شباب يفكرون في التخلي عن مقاعد الدراسة الجامعية لشغفهم بالتكنولوجيا

تطبيق رايان وصديقه للمساعدة على التخلص من «التسويف» اعتلى مبيعات «آبل»

مايكل هانسن ورايان أوربك وويلايم ليغيت خلال حضورهم معرض {تيد إكس تين} في مطلع الشهر الحالي (نيويورك تايمز)
مايكل هانسن ورايان أوربك وويلايم ليغيت خلال حضورهم معرض {تيد إكس تين} في مطلع الشهر الحالي (نيويورك تايمز)
TT

شباب يفكرون في التخلي عن مقاعد الدراسة الجامعية لشغفهم بالتكنولوجيا

مايكل هانسن ورايان أوربك وويلايم ليغيت خلال حضورهم معرض {تيد إكس تين} في مطلع الشهر الحالي (نيويورك تايمز)
مايكل هانسن ورايان أوربك وويلايم ليغيت خلال حضورهم معرض {تيد إكس تين} في مطلع الشهر الحالي (نيويورك تايمز)

في أحد أيام الجمعة من العام الماضي حمل ريان أوروبك (16 عاما) حقيبته إلى الباب الأمامي لمنزل العائلة في بولدر بولاية كولورادو الأميركية. كان في طريقه إلى محطة الحافلات، حيث ستقله الحافلة إلى المطار متوجها إلى ولاية تكساس. وقال لوالدته: «أنا ذاهب، لن تستطيعي منعي».
تساءلت والدته، ستيسي ستيرن، عما إذا كان قراره صائبا: «فكرت لبرهة وسألت نفسها، هل سأستطيع منعه؟»
لكن الحقيقة أنها كانت تشعر بالحيرة. فهل تعيق ابنها عن أول رحلة عمل له؟
كان رايان متوجها إلى مؤتمر الجنوب عبر الجنوب الغربي التفاعلي «South by Southwest Interactive»، أول مؤتمر للتكنولوجيا في أوستن، حيث كان يخطط لعرض التطبيق الجديد الذي ابتكره هو وصديق له. أطلق رايان على البرنامج الجديد اسم «فينش»، ويهدف إلى مساعدة الأفراد في التوقف عن التسويف، والذي كان التطبيق الأكثر مبيعا في متاجر «آبل».
كان من بين الأسباب الأخرى التي دفعت رايان إلى الذهاب، بحسب قوله: «وجود أشخاص من محبي المعلومات، وأنا أحب لقاء الأشخاص الأذكياء».
لم تملك الأم سوى الموافقة على سفر ابنها، شريطة الانتهاء من واجباته المدرسية التي أهملها خلال إنتاج التطبيق. لكن رايان لم يلتزم بكلام والدته، التي اضطرت كحال كل الآباء في كل أنحاء العالم، إلى السماح له بالسفر.
يوشك رايان البالغ من العمر 17 الآن، على التخرج في ثانوية بولدر. وهو من بين كثير من المراهقين من أصحاب العقليات العملية المتميزة في مجال التكنولوجيا الذين يجاهدون للقيام بعمل جاد. ويقوم هؤلاء الشباب بإنتاج تطبيقاتهم إما بتكاليف منخفضة أو عبر أدوات مجانية لصنع تطبيق أو تصميم ألعاب، ويلقون التشجيع على ذلك من شركات التكنولوجيا أو الشركات الناشئة في المجال التي تحثهم، بدعم مادي في بعض الأحيان، لتسريع تحولهم إلى العالم الحقيقي. ويقول غراي بيكر، أستاذ الاقتصاد في جامعة شيكاغو والحائز على جائزة نوبل: «ظهرت هذه الزيادة الكبيرة في عدد الابتكارات الشابة وروح المبادرة بصورة غير مسبوقة».
ويدرس الدكتور بيكر هذه القضية عن كثب فحفيده، لويس هاربوي (18 عاما) صديق رايان، والذي حصل على أول عمل له في سن الـ12 عندما تمكن من صنع واجهة للعبة على آي فون. وفي سن الـ16 حصل على منحة لتعليم التصميم في شركة «سكوير»، شركة الهواتف الجوالة والإنترنت في سان فرانسيسكو، ليحصل على راتب يصل إلى 1.000 دولار أسبوعيا، و1.000 دولار أخرى منحة إسكان.
التقى رايان ولويس عبر الإنترنت من خلال شبكة غير رسمية للمطورين الشباب، وهما يتجولان هذا الأسبوع في مؤتمر الجنوب عبر الجنوب الغربي، حيث ينتظران رد الكليات التي تقدموا إليها الخريف الماضي. لكنهم على عكس أقرانهم الذين تشكل الجامعة محور تركيزهم، يفكر المراهقان ألا يلتحقا بالجامعات.
وقال الدكتور بيكر، الذي يدرس الاقتصاد الجزئي إنه كان ينصح حفيده «اذهب إلى الجامعة، اذهب إلى الجامعة». فهو يرى أن الجامعة هي الخطوة الأولى لبناء النجاح، وهناك كثير من الأدلة على ذلك.
