عقارات تونس تغازل المستثمرين في كندا للمرة الأولى

صالون في مونتريال يستعرض مشروعات في بنزرت وجربة

مدينة بنزرت التونسية الساحلية إحدى الوجهات العقارية المفضلة (ويكيبيديا)
مدينة بنزرت التونسية الساحلية إحدى الوجهات العقارية المفضلة (ويكيبيديا)
TT

عقارات تونس تغازل المستثمرين في كندا للمرة الأولى

مدينة بنزرت التونسية الساحلية إحدى الوجهات العقارية المفضلة (ويكيبيديا)
مدينة بنزرت التونسية الساحلية إحدى الوجهات العقارية المفضلة (ويكيبيديا)

في محاولة لتنشيط سوق العقارات في تونس، تحتضن مدينة مونتريال الكندية خلال هذه الأيام، أول صالون عقاري تونسي في شمال القارة الأميركية، وذلك في نطاق البحث عن أسواق استثمارية جديدة أمام تونس.
وانطلقت فعاليات هذا الصالون يوم 29 أبريل (نيسان) الماضي حتى الأول من مايو (أيار) الحالي، في محاولة لاستمالة نحو 50 ألف مهاجر تونسي في كندا والولايات المتحدة الأميركية لتنشيط سوق الاستثمارات العقارية في تونس.
ويوفر هذا الصالون الذي يستهدف المشاريع العقارية في تونس، فضاءات لتبادل المعلومات واللقاءات بين المقتنين المقيمين هناك والمستثمرين ومهنيي القطاع في تونس، وتقديم كل المعطيات الضرورية، والاقتناع بنصائح الباعثين العقاريين بإمكانية الحصول على قروض عقارية فورية من البنوك التونسية في وقت قياسي لا يتجاوز حدود 24 ساعة، مع احتساب نسب فائدة مخفضة ومشجعة على امتلاك عقارات في تونس.
وعبرت وزارة التجارة وبعض البنوك التونسية، ومن بينها بنك الإسكان، وهو بنك حكومي تونسي، عن دعم برنامج هذا الصالون باعتباره أول صالون تونسي للعقارات ينظم في كندا. وتوقع خبراء في المجال العقاري أن تشهد سوق العقارات التونسية بداية من العام الحالي تراجعا بنسبة لا تقل عن 15 في المائة، مع إمكانية تواصل التراجع في السنوات المقبلة، مما يؤثر على عدة قطاعات اقتصادية أخرى على علاقة مباشرة بهذه السوق.
وقبيل انطلاق الصالون العقاري التونسي بكندا، كان من المنتظر عرض عقارات تونسية موزعة على عدة مدن تونسية، من بينها بنزرت وجزيرة جربة وكلاهما على البحر. وتتراوح أسعار العقارات المعروضة وفق تصريحات منظمي هذا الصالون بين 120 ألف دينار تونسي (نحو 60 ألف دولار أميركي)، و500 ألف دينار تونسي (نحو 250 ألف دولار)، وذلك حسب مساحة العقار المعروض للبيع وموقعه الجغرافي وقربه من أهم المدن التونسية.
وأفاد التونسي لطفي بعلوش، رئيس المؤسسة المنظمة لهذا الصالون في تصريح إعلامي، بأن قيمة سوق الاستثمارات في الصالون العقاري التونسي في كندا لن تقل عن مبلغ 50 مليون دولار أميركي خلال السنوات الثلاث المقبلة.
وأشار بعلوش إلى أهمية المقدرة الشرائية للجالية التونسية المقيمة في أميركا الشمالية، إذ إن نحو 50 ألف تونسي يقيمون هناك، تتراوح معدلات دخلهم السنوي ما بين 18 إلى 32 ألف دولار، وهو ما يمكنهم بسهولة نسبية من الاستثمار في المجال العقاري في تونس.
وتأثرت سوق العقارات التونسية بعد سنة 2011، وأعلنت أكثر من 1200 مؤسسة عاملة في قطاع العقارات عن توقف أنشطتها، وذلك من ضمن قرابة 2700 مؤسسة تنشط في هذا المجال. وأكدت دارسة أنجزتها إحدى المؤسسات الناشطة في القطاع العقاري أن شقة من بين كل ثلاث شقق مبنية في تونس لا تجد مشتريا، وأن حجم ديون الشركات العقارية المدرجة بالبورصة لدى البنوك ارتفع إلى 130 في المائة، مقارنة بقيمة رأسمالها المتداول في السوق المالية.
ونفذ عدد من شركات القطاع العقاري خلال الفترة الأخيرة حملات دعائية مكثفة على شبكات التواصل الاجتماعي والمنصات الإعلامية، وقدمت تخفيضات وعروضا تجارية مغرية لتشجيع التونسيين بمختلف فئاتهم الاجتماعية على اقتناء المساكن.
