قلق إسرائيلي من تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الصين

تدشين خط طيران مباشر بين تل أبيب وبكين

قامت «هاينان إيرلاين» الصينية بأولى رحلاتها من بكين إلى تل أبيب الأسبوع الماضي (رويترز)
قامت «هاينان إيرلاين» الصينية بأولى رحلاتها من بكين إلى تل أبيب الأسبوع الماضي (رويترز)
TT

قلق إسرائيلي من تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الصين

قامت «هاينان إيرلاين» الصينية بأولى رحلاتها من بكين إلى تل أبيب الأسبوع الماضي (رويترز)
قامت «هاينان إيرلاين» الصينية بأولى رحلاتها من بكين إلى تل أبيب الأسبوع الماضي (رويترز)

بالتزامن مع تدشين خط طيران مباشر لأول مرة بين العاصمة الصينية بكين وتل أبيب، واحتفال الحكومتين الإسرائيلية والصينية بوصول أول طائرة لشركة «هاينان إيرلاين» إلى مطار بن غوريون، بنهاية الأسبوع الماضي، ارتفعت الأصوات المعارضة والمتحفظة على تنمية العلاقات الإسرائيلية مع الصين، خاصة في المجالات الاستراتيجية والاقتصادية.
وأطلق عدد من القادة العسكريين والأمنيين تصريحات يتحفظون فيها من سياسة حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، التي تعزز علاقاتها مع دول الشرق بشكل كبير، ويحذرون بشكل خاص من الاندفاع خلف «الدولة العملاقة التي تقيم أقوى تحالفات مع أعداء إسرائيل»، في إشارة إلى الصين، وكذلك يحذرون من «إغضاب حلفاء إسرائيل في الغرب».
وقال أفرايم هليفي، الرئيس الأسبق لجهاز «الموساد» (المخابرات الخارجية)، إنه لا يعارض فتح خط جوي، ولكنه قلق من كمية ونوعية المشاريع الأخرى التي تعد مساسا بالسياسة الاستراتيجية لإسرائيل، مثل تدخل الشركات الصينية في تخطيط وتنفيذ خط القطار من تل أبيب إلى إيلات، «فهذا مشروع إسرائيلي قديم يهدف إلى ربط أقصى جنوب البلاد بمركزها، ما يعني سيطرة أمنية أفضل، وتمددا اقتصاديا وسكانيا أكبر تجاه الجنوب».
ويرى هليفي أن «تدخلاً كهذا هو أمر غير محبذ بالنسبة لدولة إسرائيل؛ لأن اهتمام الصين بالشرق الأوسط هو اهتمام جيوسياسي أيضا؛ وليس اقتصاديا فقط. فالصين ترغب في التحول إلى لاعب ذي مصالح في المنطقة، وهي تقيم علاقات سياسية وعسكرية وأمنية مع إيران وجميع الدول العربية».
ويتوافق مع هليفي رئيس آخر سابق للموساد، هو داني يتوم، الذي يشير إلى «استثمارات مقلقة للشركات الصينية في الشركات الإسرائيلية.. بمبالغ وصلت إلى عشرات المليارات من الدولارات». ويقول إن «الأرقام مهولة. في العام الماضي وحده استثمر الصينيون في الشركات الإسرائيلية نحو 10 مليارات شيقل (الدولار يساوي 3.75 شيقل)، استثمروا في مشروع القطار الخفيف في تل أبيب وحده نحو 8 مليارات شيقل، وفي ميناء أسدود الجديد سيستثمرون بين 3 إلى 4 مليارات. إلى جانب ملياري شيقل حجم استثمار الشركات الصينية خلال العام الماضي في شركات التقنية الفائقة».