لكن فكرة الحصول على المال الآن، تبدو أكثر إلحاحا من التجربة الأكاديمية. فتقول جيس تيوتونكو، التي تدير نسخة تيد إكس تين «TEDxTeen»، نسخة من تيد توكس ومؤتمرات للشباب «TED talks and conferences for youth»: «الجامعة ليست شرطا أساسيا، فهؤلاء الشباب يمتلكون الدافع للسيطرة على العالم».
ويتجنب النقاش بشأن الجامعة عددا من الأسئلة الأخرى التي تصارعها عائلات طلبة المدارس الثانوية من أمثال رايان ولويس: «هل يذهب إلى الدراسة أم إلى مؤتمرات العمل؟ وهل الدرجات العلمية لا تزال تمثل أهمية؟ وما الذي يمكنك فعله ب20.000 دولار وأنت لازلت في سن الـ15 ؟ وعندما يأتي المال، ما الذي يحدث لسيطرة الأبوين؟
وتقول ستيرن، والدة رايان، التي كانت طالبة متفوقة وتخرجت في جامعة يورك: «كانت الأمور واضحة في السابق، فأنت تذهب إلى جامعة جيدة لتحصل على وظيفة جيدة وكان ذلك أمرا مقبولا اجتماعيا. لكن الأوضاع اختلفت في الوقت الراهن، ولم يعد هناك مقياس واضح».
التقى رايان شريكه في العمل، مايكل هانسن (17 عاما) في الصف السابع، وكان كلاهما متميزا في الكومبيوتر. وكانا يكملان بعضهما البعض. كان مايكل دقيقا، لكنه لم يكن اجتماعيا. وفي هذه الشراكة كان هو القائم بدور المبرمج، فيما كان رايان المتدفق بالحيوية يعمل على الترويج للمنتج.
لكن مايكل ورايان يتشاركان هدفا واحدا، بحسب رايان: «وهو أنه منذ المدرسة المتوسطة ونحن نريد أن ننتج تطبيقا للهواتف الذكية».
أصبح إنتاج التطبيقات في الوقت الراهن أكثر سهولة، فلم يعد ضروريا معرفة لغة البرامج المكثفة لصنع برنامج بسيط. فتوفر شركة «آبل» وشركات الهواتف الجوالة الأخرى اختصارات، مثل القوالب التي تسمح لك بإسقاط الصور أو طرق دفع أوتوماتيكية. لكن صنع تطبيق معقد لا يزال مشكلة كبيرة، وهو ما قد يتطلب خبرة في البرمجة والتصميم وإدارة الشركات. والمنافسة مشتعلة مع مليون تطبيق متجر هاتف آي فون وحده.
كان رايان يدرس في الصف العاشر في ديسمبر (كانون الأول) 2011 عندما قلت لنفسي: «أعتقد أنه كان شيئا سيساعدني في التوقف عن التسويف. ولذا قام برسم صورة لقائمة الأولويات التي تقسم المهام إلى ثلاثة إطارات، الأولى للمدى القريب والثاني على المدى المتوسط والثالثة على المدى البعيد». وكانت الفكرة تتلخص في مساعدة الأفراد في وضع الأولويات وعدم الشعور بتراكم المهام.
وقام بإرسال الصورة إلى مايكل، وبحلول مارس (آذار) كان الصديقان يبلغان من العمر 15 عاما، «وقمنا بأول تصميم لنا». وبحلول يونيو (حزيران) كان يعملان لساعات يوميا، يعيدان صياغة التصميم، حيث يقوم مايكل بكتابة آلاف الأسطر من الشفرات، مستخدما برنامج أوبجكتف سي، لغة الكومبيوتر التي تعلمها عبر الدورات التعليمية المتاحة عبر الإنترنت. ثم أعاد رايان تنقيح التصميم وقام بالعمل على تكوين العلاقات على الشبكة. وفي إحدى ليالي ذلك الصيف، انضما إلى اجتماع غير رسمي للشركات الناشئة في بولدر.
وفي الخامس عشر من يناير (كانون الثاني) 2013، قبل يوم من تدشين التطبيق، بعث رايان برسائل دعائية إلى شركة تيك كرانش وفوربس ووسائل الإعلام الأخرى. وفي غضون أيام احتل التطبيق، الذي يباع بسعر 99 سنتا المركز الأول بين تطبيقات آي فون، ونال أكثر من 50.000 تحميل، وبعد حصول «آبل» على نسبة أرباحها التي تصل إلى 30 في المائة تقاسم الولدان نحو 30.000 دولار.
لكن عشق رايان للكومبيوتر جاء على حساب درجاته العلمية. ففي الربيع السابق كان طالبا متفوقا حصل على العلامات النهائية في كل المواد، لكنه حصل في خريف ذلك العام على تقدير جيد في أربعة مواد وتقدير مقبول في مادتين. وفي المدرسة كان يكسر القانون الذي يحظر استخدام الهاتف الجوال عندما تكون المكالمة قادمة من وادي السليكون أو اتصالات من شركة محتملة.