وفي الشهر الماضي، توقع خبراء في مجال العقارات أن تعرف سوق العقارات في تونس انتعاشة نسبية، بعد إقرار الحكومة لمجموعة من الامتيازات تصب في مصلحة رواج السوق، وتتمثل في طرح فائض القروض السكنية من قاعدة الضريبة على الدخل، وتشجيع المطورين العقاريين بطريقة غير مباشرة على استثمار جزء من مداخيلهم في اقتناء المساكن.
وانعكس تنفيذ هذا الإجراء بداية من شهر يناير (كانون الثاني) الماضي إيجابيا على سوق العقارات، التي عرفت ارتفاعا على مستوى البيع بنحو 12 في المائة، وذلك مقارنة بالسنوات الخمس الأخيرة.
وتوقعت شركة «ألفا مينا»، المختصة في التحاليل الاقتصادية، أن تشهد أسعار العقارات في تونس بداية من العام الحالي تراجعا بنسبة لا تقل عن 15 في المائة، مع إمكانية تواصل التراجع في السنوات المقبلة، وهو ما يؤثر على سوق العقارات، ويدفع بعمليات البيع والشراء، ويحث المطورين العقاريين إلى العودة إلى مستوى الاستثمارات السابقة في هذا المجال المؤثر على عدة قطاعات اقتصادية أخرى.
وفي هذا السياق، قال سليم الشعبوني، رئيس إحدى الشركات العقارية، في تصريح إعلامي، إن الامتيازات الضريبية التي أقرتها الحكومة التونسية انعكست بشكل واضح على سوق العقارات، وأعادت جزءا من التوازن المفقود في مصاريف العائلات التي وجهت جزءا من مداخيلها إلى اقتناء المساكن. وأشار إلى اعتماد بنك الإسكان، وهو بنك عمومي وأول ممول للسوق العقارية في تونس، سياسة تمويل جديدة تتسم بالمرونة في تعامله مع المطورين العقاريين.
ويتم في تونس تشييد نحو 60 ألف مسكن، من بينها قرابة 40 ألف مسكن عن طريق التمويل الذاتي، بينما تتكفل الشركات العقارية بالبقية. ولا تتجاوز عدد المساكن من الصنف الاقتصادي حدود خمسة آلاف مسكن، وهي نسبة ضئيلة مقارنة بالطلبات الكثيرة للعائلات التونسية.
إلا أن قيس قريعة، مدير البحوث في شركة «ألفا مينا» للتحاليل الاقتصادية، يرى أن انتعاشة سوق العقارات بشكل جدي ونهائي تبقى مسألة تتطلب الكثير من الإجراءات المرافقة، من بينها حل مشكلة ارتفاع العرض مقابل تراجع الطلب على المساكن، وهو ما ولد فائضا كبيرا في المشاريع العقارية غير المستغلة على حد تعبيره.
وعلى الرغم من لهجة التفاؤل التي سادت معظم المتدخلين في القطاع العقاري، فقد شهدت أسعار العقارات في تونس خلال السنوات الخمس الأخيرة ارتفاعا غير مسبوق، وقدرت نسبة الارتفاع في سعر المتر المربع بأكثر من 100 في المائة في بعض الأحياء القريبة من العاصمة التونسية، وكبرى المدن التونسية خاصة الساحلية منها. ويتراوح سعر المتر المربع الواحد في الأحياء الراقية بين ألف وثلاثة آلاف دينار تونسي (ما يعادل ما بين 500 و1500 دولار).
ووفق دراسات ميدانية، فقد قدر الارتفاع السنوي لأسعار العقارات بأكثر من 20 في المائة، وهو ما أدى إلى دخول القطاع في دوامة التضخم، خصوصا في ظل ارتفاع المواد الأولية المستوردة من الأسواق الدولية، وضعف المخزون من الأراضي الصالحة للاستغلال.
ولتجاوز هذه العوائق، دعا مراد الحطاب، الخبير الاقتصادي التونسي، إلى إعادة هيكلة دور المتدخلين العموميين (الحكوميين) في مجال الإسكان، على غرار الشركة العقارية للبلاد التونسية «سنيت»، وشركة تنمية المساكن الاجتماعية «سبرولس»، والوكالة العقارية للسكنى، وتمكين هذه المؤسسات من هامش تحرك أوسع لتعديل السوق، وضخ دماء جديدة إلى الرصيد العقاري اللازم لمجابهة الطلب، وضمان التوازنات اللازمة التي تفرضها سوق العقارات.



