مكتبة «فولغر» تقود احتفالات الأميركيين المتواصلة بذكرى شكسبير

الرئيس الأميركي يطلع على مخطوطاتها الأسبوع المقبل

شكسبير
شكسبير
TT

مكتبة «فولغر» تقود احتفالات الأميركيين المتواصلة بذكرى شكسبير

شكسبير
شكسبير

في الأسبوع المقبل، يتوقع أن يحتفل الرئيس الأميركي باراك أوباما، مرة أخرى، بشكسبير، عندما يزور مكتبة «فولغر»، وسيطلع على أهم ما في المكتبة؛ أكبر مجموعة مخطوطات شكسبيرية في العالم. وكان أوباما قد مثل الشعب الأميركي في احتفالات البريطانيين بمرور 400 عام على وفاته، حين زار مسرح ويليام شكسبير التاريخي في لندن «ذي غلوب» بمناسبة الذكرى المئوية الرابعة، وحضر عرضا خاصا في المسرح الدائري المكشوف الذي أعيد بناؤه في عام 1996م بعد حريق قضى عليه في عام 1613م، عندما كانت تعرض فيه واحدة من مسرحيات شكسبير.
وفولغر رجل أعمال أميركي كان يعمل في مجال النفط، ووصل إلى رئاسة شركة «ستاندرد أويل»، وعندما كان طالبا في كلية «أمهيرست» بولاية ماساتشوستس، كان يقود فرقة مسرحية مثلت بعض مسرحيات شكسبير. وفي ذلك الوقت، أسس في غرفة نومه نواة المكتبة، وصار يجمع كتب شكسبير، وكل ما كتب عنه.
وعندما زادت ثروته، صار يقتني الأشياء النادرة مثل مجموعة من الروايات طبعت عام 1686م (بعد سبعين عاما من وفاة شكسبير). بعد عشرين عاما من وفاة فولغر نفسه، وبسبب تركيز المكتبة على شكسبير، صار اسمها «مكتبة فولغر شكسبير».
خلال الحرب العالمية الثانية، نقلت المكتبة مع حراسة متشددة مؤقتا إلى كلية «أمهيرست» (التي درس فيها فولغر)، وذلك خوفا من وصول الألمان إلى واشنطن (كانت ظهرت غواصات ألمانية قرب الساحل الأميركي الشرقي، مع عداء الألمان الشديد للبريطانيين).
في عام 1970، توسعت المكتبة لتضم مسرح شكسبير. وفي عام 1979 تأسس معهد شكسبير لتنظيم دراسات ومحاضرات وأبحاث أكاديمية. وفي عام 1889 أنشئت حديقة شكسبير، بالقرب من المكتبة، وفيها نباتات أشار إليها شكسبير في رواياته. وفي عام 2003 وضعت في الحديقة تماثيل شخصيات في الروايات (منها تمثال باك، من رواية «حلم ليلة منتصف صيف»).
ويشاهد الذي يزور المكتبة أكبر مجموعة عن شكسبير في العالم، منها: 250 ألف كتاب ووثيقة، وألفا قطعة ملابس وزينات (من المسرحيات)، و90 ألف لوحة ورسم وصورة. في المكتبة كتب طبعت في القرن الخامس عشر (قرن اختراع المطبعة)، وفيها في عصر الإنترنت: «فولغربيديا» (دائرة معارف خاصة بالمكتبة).
لكن، لا تقتصر الاحتفالات الأميركية على واشنطن. في بوسطن، بدأت المكتبة العامة عرض مسرحيات، من بينها: «هاملت»، و«تاجر البندقية»، و«حلم ليلة منتصف صيف». وفي كلية «ميرديث»، في رالي بولاية نورث كارولينا، اشترك رجال ونساء وكبار وصغار في قراءة عشرات من قصائد شكسبير. وفي ناشفيل بولاية تنسي، نصبت المكتبة العامة نفسها رائدة احتفالات شكسبير وسط كل المكتبات العامة في الولايات المتحدة.
وفي نيويورك، في شارع المسارح، عرضت المسرحية الغنائية «قصة الطرف الغربي»، وذكر كاتبها أنه اقتبسها من مسرحية «روميو وجوليت» لشكسبير.
من الكتب التي يقرأها الأميركيون هذه الأيام كتاب ستيفن غرينبلات، أستاذ الأدب الإنجليزي في جامعة هارفارد: «كيف أصبح شكسبير شكسبيرًا؟»، وفي الكتاب إشارة إلى خطاب ألقاه الرئيس أبراهام لينكولن، واستخدم فيه مقتطفات شكسبيرية، وإشارات إلى حب الأميركيين شكسبير، وكان أوائل المهاجرين إلى الدنيا الجديدة قد وصلوا صخرة بلايموث بولاية ماساتشوستس عام 1920م، بعد أربعة أعوام من وفاة شكسبير. في عام 1730م، عرضت أول مرة مسرحية «روميو وجوليت».
وفي عام 1786، في عهد الرئيس جورج واشنطن، زار توماس جفرسون وجون آدامز بريطانيا، وزارا قبر شكسبير (صار كل واحد منهما رئيسا في وقت لاحق)، وكتب آدامز: «يجب أن أكتشف كيف كان يفكر هذا الرجل». وفي عام 1830م، زار الولايات المتحدة، أليكسيس دو توكفيل، مؤرخ فرنسي، وكتب: «لا يوجد في أميركا كوخ صغير إلا وشكسبير في داخله».
لكن، في عام 1865م، في مفارقة مأساوية، لعب شكسبير دورًا في اغتيال الرئيس لينكولن، الذي قتله جون بوث في مسرح «فورد» في واشنطن، حيث كان يشاهد مسرحية «يوليوس قيصر». وكتب القاتل، قبل أن يرتكب الجريمة، أن بروتوس، قاتل قيصر في المسرحية، «مثال يحتذى به». وأضاف: «لا بد أن يقتل القيصر (إشارة إلى الرئيس لينكولن)».