على الجانب الآخر، كان لويس يحب الرسم، وفي سن العاشرة تمكن من استخدام برنامج الفوتوشوب، وصنع حافظة للتصميمات، مثل أيقونات تستخدم بدلا من أيقونات برامج الكومبيوتر على سطح المكتب. وقام بمشاركتها على موقعة وعلى موقع «تويتر»، سعيا رواء تغذية راجعة من المصممين والمطورين.
لم يكشف عن عمره، بل كانت صورته الشخصية على الإنترنت لوجه باسم، ويقول عن ذلك: «أنت لا ترغب في أن تخبر الناس بعمرك الحقيقي وأنك في الـ11 لأن أحدا لن يستعين بك».
كان العمل الأول بالنسبة له هو تصميم شكل لعبة ألغاز، وقد استغرق منه هذا العمل أسبوعا. وكان مصنعو اللعبة قد سألوا لويس عن السعر الذي سيتقاضاه، لكنه كان في الـ12 ولم يكن لديه أدنى فكرة، فقال لهم «150 دولارا، لكنه تمكن في النهاية من الحصول على 350 دولارا».
تلقى لويس كثيرا من التعليقات والرسائل التي تسأله حول إمكانية العمل بدوام كامل من شركات مثل موتزيلا وسبوتيفاي عندما كان في سن الـ14. في العام التالي وصلته رسالة من مستكشف شركة «آبل». وهذه المرة كشف لويس عن عمره الحقيقي وجاءه الرد: «أنت ثاني طالب أتحدث إليه في المرحلة الثانوية. ما الذي يدرسونه لكم في المدارس الثانوية هذه الأيام؟»
بعد انتهاء الدراسة في الصف العاشر، حصل لويس على وظيفة دائمة في شركة سكوير، وقالت ليندسي وايز، المتحدثة باسم شركة سكوير: «إن برامج المنح في المؤسسة تركز على الموهبة لا السن»، وأنها تبحث عن قادة مثل لويس قادرون على تقديم رؤى متنوعة، لأن الشباب يفهمون المستهلكين الشباب.
حصل لويس على نحو 35.000 دولار أنفق معظمها على الحاسبات والكماليات، والبعض منه على رحلات العمل والبعض الآخر على الطعام لا على التمويل الجامعي.
فشاهد لويس في سان فرانسيسكو أقطاب التكنولوجيا يتركون الدراسة الجامعية لتحقيق إنجازات كبيرة في الحياة الواقعية. وفي شيكاغو، اقترح والده أن يتقدم لويس إلى جامعة كارنيغي ميلون».
وفي يونيو الماضي حضر لويس مؤتمر مطوري آبل على مستوى العالم في سان فرانسيسكو. وقبل ذلك بعام خفضت آبل سن القبول لمؤتمرها السنوي من 18 إلى 13 عاما نتيجة الرغبة التي تحدو الشباب العاشق للتكنولوجيا. وكان لويس واحدا من بين 150 طالبا يفوز بتذكرة مجانية - تتكلف التذكرة الواحدة نحو 1.600 دولار - لحضور المؤتمر، فقد شارك في اختراع تطبيقين هما ماثماستر وآي تشوك بورد.
وقالت «آبل» إن من الطلبة الآخرين الفائزين بالتذاكر المجانية، باك ميربيرغ، هولندي يبلغ من العمر الآن 14 عاما، والذي ابتكر عشر تطبيقات. وليني خازان، 15 عاما، الطالب بالصف التاسع في وودمير بولاية نيويورك الذي بدأ تعلم البرمجة في الصف الرابع الابتدائي. ويقول إنه تعاون مع مراهقين آخرين حول العالم من بينهم أصدقاء من سنغافورة وآخر من أوهايو. وكان من بين الفائزين الآخرين بالمنحة في عام 2013 لاريسا لايك (18 عاما) الآن، من ألمانيا والتي قالت «آبل» إنها نشرت ستة تطبيقات.
حضر رايان المؤتمر أيضا، وتشارك هو ولويس غرفة واحدة. وكانت تلك هي المرة الأولى التي يجتمع فيها الاثنان شخصيا. وكان لويس يشاهد ذلك بنوع من الذهول، فيقول عن ذلك: «كان يجري كل يوم مقابلة مع أحد المسؤولين في آبل، أو مقابلة مع بلومبيرغ. إنه متميز في مجال العلاقات العامة». لا يزال رايان يحتفظ بشارة دخول المؤتمر والذي تظهر أنه حائز على جائزة، والتي يقول عنها: «إنها مثل الذهب. يمكنك الاجتماع بأي شخص من هؤلاء، لكننا لن تستطيع حضور الحفلات لأننا لم نتجاوز الـ21 بعد».
*خدمة {نيويورك تايمز}



