، حيث تشير دراسات عدة بالفعل إلى أن المناطق التي تبني مزيداً من المساكن تكون أسعارها معقولة، وتتساءل هذه الدراسات الحديثة عما إذا كان هذا النمط يظل ثابتاً عند النظر إلى بناء المساكن الفردية وليس المجمعات السكنية الكبيرة.
وتشير النتائج، مجتمعة، إلى أن المساكن الجديدة يمكن أن تخفف من حدة ارتفاع الإيجارات في المباني الأخرى القريبة، لكن جاء رأي هذه النتائج مختلطاً حول ما إذا كان المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض يستفيدون بشكل مباشر من المباني الجديدة أيضاً.
وتمثل أنواع المباني التي تصفها هذه الدراسات، والتي تخضع لسعر السوق وتتكون من 50 وحدة سكنية أو أكثر، غالبية المباني الجديدة الآن، كما تستهدف الغالبية العظمى من الشقق الجديدة اليوم المستأجرين من ذوي الدخل المرتفع، حيث يبلغ متوسط الإيجار لوحدة جديدة الآن 1620 دولاراً أميركياً في الشهر، أي أعلى بنسبة 78 في المائة من متوسط الإيجار على مستوى البلاد، وذلك وفقاً لـ«مركز هارفارد المشترك للدراسات الإسكانية»، (كما أن الهوة بين هذه الأرقام آخذة في الاتساع)، وتميل هذه المباني أيضاً إلى أن تكون الأكثر ظهوراً في المعارك المتعلقة بالإسكان في مختلف الأحياء الأميركية.
وتقول الزميلة في «مركز فورمان» بجامعة نيويورك، والتي درست تأثير المباني الجديدة في نيويورك، شياودي لي: «المستأجرون لا يحبون فكرة بناء المباني الشاهقة الجديدة، وذلك لأنهم يجدون هناك ارتفاعاً أيضاً في قيمة الإيجارات لديهم».
وقد يفترض الجيران أن المباني الجديدة تتسبب في ارتفاع الإيجارات، وهذا أمر مبرر إذا كانت المباني الجديدة تجذب كثيراً من السكان الأكثر ثراءً، والذين بدورهم يجذبون وسائل الراحة الراقية التي تجعل الحي مرغوباً فيه بشكل أكبر.
وتضيف لي: «السؤال الرئيسي هنا هو: ما التأثير الحقيقي لبناء هذه المباني؟». وقد وجدت لي أن المباني الجديدة في نيويورك تجذب مزيداً من المطاعم والمقاهي في المناطق المجاورة، لكنها خلصت إلى أن أي تأثير قد يؤدي لرفع الإيجارات في المناطق المجاورة لهذه المرافق، سيتم وقفه بسبب زيادة المعروض من المباني، وهو الأمر الذي يؤدي لخفض الإيجارات، كما وجدت أنه مقابل كل زيادة بنسبة 10 في المائة في المعروض من المساكن، فإن إيجارات العقارات التي تقع على مسافة 500 قدم تنخفض بنسبة واحد في المائة، وذلك مقارنة بالمناطق الأخرى التي يرتفع فيها الطلب.
ولكن يبدو أن هذه الفوائد ستذهب للمستأجرين في المباني الراقية والمتوسطة القريبة، حيث يفترض أن مالكي العقارات يرون منافسة جديدة في الجوار مما يدفعهم لتعديل قيمة إيجارات مساكنهم بما يتناسب مع هذه المنافسة، لكن «لي» وجدت أن المباني الجديدة ليس لها أي تأثير على إيجار العقارات التي تقع على بُعد أكثر من 500 قدم، وأنها لا تؤثر أيضاً على إيجارات الوحدات منخفضة التكلفة القريبة، وذلك لأنه ربما لا يرى ملاك هذه الوحدات الأبراج الفاخرة الجديدة على أنها منافسة لهم بشكل مباشر.
وفي دراسة منفصلة، وجد براين أسكويث وإيفان ماست من «معهد آب جون»، وديفين ريد في «بنك فيلادلفيا الفيدرالي»، مجموعة مماثلة من النتائج في 11 مدينة رئيسية، بما في ذلك أتلانتا وأوستن وشيكاغو ودنفر، وشملت الدراسة المباني الجديدة التي تضم 50 وحدة على الأقل والتي تم بناؤها في أحياء يقطنها ذوو الدخل المنخفض في وسط المدينة، ويقدر هؤلاء الباحثون أن هذه المباني الجديدة تؤدي لخفض الإيجارات بنسبة بين 5 و7 في المائة في المناطق المجاورة بشكل مباشر، وذلك مقارنة بقيمة الإيجارات المتوقعة في حال لم يكن قد تم بناء هذه المباني الجديدة.