السعودية: توقع «طفرة سكنية» يصحبها تراجع جديد في أسعار العقارات

تمكنت وزارة الإسكان من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة
تمكنت وزارة الإسكان من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة
TT

السعودية: توقع «طفرة سكنية» يصحبها تراجع جديد في أسعار العقارات

تمكنت وزارة الإسكان من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة
تمكنت وزارة الإسكان من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة

بعد سلسلة من المتغيرات التي شهدها قطاع الإسكان السعودي، يتجه القطاع إلى التوازن مع انخفاض التضخم الحاصل في الأسعار بمختلف فروع القطاع العقاري، وسط مبادرات سعت إليها وزارة الإسكان السعودية؛ الأمر الذي قلص الفجوة بين العرض والطلب خلال السنوات الماضية، حيث حققت الوزارة القيمة المضافة من خلال تلك المبادرات في رفع نسب التملك بالبلاد.
وتوقع مختصان أن تشهد الفترة المقبلة مزيداً من النجاح الحكومي في مجال الإسكان، مشيرين إلى أن المواطن سيجني ثمار ذلك على مستوى الأسعار وتوافر المنتجات، التي تلبي مطالب جميع الفئات. ويمثل هذا النجاح امتداداً لإنجازات الحكومة، في طريق حل مشكلة الإسكان، عبر تنويع المنتجات العقارية وإتاحتها في جميع المناطق، مع توفير الحلول التمويلية الميسرة، والاستفادة بالشراكة مع القطاع الخاص.
وأشار المختصان إلى أن أداء الحكومة، ممثلة في وزارة الإسكان، كان وراء خفض أسعار المساكن بشكل كبير، وذلك بعد أن وفرت للمواطنين منتجات عقارية متنوعة تلبي أذواق جميع المستفيدين من برامج الدعم السكني. وقال الخبير العقاري خالد المبيض إن «وزارة الإسكان تمكنت من إيجاد حلول عقارية ناجعة ومتنوعة، أدت إلى تراجع الأسعار بنسب تشجع جميع المواطنين بمختلف مستوياتهم المادية، على تملك العقارات»، مضيفاً أن «الفترة المقبلة ستشهد مزيداً من النجاح في هذا الجانب».
وتابع: «أتذكر أن أول مشروع تسلمته وزارة الإسكان، كان يتعلق ببناء 500 ألف وحدة سكنية، بقيمة 250 مليار ريال (133.3 مليار دولار)، ما يعني أن قيمة الوحدة السكنية 500 ألف ريال (133.3 ألف دولار). أما اليوم، فقد تمكنت الوزارة من إيجاد وحدات جاهزة بقيمة تصل إلى نصف هذا المبلغ وهو 250 ألف ريال (66.6 ألف دولار)»، لافتاً إلى أن «الفرد يستطيع الحصول على هذه الوحدات بالتقسيط، مما يؤكد حرص البلاد على إيجاد مساكن لجميع فئات المجتمع السعودي».
وأضاف المبيض: «تفاوت أسعار المنتجات العقارية يمثل استراتيجية اتبعتها الوزارة في السنوات الأخيرة، ونجحت فيها بشكل كبير جداً». وقال: «أثمرت هذه السياسة زيادة إقبال محدودي الدخل على تملك المساكن، بجانب متوسطي وميسوري الدخل الذين يقبلون على تملك مساكن ومنازل وفيلات تناسب قدراتهم المادية، وهذا يُحسب لوزارة الإسكان ويمهد لإنهاء مشكلة السكن التي لطالما أرقت المجتمع في سنوات ماضية».
وتوقع الخبير العقاري أن تشهد المرحلة المقبلة طفرة في قطاع الإسكان. وقال: «يجب أن نضع في الاعتبار أن منتجات الوزارة التي تعلن عنها تباعاً، تحظى بإقبال الأفراد كافة، لا سيما أنها تراعي خصوصية الأسرة السعودية، كما أنها تلبي احتياجاتها في الشكل والمساحات».