{سفارات المعرفة}... خدمات بحثية وأنشطة ثقافية في 20 مدينة مصرية

القائمون على مشروع سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أثناء اجتماع بالفيديو مع السفارات العشرين («الشرق الأوسط»)
القائمون على مشروع سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أثناء اجتماع بالفيديو مع السفارات العشرين («الشرق الأوسط»)
TT

{سفارات المعرفة}... خدمات بحثية وأنشطة ثقافية في 20 مدينة مصرية

القائمون على مشروع سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أثناء اجتماع بالفيديو مع السفارات العشرين («الشرق الأوسط»)
القائمون على مشروع سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أثناء اجتماع بالفيديو مع السفارات العشرين («الشرق الأوسط»)

منذ 15 عاما حينما تأسست مكتبة الإسكندرية الجديدة، وكان الطلاب والباحثون من مختلف أنحاء مصر يشدون الرحال إلى «عروس المتوسط» للاستفادة من الأوعية المعرفية كافة التي تقدمها المكتبة لزائريها، والاطلاع على خدمات المكتبة الرقمية والدوريات العلمية والبحوث، لكن الجديد أن كل ذلك أصبح متاحا في 20 محافظة في مختلف أنحاء مصر وللطلاب العرب والأفارقة والأجانب المقيمين في مصر كافة من خلال «سفارات المعرفة».

فعاليات لنبذ التطرف
لم تكتف مكتبة الإسكندرية بأنها مركز إشعاع حضاري ومعرفي يجمع الفنون بالعلوم والتاريخ والفلسفة بالبرمجيات بل أسست 20 «سفارة معرفة» في مختلف المحافظات المصرية، كأحد المشروعات التي تتبع قطاع التواصل الثقافي بالمكتبة لصناعة ونشر الثقافة والمعرفة ورعاية وتشجيع الإبداع الفني والابتكار العلمي.
ويقول الدكتور مصطفى الفقي، مدير مكتبة الإسكندرية، لـ«الشرق الأوسط»: «هذا المشروع من أدوات المكتبة لنشر العلم والثقافة في مصر والعالم أجمع، ووجود هذه السفارات يساعد المكتبة على تحقيق أهدافها على نطاق جغرافي أوسع. ونحن هذا العام نسعى لمحاربة التطرف الذي ضرب العالم، وخصصنا السمة الرئيسية للمكتبة هذا العام (نشر التسامح تعظيم قيمة المواطنة، ونبذ العنف والتصدي للإرهاب) والتي سوف نعلن عن فعالياتها قريبا». يضيف: «نتمنى بالطبع إقامة المزيد من السفارات في كل القرى المصرية ولكن تكلفة إقامة السفارة الواحدة تزيد على مليون جنيه مصري، فإذا توافر الدعم المادي لن تبخل المكتبة بالجهد والدعم التقني لتأسيس سفارات جديدة».