ولكن لا تعني الدراسة أن الإيجارات تنخفض بالفعل، إلا إنها تشير، بدلاً من ذلك، إلى أن المباني الجديدة تبطئ وتيرة زيادة الإيجارات في أنواع الأحياء التي يصفها المطورون العقاريون بأنها مرتفعة بالفعل، حيث إنه بحلول الوقت الذي يصل فيه هؤلاء المطورون إلى حي ما، خصوصاً مع وجود خطط لمشاريع كبيرة الحجم، فإنه من المرجح أن ترتفع الإيجارات بشكل سريع.
وعن تفسيره النتائج التي توصل إليها في اجتماع عام بشأن الرؤية السابقة، يقول ماست: «الأثرياء يتطلعون بالفعل إلى الانتقال إلى حي ما، ولذلك فإنه يمكننا بناء ذلك المبنى الذي يمنحهم شكل الوحدة التي يريدون أن يعيشوا فيها، وفي حال لم نفعل ذلك، فإنهم سيقومون بشراء وحدة في مكان قريب ثم سيقومون بتجديدها».
وقد يكون هذا الرأي غير مريح بالنسبة للمقيمين في الأحياء منذ فترة طويلة، خصوصاً أولئك الذين يشعرون بالقلق من التغيرات التي تحدث في أحيائهم والتي تتجاوز فكرة قيمة الإيجارات فقط، لكنه يمثل رداً على نقطة واحدة على الأقل فيما يخص الجدل المثار حول بناء المباني السكنية الجديدة.
ويقول الأستاذ في جامعة نيويورك، إنغريد غولد إيلين: «هذه النتائج تشير ببساطة إلى أن بناء مزيد من المساكن في أحد الأحياء لن يؤدي إلى تفاقم أعباء الإيجار المرتفعة، ولكنه قد يساعد في التخفيف من حدتها».
ويأتي أحد التحذيرات في الأبحاث التي أجراها أنتوني داميانو وكريس فرينير، اللذان يدرسان للحصول على الدكتوراه في جامعة مينيسوتا، حيث قاما بدراسة المباني الجديدة واسعة النطاق التي بنيت في مينابولس، وقد وجدوا أن بناء المساكن الجديدة قد ساعد في تخفيف حدة ارتفاع قيمة الإيجارات للوحدات الراقية القريبة، لكنهم خلصوا إلى أنه في الثلث الأسفل من السوق يكون للمباني الجديدة تأثير معاكس، حيث ترتفع قيمة الإيجار بشكل سريع.
ومن الممكن في بعض السياقات أن يتسبب بناء الشقق الجديدة، التي تباع وفقاً لسعر السوق، في قيام ملاك العقارات في المناطق القريبة بكبح جماح قيمة إيجار شققهم، لكنه قد يتسبب أيضاً في رؤية مجموعة أخرى من الملاك أن قيمة إيجاراتهم تعد قليلة مقارنة بالأسعار الجديدة، ومن المحتمل أن يشعر المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض بالغضب من المساكن الجديدة في البداية، وذلك حتى لو كانوا سيستفيدون منها على المدى الطويل، وذلك لأنه مع تقدم عُمر هذه المباني الجديدة، فإن أسعارها تصبح في المتناول.
وبشكل عام، فإن هناك أدلة في هذه الدراسات كافة على أن العرض والطلب يعملان على النحو الذي يتوقعه الاقتصاديون، وذلك حتى على نطاق الحي الواحد، ولكن هناك أيضاً أدلة على تحقيق مخاوف المستأجرين الأكثر فقراً.
ويقول داميانو: «هؤلاء هم الأشخاص الذين مروا بعدد كبير من التجديدات الحضرية، وإنشاء الطرق السريعة، والاستثمار العام في الإسكان، وإخفاقات التخطيط الأوسع والمؤسسات الحكومية على مرّ الأجيال، وأعتقد أن الخوف من مجرد جملة (مبنى جديد) هو خوف حقيقي ومبرر، والأمر متروك للمخططين وصانعي السياسات للنظر إلى تلك المخاوف بشكل جيد».

* خدمة «نيويورك تايمز»