قصائد الحاسوب

قصائد الحاسوب
TT

قصائد الحاسوب

قصائد الحاسوب

(١)

حين تركنا الأوراق البيضاء

ورحنا نكتب في الحاسوب قصائدنا

لم يظهر ماذا يعني أن يرتبك الشاعر فوق الكلمات

أن يشطب مفردةً ويعيد صياغتها

ويعود إليها ثانيةً

ويحاول ثالثةً

ويخطَّ الخطَّ المائل فوق الكلمة

أو يرسم دائرة

ويشخبط فوق الأسطر ممتلئاً بالحزن وبالعبرات

مذ رحنا نكتب في الحاسوب قصائدنا

جفَّتْ أنهارٌ كثرٌ

وانسحبت من أقدام الشعراء الطرقات

الحاسوب صديق كهولتنا

جفف ما كنا نحمله من نزق العشاق المنسيين

على الشرفات

لا نعرف من أين نعود إلينا

نحن القديسين بلا صلوات

(٢)

قبل ثلاثين سنة

قالوا إن الحاسوب سيدخل قريتكم

وسيكفينا نزق الطباعين على الآلات

صفقنا للحاسوب القادم نحو منازلنا

وبدأنا نتحسسه

ونصادقه

ونبوح له بالأسرارْ

من يفتح هذا الغيب الغامض في شغفٍ

ويميط السر عن الأزرارْ؟

كيف سندخل هذا الصندوق الأسود؟

كيف نبوح له؟

وبماذا نكتب حيرتنا؟

ونشد العمر على الأسوارْ

يا حاسوب الدنيا حاول أن تأخذنا في رفقٍ

لتدلَّ عليك

حاول أن تفتح في هذي الظلمة عينيك

نحن البدو الرُحَّل منذ سنينَ عجافٍ

ننطر في هذا البرد القارس

دفء يديك

يا حاسوب الدنيا

ماذا يجري؟؟؟

بايعناك

ورافقناك

وضعنا فيك طويلاً

ضعنا فيك

لكنا حين أردنا أن نوقف حيرتنا المرة

ضعنا ثانيةً

وصرخنا خلفك

يا حاسوب الدنيا انتظر الناس قليلاً

فلقد جفَّ العمر على الشاشة

منكسراً وخجولا

ما عاد لنا في هذا العالم إلاك رسولا

لكنا يا حاسوب العمر

ذبلنا فوق الشاشات طويلا

وستأكلنا الوحشة

تأكلنا الوحشة

والتيه يمد يديه دليلا

ونعود من الحاسوب ضحايا منفردين

قتيلاً في الصحراء يدلُّ قتيلا

(٣)