خطط للتوسع
تتلقى مكتبة الإسكندرية طلبات من الدول كافة لتفعيل التعاون البحثي والأكاديمي، يوضح الدكتور الفقي: «أرسلت لنا وزارة الخارجية المصرية مؤخرا خطابا موجها من رئيس إحدى الدول الأفريقية لتوقيع بروتوكول تعاون، وتسعى المكتبة لتؤسس فروعا لها في الدول الأفريقية، وقد أوصاني الرئيس عبد الفتاح السيسي بالعلاقات الأفريقية، ونحن نوليها اهتماما كبيرا».
يؤكد الدكتور الفقي «المكتبة ليست بعيدة عن التعاون مع العالم العربي بل هناك مشروع (ذاكرة الوطن العربي) الذي سيكون من أولوياته إنعاش القومية العربية».
«مواجهة التحدي الرقمي هو أحد أهداف المكتبة منذ نشأتها»، يؤكد الدكتور محمد سليمان، رئيس قطاع التواصل الثقافي، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «مشروع سفارات المعرفة يجسد الاستخدام الأمثل للتكنولوجيا في نقل المعرفة لكل مكان في مصر، ومصطلح (سفارة) يعني أن للمكتبة سيطرة كاملة على المكان الذي تخصصه لها الجامعات لتقديم الخدمات كافة، بدأ المشروع عام 2014 لكنه بدأ ينشط مؤخرا ويؤدي دوره في نشر المعرفة على نطاق جغرافي واسع».
يضيف: «تقدم المكتبة خدماتها مجانا للطلاب وللجامعات للاطلاع على الأرشيف والمكتبة الرقمية والمصادر والدوريات العلمية والموسوعات التي قام المكتبة بشراء حق الاطلاع عليها» ويوضح: «هناك 1800 فعالية تقام بالمكتبة في مدينة الإسكندرية ما بين مؤتمرات وورشات عمل وأحداث ثقافية ومعرفية، يتم نقلها مباشرة داخل سفارات المعرفة بالبث المباشر، حتى لا تكون خدمات المكتبة قاصرة على الباحثين والطلاب الموجودين في الإسكندرية فقط».
«كل من يسمح له بدخول الحرم الجامعي يمكنه الاستفادة بشكل كامل من خدمات سفارة المعرفة ومكتبة الإسكندرية بغض النظر عن جنسيته» هكذا يؤكد الدكتور أشرف فراج، العميد السابق لكلية الآداب بجامعة الإسكندرية، والمشرف على «سفارات المعرفة» لـ«الشرق الأوسط»: «هذه السفارات هي أفرع لمكتبة الإسكندرية تقدم للباحثين خدماتها والهدف من هذا المشروع هو تغيير الصورة النمطية عن المكتبة بأنها تخدم النخبة العلمية والثقافية، بل هذه الخدمات متاحة للطلاب في القرى والنجوع» ويضيف: «يمكن لأي باحث من أي دولة الحصول على تصريح دخول السفارة من مكتب رئيس الجامعة التي توجد بها السفارة».

صبغة دبلوماسية
حول اسم سفارات المعرفة ذي الصبغة الدبلوماسية، يكشف الدكتور فراج «للمصطلح قصة قانونية، حيث إن قسم المكتبات يدفع للناشرين الدوليين مبلغا سنويا يقدر تقريبا بنحو 25 مليون، لكي تكون الدوريات العلمية المتخصصة والمكتبات الرقمية العالمية متاحة لمستخدمي المكتبة، ولما أردنا افتتاح فروع للمكتبة في المدن المصرية واجهتنا مشكلة بأن هذه الجهات ستطالب بدفع نفقات إضافية لحق استغلال موادها العلمية والأكاديمية لكن مع كونها سفارة فإنها تتبع المكتبة ولها السلطة الكاملة عليها».
ويضيف: «تهدف السفارات لإحداث حراك ثقافي ومعرفي كامل فهي ليست حكرا على البحث العلمي فقط، وقد حرصنا على أن تكون هناك فعاليات خاصة تقام بكل سفارة تخدم التنمية الثقافية في المحافظة التي أقيمت بها، وأن يتم إشراك الطلاب الأجانب الوافدين لكي يفيدوا ويستفيدوا، حيث يقدم كل منهم عروضا تقديمية عن بلادهم، أو يشارك في ورشات عمل عن الصناعات اليدوية التقليدية في المحافظات وبالتالي يتعرف على التراث الثقافي لها وهذا يحقق جزءا من رسالة المكتبة في تحقيق التلاحم بين شباب العالم».
تتيح سفارات المعرفة للطلاب أنشطة رياضية وفنية وثقافية، حيث أسست فرق كورال وكرة قدم تحمل اسم سفارات المعرفة، وتضم في عضويتها طلابا من مختلف الجامعات والتخصصات وتنافس الفرق الجامعية المصرية. ويلفت الدكتور فراج «تقيم سفارات المعرفة عددا من المهرجانات الفنية وورشات العمل ودورات تدريبية لتشجيع الطلاب على بدء مشروعاتهم الخاصة لكي يكونوا أعضاء منتجين في مجتمعهم خاصة في المدن السياحية».

