سن قانون يمنح الجنسية الإيرانية لأهالي القتلى الأجانب في حرب الخليج الأولى

بعد مرور قرابة 3 عقود على انتهاء حرب الخليج الأولى، سنت إيران، أمس، قانونا يسمح للحكومة بمنح الجنسية لعائلات الأجانب الذين قضوا خلال قتالهم لصالح طهران، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء الرسمية أمس.
وأوضحت الوكالة أن «مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) صادق على مشروع قرار يسمح للحكومة الإيرانية بمنح الجنسية لزوجة وأبناء ووالدي القتلى غير الإيرانيين الذين قضوا خلال الحرب التي فرضها نظام صدام ضد إيران»، وأضافت أن «القرار يشمل أيضا أولئك الذين قتلوا بعد الحرب العراقية - الإيرانية الذين كلفتهم المؤسسات المسؤولة تنفيذ مهمات معينة».
ويتعين على الحكومة وفق هذا القانون أن تمنح هؤلاء الجنسية في غضون عام من تقديم طلب للحصول عليها، وتنتهي ولاية البرلمان الذي يهيمن عليه المحافظون أواخر مايو (أيار) الحالي، ولا توجد أرقام متوافرة عن عدد الأجانب الذين قتلوا خلال الحرب الإيرانية - العراقية، التي انضمَّ خلالها أفغان ومجموعة من العراقيين إلى صفوف القوات الإيرانية ضد نظام صدام حسين.
وجاء المشروع الإيراني في ظل الدعوات التي أطلقها عدد من المقاتلين الأفغان في سوريا، التي زجت بهم إيران في الحرب، بأن الوعود التي أطلقتها حكومة روحاني بتقديم المساعدات والجنسية لهم ذهبت مع أدراج الرياح، في إشارة إلى تملص حكومة طهران من تلك الوعود المقدمة لهم لتوصد أمامهم جميع الأبواب.
وعلى الرغم من أن طهران أوحت بأن هذا القانون قد يسري على «المتطوعين» الأفغان والباكستانيين الذين يقاتلون حاليا في سوريا والعراق، إلى جانب أعضاء الحرس الثوري، لكنه وفق ما ذكره بعض المحللين، أنها لا تتجاوز كونها دعاية إيرانية لجذب الكثير من المقاتلين الأفغان ومن باكستان في حربها التوسعية في سوريا ولبنان والعراق، مشيرين إلى أن القانون الذي أعلنت عنه طهران أمس يخص فقط المقاتلين الأجانب في صفوف الجيش الإيراني إبان الحرب (العراقية - الإيرانية) في الثمانينات وسط عدم ووضوح القانون أو عدد المستحقين للجنسية أو آلية التطبيق.
وشدد هؤلاء على أن الحكومة الإيرانية تواجه ضغوطا من المقاتلين الأجانب بعد أن خدعوا بالدعاية التي تقودها طهران بتقديم المساعدات لذويهم ومنحنهم الاحتياجات الأساسية كافة، على الرغم من أن إيران تنفي نشر أي جنود لها على الأرض، وتصر على أن القادة العسكريين والجنرالات التابعين لها في سوريا والعراق يعملون بصفة «مستشارين عسكريين» فحسب. فيما تشير إحصاءات غير رسمية إلى أن عدد الأفغان في فيلق «فاطميون» في سوريا يتراوح بين 10 آلاف و20 ألف مقاتل، ولا يخفى أن إيران تعد من أبرز المؤيدين لرئيس النظام بشار الأسد، وأنها تقدم له الدعم المالي والعسكري.
وعن المقاتلين الأجانب، تأكد طهران أن المجندين الأفغان في لواء الفاطميين تطوعوا «دفاعا عن الأضرحة المقدسة» لدى الشيعة في سوريا والعراق ضد «داعش»، وتفيد تقارير إعلامية دولية استندت على شهادات مقاتلين أجانب في صفوف الحرس الثوري أن السلطات الإيرانية تستعمل طرقا ترغيبية وأخرى ترهيبية في عمليات التجنيد، وتعتمد الأولى على عدد من الوعود المغرية، اكتشف غالبية المحاربين أنها فارغة عند العودة من جبهات القتال، وتشمل هذه الوعود الحصول على الجنسية، وحق تسجيل الممتلكات، وحق التعليم وغيرها من الحقوق التي يحصل عليها المواطن الإيراني. أما الترهيب، فيمر وفقا لشهادة أحد المقاتلين الأفغان لقناة «بي. بي. سي»، عبر استغلال السلطات للظروف الاقتصادية والاجتماعية المزرية التي تعانيها الجالية الأفغانية في إيران. وتعد هذه الأخيرة، التي تشمل أكثر من ثلاثة ملايين أفغاني، بينهم مليون بصفة مهاجرين شرعيين، الأكثر فقرا وحرمانا. ويعيشون في صفيح المدن الكبيرة، مثل طهران وقم ومشهد؛ حيث تكثر الجرائم والإدمان والفقر؛ كما لا تمنحهم إيران أوراقا ثبوتية، وتحرمهم من حق التعليم والعمل، فضلا عن تعرض الأفغان للتمييز والعنصرية في إيران. وتفيد شهادات المقاتلين بأن قوات الحرس الثوري «تلجأ إلى مراكز الباسيج في المساجد التي تجمع فيها الجالية الأفغان، و(تجندهم) بالتعويل على المعتقدات الدينية، والدفاع عن أضرحة أئمة الشيعة في سوريا والعراق، كما يستغل الحرس الثوري فقر وضعف الأفغان».
إلى ذلك، تضغط السلطات الإيرانية على الأفغان المدانين في قضايا تجارة المخدرات، الذين صدرت في حقهم أحكام بالسجن لسنوات أو الإعدام، للذهاب إلى سوريا وتلقي مبالغ نقدية مقابل إخراجهم من السجن أو إلغاء الأحكام المفروضة عليهم.
وفيما لا توجد أرقام رسمية عن أعداد المقاتلين الأجانب التي جندتهم طهران للدفاع عن مصالحها في الخارج، لكن وسائل الإعلام الإيرانية تنشر بانتظام تقارير عن مقتل متطوعين أفغان وباكستانيين في سوريا والعراق، تدفن جثثهم في إيران.
ومنذ خمس سنوات على بداية الأزمة السورية، أرسلت إيران مئات الآلاف من جنود الحرس الثوري، والجيش، وميليشيا أفغانية، وأخرى باكستانية إلى جبهات المعارك، كما أن وسائل الإعلام الرسمية في إيران أكدت في مناسبات متعددة وصول جثث عناصر الميليشيات إلى مطار الخميني في طهران. وكانت منظمة «هيوومن رايتس ووتش» الحقوقية أكدت في تقرير لها تجنيد الحرس الثوري بداية فبراير (شباط) أفغانا لا يحملون وثائق في البلاد للقتال في سوريا.