بعد ثلاثين مضت

شاخ الحاسوب

وأنجب أطفالاً في حجم الكف

الحاسوب الآن يشيخ ويترك للناس صغاره

الحاسوب انتصر اليوم علينا

وقريباً جداً سوف يزفُّ لكل العالم

أجراس بشاره

الكل سيترك مخدعه ودياره

لا عائلةٌ تبقى

لا أطفال

الكل يقول ابتعد الآن

فقط الوحشة تطبق فكيها

وتصيح

تعالْ

المنزل ممتلئٌ بالأطفالْ

لكنَّ الأدغالْ

تمتد على الشرفات وفوق الأسطح

بين السكَّر في أقداح الشاي

وحدي أشربه ممتلئاً بالغربة

حتى حوَّلني الحاسوب

لبحِّة ناي

(٤)

لستُ وحيداً

لكني ممتلئٌ بالغربة يا الله

البيت الدافئ ممتلئٌ بالأولاد

صبيانٌ وبناتْ

ومعي امرأتي أيضاً

لكنا منفيون بهذا البيت الدافئ

* النص الكامل على الانترنتمنفيون

الكلمات تشحُّ علينا

اصرخ يومياً

يا أولاد تعالوا

لكنَّ الأولاد بعيدون

بعيدون

البيتُ الضيِّقُ يجمعنا

لكنَّا منفيِّون

ومنعزلون

جزرٌ تتباعد عن أخرى

وقلوبٌ ليس لهنَّ عيون

(٥)

ما أسعدني

يوم ذهبتُ إلى السوق وحيداً

أبتاع الحاسوب

وأرقص في فرحٍ

منتشياً بشراء صديقٍ

يتقاسم أفكاري وحياتي

هيأتُ له منضدةً في زاوية البيت

وبقيتُ أداريه مساءً وصباحا

حتى صار فتىً من فتيان البيت

أخاف عليه من الحمى

وأجسُّ حرارته

وأعدُّ له أكواب القهوة والشاي إذا صاحا

ماذا يحتاج الحاسوب صديقي أو ولدي؟

الشحن بطيء...؟

غيّرتُ الشاحن في غمضة عين

الحاسوب مريض...؟

رحتُ سريعاً أركض فيه إلى الجيران أو المستشفى

حيث الخبراء

يتلمس كلٌّ منهم زراً من أزرار الحاسوب المتعبْ

قالوا يا مجنون

خففْ عن كاهله الكلمات

أثقلتَ الحائط بالصرخات

وملأتَ السطح الأزرق

دمعاً ودماً وعويلَ محطات

(٦)

ماذا نصنع؟

هذا الحاسوب مريضٌ جداً

لا بدَّ له من وقتٍ كي يرتاح

لا بدَّ لهذي الجُملِ الملغومةِ أنْ تنزاح

عن صدر الحاسوب

لكي يغفو مبتهحاً

بفراغ الحائط

مكتفياً بالغابات المحروقة

في صدر الشاعر

أو بالحزن النابت في الأرواح

الحاسوب مريضٌ هذي الليلة يا أشباح

ماذا نفعل والروح معلقةٌ

بالشاحن والمفتاح

ولهذا رحنا نمسحُ آلاف الكلمات

ونزيح برفقٍ عن كاهله

ما تركته الروح من الكدمات

كي يرتاح الحاسوب

مسحنا ذاكرة كاملة

وغناءً عذباً

وبكاء أميرات

كي يرتاح الكلب ابن الكلب

ويضحك منتصراً

رحنا نصرخ مهزومين ومندحرين

الحاسوب سيعلن دولته الكبرى

وسنأتيه سبايا منكسرين

(٧)

مسح الحاسوب بضغطة زر واحدة

آلاف الكلمات

الذاكرة انطفأت هذي الليلة

كي يغفو الحاسوب بلا صرخات

ماذا يعني

أن تشطب أياماً

وتحيل قصائد للنسيان

هذا العالم محكومٌ في ضغط زرٍ

والإنسان بلا إنسان

(٨)