وأضاف: «تمكنت الوزارة من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة، ومنازل مستقلة، وفيلات، ومنح أراضٍ وقروض لمن يرغبون في البناء بأنفسهم». وتابع «كل هذه الخيارات وفرتها الوزارة في صورة مبادرات متعددة، موجودة في برنامج (سكني)، وروجت لها بشكل جيد، ووصلت بها إلى المواطنين».
من جانبه، رأى المحلل الاقتصادي علي الجعفري أن شراكة الوزارة مع شركات العقار السعودية تمثل خطوة استراتيجية تُحسب للحكومة في السنوات الأخيرة. وقال: «إحقاقاً للحق؛ أضاعت الوزارة عقب تأسيسها، بعض الوقت والجهد للبحث عن آليات تمكنها من بناء 500 ألف وحدة سكنية، لكنها عوضت ذلك بالشراكة مع القطاع الخاص».
وأضاف الجعفري: «الوزارة في بداية عهدها لم تتعاون مع شركات التطوير العقاري السعودية لتنفيذ مشاريع السكن، ولو أنها سارعت بهذا التعاون، لكان لدينا اليوم عدد كبير من المنتجات العقارية التي تساهم في حل مشكلة السكن».
واستطرد: «الوزارة تداركت في السنوات الأخيرة هذا الأمر، واعتمدت على شركات التطوير السعودية، التي أصبحت بمثابة الذراع التنفيذية لتصورات الحكومة وتوجهاتها لحل مشكلة السكن»، مضيفاً: «اليوم الوزارة ترتكن إلى حزمة من المبادرات النوعية، التي وفرت كثيراً من التنوع في المنتجات العقارية، وهو ما أشاع جواً من التفاؤل بإمكانية حل مشكلة السكن في المملكة في وقت وجيز».
وأكد الجعفري ثقته باستمرار نجاح البلاد في إدارة ملف الإسكان. وقال: «أنا واثق بأن مؤشرات السكن اليوم أفضل بكثير منها قبل 8 سنوات مضت، بعد طرح الوزارة آلاف المنتجات العقارية وتسليمها إلى مستحقيها، بل ودخول عدد كبير منها إلى حيز الاستخدام».
وختم الجعفري: «نجاحات وزارة الإسكان تحقق مستهدفات (رؤية المملكة 2030)، خصوصاً فيما يتعلق بالوصول إلى نسبة تمليك بين المواطنين تصل إلى 70 في المائة» على حد وصفه.
وكانت «مؤسسة النقد السعودي (ساما)» أشارت إلى أن عقود التمويل العقاري السكني الجديدة للأفراد واصلت صعودها لشهر يناير (كانون الثاني) الماضي، مسجلة أعلى معدلات إقراض في تاريخ البنوك السعودية من حيث عدد العقود ومبالغ التمويل بنحو 23 ألفاً و668 عقداً مقارنة بنحو 9 آلاف و578 عقداً في يناير 2019، من إجمالي القروض العقارية السكنية المُقدمة من جميع الممولين العقاريين من بنوك وشركات التمويل.
وأوضح التقرير الخاص بـ«ساما» أن النمو في عدد عقود التمويل العقاري السكني وصل لنحو 147 في المائة مقارنة مع يناير 2019، فيما سجل حجم التمويل العقاري السكني الجديد في يناير 2020، نمواً بمقدار 112 في المائة مقارنة بالشهر نفسه من عام 2019، والذي سجل نحو 4.766 مليار ريال (1.270 مليار دولار)، كما سجلت قروض يناير السكنية ارتفاعاً بنسبة اثنين في المائة عن الشهر السابق ديسمبر (كانون الأول) 2019، والذي وصل حجم التمويل خلاله إلى نحو 9.86 مليار ريال (2.6 مليار دولار)، فيما ارتفع عدد العقود بنسبة 1.5 في المائة عن شهر ديسمبر 2019، والذي شهد توقيع نحو 23 ألفاً و324 عقداً.
وأشار التقرير إلى أنه تم إبرام 94 في المائة من قيمة هذه العقود عن طريق البنوك التجارية، بينما أبرمت 6 في المائة منها عن طريق شركات التمويل العقاري، فيما بلغ عدد عقود المنتجات المدعومة من خلال برامج الإسكان في شهر يناير 2020 عن طريق الممولين العقاريين 22 ألفاً و432 عقداً وبقيمة إجمالية بلغت 9.4 مليار ريال (2.5 مليار دولار).