القضاء الإسرائيلي يحاول إغلاق ملف إعدام أم فلسطينية وشقيقها

منح وسام البطولة لجندي أعدم فلسطينيًا جريحًا في يافا

القضاء الإسرائيلي يحاول إغلاق ملف إعدام أم فلسطينية وشقيقها
TT

القضاء الإسرائيلي يحاول إغلاق ملف إعدام أم فلسطينية وشقيقها

القضاء الإسرائيلي يحاول إغلاق ملف إعدام أم فلسطينية وشقيقها

أعلن قسم التحقيق مع الشرطة «ماحش»، في وزارة القضاء الإسرائيلية أمس، أنه لن يحقق في الحادث الذي وقع على حاجز قلنديا، الأربعاء الماضي، والذي قتلت خلاله أم فلسطينية شابة، تدعى مرام إسماعيل (21 عامًا)، وشقيقها صالح طه (16 عامًا)، بحجة أنه «تبين من الفحص أن من قتلهما هم الحراس المدنيون الذين يعملون من قبل وزارة الأمن الداخلي، وليس أفراد شرطة حرس الحدود المرابطين في المكان».
ويثير هذا الموقف شكوكا بأن السلطات الإسرائيلية تنوي إغلاق هذا الملف، خصوصا وأن الشرطة المسؤولة عن قوات حرس الحدود كانت قد أعلنت بأن إطلاق النار على الأم وشقيقها تم وفقا للأصول، ورفضت، وما زالت ترفض، كشف شريط الفيديو الذي يوثق للحادث بادعاء أنه يشكل مادة للتحقيق.
وحسب الشرطة فقد بين الفحص أن القتيلين مرام وصالح اقتربا من الحاجز، فأثارا اشتباه قوات الشرطة، وعندما لم يستجيبا لنداءات الشرطة بالتراجع، قام أحد أفراد الشرطة بتفعيل «نظام اعتقال مشبوه»، وإطلاق النار في الهواء، لكن من أطلق النار على الشقيقين هم الحراس المدنيون الذين كانوا يرابطون هناك.
وقال النائب دوف حنين (القائمة المشتركة)، في حديث مع «الشرق الأوسط»، معقبا على ذلك إن «الحكومة تقوم بخصخصة السيطرة على الفلسطينيين على المعابر من خلال تسليمها لحراس مدنيين، ومن ثم تتنكر للمسؤولية عن أعمالهم. لماذا توجد لدينا أوامر خاصة بفتح النيران إذا كانت لا تسري على أولئك الذين يرابطون في المكان؟ أنا لم أسمع أبدا عن التنكر للمسؤولية بهذا الشكل المبالغ. وكون أنهم يرفضون كشف الأفلام التي توثق للحادث فهذا يدل على أن لديهم ما يخفونه».
من جانبها طالبت رئيسة حركة «ميرتس» زهافا غلؤون، وزير الأمن الداخلي غلعاد أردان، بإصدار أوامره إلى الشرطة فورا بكشف الشريط الذي يوثق لإطلاق النار على الحاجز، وقالت «إن سياسة التعتيم التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية تثير اشتباها ثقيلا بوجود يد خفيفة على الزناد».
ومن جهتها، كتبت صحيفة «هآرتس» مقالا افتتاحيا في عددها الصادر أمس، تطالب فيه بكشف الحقيقة كاملة، وتقول إنه «كان على الشرطة أن تنشر شريط الفيديو لإزالة كل شك، والادعاء بأن أفلام الفيديو مطلوبة للتحقيق، ولا يمكن كشفها تبعا لذلك، يتناقض مع سلوكها في حالات مشابهة في السابق، حيث سارع الناطقون بلسانها آنذاك إلى نشر أشرطة كاميرات الحراسة، حين كان الأمر يخدم أهدافها. لقد وصل المواطنان الفلسطينيان يوم الأربعاء الماضي إلى حاجز قلنديا». وحسب الشرطة فقد سارا في المسار المعد للسيارات، وأثارا اشتباه أفراد الشرطة، فطالبوهما بالتوقف. وحسب ادعاء الشرطة فقد قامت المرأة بسحب سكين من حقيبتها، وألقت به باتجاه قوات الشرطة. وحسب ادعاء «ماحش»، فقد قام شرطي بتنفيذ نظام اعتقال مشبوه، وأطلق النار في الهواء، لكن النيران التي قتلتهما أطلقها حراس وقفوا إلى جانب الشرطة. وتدعي الشرطة أنها عثرت في حوزة الشقيقين على سكينين آخرين. لكن شهود عيان فلسطينيين يصفون تسلسلا مختلفا للحادث. وحسب أقوالهم، فإن شرطيا أو حارسا أطلق النار على المرأة من مسافة نحو 20 مترا، وهذا دليل على أنها لم تشكل خطرا على أحد».
وحسب الإفادة ذاتها فقد حاول شقيقها جرها إلى الوراء من أجل إنقاذها، لكن الشرطة أو الحراس أطلقوا عليه النار وقتلوه. وقال شهود عيان إنه تم منع طاقم الإسعاف الفلسطيني من الاقتراب من القتيلين. وإذا صحت هذه الإفادات، حسب نفس الصحيفة، فهذا يعني أنه لم تكن هناك حاجة لقتلهما. و«يمكن فقط لأفلام الفيديو التي التقطتها كاميرات الحراسة المنصوبة في المكان إزالة التشكك، ولذلك يتحتم على الشرطة نشرها فورا».
يذكر أن والد القتيلين صالح طه، كان قد أدلى بتصريحات للصحافة قال فيها إنه في يوم الحادث استدعي إلى التحقيق من قبل الشاباك (المخابرات العامة)، وإن إسرائيل لا تزال تحتجز الجثتين. فيما قال قريب للعائلة بأن مرام كانت متوجهة إلى القدس لتلقي علاج طبي، وكانت هذه هي المرة الأولى التي تحصل فيها على تصريح بالعبور، وعائلتها متأكدة من أنها دخلت في المسار الخاطئ، وأن شقيقها حاول مساعدتها. وفي هذا السياق قالت والدة مرام إن ابنتها عانت من ألم في ساقيها وأجرت عدة فحوصات، وحصلت مؤخرا على تصريح بالدخول لتلقي العلاج في مستشفى المقاصد في القدس الشرقية، ووصلت إلى المعبر مع شقيقها كي تتوجه إلى المستشفى.
وفي السياق نفسه، كشفت مصادر موثوقة أن الشرطة الإسرائيلية أوصت بمنح شرطي دورية ومتطوع في سلك الشرطة وسام التقدير الرسمي، رغم توثيق إعدامهما فلسطينيًا مصابًا في مدينة يافا قبل نحو شهرين، بعد أن نفذ عملية طعن أسفرت عن مقتل أميركي وإصابة 12 إسرائيليًا. وقال الضابط المسؤول في شرطة تل أبيب، يهودا دهان، إن الرجلين «منعا إصابة المزيد من المواطنين»، رغم أن شريط الفيديو الذي تم التقاطه للعملية يبين أن الشاب بشار مصالحة، البالغ من العمر 22 عامًا، كان مصابًا وفقد قدرته على الحركة، ولم يكن بإمكانه طعن أي شخص. وخلال الأيام المقبلة، ستبحث لجنة خاصة هذه التوصية، ومن المتوقع أن تقبلها، وأن تمنح الشرطي والمتطوع وسام بطولة.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».