كتب الأجداد على الطين حكايتهم

وكتبنا نحن على الحاسوب حكايتنا

ومضوا

ومضينا

واختلف الدرب علينا

لا نحن حفظنا

ما كتب الأجداد

ولا الحاسوب الأخرس

ردَّ العمر إلينا

يا ضيعتنا

يوم نسينا

في عمق البحر يدينا

(٩)

أعلنا نحن المسبيين هزيمتنا

وكسرنا آخر أقلام الليل

والمسودَّات انهزمت

ومزاج الأوراق تغير

من يقنع هذي الشاشة

أني أكتب شعراً

وبأني أبكي فوق الأوراق طويلاً

كي يخرج سطرٌ

ممتلئٌ بالأطفال

والآن كما تبصر

آلاف الكلمات تجيء وتذهب

فوق الشاشة

والأطفال الموتى

يختبئون وراء الشاشة

أيقوناتٍ

وينامون على الأدغال

هذا عصرك يا ابن رغال

فاستعجل

من أبطأ خطوك؟

والكل يصيح عليك

تعال

(١٠)

كنا حين يموت لنا رجلٌ

نتوشح بالأسود أعواماً أعواما

لا نفتح مذياعاً

أو نسمع أغنيةً

أو حتى نعلك في السرِّ

فقد صرنا نحن الفتيان

فتيان القرية

أشباحاً ويتامى

نبكي ونصيح ونحزن

نقطع آلاف الأمتار

لنبكي هذا الرجل الراحل عنا

أما اليوم

والفضل يعود إلى الحاسوب

فقد حولهم أرقاماً أرقاما

لن نبكي

فهنالك وجه في الشاشة يبكي بدلاً عني

لن أحزن

الشاشة فيها وجه مرسوم للحزن

سيحزن قبلي في ضغطة زر واحدة

وسيكتب تعزيةً قبلي

وسيرسلها بدلاً عني

وأنا متكئٌ منسيٌّ

كنكاتٍ مرَّ عليها زمنٌ

فاهترأتْ

وبقيت أعاتب أياماً هرمت

وأشيل على ظهريَ أياما

(١١)

ما الذي يصنعه الحاسوب فينا يا إلهي

نحن أولادك ساعدنا

فقد بعثرنا ليل المتاه

ونسينا العمر مشحوناً ومربوطاً مع النقال

فيما نحن منفيون بين الأهل

ملقاةٌ أغانينا القديمات على الدرب

وهذا العمر مشرورٌ على حبل الغوايات

وساهِ

دلنا يا رب

نحن أبناؤك تهنا

والعلامات التي توصلنا للبيت ضاعت

واختفت كل المواعيد الأغاني

الضحك الحلو النكات السير في الليل

ولم يبق سوى

حسرةٍ تنسل من فوق الشفاه

(١٢)

كل شيءٍ قد تغير

كل شي

صالة البيت التي نأوي إليها

ذبلت فينا ونامت دون ضي

جرس البيت اختفى أيضاً

وباب البيت ملقى في يدي

لم يعد يطرقه جارٌ

ولا صحبٌ

وحتى لم يعد يعبث في لحيته

أطفالنا في الحي

بدأت تذبل فينا الكلمات

مثلاً جار لنا قد مات

جارٌ طيبٌ كانت تناغيه المنازل

ما الذي نفعله

والجار هذا الجار راحل

غير أن نبعث وجهاً باكياً

نرسله بين الرسائل

كيف يا رب اختصرنا ذلك الحزن

ومن أطفأ بركان المشاعل

(١٣)

لم يعد للحب معنى

لم يعد كانوا وكنا

هبط الليل علينا ثم لم ترجع

إلى القلب المنازل

لم يعد يبكي المحبون

ولم يطرق جدار القلب سائل

كل ما يفعله الآن المحبون القلائل

صورة جاهزة يرسلها النقال صمتاً

ثم تنسى بين آلاف الرسائل

صورة كررها قبلك آلاف وآلاف

إلى أن بهت اللون

وتاه الحب منسياً

على الشاشات

منسياً وذابلْ.