قواعد موحدة
تم عمل بروتوكول تعاون مع وزارة التعليم العالي والجامعات الحكومية ومع التربية والتعليم ومع أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، ويوجد بكل سفارة شخصان تكون مهمتهما إرشاد الطلاب للمصادر الرقمية للمكتبة، وتقديم برنامج الأحداث والفعاليات الخاص بالمكتبة لمدة 3 شهور مقبلة، لكي يتمكن الباحث من تحديد المؤتمرات التي يرغب في حضورها عبر البث الحي».
كل قواعد المكتبة تتبع في كل سفارة ويتم التحكم في الأنظمة والأجهزة كافة عبر السفارات العشرين، من مكتبة الإسكندرية بالشاطبي حيث تتابع المكتبة السفارات العشرين عبر شاشات طوال فترة استقبال الباحثين من الساعة الثامنة النصف صباحا وحتى الخامسة مساء.
ويكشف الدكتور فراج «السفارة تنفق نحو نصف مليون كتكلفة سنوية، حيث توفر الخدمات والأجهزة كافة للجامعات بشكل مجاني، بل تساعد سفارات المعرفة الجامعات المصرية في الحصول على شهادات الأيزو من خلال ما تضيفه من تكنولوجيا وإمكانيات لها. ويؤكد فراج «يتم إعداد سفارة في مرسى مطروح لخدمة الطلاب هناك وسوف تقام مكتبة متكاملة في مدينة العلمين الجديدة».

أنشطة مجتمعية
يشير الدكتور سامح فوزي، المسؤول الإعلامي لمكتبة الإسكندرية إلى أن دور سفارات المعرفة يتخطى مسألة خدمة الباحثين وتخفيف عبء الحصول على مراجع ومصادر معلومات حديثة بل إن هذه السفارات تسهم في تطوير المجتمع بشكل غير مباشر، أما الأنشطة المجتمعية ذات الطابع العلمي أو الثقافي فهي تخلق جواً من الألفة بين أهل القرى وبين السفارة».
تُعد تلك السفارات بمثابة مراكز فرعية للمكتبة، فهي تتيح لروادها الخدمات نفسها التي تقدمها مكتبة الإسكندرية لجمهورها داخل مقرها الرئيسي، وتحتوي على جميع الأدوات والامتيازات الرقمية المقدمة لزوار مكتبة الإسكندرية؛ مثل إتاحة التواصل والاستفادة من الكثير من المشروعات الرقمية للمكتبة، مثل: مستودع الأصول الرقمية (DAR)؛ وهو أكبر مكتبة رقمية عربية على الإطلاق، ومشروع وصف مصر، ومشروع الفن العربي، ومشروع الأرشيف الرقمي لمجلة الهلال، ومشروع ذاكرة مصر المعاصرة، ومشروع «محاضرات في العلوم» (Science Super Course)... إلخ، بالإضافة لإتاحة التواصل مع الكثير من البوابات والمواقع الإلكترونية الخاصة بالمكتبة، مثل: موقع «اكتشف بنفسك»، والملتقى الإلكتروني (Arab InfoMall)، وبوابة التنمية... إلخ. ذلك إلى جانب خدمة «البث عبر شبكة الإنترنت»، التي تقدِّم بثاً حياً أو مسجلاً للفعاليات التي تقام بمركز مؤتمرات مكتبة الإسكندرية؛ حتى يُتاح لزائري المكتبة مشاهدتها في أي وقت بشكل سلس وبسرعة فائقة. علاوة على ذلك، تتيح مكتبة الإسكندرية لمستخدمي سفارات المعرفة التمتع بخدمات مكتبة الوسائط المتعددة، واستخدام نظام الحاسب الآلي فائق السرعة (Supercomputer).