مهمة دي ميستورا في سوريا بانتظار «النجدة الروسية»

موسكو لم ترسل إشارة تفيد بقبولها عقد اجتماع طارئ لمجموعة الدعم

المبعوث الدولي لسوريا ستيفان دي ميستورا يتحدث إلى الصحافيين في جنيف ليلة أول من أمس، في أعقاب مداخلة مع مجلس الأمن الدولي عبر دائرة تلفزيونية مغلقة (رويترز)
المبعوث الدولي لسوريا ستيفان دي ميستورا يتحدث إلى الصحافيين في جنيف ليلة أول من أمس، في أعقاب مداخلة مع مجلس الأمن الدولي عبر دائرة تلفزيونية مغلقة (رويترز)
TT

مهمة دي ميستورا في سوريا بانتظار «النجدة الروسية»

المبعوث الدولي لسوريا ستيفان دي ميستورا يتحدث إلى الصحافيين في جنيف ليلة أول من أمس، في أعقاب مداخلة مع مجلس الأمن الدولي عبر دائرة تلفزيونية مغلقة (رويترز)
المبعوث الدولي لسوريا ستيفان دي ميستورا يتحدث إلى الصحافيين في جنيف ليلة أول من أمس، في أعقاب مداخلة مع مجلس الأمن الدولي عبر دائرة تلفزيونية مغلقة (رويترز)