ويوضح يتوم أن «هذه الاستثمارات في مجال التقنية الإسرائيلية تشكل 15 في المائة من مجمل الاستثمارات العام فيها. وقد نُشر في العام الماضي أن مجموعة الشركات الصينية (بوسون) قد امتلكت شركة منتجات التجميل (آهافا) مقابل 300 مليون شيقل. وتم بيع شركة محاجر (إيغن) إلى شركة (كمتشاينا) الصينية مقابل 5.7 مليون شيقل، وقد كانت هذه الصفقة بداية الاندفاع الصيني الكبير نحو السوق الإسرائيلية. وفي العام 2013 بيعت شركة (إلما ليزرز) لشركة (بوسون فارما) الصينية بمبلغ يقترب من مليار شيقل، وقبل سنتين، بيعت شركة (تنوفا)، وهي كبرى شركات الألبان الإسرائيلية، وواحدة من أكبر الشركات الإسرائيلية على الإطلاق، مقابل 4 مليارات شيقل لشركة (برايت فود) الصينية. ومنذ انفجار هذا السد، صار عام 2015 عام قمة الاستثمارات، بمبلغ ناهز 10 مليارات شيقل».
ويضيف الرئيس الأسبق للموساد، أنه يمكن النظر إلى ضخامة واستراتيجية هذه الاستثمارات عبر تركيزها، كما أن رمزية إسقاطاتها قد طالت حتى رموزا وطنية. مشيرا إلى أنه ما بين عامي 2012 و2015، دخل إلى السوق الإسرائيلية 30 مستثمرًا صينيًا جديدًا، استثمروا في أكثر من 80 شركة. وتصل مئات البعثات الصينية كل عام إلى إسرائيل. ويبحث رجال أعمال إسرائيليون بارزون عن التعاون مع الشركات الصينية. وقد أقيمت في معظم مكاتب المحاماة الكبرى التي لها علاقة بالتجارة الدولية أقسام متخصصة في معالجة الزبائن الصينيين. بل إن نجم الإعلان الجديد لشركة الـ«عال» (وهي شركة الطيران الوطنية الإسرائيلية، ورمز من رموز استقلال إسرائيل)، هو «إيتسيك الصيني»، وهو شاب صيني يحاول اجتذاب المسافرين لاستخدام شركة الطيران الوطنية.
وقد حاول د. يهوديع حاييم، سفير إسرائيل السابق في الصين، صد هذه الانتقادات والتحفظات بالقول: «ليس هنالك ما نخشاه من سلاح صيني ذي حدين ينقلب علينا. لقد حارب الصينيون بمكر ضد الشركات الإسرائيلية، ما الذي يستطيعون فعله لنا هنا؟ نحن نستطيع قطع أيديهم في كل لحظة. إنهم يقدرون إسرائيل جدا. وهم يعتقدون أنه إذا ما كان هنالك شعب ذكي في هذا العالم، فهو الشعب اليهودي. إنهم ينظرون إلينا وكأن كل واحد فينا هو آينشتاين. وهم يطمحون، مبدئيا، إلى الوصول إلى إسرائيل والتعامل مع اليهود. هذا هو دافعهم الأساسي».
ويوضح حاييم أن هنالك دوافع أخرى إضافية: «فبعض من الصفقات قد أثمرت أرباحا خيالية للمستثمرين الصينيين، الذين يتضورون جوعًا للتوقيع على مزيد من الصفقات في سائر أرجاء العالم. هنالك 10 مليارات دولار تخرج من الصين يوميا، ويتم استثمارها في شركات في سائر أرجاء الأرض. فما الغضاضة من وصول قسم منها إلى جيوب الإسرائيليين؟».
جدير بالذكر أنه في عام 2015 وردت الصين لإسرائيل منتجات بلغت قيمتها 22.1 مليار شيقل، وكانت بذلك الموردة الثانية في حجمها بعد الولايات المتحدة (29.1 مليار شيقل). كما أن إسرائيل قد صدرت للصين بضائع وخدمات بمبلغ وصل إلى 12.1 مليار شيقل، حيث كانت الصين على المرتبة الثالثة من قائمة الدول المستوردة من إسرائيل، بعد الولايات المتحدة (43 مليار شيقل)، وبريطانيا (14.1 مليار شيقل).



الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)

انخفضت مؤشرات الأسهم الأميركية، يوم الخميس، في ظل بيانات اقتصادية محبِطة قد تشير إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي. وتراجع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.2 في المائة خلال التعاملات المبكرة، متجهاً نحو خَسارته الثالثة في الأيام الأربعة الماضية، وهو ما يشير إلى تعثر ملحوظ بعد ارتفاعه الكبير، هذا العام.

وفي المقابل، ارتفع مؤشر «داو جونز» الصناعي بمقدار 23 نقطة، أو 0.1 في المائة، في حين انخفض مؤشر «ناسداك» المركب بنسبة 0.4 في المائة، مقارنةً بأعلى مستوى سجله في اليوم السابق، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وتأثرت الأسواق بتقرير يُظهر ارتفاعاً في عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات للحصول على إعانات البطالة، الأسبوع الماضي، بالإضافة إلى تحديث آخر أظهر أن التضخم على مستوى الجملة، قبل أن يصل إلى المستهلكين الأميركيين، كان أعلى من المتوقع في الشهر الماضي.

وعلى الرغم من أن هذه التقارير لا تشير إلى كارثة وشيكة، فإنها تثير القلق بشأن بعض الآمال التي كانت تدعم مؤشرات الأسهم، وخاصة «ستاندرد آند بورز 500» الذي وصل إلى أعلى مستوى له، هذا العام، حيث كانت السوق تُعوّل على تباطؤ التضخم بما يكفي لإقناع بنك الاحتياطي الفيدرالي بمواصلة خفض أسعار الفائدة، مع بقاء الاقتصاد قوياً بما يكفي لتفادي الركود.

ومن بين التقريرين، قد يكون التحديث الأكثر تأثيراً هو الأضعف لسوق العمل، وهو ما يَعدُّه كريس لاركين، المدير الإداري للتداول والاستثمار في «إي تريد» من «مورغان ستانلي»، عاملاً مهماً في حسم مسار السوق. ولفت إلى أن ارتفاع أسعار البيض ربما يكون السبب وراء أرقام التضخم التي جاءت أعلى من المتوقع. وأضاف لاركين أن «أسبوعاً واحداً من البيانات الضعيفة لا ينفي الاتجاه العام القوي لسوق العمل، لكن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيكون حذراً في التعامل مع أي إشارات على ضعف سوق الوظائف».

ويتوقع المستثمرون بشكل شبه مؤكَّد أن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بتخفيض سعر الفائدة الرئيسي، في اجتماعه المرتقب الأسبوع المقبل، ما يمثل التخفيض الثالث على التوالي، بعد أن بدأ خفض الفائدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، بعدما كانت عند أعلى مستوياتها منذ عقدين. ويأمل البنك أن يسهم هذا التخفيض في دعم سوق العمل المتباطئة مع السعي لتحقيق هدف التضخم البالغ 2 في المائة. إلا أن هذه الخطوة قد تثير أيضاً القلق بشأن تعزيز التضخم في المستقبل.

في سياق مماثل، كان هذا التوجه في السياسة النقدية مواكباً لخطوات مماثلة اتخذتها بنوك مركزية أخرى. فقد قام البنك المركزي الأوروبي بتخفيض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، كما كان متوقعاً، بينما خفَّض البنك الوطني السويسري سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، في خطوة حادة تعكس التحديات الاقتصادية العالمية الراهنة. من جانب آخر، أشار البنك المركزي السويسري إلى أن الوضع الاقتصادي العالمي يشوبه عدم اليقين، ولا سيما مع تأثيرات السياسة الاقتصادية المرتقبة تحت إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، إضافة إلى التقلبات في السياسة الاقتصادية بأوروبا.

على صعيد الأسهم، تراجعت أسهم شركة «أدوبي» بنسبة 11.4 في المائة، على الرغم من إعلانها أرباحاً تفوق توقعات المحللين للربع الأخير، حيث قدمت الشركة توقعات لأرباح وإيرادات في سنتها المالية المقبلة التي جاءت أقل قليلاً من تقديرات السوق. في المقابل، ارتفعت أسهم «كروغر» بنسبة 2.9 في المائة، بعد أن أعلنت عودتها لشراء أسهمها مرة أخرى، بعد إلغاء محاولتها السابقة للاندماج مع «ألبرتسونز». ووافق مجلس إدارة «كروغر» على برنامج لإعادة شراء أسهم بقيمة تصل إلى 7.5 مليار دولار، ليحل محل تفويض سابق كان بقيمة مليار دولار فقط.

وفي أسواق الأسهم العالمية، ظلت المؤشرات الأوروبية مستقرة إلى حد ما، بعد قرار البنك المركزي الأوروبي خفض أسعار الفائدة، بينما كانت الأسواق الآسيوية أكثر قوة، فقد ارتفعت مؤشرات الأسهم في هونغ كونغ بنسبة 1.2 في المائة، وفي شنغهاي بنسبة 0.8 في المائة، في حين سجل مؤشر «كوسبي» في كوريا الجنوبية زيادة بنسبة 1.6 في المائة، محققاً ثالث مكاسبه المتتالية، مع تراجع الاضطرابات السياسية التي شهدتها البلاد، الأسبوع الماضي، حين أعلن رئيسها، لفترة وجيزة، الأحكام العرفية.

وفي سوق السندات، ارتفع عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات إلى 4.29 في المائة، مقارنةً بـ4.27 في المائة بنهاية يوم الأربعاء، في حين انخفض عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عامين إلى 4.15 في المائة، من 4.16 في المائة.