نائب البشير يدعو لإنشاء لجنة عليا ومصفوفة زمنية للتوجيهات الرئاسية

الرئيس السوداني يأمر حكومته بمكافحة الفساد والثراء الحرام

النائب الأول للرئيس البشير بكري حسن صالح
النائب الأول للرئيس البشير بكري حسن صالح
TT

نائب البشير يدعو لإنشاء لجنة عليا ومصفوفة زمنية للتوجيهات الرئاسية

النائب الأول للرئيس البشير بكري حسن صالح
النائب الأول للرئيس البشير بكري حسن صالح

أمر الرئيس السوداني عمر البشير وزراء حكومته بالوقوف ضد الفساد ومكافحته، وأعمال مبدأ المحاسبة في الأداء الحكومي، ويأتي التوجيه الرئاسي الجدي عقب دعوته للحوار وإجراء إصلاحات في يناير (كانون الثاني) الماضي، ودعوته لقوى المعارضة للحوار حول مستقبل البلاد.
ولم تتضمن دعوة الرئيس البشير للحوار مع معارضيه أية خطط لمحاربة الفساد أو عنه، وهو الأمر الذي جعل كثيرا من معارضيه، يتشككون في مدى جدية دعوته تلك الدعوة.
ودعا البشير في خطاب إلى جلسة طارئة عقدها مجلس وزرائه أمس، إلى وضع موجهات عامة لعمل الحكومة في المرحلة المقبلة، لوضع محددات للإصلاح المنشود.
ووعد في خطابه بأن تشهد المرحلة القادمة محاربة جدية للفساد، وإعلاء لمبدأ المحاسبة، وتأتي ضمن ما سماه «منظومة متكاملة من الأجهزة والتشريعات، وتأهيل الإعلام، مع الصرامة في ضبط الإشاعات».
وشدد البشير على أهمية مراجعة «قانون الثراء الحرام» وحصر وتحديد «الحصانات»، وأهمية طرح مبادرات لزيادة «الثقة في الأداء الحكومي».
ووعد البشير بالسعي إلى وضع «دستور متفق عليه»، يحفظ الحقوق الفردية والجماعية وينظم الحياة السياسية، إيذانا ببدء مرحلة جديدة من الشراكة السياسية، تقود البلاد إلى النهضة والنمو المتوازن.
وأشار إلى ما سماه «العدل بين المركز والولايات من خلال التنمية المتوازنة وإعادة الأمن والاستقرار في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق»، التي تشهد نزاعات مسلحة بين الجيش والمتمردين ضد سلطة حكومته، بيد أن الرئيس لم يذكر في خطابه أية خطط بشأن التفاوض مع المعارضين المسلحين.
وتعهد الرئيس السوداني بمحاربة العصبيات والقبلية والجهوية، والعمل على تحقيق وفاق وطني عبر الحوار، ضمن مرحلة دستورية جديدة تتاح فيها الحريات المسؤولة والمتفق عليها من الجميع.
وقال البشير في خطابه الذي استعرض فيه قضايا الإصلاح الاقتصادي والتعاون الدولي بالتركيز على مصر وجنوب السودان ودول الخليج العربي: «إنه عناوين عامة لمشروع قومي تتولى تنفيذه الوزارات بمبادراتها».
من جهته، وصف النائب الأول للرئيس البشير بكري حسن صالح الخطاب بأنه «برنامج عمل تنفيذي للحكومة خلال المرحلة القادمة»، ودعا في مداخلته على الخطاب، حسبما نقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية «سونا»، إلى ما سماه «استنهاض الهمم لتنفيذ الوثبة التي طرحها رئيس الجمهورية في خطابه للشعب السوداني في يناير الماضي».
ودعا صالح الموصوف بـ«رجل الرئيس القوي» إلى إنشاء «مصفوفة زمنية» لتنفيذ موجهات الخطاب، وتكوين لجنة عليا لمتابعة تنفيذ تلك الموجهات، وتحويلها لبرامج عمل.
ودعا نائب الرئيس حسبو محمد عبد الرحمن إلى تحويل الخطاب لبرامج عمل ميدانية لبناء الثقة بين المركز والولايات، مشيرا إلى أن من سماهم «جموع الشعب السوداني» تتطلع إلى الإصلاح الشامل، وإلى أن الخطاب يمثل «رؤية وطنية لإصلاح الدولة».
وناشد عبد الرحمن القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني النظر في محاور الخطاب، ومن ثم تقديم مقترحاتها ورؤاها الإصلاحية حولها، وإلى انتهاج نهج الإصلاحات الذي انتهجه حزبه «المؤتمر الوطني».
وفي السياق، قال وزير الاستثمار مصطفي عثمان إسماعيل إن خطاب أمس يتكامل مع خطاب الرئيس السابق في يناير الماضي بشأن الحوار الوطني وليس بديلا عنه، ودعا إلى تحديد «مدى زمني» لتنفيذ ما ورد في الخطاب، وتشكيل لجنة برئاسة النائب الأول تزود الوزراء بما يتم تنفيذه من محاور الخطاب.
وشدد عثمان على ضرورة تفعيل قرار يحظر استخدام السيارات ماركة «تايوتا لاند كروزر» في ولاية الخرطوم، وقصر استخدامها على قوات الأمن والقوات المسلحة، وإلى شراء المؤسسات الحكومية للسيارات التي تنتجها الشركات الوطنية «جياد» لتشجيعها على زيادة الإنتاج.
ولا تعرف على وجه الدقة علاقة حظر سيارات «تايوتا لاندكروزر تحديدا»، بالخطاب الرئاسي، إذ إن سيارات أكثر فخامة وأغلى ثمنا تملأ طرقات الخرطوم جلها حكومية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.