قالت مصادر دبلوماسية غربية مواكبة لما يحصل من اتصالات في جنيف وللتحركات التي يقوم بها المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، إن الأخير «في طريقه إلى أن يفقد أي هامش للتحرك السياسي والدبلوماسي مع احتدام المعارك في حلب ومنطقتها والانهيار شبه التام للهدنة ما يجعل أي تفكير بالعودة إلى المحادثات في جنيف بعيدا عن أي منطق». وأضافت هذه المصادر التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، أمس، أن مهمة المبعوث الدولي «باتت معلقة على ما يمكن أن يسلفه إياه الرئيس الروسي لجهة لجم خطط النظام السوري العسكرية بدعم من موسكو».
وتضيف هذه المصادر أن دي ميستورا «أصاب» حين أعرب عن رغبته زيارة موسكو الأسبوع القادم؛ «لأن مفتاح السلم والحرب في سوريا أصبح يتركز اليوم بين يدي سيد الكرملين».
أما عن الدور الأميركي وما يمكن أن تقوم به واشنطن من ضغوط محتملة على روسيا لإعادة إيقاف الهدنة على قدميها، فإن المصادر المشار إليها تبدو «مشككة» في مدى قدرة أو رغبة الجانب الأميركي في التأثير في الطرف الروسي، ما دامت واشنطن «مصرة على التركيز على الحرب على «داعش» ولا ترى المخرج في سوريا إلا عبر محادثات جنيف». وأبعد من ذلك، فإن موسكو لم ترسل أي إشارة تفيد بقبولها الاستجابة لمطلب دي ميستورا الخاص بعقد اجتماع طارئ لوزراء خارجية مجموعة الدعم لسوريا التي تتقاسم رئاستها مع واشنطن من أجل إنقاذ الهدنة، ناهيك عن العمل مباشرة مع البيت الأبيض للضغط على الأطراف الفاعلة للغرض نفسه.
وكان دي ميستورا حمل الرئيس بوتين وأوباما مسؤولية إنقاذ الهدنة التي فرضاها معا نهاية فبراير (شباط) الماضي. ودعا المبعوث الدولي في المؤتمر الصحافي، منتصف ليلة أول من أمس، الذي أعقب حديثه إلى مجلس الأمن الدولي عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، إلى «مبادرة أميركية - روسية عاجلة على أعلى المستويات لأن ميراث الرئيس أوباما والرئيس بوتين كليهما مرتبط بنجاح مبادرة فريدة بدأت بصورة جيدة للغاية، وهي بحاجة إلى أن تنتهي بصورة جيدة للغاية.
وكان لافتا أن المبعوث الدولي لم يشر إلى تاريخ محدد للجولة الرابعة من المحادثات، مكتفيا بالقول إنه يأمل إجراءها الشهر القادم، وهو بذلك رمى حجرا في الحديقة الروسية؛ إذ إن الوزير لافروف ونائبه بوغدانوف سبقاه في الإعلان عن أن هذه الجولة ستنطلق في 10 مايو (أيار) المقبل. وبحسب ما أفاد به، فإنه يأمل جمع الأطراف السورية مرة أو مرتين حتى شهر يوليو (تموز)، علما بأن مجلس الأمن قد حدد مهلة ستة أشهر لتشكيل الحكم الجديد وكتابة الدستور على أن تجرى الانتخابات بعد 18 شهرا من انطلاق المحادثات.
وعقد دي ميستورا، أمس، سلسلة لقاءات في قصر الأمم شملت وفدا روسيا برئاسة أليكسي بورودافكينن الممثل الدائم لموسكو لدى المنظمة الدولية في جنيف، ووفدا بريطانيا برئاسة سايمون غاس، المدير العام السياسي لوزارة الخارجية، وهيثم المالح، مبعوثا للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة الذي نقل إليه رسالة تتضمن، وفق بيان صادر عن مكتب دي ميستورا، تصوره لأشكال الحل في سوريا. وأشار البيان إلى أن دي ميستورا قبل دعوة الائتلاف للقائه في إسطنبول في أقرب وقت ممكن.
فضلا عن ذلك، استضاف قصر الأمم في جنيف اجتماعين: الأول للجنة الخاصة بالمساعدات الإنسانية والآخر للجنة الخاصة بوقف الأعمال العدائية، وكلتاهما منبثقتان عن مجموعة الدعم لسوريا. وترأس موسكو وواشنطن معا المجموعة الثانية التي قامت بعرض الوضع الميداني وتبادل المعلومات عن انتهاكات الهدنة والتوصيات الخاصة بلجمها. بيد أن مصادر غربية دأبت على حضور هذه الاجتماعات أشارت إلى أن فائدتها «محدودة» ولا تعدو كونها «لجنة اتصال»، بينما القرارات تؤخذ في مكان آخر.
في كل مرة يصل فيها دي ميستورا إلى طريق شبه مسدود، يذكر بأنه عاش عشرين أزمة، وأن له خبرة في الدبلوماسية العالمية تزيد على أربعين عاما. ولذا، فإنه يبدي حرصا على بث روح التفاؤل والإشارة إلى «الإنجازات» التي حققتها محادثاته. وفي المرة السابقة، أخرج من قبعته «ورقة المبادئ» التي تلخص ما توصل توافقات الطرفين: النظام والمعارضة بشأن مبادئ الحل. ومنتصف الليل ما قبل الماضي، أخرج مجددا «وثيقة» من سبع صفحات تتضمن التفاهمات على الانتقال السياسي، وحاول أن يسوقها ويبين أهميتها. وأهم ما تضمنته وثيقته أمران اثنان: الأول، تأكيده أن الجميع «يريد انتقالا سياسيا» وهو ما كان «محرما» لدى بعض الأطراف سابقا في إشارة إلى وفد النظام. والثاني، أن النظام والمعارضة يتشاركان الرأي بأن «الإدارة الانتقالية قد تشمل أعضاء من الحكومة الحالية والمعارضة ومستقلين وآخرين»، وهو ما فتئ وفد الهيئة العليا وكذلك النظام يرددانه لأنه جاء في بيان جنيف وفي القرار 2254. لكن المشكلة العصية على الحل، كما تقول المصادر الغربية وكما لمح إليها دي ميستورا نفسه، لا تكمن في المبدأ وإنما في كيفية فهم ما يعنيه. وإذا كانت المصادر المشار إليها تدأب على الدعوة إلى تجاوز الخلاف على التسميات، فإن الخلاف على تفسير التفاهمات التي يروج لها دي ميستورا هو الذي يعد لب المشكلة. والأسئلة التي تطرح تتناول صلاحيات الحكومة «أو الحكم» الجديدة والشخصيات التي يفترض أن تتشكل منها، ودور الرئيس السوري وموقعه في المرحلة الانتقالية، علما بأن وفد الهيئة العليا للمفاوضات يرفض أي دور له أو للمجموعة الضيقة المحيطة به فيما وفد النظام يجعل موقعه بمثابة «خط أحمر» بمعنى أنه غير مطروح لمناقشة. وباختصار، فإن هذا التضارب في الفهم يعود بالمسألة السورية إلى المربع الأول.
إزاء هذه التعقيدات، يطلق المبعوث الدولي نداءات الاستغاثة ويدعو القوى الكبرى والإقليمية التي تتشكل منها مجموعة الدعم لسوريا لمساعدته في وضع تفاصيل القضايا «الجوهرية» التي تعيق إحراز تقدم حقيقي.
بيد أن التصعيد الحالي لحسم معركة حلب لا تترك فسحة واسعة للأمل. وأكثر من أي وقت مضى، يبدو أن هناك تسابقا واقعا بين التصعيد الميداني والمحاولات التي تبذل للجم التدهور والإبقاء على خيط الحوار قائما حتى لا تعود إلى الواجهة محاولات الاستفادة من التحولات الميدانية لتحسين المواقع التفاوضية وفرض أمر واقع جديد.
وأمس، طلب المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات رياض حجاب من باريس العمل على التئام اجتماع لمجموعة الدعم لسوريا «في أسرع وقت ممكن»، بالنظر إلى أن فرنسا كانت أول من دعا إلى اجتماع كهذا عقب تعليق وفد الهيئة مشاركته في المحادثات. وتقوم باريس التي أدانت بشدة، أمس، على لسان وزير خارجيتها جان مارك أيرولت، قصف مستشفى القدس في حلب، بمجموعة اتصالات لهذه الغاية مع الأطراف المعنية أميركيا وروسيا إقليميا. لكن قرار الدعوة أو عدمه يبقى بيد «رئيسي» المجموعة أي واشنطن وموسكو.



الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

غداة سلسلة من الغارات التي ضربت مواقع في صنعاء وثلاث محافظات يمنية خاضعة للجماعة الحوثية المدعومة من إيران، الجمعة، أعلن الجيش الأميركي تبني هذه الضربات، التي قال إنها طالت 15 هدفاً للجماعة، في سياق الحد من قدراتها الهجومية ضد السفن.

