قتيل و14 جريحا باشتباكات بين مؤيدين لحزب الله ومعارضيه في بيروت

قتل شخص وأصيب 14 آخرون بجروح أمس في اشتباكات في بيروت بين مجموعتين مسلحتين، إحداهما تابعة لزعيم حزب «التيار العربي» المؤيدة لحزب الله، وأخرى مناهضة له استمرت أكثر من خمس ساعات، قبل أن ينتشر الجيش اللبناني ويبدأ بتنفيذ عمليات دهم للأماكن المشبوهة، بهدف توقيف مطلقي النار.
واندلعت الاشتباكات فجر أمس في الحي الغربي الواقع خلف المدينة الرياضية في منطقة الطريق الجديدة في بيروت. وأفاد مصدر أمني لبناني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الاشتباكات أسفرت عن مقتل شخص يدعى «نبيل الحنش»، وإصابة 14 آخرين بجروح. وكانت وتيرة القتال ارتفعت صباحا وسمعت أصوات القذائف والأسلحة الرشاشة في مختلف ضواحي العاصمة بيروت كما سجلت عمليات قنص محدودة.
وأعلن الجيش اللبناني وقوع اشتباكات «بالأسلحة الخفيفة والقذائف الصاروخية في الحي الغربي خلف المدينة الرياضية في مدينة بيروت»، مؤكدا، في بيان، أنه «على الأثر تدخلت قوة من الجيش وفرضت طوقا أمنيا حول المنطقة، وأعادت الوضع إلى طبيعته وهي تقوم بتنفيذ عمليات مداهمة للأماكن المشبوهة بغية توقيف مطلقي النار وإحالتهم إلى القضاء المختص».
ويعد الحي الغربي للمدينة الرياضية حيا شعبيا فقيرا تنتشر فيه مساكن عشوائية ويقطنه لبنانيون وفلسطينيون. وسمع سكان العاصمة أزيز الرصاص ودوي القذائف الصاروخية، فيما قال شهود عيان إن عناصر «البرجاوي» اشتبكت مع سكان الحي المؤيدين للمعارضة السورية، لكنهم «لا ينتمون إلى مجموعة منظمة أو إلى تيار حزبي معين».
ويعد شاكر البرجاوي من أبرز الداعمين السنة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، ويتزعم مجموعة مسلحة محلية صغيرة يطلق عليها منذ عام 2009 اسم «التيار العربي»، ويقدم على أنه حزب مؤيد لـ«سوريا الممانعة وحزب الله المقاوم». وتعد هذه المواجهات في المنطقة بين مسلحي البرجاوي، وآخرين مؤيدين للمعارضة السورية، الثانية خلال سنتين، بعد اشتباكات مثيلة وقعت في مايو (أيار) 2012، حين اشتبك مسلحون من مجموعة البرجاوي مع مسلحين مؤيدين لرئيس الحكومة الأسبق ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري في منطقة الطريق الجديدة في غرب بيروت، وانتهى بإقفال مكتب للبرجاوي في المنطقة وإخراج مجموعته منها.
ورأى رئيس الحكومة تمام سلام أن المواجهات الدامية التي حصلت قرب المدينة الرياضية «تدخل في إطار العنف والخروج عن الدولة والسلطة الشرعية، وفي إطار تسيب السلاح وحاملي السلاح»، مشيرا إلى أن «هذا الأمر يؤكد على أن المسؤولية المنوطة بالسلطة التي تتمكن في كل مرة من أن تضع حدا لهذا العنف، ويجب علينا أن نعززها وأن نقويها، وهي في الدرجة الأولى مؤسساتنا الأمنية من جيش وقوى أمن داخلي، وهي بحاجة إلى ثقة المواطن وبحاجة إلى دعم المواطن؛ لأن هذه اللحظات تمر والشهداء يمرون والأثمان ندفعها جميعا دون استثناء».
وشدد سلام على أن «لا مزايدة في أرواح الشهداء، ولا مزايدة في القتلى، بل المزايدة هي في حماية الوطن»، داعيا إلى «العمل ووضع خلافاتنا وصراعاتنا جانبا لنتمكن من حماية مستقبل المواطن اللبناني».