وتشن واشنطن ضربات على الأرض منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، ضد الجماعة الحوثية، وشاركتها بريطانيا في 4 مرات على الأقل، رداً على الهجمات التي تنفذها الجماعة ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي.

وأوضحت القيادة المركزية الأميركية في بيان على منصة «إكس»، أن قواتها نفذت ضربات على 15 هدفاً حوثياً في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

وشملت هذه الأهداف -بحسب البيان- قدرات عسكرية هجومية للحوثيين، إذ اتخذت هذه الإجراءات (الضربات) لحماية حرية الملاحة وجعل المياه الدولية أكثر أمناً وأماناً للسفن الأميركية وقوات التحالف والسفن التجارية.

وكانت الجماعة الحوثية أقرت، الجمعة، بسلسلة من الغارات وصفتها بـ«الأميركية - البريطانية»، وقالت إنها استهدفت «معسكر الصيانة» في صنعاء، وموقعاً في جنوبي ذمار، ومواقع في مديرية مكيراس التابعة لمحافظة البيضاء، فضلاً عن ضربات استهدفت مواقع عسكرية في مدينة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، ومناطق المطار والجبانة والكثيب.

ولم يشر الحوثيون إلى حجم خسائرهم جراء هذه الضربات التي استهدفت مواقع سبق استهدافها خلال الأشهر الماضية، في حين رجح مراقبون أن الغارات استبقت هجمات كانت تعد لها الجماعة ضد السفن.

وتشن الجماعة هجماتها ضد السفن منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، إذ تدعي محاولة منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل بغض النظر عن جنسيتها إلى جانب السفن الأميركية والبريطانية.

دخان يتصاعد في صنعاء بعد ضربات أميركية استهدفت مواقع حوثية (أ.ف.ب)

وأطلقت واشنطن، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ما سمّته «تحالف حارس الازدهار»؛ لحماية الملاحة البحرية، قبل أن تبدأ ضرباتها الجوية على الأرض في 12 يناير الماضي، بمشاركة بريطانيا.

وتلقّت الجماعة الحوثية نحو 720 غارة غربية في مناطق يمنية عدة خاضعة لها، بما فيها صنعاء، لكن أكثر الضربات تركّزت على المناطق الساحلية في محافظة الحديدة الساحلية، وأدت، في مجملها، إلى مقتل أكثر من 60 عنصراً.

ضربات غير مجدية

تقول الحكومة اليمنية إن الضربات الغربية ضد الجماعة الحوثية غير مجدية، وإن الحل الأنجع هو دعم القوات الشرعية لاستعادة الحديدة وموانئها وصولاً إلى إنهاء الانقلاب الحوثي واستعادة العاصمة المختطفة صنعاء.

ووجدت الجماعة المدعومة من إيران في الحرب الإسرائيلية على غزة فرصة للهروب من استحقاقات السلام مع الحكومة اليمنية، إذ كان الطرفان وافقا أواخر العام الماضي على خريطة سلام توسطت فيها السعودية وعمان، قبل أن تنخرط الجماعة في هجماتها ضد السفن وتعلن انحيازها إلى المحور الإيراني.

عناصر حوثيون في صنعاء متضامنون مع «حزب الله» اللبناني (أ.ف.ب)

وبخلاف ما تزعمه الجماعة الحوثية من مساندة للفلسطينيين، ترى الحكومة اليمنية أن الجماعة تزايد بالقضية الفلسطينية في مسعى لتبييض جرائمها بحق اليمنيين خلال العشر سنوات الماضية مستغلة العاطفة الشعبية.

وأقر عبد الملك الحوثي في خطاب حديث بأن جماعته نجحت خلال أشهر التصعيد البحري من تجنيد وتعبئة نحو 500 ألف شخص، وسط مخاوف في الشارع اليمني من استغلال هذه التعبئة الواسعة لمهاجمة المناطق المحررة الخاضعة للحكومة اليمنية.

وتبنت الجماعة الحوثية إطلاق المئات من الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل خلال الأشهر العشرة الماضية، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي باستثناء مسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها في شقة بتل أبيب في 19 يونيو (حزيران) الماضي.

واستدعت الهجمات الحوثية إسرائيل للرد في 20 يوليو (تموز) الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكررت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، على مستودعات الوقود في ميناءي الحديدة ورأس عيسى، كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

صورة وزعها الحوثيون لاستهداف ناقلة نفط بريطانية في البحر الأحمر بزورق مسيّر (إ.ب.أ)

ومِن بين نحو 188 سفينة تبنّت الجماعة مهاجمتها، أدى هجوم، في 18 فبراير (شباط) الماضي، إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور»، التي استهدفتها الجماعة في 12 يونيو الماضي.

كما أدى هجوم صاروخي حوثي، في 6 مارس (آذار) الماضي، إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية في خليج عدن.

وإلى جانب الإصابات، التي لحقت عدداً من السفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر»، التي قرصنتها في 19 نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.