وقال عضو كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت إن «ما نراه في بيروت هو مؤشر على ما يجري تحضيره في الكثير من المناطق، وبالتأكيد أيضا هذا ما نعيشه في مدينة طرابلس، وما عشناه في مدينة صيدا»، مضيفا: «لن نقبل أن نجد لا في طرابلس ولا في أي منطقة أخرى (شاكر البرجاوي) آخر، ولو كان باسم ثان، إلا أننا نحذرهم من أن ما يقومون به هو (عملية انتحارية)».
وهاجم فتفت حزب الله قائلا: «أصر البعض على تحويل ما كان يسمى يوما بسلاح مقاومة إلى سلاح ميليشيا يقاتل به الشعب اللبناني من أجل سلطة ما، أو يقاتل به الشعب السوري بغية الحفاظ على نظام مجرم وسلطة (جزار دمشق)، فبؤسا لتلك الميليشيا التي لم تعد مقاومة لا بنظرنا ولا بنظر العالم أجمع».
وأثارت الاشتباكات الأخيرة موجة كبيرة من الأسئلة عن الدوافع والحيثيات. وعد عضو كتلة «المستقبل» النائب أمين وهبي «أن ما جرى من أحداث في المدينة الرياضية استفزاز للناس». وقال: «يمكن أن يكون الهدف منها إظهار عجز الأجهزة الأمنية والسلطة وخلق بؤر متوترة في كل لبنان لدفع لبنان أكثر باتجاه الفتنة، خصوصا أن هناك أشخاصا لهم مصلحة بالفتنة في لبنان».
وتنقَّل البرجاوي المنتمي إلى الطائفة السنية منذ بداية الحرب الأهلية اللبنانية (1975 - 1990) بين ولاءات عدة، إذ قاتل إلى جانب منظمة التحرير الفلسطينية، ثم انتقل إلى العراق حيث قاتل إلى جانب نظام صدام حسين ضد الإيرانيين، وعاد إلى لبنان ليقف ضد الهيمنة السورية التي كانت قائمة آنذاك، وسجن في سوريا، لكنه عاد وخرج من السجن مواليا للسوريين. وقف عام 2008 ضد حزب الله في المواجهة التي حصلت بين أنصار الحزب وأنصار الحريري وتسببت بمقتل نحو مائة شخص في كل لبنان، ثم نقل البندقية مجددا، وصار من أكثر الموالين لحزب الله.
وتأتي أحداث بيروت بعد جولة من العنف على خلفية النزاع السوري بين سنة وعلويين في مدينة طرابلس (شمال لبنان) بدأت في 13 مارس (آذار) الماضي، وأسفرت عن مقتل أكثر من عشرين شخصا، وإصابة العشرات بجروح، بينهم نحو عشرين عسكريا. ومنذ بدء الأزمة السورية، تشهد منطقتا باب التبانة وجبل محسن جولات عنف منتظمة تسببت بمقتل العشرات. وينتشر الجيش بعد كل جولة في كل طرابلس محاولا ضبط الأمن وإسكات مصادر النار. وقال مصدر أمني إن وحدات الجيش نفذت عمليات دهم في منطقة جبل محسن بحثا عن قناصة، وتمكنت من مصادرة أسلحة.
وعلى هامش القتال الدائر في طرابلس، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية، بمقتل مسلحين اثنين في باب التبانة ليلا نتيجة اشتباكات بين مجموعتين مسلحتين لم تعرف أسبابها.
وفي شرق البلاد، أفاد مصدر أمني بـ«سقوط صاروخين مصدرهما الأراضي السورية، في منطقة بين بلدتي النبي شيت وسرعين حيث يتمتع حزب الله الذي يقاتل إلى جانب القوات النظامية السورية بنفوذ واسع»، مشيرا إلى أن الصاروخين «سقطا على أرض تضم خيما من البلاستيك تستخدم لأغراض زراعية»، ولم يتسببا بإصابات في الأرواح.
وتعرضت مناطق نفوذ الحزب الشيعي لتفجيرات نفذ غالبيتها انتحاريون، وسقوط صواريخ من الأراضي السورية، منذ الكشف قبل نحو سنة عن مشاركته في المعارك إلى جانب القوات النظامية السورية. وتبنت معظم هذه الهجمات جماعات سنية متشددة تقاتل في سوريا، قائلة إنها رد على مشاركة الحزب في المعارك.